الباطنية: سلالة الفرس المجوس

بواسطة موقع الألوكة قراءة 2144
الباطنية: سلالة الفرس المجوس
الباطنية: سلالة الفرس المجوس

د. بليل عبدالكريم

مَّا تطابَق عليه نقَلَة المقالات قاطِبةً أن هذه الدعوة لم يفتتحها منتسِبٌ إلى ملة، ولا معتقد نحلة معتضِدٍ بنبوَّة، فإنَّ مساقَها ينقاد إلى الانسلال من الدين كما ينسلُّ الخيط من العجين، فالباطنية يُظهِرون من المعتقد ما لا يُبطِنون، ظاهرٌ يقابلون العامة من غيرهم به، وباطنٌ خاص بهم[1].

وذي فلسفة ذات قِدَم، أصحابها جامعهم طلب الانفلات من ربقة التكاليف وما يلتزم به غيرهم، وهي أسُّ النظرية العلمانية "اللادين"؛ أي: الشريعة دثار، وإسقاط التكاليف شعار.

لقد كانت الباطنية - وما زالت - مصدرَ خطرٍ على الإسلام والمسلمين مذ وُجِدت، بعد أن أيقن أعداء الإسلام أن حسم المواجهة مع المسلمين وجهًا لوجهٍ لن يُجدِي شيئًا في تحقيق أهدافهم والوصول لمآربهم؛ ولذلك كانت الحركات الباطنية بعقائدها وفِتَنِها نتيجةً لاتجاه جديد للكيد للمسلمين عن طريق التدثُّر باسمه والتستُّر بحب آل البيت[2].

أصل الباطنية:

يقول الدكتور محمد أحمد الخطيب في الأصل التاريخي للباطنية: الواقع أن مؤرِّخي الفِرَق مختلفون في أصلها ومصدرها؛ فمنهم مَن يُرجِعها إلى المجوس، ومنهم مَن ينسبها إلى صابئة حران، إلاَّ أن هذا الاختلاف يزول عندما نعرف أن الأصول التي يعتمد عليها الباطنية بكلِّ فِرَقِها وطوائفها نابعةٌ من الفلسفة اليونانية التي غزت بأفكارها الكثير من الفرق[3].

والفلسفة اليونانية الأكثر تأثيرًا هي فلسفة أفلوطين الإشراقية الغنوصية، وفيثاغورس بفلسفته العددية، ويمكن القول بأن منظومة عبدالله بن سبأ هي منظومة غنوصية باطنية، ويرى المؤرِّخون أن (التصوف الإسلامي الحلولي) المتطرِّف ذو طابع غنوصي باطني، كما يُصنَّف بعض غلاة الشيعة ضمن الغنوصيين، ويُصنَّف العلويون (النصيريون) باعتبارهم جماعة إسلامية ذات توجُّه غنوصي[4].

وتُصَنَّف عقيدة الدروز والبهائية ضمن أشكال الغنوص، ولا تزال هناك فرقة دينية في العراق وإيران تُسمَّى المندائيين، وهي فرقة غنوصية يبلغ عدد أفرادها خمسة عشر ألفًا، و"مندائي" هي الكلمة الآرامية لـ"غنوص"، فالمندائي هو العارف؛ وهي مشتقَّة من كلمة "منداء" أو "منداع" بمعنى "معرفة"، وتتضمَّن عقيدتهم التطهُّر في المياه الجارية وشعائر جنائزية مركَّبة، فحينما يموت المندائي يقوم الكاهن بالشعائر اللازمة لإعادة الروح لمسكنها الإلهي، ليتوحَّد الميت مرَّة أخرى مع آدم السري "الإنسان الأزلي"، أو المجد، جسد الإله المقدَّس[5].

هذا عن أصل الأفكار، أمَّا أصل الدعوة ورأسها فكان من زمرة الشيعة، فالباطنية ظاهرة شاعَتْ بين الطوائف الفارسية الشيعية: "... نشَأَت محاولة هدم الإسلام من الداخل؛ عن طريق ابتداع مناهج الباطنية في تأويل الشريعة على نحوٍ يؤدِّي إلى نسخها، والاستعاضة عنها بخليطٍ عجيب من الحكمة، يجمع بين خرافات الفرس، ووثنية الإغريق، وعقائد اليهود الذين حرَّفوا دينهم من قبل، فظهرت بصيغة إسلامية خادعة؛ كفكرة النور المحمدي، وعصمة الأئمَّة، ومعجزاتهم، والغيبة، والرجعة، والحلول، والتجسيم، والتأويل والتشبيه، وغير ذلك من الأفكار والعقائد..."[6].

وعلى مَن يفرك فكر الباطنية أن يلمَّ بنشأة الشيعة؛ إذ التشيُّع كان ثوبًا يتستَّر وراءه كلُّ مَن يبغي بذر الفتن ضدَّ المسلمين، ومأوى يلجأ إليه كلُّ مَن رام هدم عُرَى الإسلام؛ بحَشْوِ البِدَع بآراء آبائه وأجداده من يهودية ونصرانية وهندوسية وفيثاغورسية وأفلاطونية وأفلوطينية حديثة.

فقد ظهر بعد عبدالله بن سبأ اليهودي اليمني بأفكاره الحلولية أبو هاشم عبدالله بن محمد ابن الحنفية زعيم الغلاة الشيعة، فقال بالظاهر والباطن، وبعده بيان بن سمعان الذي أعلن ألوهية علي بن أبي طالب - رضِي الله عنه - وقال بتناسخ الأرواح، ونسخ الشريعة المحمدية، ثم ظهر المغيرة بن سعيد العجلي الذي اشتهَر بعلوم وأسرار العدد (7)، ثم أبو منصور العجلي الذي رفع الأئمَّة الشيعة إلى مصافِّ الألوهية، ثم جاء أبو الخطاب الأسدي شيخ الخطَّابية ومنبت الإسماعيلية وادَّعى الإمامة ثم النبوَّة، ثم أسقط التكاليف الشرعية، وتخرَّج على يديه زعماء الباطنية وأهمهم: محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق رأس الإسماعيلية ومنهم المباركية، وميمون القدَّاح رأس الميمونية والتي توالَد منها القرامطة والعبيدية والنزارية والحشاشون والدروز.

وتلامذة أبي الخطاب بعد هلاكه توجَّهوا لوجهتين؛ فميمون القدَّاح وابنه عبدالله اتبعَا المبارك - مولى لإسماعيل بن جعفر - في القول بإمامة محمد بن إسماعيل، وأسسَا بناءً على ذلك الطائفة الإسماعيلية أو المباركية، أمَّا المفضل الجعفي فقد تظاهَر بالعودة لفرقة موسى الكاظم الاثني عشرية، وبثَّ فيها أفكار الخطابية، لتفرز النصيرية.

ولم يظهر النشاط السياسي للباطنية بشكلٍ منظَّم ومرسوم إلاَّ على يد ميمون القدَّاح، الذي أجمعت كل كتب الفِرَق والملل على أن هذا الرجل هو المؤسس الحقيقي لهذه الطائفة، وليس معنى هذا أن مبادئ الباطنية لم تكن معروفة من قبلُ، وإنما يرجع إلى ميمون القدَّاح[7] دور تنظيم هذه الفرقة، وتكوين وتعليم دعاتها، وإرسالهم إلى الأقطار المختلفة لينشروا مبادئهم وتعاليمهم بين الناس[8].

