أسامة شحادة
خسر حزب الله اللبناني الشيعي رصيده الشعبي في العالم العربي والإسلامي باصطفافه مع الطاغية بشار الأسد - بأمر من المرشد الأعلى الإيراني خامنئي- ضد الشعب السوري، وانفضاح هذه الخيانة القذرة بكل وقاحة في مدينة القصير، إذ لم يتقبل الناس أي حجة تحجج بها الحزب وزعيمه حسن نصر الله لاتخاذ هذا الموقف المخزي بنجدة الظالم على المظلوم والباغي على الضعيف. لم يفقد الحزب تأييد ودعم البسطاء من الناس بل فقد تأييد الكثير من القادة والزعماء والمثقفين والعلماء الذين كانوا يمجدون الحزب ويرونه طليعة المقاومة والممانعة وأنه بعيد عن الطائفية والتبعية، ولكن الثورة السورية كشفت المستور وأظهرت الحقائق وأذابت جدران التقية، فهاهو الشيخ يوسف القرضاوي يعلنها صريحة بأن الحزب هو حزب الشيطان والطاغوت، وأنه يتوب إلى الله من انخداعه بهذا الحزب، وها هو الشيخ الدكتور أحمد نوفل الذي كان يمجد ويمدح الحزب ويثنى عليه يسمي حسن نصر الله الآن في سلسلة مقالات بصحيفة السبيل الأردنية (الشاطر حسن) وهي تسمية تطلق عادة على السراق والحرامية والخارجين عن القانون وأيضًا الأستاذ ياسر الزعاترة والذي كان داعمًا لمزاعم حزب الله بأنه حامل راية المقاومة، حين تكشف الوجه الآخر/الحقيقي للحزب كتب (الدستور 2/5/2013): " يعلم أمين عام حزب الله حسن نصر الله أنه لم يعد ذلك الرمز الذي يتكلم فينصت له الجميع، فقد انتهى بفعل سياسات الولي الفقيه التي فُرضت عليه، أو لعله اقتنع بها، انتهى إلى زعيم مذهبي؛ ليس في لبنان وحده، بل في العالم العربي والإسلامي أيضًا، وهو مثل مغامر لم يلبث أن بدد رصيدًا جمّعة خلال عقدين في غضون عامين وأيضاً الشيخ رائد صلاح من فلسطين المحتلة يطالب حزب الله بتغيير اسمه فيقول: "غيّروا اسمكم فالله لم يأمر بما تفعلون من قتل الأبرياء وهدم المساجد". وحتى د. عبدالله الغذامي المفكر السعودي غرد على تويتر: "كشف الربيع العربي أوراقًا كثيرة، ومن أخطرها كشفه لورقة حسن نصرالله كم كنا مخدوعين مخدوعين". بل وصل الانتقاد إلى حلفائه في لبنان، فوجدنا حليفه تيار ميشيل عون على لسان وزير الطاقة جبران باسيل يصف حزب الله بأنه "طعننا وطعن الديمقراطية" (الشرق الأوسط 18/6/2013). إذًا حزب الله خسر كثيرًا في دعمه لبشار الأسد إرضاءً لإيران، فهل كان الحزب يملك خيارًا آخر؟ وهل القصة سوء تقدير من قيادة الحزب كما حدث في حرب 2008 حين صرح حسن نصرالله: "لو كنتُ أعلم أن خطف جندي إسرائيلي سيجلب على المدنيين اللبنانيين كل هذا الدمار، فإنني ما كنت أفعل"؟ وهل إذا أبدى الحزب ندمه على قتل السوريين وهدم بيوتهم سيكون هذا كافيًا للعفو عنه؟ وللعودة لتقبل الحزب والتحالف معه والسير في ركابه أو تحت رايته؟ الدارسون لتاريخ حزب الله يعرفون أن الحزب نشأة بقرار إيراني ومباركة من الخميني شخصيًا، وذلك لأن لبنان كان في مقدمة أولويات تصدير الثورة الإيرانية، فقد صرح سفير إيران ببيروت لصحيفة «إطلاعات» الإيرانية 1/1984: «لبنان يشبه الآن إيران عام 1977، ولو نراقب ونعمل بدقة وصبر؛ فإنه - إن شاء الله- سيجيء إلى أحضاننا، وبسبب موقع لبنان؛ وهو قلب المنطقة، وأحد أهم المراكز العالمية، فإنه عندما يأتي لبنان إلى أحضان الجمهورية الإسلامية؛ فسوف يتبعه الباقون". وفعلًا سرعان ما صدر أول بيان لحزب الله في 2/1985م وأعلن فيه ولاءه لإيران والخميني، والالتزام بنهج «ولاية الفقيه»؛ وليس هذا فحسب بل إن تأسيس الحزب تم في إيران، يقول نعيم قاسم نائب حسن نصرالله: «كان هناك مجموعة من المؤمنين؛ تفتحت أذهانهم على قاعدة عملية تركز على مسألة «الولي الفقيه»، والانقياد له كقائد للأمة الإسلامية جمعاء، لا يفصل بين مجموعاتها وبلدانها أي فاصل، وذهبت هذه المجموعة المؤلفة من تسعة أشخاص للقاء الإمام الخميني - قدس-، وعرضت عليه وجهة نظرها في تأسيس وتكوين الحزب اللبناني؛ فأيّد هذا الأمر، وبارك هذه الخطوات" (كتابه حزب الله)، ولذلك كان في قيادة الحزب منذ نشأته عضوان إيرانيان! ويبقي السؤال الأهم هل سيخدع الشارع العربي مرة أخرى بشخصيات وأحزاب إيرانية جديدة ولو رفعت شعارات الاعتدال والتغيير بدون أن يكون هناك تغيير حقيقي في أيديولوجية وهيكلية وسياسات إيران الطائفية والعدوانية؟
المصدر : صحيفة المصريين