27-08-2013
يحبس المسلمون عموما والسوريون خصوصا أنفاسهم في هذه الأيام, نظرا للأحداث المتسارعة في سوريا في الآونة الأخيرة, وخاصة بعد ضرب قوات الأسد السلاح الكيماوي على الغوطة بريف دمشق, والتي راح ضحيتها أكثر من ألفي شهيد و10 آلاف مصاب, والتداعيات التي نجمت عن ذلك من تحركات سياسية وعسكرية أمريكية وغربية, توحي بقرب توجيه ضربة عسكرية وشيكة من قبل الغرب لسوريا.
كثيرة هي المؤشرات التي توحي بقرب هذه الضربة العسكرية, ومن أهم هذه المؤشرات:
1- تصريح وزير الدفاع الأمريكي باستعداد بلاده لأي هجوم محتمل ضد سوريا, وذلك بعد جاهزية أربع مدمرات حربية أمريكية بالمتوسط تنتظر الأوامر حسب مسؤول عسكري أمريكي, واتصالات مكثفة للرئيس الأمريكي باراك أوباما, مع قادة دول العالم الغربي كاستراليا وكندا وغيرها حول توجيه ضربة عسكرية ضد قوات بشار, بعد استخدامه للسلاح الكيماوي بالغوطة, وتأجيل واشنطن لاجتماع مع موسكو كان مزمع عقده غدا الأربعاء بشأن الأزمة السورية.
2- تصريح وزير خارجية بريطانيا ديفيد كامرون اليوم الثلاثاء للصحفيين, في أول تعليق له على هذه المسألة: إن أي تحرك دولي عسكري ضد سوريا يجب أن يكون محددا, ولا يؤدي إلى التورط في صراع أوسع بالشرق الأوسط, مضيفا أن استخدام بشار للأسلحة الكيماوية خطأ, ولا يجب أن يقف العالم إزاءه مكتوف الأيدي.
3- تلقي الائتلاف الوطني السوري الممثل لقوى المعارضة السورية معلومات مؤكدة من مصادرغربية, بقرب توجيه ضربة عسكرية ضد قوات بشار الأسد, وتقديم الائتلاف لائحة بأهم الأهداف العسكرية المقترحة.
4- بيان جامعة الدول العربية اليوم بعد اجتماع طارئ بالقاهرة قالت فيه: إن من هم وراء الهجوم الكيماوي –ويقصدون قوات بشار– في سوريا يجب أن يواجهوا العدالة الدولية, وحثت أعضاء مجلس الأمن الدولي على تجاوز خلافاتهم, واتخاذ إجراء لوقف القتل هناك, حسب ما نقلته وكالة رويترز للأنباء.
5- إعلان مصدر دبلوماسي فرنسي اليوم الثلاثاء حسب ما نقلته وكالة رويترز: (إن فرنسا لن تتخلى عن مسؤوليتها, وإن استخدام الأسلحة الكيماوية المستمر في سوريا منذ عدة أشهر, واستخدامه الآن –بالغوطة– على نطاق واسع غير مقبول.
6- اجتماع قادة رؤساء الأركان الحربية لعشر دول غربية وعربية, منها أمريكا وبريطانيا وفرنسا, والسعودية وقطر وتركيا في الأردن يوم الأحد الماضي, للتباحث بالشأن السوري.
ومما لا شك فيه أن هذه الضربة العسكرية -إن وقعت– لن تكون مجانية, وأنها بالتأكيد ليست لإيقاف نزيف الدم السوري الذي ما زال ينزيف منذ أكثر من عامين, دون أن يتحرك هذا العالم الغربي لإنقاذه وحفظ حياته وحياة أبنائه, وأن السلاح الكيماوي الذي يتخذ ذريعة للتدخل الآن قد استخدم أكثر من مرة في سوريا, سواء في خان العسل أو في ريف دمشق أو في غيرها, دون أن يتحرك الغرب في ذلك الحين, فما الشيء الذي دعاه اليوم لهذا التحرك المفاجئ؟؟!!
هناك عدة عوامل ومكاسب تجعل الغرب يتحرك الآن عسكريا -إن كانت هناك ضربة عسكرية فعلا لسوريا- لعل أهمها:
1- زيادة قوة الجيش السوري الحر والكتائب المقاتلة إلى جانبه ضد قوات بشار الأسد وحلفائه, وتنامي الخوف الغربي من خروج هذه الكتائب عن السيطرة, وتهديدها لأمن إسرائيل على المدى البعيد, خاصة كونها ذات صبغة إسلامية بشكل عام.
2- إضعاف الكتائب السورية المسلحة عبر توجيه ضربة عسكرية ضدها, خاصة تلك التي لا تتفق مع توجه وفكر الغرب وأمريكا العلماني, وعلى رأسها جبهة النصرة ومن على شاكلتها, ممن تعتبرهم الولايات المتحدة الأمريكية والغرب, منظمات إرهابية.
3- رغبة الغرب بتشكيل جيش وطني سوري يضم جميع الكتائب المقاتلة على الأرض, إضافة لبعض قوات بشار لو أمكن كما يرغب الغرب, ليصطبغ هذا الجيش المزمع تشكيله بالصبغة العلمانية الغربية, وينزع عنه الصبغة الإسلامية الحالية, ولن يتم ذلك إلا بتوجيه ضربة قوية للكتائب الإسلامية غير المرضي عنها من الغرب وأمريكا.
وهذا ما تأكده الأخبار المتتالية عبر اجتماعات الائتلاف الوطني السوري الأخيرة, وإعرابه عن نيته تشكيل جيش وطني بدعم عربي وغربي, مما أغضب الجيش الحر وأثار حفيظته وخوفه.
إن الضربة العسكرية المحتملة على سوريا, ستكون بالتأكيد لمصالح الغرب وسياساته في سوريا, وليس لصالح الشعب السوري وجيشه الحر, ولذلك لا بد من أخذ كامل الحذر من تداعيات هذه الضربة, من خلال محاولة وحدة الصف اجتماع الكلمة, والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين.
المصدر : مركز التأصيل للدراسات والبحوث