يقول العلامة محمد بن مالك الحمادي اليماني: "اعلموا - يا إخواني في الإسلام - أن لكلِّ شيء من أسباب الخير والشر، والنفع والضر، والداء والدواء - أصولاً، وللأصول فروعًا، وأصل هذه الدعوة الملعونة التي استولى بها الشيطان على أهل الكفر والشقوة ظهورُ عبدالله بن ميمون القدَّاح[9] في الكوفة، وما كان له من الأخبار المعروفة، والمنكرات المشهورة ودخوله في طرق الفلسفة، واستعماله كتب الزخرفة، وتمشيته إياها على الطغام، ومكيدته لأهل الإسلام.

فنصب للمسلمين الحبائل، وبغى لهم الغوائل، ولبس الحق بالباطل، ومكر أولئك هو يبور، وجعل لكلِّ آية من كتاب الله تفسيرًا، ولكلِّ حديث تأويلاً، وزخرف الأقوال، وضرب الأمثال، وجعل لآي القرآن شكلاً يوازيه، ومثلاً يضاهيه، وكان الملعون عارفًا بالنجوم، معطلاً لجميع العلوم؛ {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة: 32]"[10].

انضمَّ عبدالله بن ميمون القداح إلى حمدان بن الأشعث الملقَّب بقرمط، الذي نشط وصار له أتباع ليعلن بعدها عن ثورته بسواد الكوفة عام 278هـ، ويسيطِر على عاصمة البحرين "هجر" لتقيم بها طائفة القرامطة، ثم أرسل الحسين بن أحمد بن عبدالله بن ميمون القداح الحسينَ بن فرج بن حوشب وعليَّ بن الفضل إلى اليمن فأقامَا دولة للإسماعيلية هناك، وأرسل محمد بن أحمد بن عبدالله بن ميمون القداح - أخو الحسين - أبا عبدالله الشيعي لبلاد شمال إفريقيا؛ فأسَّس للدولة العبيدية (الفاطمية)[11] بالجزائر[12]، أثناء ذاك تألب القرامطة على الإمام الإسماعيلي، وأرادوا القضاء على الإسماعيلية في الشام لما شكُّوا في نسبة الإمامة لهم، وعلموا أن الإمام الدعيّ (عبيدالله المهدي) من ولد ميمون القدَّاح، وهو سعيد بن الحسين بن عبدالله بن ميمون القدَّاح المتسمِّي بعبيدالله، فهرب عبيدالله إلى الرملة، ثم مصر، ثم إلى الجزائر، وهنالك أعلن عن نفسه ودعوته بعد أن كان متسترًا، ثم أعلن قيام الدولة العبيدية عام 297هـ وسموها بالخلافة الفاطمية[13]، بقيت الدولة بالجزائر، وتولى الحكم عبيدالله (ت322)، ثم القائم بأمر الله (ت334)، ثم المنصور بالله (ت341)، بعدها المعز لدين الله الذي غزا مصر سنة 358 هـ، واتَّخذ القاهرة عاصمة له.

ثم تلاه العزيز 365 هـ، ثم الحاكم بأمر الله 386 هـ، ومنه انشقَّ مذهب من الإسماعيلية الفرس نادَى بألوهية الحاكم بأمر الله يسمون بالحاكمية[14]، ثم خلف المستنصر، وبعد هلاكه 487 هـ انقسمت الإسماعيلية إلى طائفتين: الأولى نادَتْ بإمامة ابنه الكبير نزار، وعُرِفوا بالإسماعيلية النزارية وهم الأغاخانية بالهند، ومن النزارية خرج الحشَّاشون، والطائفة الثانية نادَتْ للمستعلي وهي الإسماعيلية المستعلية، والمعروفة بالبهرة في الهند، والطيبة في اليمن[15].

سبب التسمية:

لُقِّبوا بها - الباطنية - لدعواهم أن لظواهر القرآن والأخبار بواطن تجري في الظواهر مجرى اللب من القشر، وأنها بصورها توهِم عند الجهَّال الأغبياء صورًا جليَّة، وهي عند العقلاء الأذكياء رموز وإشارات إلى حقائق معيَّنة، وأن مَن تقاعَد عقله عن الغوص في الخفايا والأسرار، والبواطن والأغوار، وقنع بظواهرها مسارع إلى الاغترار - كان تحت الأواصر والأغلال، معنيًّا بالأوزار والأثقال، وأرادوا بالأغلال التكليفات الشرعية.

فإن مَن ارتقى إلى علم الباطن انحطَّ عنه التكليف، واستراح من أعبائه، وهم المرادون بقوله - تعالى -: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 157]، وربما موَّهوا بالاستشهاد بقولهم: إن الجهَّال المنكرين للباطن هم الذين أُرِيدوا بقوله - تعالى -: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد: 13]، وغرضهم الأقصى إبطال الشرائع[16].

نظامهم الدعوي:

اتَّخذ هؤلاء الأدعياء التلفُّع بالتشيع وسيلة للحَشْدِ، وتأليف جمعيات سرية تسعى في نشر مذهب الإباحية المزدكية المجوسية والإلحاد الفلسفي.

والأصل في النشاط الباطني أن دعاته يدعون تحت بريق الإثارة وستار السرية، بدعوى أن دعواهم لا يحملها إلا ملَك مقرَّب أو نبي مرسل، أو مَن امتحن الله قلبه بالإيمان[17].

ولمَّا كانت السرية ضرورةً تنظيميَّةً للأعمال الباطنية، خاصة في مراحل التحريف والتجنيد، فإنه من اليسير على الباطنيين أن يجعلوا من الممارسات الباطنية السرية هي الأخرى دينًا، حتى أرجعوا الأصل في التضليل التنظيمي للباطنية والمسمى "التقيَّة" إلى جعفر الصادق، فيقولون: هو القائل في وجوب التقية وضرورة العمل بها: "التقية ديني ودين آبائي وأجدادي، ومَن لا تقية له لا دين له"[18].

وكيما يتمكَّن دعاتهم من نشر مقالاتهم[19] لجؤوا للرمزية في العمل الباطني[20]، والتظاهر بالورَع والزهد أمام العامة ومَن لا يدري خفايا منكرهم، خاصة أيام المرحلة السرية، فيبدون دماثة الأخلاق والتعبُّد والتقشُّف، والتحسُّر على ما آلَ إليه المسلمون، حتى يكثر من حولهم الأتباع فيعلنون الدعوة للإمام المستتر المنجِي من الغم نسل آل البيت، وعلى يديه الفرج وقيام الشريعة، فما اشتدَّ عودهم حتى يجهروا بالإباحية؛ فيكثر من حولهم طغام الناس وأهل الفسق كما يتكاثر الذباب على القذارة، فلا وجدوا حرامًا إلا انتهكوه، ولا كبائر إلا صيَّروها من الشعائر، فالنفاق عندهم تسعة أعشار الدين، وزنا المرأة مع محارمها من كمال إيمانها، ورضا الزوج بأن يزني جاره بزوجته أمامه ثم يبصق عليه ويصفعه بعد أن يقضي وطَرَه منها - من كمال الصبر، والخمر من أقدس المشروب، والصلاة والزكاة والصيام تسقط عنهم، فكانوا من أكفر خلق الله.

طوائف الباطنية:

الإسماعيلية: وهم رأس الباطنية؛ نسبة إلى إسماعيل بن جعفر، وهم من غلاة الإمامية الشيعة، ويطلق عليهم اسم السبعية والمباركية والباطنية.

المباركية: من أسماء الإسماعيلية الباطنية، قالت: إن جعفر نصب ابنه إسماعيل للإمامة بعده، فلمَّا مات إسماعيل في حياة أبيه علمنا أنه نصب إسماعيل للدلالة على إمامة ابنه محمد بن إسماعيل، ونسبتهم إلى مولى لإسماعيل يقال له: المبارك.

السبعية: من أسماء الإسماعيلية، يعتقدون أن أدوار الإمامة سبعة، وأكبرهم يثبتون له النبوة التي تستمرُّ في عقبه، فبين كل نبي ونبي سبعةُ أئمَّة، وتدابير العالم السفلي عندهم منوطة بالكواكب السبعة التي أعلاها زحل، وهذا مذهب الثنوية.

القرامطة: نسبة لحمدان بن الأشعث الملقب بقرمط؛ إذ كان به قِصَر فصار ناقمًا على مَن حوله، متأففًا ممَّن يحيطون به، حاقدًا على الناس أجمعين[21]، وكان "أكار" أبقار في القرية المعروفة بـ(قس بهرام)، وكان داهية، لقيه عبدالله بن ميمون القداح فدعاه لما هو عليه فأجابه، ثم نزل بموضع النهرين بالكوفة، وتظاهَر بالزهد والتقشُّف والتديُّن[22]، وأقام على الدعاية حتى اجتمع عليه خلق كثير، فجهَر بمذهبه، فألقي عليه القبض؛ لكنه نجا بمساعدة جارية، فافتتن الناس به، وظنوا ذاك من الكرامات، فتكاثَر عليه الأتباع ليعلن ثورته عام 278م.

فقتلوا الحجاج، ومنعوا الحج ثلاث سنين، وسرقوا الحجر الأسود، وادَّعى رأسهم الألوهية، وأحلُّوا ما حرَّم الله، وأباحوا الزِّنا والانحلال الخلقي، وأبطلوا الصلاة والزكاة والصيام، وأشاعوا المال والنساء بينهم، فهن بينهم دُولة من واحد لآخر، وهم من أكفر خلق الله.

العُبَيدية: أتباع عبيدالله من ولد ميمون القداح، وهو المدعى المهدي، ومن نسلهم أدعياء الدولة العبيدية، المنسوبة زورًا "الفاطمية"، وأهل الشرف يُنكِرون ذلك؛ فإنهم لم يجدوا لهم في الشرف نسبًا، وقد زعموا أنهم من ولد محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، وحاشَ لله؛ ما كان لمحمد بن إسماعيل من ولد، ولا عرف ذلك أحد من الناس، بل هم {كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} [إبراهيم: 26][23].

التعليمية: من الإسماعيلية، أبطلوا العقول وقالوا بتعاليم الإمام المعصومة.

الحشاشون: هم طائفة إسماعيلية نزارية انتشروا بالشام وبلاد فارس والمشرق، ومن أبرز شخصياتهم الحسن بن الصباح (ت1124م)، وهو فارسي الأصل، يدين بالولاء للإمام المستنصر، قام بالدعوة في بلاد فارس للإمام المستور، ثم استولى على قلعة أَلْمُوت، وأسَّس الدولة الإسماعيلية النزارية الشرقية، وهم الذين عُرِفوا بالحشاشين؛ لإفراطهم في تدخين الحشيش، وقد أرسل بعض رجاله إلى مصر لقتل الإمام الآمر بن المستعلي، فقتلوه مع ولديه عام 525هـ.

يعتبر الحشاشون أساتذة منظمات المرتزقة العالمية، ومصدر إلهام لأنظمة المخابرات في تشكيل فِرَق العمليات القذرة، امتاز الحشاشون بولائهم المطلق لشيخ الجبل؛ نظرًا للمنهج المتبع في تدريبهم، والنظام الصارم والدقيق في تعليمهم، وحسن اختيار الأتباع، ففي القلعة كان يُربَّى العديد من أطفال الفلاحين الفقراء واليتامى؛ حيث يأخذهم حسن الصباح منذ طفولتهم المبكِّرة، ويعلمهم لغات مختلفة كالعربية واللاتينية واليونانية والفارسية والتركية والكردية... وغيرها، ويلقنون ثقافة الشعوب والتجمعات الكبرى، وأنظمتها وعاداتها، حضرها وبدوها من مأكل ومشرب ولباس، ويلقنون من صغرهم إلى رجولتهم الطاعة التامَّة لشيخ الجبل سيد القلعة، ويوعدون بالمسرَّات وأن الجنة بيد شيخ الجبل فهو المسيطر على الآلهة... وأتباع شيخ الجبل يسمون الفداوية[24].

مراتب الباطنية:

هناك بعض التفاوت في المراتب بين الطوائف الباطنية؛ وذاك للطور التنظيمي الذي يقع لها نتيجة الخبرة والاحتكاك مع المجتمعات المتنوِّعة، فمراتب الدعاة في الحركة الإسماعيلية تبدأ بمرتبة الإمام، ثم الباب، الحجة، داعي الدعاة، داعي البلاغ، النقيب، المأذون، الداعي المحدود، الجناح الأيمن، الجناح الأيسر، المكاسر، المستجيب[25].

أمَّا الحشاشون وهم من نتاج الدولة العُبَيدية، فمراتبهم سباعية؛ وهي كالآتي:

المرتبة الأولى: مرتبة رئيس الدعوة أو داعي الدعاة، وكان أيضًا يسمى نائب الإمام المستور في بلاد الشام سمي "شيخ الجبل".

المرتبة الثانية: كبار الدعاة.

المرتبة الثالثة: الدعاة.

المرتبة الرابعة: الرفاق.

المرتبة الخامسة: الضراوية، أو الفداوية، وهم الفئة المسلَّحة في الدعوة، التي يشترط فيها التفاني والتضحية في خدمة الدعوة، حتى ولو أدَّى ذلك إلى الموت الذي اعتبروه أشرف نهاية؛ لأنه يضمن لهم السعادة في جنة الإمام.

المرتبة السادسة: اللاصقون.

المرتبة السابعة: المستجيبون، وهم عامة الناس المؤيدين للدعوة.

الخرمية: و"خرم" لفظ أعجمي معناه: الشيء المستلذ المستطاب، حاصل مذهبهم إسقاط التكاليف وطلب المحرمات، وأصلهم من المجوس المزدكية أهل الإباحية، ويسمون "خرمدينية" بالفارسية.

 

البابكية: أصحاب بابك الخرمي، خرج في جبال أذربيجان أيام المعتصم، كان ملكهم قبل الإسلام شروين، يزعمون أنه خيرٌ من النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولهم ليلة يختلط الرجال فيها مع النساء ويطفئون الأنوار، ويهمُّون بالنساء، فمَن ظفر بواحدة فهي له[26].

ونحَت إلى المذاهب الإباحية خاصة باستحلال الزِّنا واللواط، ونكاح المحارم، وترك العبادات، وتشريع الكذب وفرض النفاق، وبناء المنظمات السرية، والقول بوجود إلهين اثنين، وإنكار البعث والحساب والعقاب، والجنة هي نعيم الدنيا، والنار هي التكاليف الشرعية.

المحمرة: من أتباع البابكية، سموا بذاك لصبغهم ثيابهم بالأحمر أيام بابك.

الدروز: طائفة باطنية انشقَّت عن الإسماعيلية بالدولة العبيدية، نسبتها لمحمد بن إسماعيل الدرزي؛ من دعاة الحاكم بأمر الله العبيدي، وعقيدتهم تقوم على تأليه الحاكم بأمر الله، فقد تولى الحكم صبيًّا تحت ثلاثة أوصياء، وما أنْ شبَّ حتى قتل أحد الثلاثة، ثم راح يقتل في كبار الدولة والكَتَبَة والخدم والعامة، ويصدر قوانين غريبة ثم يلغيها، وجعل الناس يشتغلون بالليل وينامون بالنهار، كل ذلك ليعلن الربوبية فيما بعد، فأنشأ لذلك مركزًا لإعداد الدعاة الإسماعيلية أسماه (دار الحكمة)، وللاسم مغزى فلسفي حشد للمركز فلاسفة الإسماعيلية الملاحدة من أقطار الدنيا[27]، فزيَّنوا له فكرة الألوهية التي تختلج بنفسه، فاستخفَّ قومه فأطاعوه، وكانوا قومًا فاسقين، فتسمَّى بالحاكم بأمره، "وأمر الرعية إذا ذكره الخطيب على المنبر أن يقوموا على أقدامهم صفوفًا إعظامًا لذكره، واحترامًا لاسمه... وكان أهل مصر على الخصوص إذا قاموا خرُّوا سجدًا، حتى إنه يسجد بسجودهم مَن في الأسواق وغيرهم، وكان جبارًا عنيدًا، وشيطانًا مريدًا، كثير التلوُّن في أقواله وأفعاله"[28]، ونشر جواسيس من النساء في دور الناس ليعلم مَن آمَن به ممَّن هو مستخفٌّ بالليل سارب بالنهار يكتم إسلامه.

ومشروعه الذي حاكَه دهاقنة الإسماعيلية في مركز بحثهم (دار الحكمة)، ووضعوا له التشريعات - صار مذهبًا ينتحل خلاصته طائفة الدروز.

النصيرية: نسبة لمحمد بن نصير النميري (ت270هـ)، وزعَم أنه الباب للإمام الحسن العسكري (230- 260هـ)، فتبعه طائفة من الناس قالوا بألوهية علي بن أبي طالب - رضِي الله عنه - وتناسخ الأرواح، والتأويل بالباطن، وديانتهم مزيج من الوثنية الآسيوية القديمة والنصرانية والإسلام، وعقائدهم من الأسرار التي لا تُباح حتى لنسائهم، أمَّا الرجال حتى يبلغ الثامنة عشرة بعد عِدَّة جلسات سرية على يد شيخ واحد، يرتفع فيها من درجةٍ لأعلاها، وهم يبيحون الزِّنا بنساء بعضهم البعض، والخمر عندهم معظمة ومقدسة، ولهم ثالوث على ثالوث النصارى (ع- م- س)؛ أي: علي ومحمد وسلمان الفارسي، فعلي - رضي الله عنه - هو الذات الإلهية، محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - النبي الناطق والحجاب والاسم، وسلمان الفارسي - رضي الله عنه - هو الباب؛ أي: المرجع الذي خلقه النبي محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - والباب هو الذي خلق الأيتام الخمسة الذين بيدهم مقاليد السموات والأرض.

بعض رؤوس الفرق تغيَّر اسمها بنسبتها للداعي الذي عاوَد نشرها في أرض مغايرة لمنبتها، أو لانشقاقها عن الأصل الذي تتلوه حول إمامة إسماعيلي معين، كما وقع في الهند وباكستان وأذربيجان، ومن الباطنية المعاصرة القاديانية والأغاخانية، البهرة، الداودية، العلوية، الناجوشية، والبارسية، وكلها في الهند، والطيبية والصليحية والسليمانية باليمن، والبابية والبهائية بالشام.

وكلها تنتسب في عقائدها للإسماعيلية مع شيء من اختلاف التنوُّع، وإلا فأصولها كلها باطنية ملحدة إباحية.

وما أحصي هنا منها مجرَّد رؤوس الطوائف، والتي ستتشعَّب كالفطريات إلى طوائف ومنظَّمات وحركات سرية، حصرها عدًّا يُتِمُّ مصنَّفًا مفردًا.

حيلهم في الدعوة لمذهبهم :

لطرقهم السرية حِيَل في الدعوة تقرب حِيَل الباطنية الشيعة؛ "وفي الاطِّلاع على هذه الحِيَل فوائد جمَّة لجماهير الأمة، وهاك تفصيلَ حيلهم[29].

1- التفرُّس: يميِّز الداعي مَن يمكن استدراجه، وله القدرة على الإقناع بأن للنصوص ظاهرًا وباطنًا، وأن يأتي كل واحد بما يوافق مزاجه وعقله.

2- التأنيس: يجتهد الداعي في التقرُّب من المدعو، والتنسُّك والتعبُّد أمامه، والتبشير بقرب الفرج.

3- التشكيك: يجتهد الداعي في تغيير معتَقَد المدعو المستجيب، بالأسئلة عن الحكمة من الشرائع، وغوامض المسائل، والمتشابه، وأسرار الأرقام في آي القرآن.

4- التعليق: بطيِّ سرِّ الشكوك المثارة، والإيهام بكتمان حقيقتها عن الغير، فلا بُدَّ من عهود توثيق للمريد كيما يطالع بها، ثم يترك معلقًا.

5- الربط: بالأيمان المغلَّظة، والجهود المؤكدة، (لدرجة الإرهاب الفكري)، فلا يجسر على المخالفة.

6-التدليس: بالتدرُّج في بثِّ الأسرار - بعد الربط - فيعرض عليه المذهب شيئًا فشيئًا، ويُوهِم أن لهم أتباعًا كُثُر لا يمكن اطِّلاعهم عليهم كيما يستأنس، وقد يسمون له بعض المرموقين من أهل العلم أو السلطان، لكن في بلاد بعيدة لا يمكنه مراجعتهم لبعدهم.

7- التلبيس: بالاتِّفاق على بعض القواعد والمسلَّمات البديهية، ثم يستدرج إلى نتائج باطلة، لا يعي بطلانها لتسليمه القياد للداعي.

8- الخلع والسلخ: الخلع من المجتمع باتباعه أوامر العمل، أمَّا السلخ فمن الدين باتباعه لفلسفة المذهب.

عقائد الباطنية:

أوَّل حركة باطنية إسماعيلية لإقامة دولة لها كانت باليمن على يد الحسن بن فرج، الملقَّب بالمنصور، مع علي بن الفضل، وبعد أن قوي عودهما بدأ الجهر بالمعتقدات، فقد أحلُّوا الخمور والزِّنا واللواط ونكاح المحارم من الأمهات والبنات والأخوات، وأسقطوا الصلوات، وأبطلوا الصيام وجميع المحرَّمات، ولخَّص ذاك علي بن الفضل في أبيات:

خُذِي الدُّفَّ يَا  هَذِهِ  وَالْعَبِي        وَغَنِّي  هَزَارَيْكِ  ثُمَّ   اطْرِبِي

تَوَلَّى    نَبِيُّ    بَنِي     هَاشِمٍ        وَهَذَا    نَبِيُّ    بَنِي     يَعْرُبِ

لِكُلِّ   نَبِيٍّ    مَضَى    شَرْعُهُ        وَهَذِي   شَرَائِعُ   هَذَا   النَّبِي

فَقَدْ حَطَّ عَنَّا فُرُوضَ  الصَّلاَةِ        وَحَطَّ   الصِّيَامَ   فَلَمْ   يُتْعِبِ

إِذَا النَّاسُ  صَلَّوْا  فَلاَ  تَنْهَضِي        وَإِنْ هُمُ صَامُوا كُلِي وَاشْرَبِي

وَلاَ تَطْلُبِي السَّعْيَ عِنْدَ الصَّفَا        وَلاَ  زَوْرَةَ  الْقَبْرِ  فِي   يَثْرِبِ

وَلاَ تَمْنَعِي نَفْسَكِ  الْمُعْرِسِينَ        مِنَ   الأَقْرَبِينَ   وَمِنْ   أَجْنَبِي

فَكَيْفَ حَلَلْتِ  لِهَذَا  الْغَرِيبِ        وَصِرْتِ     مُحَرَّمَةً     لِلأَبِ

أَلَيْسَ   الْغِرَاسُ    لِمَنْ    رَبُّهُ        وَرَوَّاهُ  فِي  الزَّمَنِ  الْمُجْدِبِ

وَمَا الْخَمْرُ إِلاَّ كَمَاءِ  السَّمَاءِ        مُحَلٌّ  فَقُدِّسْتَ  مِنْ  مَذْهَبِ[30]

وخلال سنوات الدولة الإسماعيلية باليمن تمكَّن دعاة الإسماعيلية من إنشاء حركة لهم في سواد الكوفة والبحرين عُرِفت بالقرامطة سنة 278هـ، ثم انطلقوا منها للبطش بالحجاج حيث عاثوا في الحرم فسادًا وقتلوا خلقًا كثيرًا، وسرقوا الحجر الأسود إلى عاصمتهم، وروَّعوا الآمنين[31].

من دعاوى الباطنية ألوهية أئمَّتها؛ فكل رأس دعوة يدَّعي المشيخة، ثم الإمامة، ثم النبوَّة، ثم الألوهية؛ وهذا مبني على نظرية الارتقاء الحلولي الصوفي الفلسفي؛ أي: إن بمقدرة الإنسان أن يرتقي بالتأمل أو العرفان الروحي الصوفي من درجةٍ لأعلى حتى يحاكي الأنبياء، وقد يعلوهم حتى يتوحَّد مع الذات الإلهية، وهو ما يُعرَف في الديانة البراهمية بالنيرفانا، وفي التراث الغنوصي الإشراق، وفي التراث الباطني بالاتحاد؛ أي: الاتحاد بين روح العارف والذات الإلهية، وهي عملية عكسية لنظرية الحلول القائلة بحلول الذات الإلهية في أجسام البشر من المعظمين، كما قالت السبئية بحلول الذات الإلهية في الأنبياء - عليهم السلام - ثم في علي بن أبي طالب - رضِي الله عنه - وهو قول النصيرية العلويين بسوريا.

وقمَّة تطوُّر النظريتين القول بوحدة الوجود؛ أي: إن الذات الإلهية حالَّة في الوجود، بمعنى أوضح: كل ما في الكون هو الذات الإلهية، وبمعنى أقرب: القول بأن الله في كل مكان.

ومن دعاة نظرية وحدة الوجود محي الدين بن عربي الأندلسي، وسيلقي بظلال ضلاله على الطريقة العدوية الصوفية، التي سيتحوَّل أتباعها إلى اليزيدية عبَدَة الشيطان.

الإسماعلية من المعطلة؛ ينفون الصفات والأسماء عن الله - تعالى - مطلقًا "... فلا يُقال عليه: حيٌّ، ولا قادر، ولا عالم، ولا عاقل، ولا كامل، ولا تامّ، ولا فاعل؛ لأنه المبدِع الحي القادر العالم التام الكامل الفاعل، ولا يُقال: له ذات؛ لأن كل ذات حاملة للصفات..."[32]، فتوحيد الله - تعالى - عندهم بمعرفة حدوده، وتنزيهه بنفي الصفات والأسماء عنه، وذا لب فلسفة أفلوطين الحديثة، بل عينها.

أمَّا نظرية الخلق فهي نظرية الفيض التي تجدها عند الفارابي وابن سينا، وكلاهما من الإسماعيلية، وهذه النظرية لأفلوطين، وهي مركَّبة من خرافات عبَدَة الكواكب والنجوم، ولها امتداد عند البابليين والكلدانيين والكهنة الفراعنة، والقابالاه اليهودية في "نظرية الفوضى الخلاَّقة"، إلا أن تشقيق الكلام وزخرفته حولها (فلسفة!)، فهم يُطلِقون على الله اسم "العقل الأول" و"المبدع" و"العقل الكلي" و"النفس الكلية"، ولك أن تعجب! يصفونه بما لم يثبت لا في الكتاب ولا في السنة، وينفون عنه ما ثبت بالنص القطعي[33].

عمل الإسماعيلية إلى التوفيق والتلفيق بين الأديان، وهم من أكبر وأنشط الدعاة لنظرية توحيد الأديان، وهي ذات جذور فلسفية بغية هدم النبوَّات ليصبح الفلاسفة هم مَن يشرعون للناس عقائدهم، كما في "الجمهورية"؛ لأفلاطون، وما حاكَاه فيه الفارابي في كتاب "المدينة الفاضلة"؛ فقد جعل بإمكان الحكيم (الفيلسوف) أن يرتقي على النبي، بل هو عنده أرقى؛ إذ النبي يعلم بواسطة، والفيلسوف بجهده الفكري وملكته العقلية، وعنهم أخذ فرسان المعبد الفكرة ليضموها إلى نشاط الماسونية العالمية أكبر راعي سري وعلني بالنشاطات الاجتماعية والنوادي لدعوة التقريب بين الأديان، والبروتستانتية النصرانية أكبر راعي للفكرة من الكنائس، وكل ذاك بغية محو الأديان، وهدم الوحي، والاستعاضة بالتشريع الوضعي للفلاسفة والمفكرين... وهم ملاحدة وضعوا العمائم على رؤوسهم أو كانوا حاسري الرؤوس.

وكمثال على التلفيق بين الإسلام والنصرانية يقول الشيعي السجستاني: "إن الشهادة مبنية على النفي والإثبات، فالابتداء بالنفي والانتهاء إلى الإثبات، وكذلك الصليب خشبتان: خشبة ثابتة لذاتها، وخشبة أخرى ليس لها ثبات إلا بثبات الأخرى، والشهادة أربع كلمات، كذلك الصليب له أربعة أطراف، فالطرف الذي هو ثابت في الأرض منزلته منزلة صاحب التأويل الذي تستقرُّ عليه نفوس المرتادين، والطرف الذي يقابله علوًّا في الجو، منزلته منزلة صاحب التأييد الذي عليه تستقرُّ نفوس المؤيِّدين، والطرفان اللذان في الوسط يَمنة ويسرة دليل على التالي والناطق، اللذين أحدهما صاحب التركيب، والآخر صاحب التأليف، أحدهما مقابل الآخر، والطرف القائم دليل على السابق الممد لجميع الحروف، والشهادة سبعة فصول، كذلك الصليب أربع زوايا وثلاث نهايات، وللزوايا الأربع والنهايات الثلاث دليل على الأئمَّة السبعة في أدوارهم، كما دلَّت الفصول السبعة في الشهادة على أئمَّة دور ناطقًا - عليه السلام - وكل طرف منها له ثلاثة أطراف، تكون الجملة اثني عشر، كذلك الشهادة اثنا عشر حرفًا... وكما أن الشهادة إنما تكمل عند اقترانها بمحمد - صلى الله عليه وآله - كذلك الصليب إنما شرف بعد أن وجد عليه صاحب الدور"[34].

الإسماعيلية يبطلون معجزات الأنبياء، وينكرون النبوَّات، لكن ليس بالتصريح بل بتأويلات ملتوية لقصص الأنبياء، مع تجريد النبي من أيِّ معجزة مادية، والنبوَّة عنده دور من الوحي؛ لذا هي لم تنقطع بل تستمرُّ في الأوصياء والأئمَّة، وبين كل نبي ونبي أئمة ستة، السابع فيهم هو النبي، وذا الدور مستمرٌّ من لدن آدم إلى القيامة، وللإمام أن ينسخ شريعة من قبله، ويسمون الأنبياء بالنطقاء، وآخر النطقاء محمد بن إسماعيل؛ أي: هو آخر الأنبياء[35].

تقول الإسماعيلية بتناسخ الأرواح "وقد اتفقوا عن آخرهم على إنكار القيامة... وقالوا: إنها خروج الإمام وقيام الزمان، والسابع هو الناسخ للشرع المغيِّر للأمر، أمَّا المعاد فأنكروا ما ورد به الأنبياء، ولم يثبتوا الحشر والنشر للأجساد، ولا الجنة ولا النار، ولكن قالوا: معنى المعاد عود كل شيء إلى أصله، وزعموا أن نفوس المعاندين لمذهب الإسماعيلية تبقى أبد الدهر في النار، على معنى أنه تبقى في العالم الجسماني تتناسخها الأبدان، فلا تزال تتعرَّض فيها للألم والأسقام، فلا تفارق جسدًا إلا ويتلقاها آخر[36].

ومعنى الصلاة والزكاة عندهم: محمد وعلي، فمَن تولاَّهما فقد أقام الصلاة وآتى الزكاة... والخمر والميسر اللذان نهى الله قربهما هما أبو بكر وعمر، لمخالفتهما عليًّا... ثم يُقال له: (المدعو الجديد) هل تحب أن تدخل الجنة؟... فيذهب به الداعي (الإسماعيلي) إلى زوجته ليبيت معها... فإذا خرج المخدوع (المدعو) من عندها (زوجة الداعي)، تسامع به أهل هذه الدعوة الملعونة، فلا يبقى منهم أحد إلا وبات مع زوجة المخدوع (المدعو)، كما فعل هو مع زوجة الداعي..."[37].

نظرتهم للمرأة هي نوع من أنواع المسخ الذي يصيب غير المؤمن[38]، فهي كالحيوان؛ لأنها مجردة عن وجود النفس الناطقة؛ لذا يعتقدون أن نفوس النساء تموت بموت أجسادهن؛ لعدم وجود أرواح خاصة بهن[39].

لذا يستبيحون الزنا بنساء بعضهم بعضًا؛ لأن المرأة لا يكمل إيمانها إلا بإباحة فرجها إلى أخيها المؤمن!

وفي ذاك اشترطوا ألاَّ يباح ذلك للأجنبي، ولا لِمَن ليس داخلاً في دينهم[40].

أثر الحركات الباطنية في واقع المسلمين:

منذ أن قامت هذه الحركات الباطنية وهي لا تبغي إلا الإطاحة بالخلافة الإسلامية، والعودة إلى أمجاد آبائهم المجوس بإعلان الإمامة الشيعية، وهنا لا ينفصل الخطر الديني عن السياسي، فلا قوام لديانتهم ونحلتهم دون قيام دولتهم، فالحركة الباطنية الشيعية "عبارة عن دعاية خفية مستترة أكثر ممَّا هي مقاومة مكشوفة، وهذا ما جعلها مخالفة لغيرها من الفرق، وهي دعاية يحيط بها جوٌّ من الأسرار، وتغشاها أساليب المكر والمراوغة"[41].

واختراقها لكثيرٍ من الطوائف جعلهم يبثُّون عقائدهم بينهم؛ حتى ظهر رؤوس الفلاسفة المتصوِّفة كالحلاج وابن عربي والسهروردي والبسطامي والتلمساني، وهؤلاء ممَّن جهروا بما لم يَفُه به فم؛ فقال الإمام الذهبي عن كتاب ابن عربي "الفصوص": وكل كتبه تحتمل التأويل ما عدا "الفصوص"، فإن كان ما فيه ليس بكفر، فليس في الدنيا كفر..."، وكانت جماعة إخوان الصفا تضمُّ في صفوفها: "أبا إسحاق الصابي الحراني وهو من عبَدَة النجوم الصابئة، ويحيى بن عدي النصراني رئيس أساقفة الكنيسة اليعقوبية، وماني المجوسي، وأبو سليمان المنطقي السجستاني الإسماعيلي، فما الذي يجمع هؤلاء، ويدعوهم إلى تأليف مجمع سري؟!"، أليس نموذجًا حيًّا لتقارب الفرق والأديان؟ شياطين يُوحِي بعضهم لبعض زخرف القول غرورًا، تحزَّبوا ليرموا الإسلام رمية رجل واحد، ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين.

وترتَّب على بزوغ قرن الفتنة الباطنية ثورات واضطرابات متلاحقة أحدثتْ فوضى عارمة، خاصة حال ما قامت لهم دويلات هنا وهناك، فديدنهم (تصدير الثورة) والدعوة لمبايعة الإمام، فطلع على أفراد الأمَّة آفات لم يدروا لها أصلاً، وصار المرء لا يأمن جاره ولا أخاه، وسرت الإباحية في عقول الشباب كالطاعون، فلم يؤتمن عازب في قريته، بل في بيت أبيه، وفتت انعدام الثقة عُرَى الوحدة الاجتماعية والدينية، فالحركة الباطنية استغلَّت الفقر والفاقة التي كانت ببعض الناس في الخلافة، فعملت على إشباع شهواتهم ممَّا يطلبون دون حدٍّ، فسهُل انقيادهم، وصاروا مصدرًا للرعب والقلق بجماعاتهم من المرتزقة القَتَلَة، فلا يدري الأمير من حرسه مَن هو معه ومَن عليه، ولا يعلم الأب إن كان رأسه سيقطع بيد أي الولدين له، وفي ذلك الزمن وتلك المحنة، قدم عدوٌّ من أوربا، فوجد الأرض تمور بأهلها، والقوم لا يدرون الصديق من الزنديق، ولما غزا التتار الأرض كانوا لهم سندًا وراحوا يسفكون دماء أهل السنة؛ فأبادوا العلماء وذريتهم، حتى أبكوا علينا اليهود والنصارى، وما أشبه الليلةَ بالبارحة! فعمليات الاغتيال والاختطاف وإعدام علماء السنة في عراقنا غالبها فُضِحت فيما بعد، وكان الجناة من الشيعة أذناب إيران، ومن الفيالق العميلة للحرس الثوري الإيراني، بل وزارة الداخلية العراقية رأس عمليات التعذيب والتصفيات وكلها من الشيعة، وتلك الأيام يداولها الله بين الناس، فما يحكى أن... وقع ويكأن... الفكر هو هو، والحقد هو هو، غير أن الشخوص تغايرت، أتواصوا به؟

إي وربي، فهؤلاء نسل أولئك، وعلى سيرتهم يسيرون؛ فقديمًا والأمة تذود عن حياضها ضد التتار والصليبيين، ناصَر الباطنية الغزاة، واغتالوا العلماء والأمراء والقادة العسكريين؛ ليفسحوا الأرض للغزاة، ممَّا أربك الصف الإسلامي، ولما احتلَّ الإنجليز أراضي إسلامية من الهند إلى مصر كانوا عونًا لهم، بالفتاوى المبطلة للجهاد، كفتاوى الأغاخانية بالهند، والبَهَرَة في باكستان والبهائية، والبابية في الشام، والصفوية في العراق.

زد على خطَّتهم الحالية في الامتداد البشري في مناطق السنة وجميع القرى والمدن المجاورة، وهذا في سوريا والمملكة السعودية والكويت والبحرين، فهم يتمركزون في مناطق إستراتيجية حسَّاسة للأمن القومي.

وأسوأ الآثار التي ترتَّبت على طلوع قرن الباطنية الشيعة من العراق هو انقسام العالم الإسلامي إلى فئتين: الأولى تقاتل على جبهتين خارجية وداخلية، وهي عامة السنة، والثانية تحالف النصارى والتتار للفتك بأهل السنة، وبعد أن كان للمسلمين خليفة واحد صار لهم أئمَّة شركاء متشاكسون، بل يثيرون النعرات الطائفية سرًّا، ويجهرون بتوحيد الصف علنًا، إذا لقوكم قالوا: آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ، وإذا خلوا إلى شياطينهم من النصارى والكفرة قالوا: إنا معكم إنما نحن مستهزئون.. فهم حلفاء النصارى من أيام بني العباس أيام الحروب الصليبية، وأيام الحروب البوشية إلى يومنا هذا[42].

وهذا ما فعلوه مع المقاومة الفلسطينية واللبنانية السنية لمَّا دخلت القوات النصيرية لبنان، فقد دكوها أولاً، وجعلوا جثث أهل السنة فرجة في قنوات الإعلام[43]، وما أشبه الليلة بالبارحة!

ختامًا:

ممَّا يجب أن ينتبه إليه أهل الإسلام أن الباطنية الإسماعيلية ما زالت ليومنا هذا، ولا زالوا على عقائدهم وحيلهم في استدراج الأتباع، كانوا وما زالوا عضدًا لكلِّ غازٍ يهتك بالمسلمين من التتار إلى الصليبيين، إلى الإنجليز الذين ناصَرَهم رأس الإسماعيلية بالهند أغاخان، وهم الآن بسوريا ولبنان، ويزحفون بنشاطهم نحو الدول العربية والمناطق الإسلامية التي يخبو بها نشاط دعاة السنة، بتشجيع من الدولة الخمينية التي ما فتئوا ينصاعون لها، فالدعوة الإسماعيلية الباطنية سهم مسموم يراد غرزه في جسد العالم الإسلامي، وهم يتوغَّلون في بلاد إفريقية وآسيوية عديدة مثل: كينيا وأوغندا وسيلان وبورما، ولهم مراكز ضخمة هناك.

بل سرى نشاطهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية خاصة بين الزنوج المسلمين.

ولك أن تعلم أن هذه الدعوة منبتها من الفلسفة، بل رؤوسها كلهم فلاسفة؛ لذا كبار مَن صنفوا من (فلاسفة المسلمين)[44] هم من الباطنية، وكبار أنصار الفلاسفة من العرب إمَّا عقلانيون على مذهب الاعتزال، أو ملاحدة شيوعيون أو شيعة، والشيعة هم من تغلب فيهم؛ لأنها تناسب أذواقهم وترسُّباتهم العقدية، وميراثهم الفكري، ومن أهم الدعاة العرب للفكر الباطني الإسماعيلي في الآونة الأخيرة: مصطفى غالب[45]، وعارف تامر، ويُعَدَّان من المدافعين عن الإسماعيلية؛ معتبرين دورها فعالاً في الفكر الحضاري، بل الأول من أكبر الناشرين لكتب الفلسفة والمادحين للحركات الثورية الباطنية الشيعية، بل صنفا كتبًا للدفاع عن القرامطة والحشاشين، وجعلاها في مصافِّ الحركات الثورية التي أرادت إنشاء "المجتمع الاشتراكي المثالي"، ولعلهما يريدان المجتمع الشيوعي المزدكي؛ وهنا لم يخطئ أحد في الحكم؛ إذ الاشتراكية الشيوعية ربيبة المزدكية المجوسية الإباحية.

فالواجب المنوط بالعلماء وطلبة العلم فضح هؤلاء، وبيان كفرهم وضلالهم، وحيلهم في التصنُّع للعامة، والتملُّق للخاصة، فالجهل بهم صار مطبقًا، حتى بين مَن يتزعَّمون التيارات السياسية الإسلامية، فما بالك بالعامة الذين تأخذ بلبِّهم زخارف القول، ودعاوي الإعلام؛ من شعارات توحيد الصف، والتآلف بين المسلمين، والتطلُّع لمقاومة العدو الخارجي، وتنميق الشخصيات الشيعية، حتى أعلن بعض قادة الأحزاب الإسلامية السنية عن أحد قادة الشيعة أنه مجدِّد للعصر، وقدوة للشباب؟! وذي هي الطامة، إذا أصبح مَن يُكفِّر الصحابة قدوة للشباب المسلم فعظم على المسلمين مصابهم، وغيب عن الوعي شبابهم، فأصبح في عنق كلِّ داعية أمانة توعية المسلمين وشباب المسلمين من الأخطار الداهمة التي ذاق المسلمون ويلاتها في القديم والحديث، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

والسلام على مَن اتبع هدْي الإسلام، وسنة سيد الأنام، وهدي صحبه الكرام.

المصدر : موقع الألوكة

ــــــــــــــــــــــــ

[1] ممَّن أفردوا مصنفات في الرد على الباطنية من القدامى:

- أبو عبدالله بن رزام: "الرد على الإسماعيلية".

- سعد بن محمد أبو عثمان العثماني القيرواني النحوي: "الرد على الملحدين".

- أبو بكر الباقلاني: "كشف الأسرار وهتك الأستار".

- ابن سعيد الإِصْطَخري المعتزلي: كتب ردًّا على الباطنية أهداه للخليفة العباسي القادر.

- إسماعيل بن أحمد البسي المعتزلي: "كشف أسرار الباطنية".

- ثابت بن أسلم النحوي الشيعي: له مصنف فضَح فيه أسرار الدعوة الإسماعيلية وقبائحها، فاختطفوه إلى مصر؛ حيث صلبوه في حدود عام 460هـ.

- أبو الحسين الملطي: "التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع".

- محمد بن مالك بن أبي الفضائل الحمادي اليماني: "كشف أسرار الباطنية وأخبار القرامطة".

وهذا المصنَّف ذو أهمية بالغة وانفراد عن غيره؛ إذ صاحبه من فقهاء السنة الذين عاشروا الباطنية عن قرب، فقد اندسَّ بينهم، واطَّلع على خبايا دعواهم، وأسرار حِيَلِهم، وخبث أساليبهم، وعلم يقين أخبارهم، ثم ألَّف الردَّ عليهم؛ ففقه مكنون صدورهم وباطن عقيدتهم، وليس سامع كمَن رأى.

[2] "الحركات الباطنية في العالم الإسلامي"؛ محمد أحمد الخطيب، ص7.

[3] "الحركات الباطنية في العالم الإسلامي"؛ محمد أحمد الخطيب، ص20.

"دراسات في الفرق"؛ عبدالله الأمين، ص81.

[4] والراجح إخراجهم من الفِرَق الإسلامية؛ فهم جماعة كافرة تقول بتأليه علي - رضي الله عنه - وهذا قول أئمَّة السلف - رحمهم الله.

[5] "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية": عبدالوهاب المسيري، ج13، ص 86.

[6] "دراسات في الفلسفة"؛ محمود قاسم، ص254.

[7] وإليه تُنسَب الفرقة الميمونية التي أظهرت اتباع أبي الخطاب "الخطابية"، وزعمت أن العمل بظواهر الكتاب والسنة حرام، وجحَدت المعاد، وكان ميمون وابنه من الديصانية الثاوية الفارسية.

"الفهرست"؛ ابن النديم، ص(264، 265).

[8] "مشكاة الأنوار": ص 35.

[9] كان عالما بجميع الشرائع والسنن والمذاهب، وقد وضع سبع دعوات يتدرج الإنسان فيها حتى ينحلَّ عن الأديان كلها، ويصير معطلاً إباحيًّا لا يرجو ثوابًا ولا عقابًا، حتى اشتهر وصار له دعاة.

"الخطط"؛ المقريزي، ج2، ص150.

[10] "كشف أسرار الباطنية وأخبار القرامطة"؛ محمد بن مالك بن أبي الفضائل الحمادي اليماني، ص16.

[11] "خطط المقريزي": ج2، ص150.

[12] وذلك بقبائل كتامة في مدينة "فرجيوة" التابعة لولاية "ميلة"، الواقعة شرق العاصمة الجزائرية وغرب عاصمة الشرق الجزائري "قسنطينة".

[13] "تاريخ الدولة الفاطمية"؛ حسن إبراهيم حسن، ص53، 56.

[14] ومنهم طائفة الدروز، ومن أتباع هذا المذهب ابن سينا وأبوه.

[15] "طائفة الإسماعيلية"؛ محمد كامل حسين، ص 41، 42.

[16] "فضائح الباطنية"؛ أبو حامد الغزالي، ص11- 12.

[17] "أربع رسائل إسماعيلية"؛ عارف تامر، ص(16- 17).

[18] المرجع نفسه: ص34.

[19] مصطلح "المقالة" في علم العقائد لدى القدامى يُطلَق على مصطلح "النظرية" حديثًا.

[20] "العقائد الباطنية وحكم الإسلام فيها"؛ صابر طعيمة، ص138.

[21] "القرامطة"؛ أحمد شاكر، ص5.

[22] وذي قاعدة في الدعوة لدى كل الشيعة قديمًا وحديثًا، ولك التأمُّل في كل الحركات التي أنشؤوها، ما وجدت فيهم رأس دعوة إلا تظاهَر بالتدين والورع، فما اشتدَّ عوده إلا وجهر بالإباحية، وفي عصرنا غالب مَن تشيَّع من أهل السنة - وهم نزر قليل - إن رووا لك قصة تشيعهم تجدهم أُخِذوا من ذا الباب: دماثة أخلاق الشيعي، زهده في الدنيا، تألمه وحسرته على ما يلحق المسلمين من هوان، تشكيكه في الروايات التاريخية التي تفرِّق بين المسلمين، ثم إن اطمئن للمدعو طرق له باب آل البيت، فإن فتح الباب سحبه لفسحة الخلافة والولاية والوصية، ثم ولج به قاع التشيع، وهنا قلَّ مَن دخل ثم خرج.

[23] "كشف أسرار الباطنية وأخبار القرامطة"؛ محمد بن مالك بن أبي الفضائل الحمادي اليمني. ص19.

وذا الكتاب من أهم ما ألف في الرد على الباطنية؛ إذ اندسَّ صاحب الكتاب بينهم وعاشرهم فترة، حتى اطلع على مكنون أسرارهم، ثم فضحهم بعدها.

[24] "الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة": (1 / 240).

- "مؤتمر الحركات الهدامة في التاريخ الإسلامي قديمًا وحديثًا": كلية الآداب، جامعة الزقازيق، مج 1، ص10، 1990م.

[25] "تاريخ الدعوة الإسماعيلية"؛ مصطفى غالب، ص(28، 29، 33، 34).

[26] هذه الليلة تقوم بها كافة الطوائف الباطنية في اليمن والبحرين والشام وإيران والعراق والهند، وبالطريقة نفسها كما يفعلها المزدكية الفرس سابقًا، وعبَدَة الشيطان في عصرنا.

[27] "الحاكم بأمر الله وأسرار الدعوة الفاطمية"؛ محمد عبدالله عدنان، ص164.

[28] "حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة"؛ السيوطي، ج1، ص601.

[29] "فضائح الباطنية"؛ أبو حامد الغزالي، مع التصرف.

[30] "تاريخ الفكر الإسلامي في اليمن"؛ أحمد شرف الدين، ص91.

[31] وأعادها أذنابهم من أتباع الثورة الخمينية في عصرنا، وانتهكوا حرمة مكة، وروَّعوا حجاج بيت الله الحرام.

[32] "كنز الولد"؛ إبراهيم الحامدي، ص 13، 14.

[33] والمقال لا يسع لعرض نظرية الفيض، وهي مبثوثة في كتاب "تهافت الفلاسفة"، وغيره من كتب تاريخ (الفلسفة الإسلامية).

[34] "الينابيع"؛ السجستاني، ص(148، 149).

[35] "طائفة الإسماعيلية"؛ محمد كامل حسين، ص(168، 169).

[36] "فضائح االباطنية"؛ أبي حامد الغزالي، ص 44- 46.

- "الإفحام لأفئدة الباطنية الطغام"؛ يحي العلوي، ص 21.

[37] "كشف أسرار الباطنية وأخبار القرامطة"؛ الحامدي، ص12.

- "تاريخ الفكر الإسلامي في اليمن"؛ أحمد حسين شرف الدين، ص(76- 79).

[38] نفس نظرة فرسان المعبد وعبَدَة الشيطان، فهم يرون أن الشيطان يتمثَّل في صورة امرأة.

[39] "دائرة المعارف الإسلامية": مادة نصيري.

[40] "الحركات الباطنية"؛ محمد الخطيب، ص370.

[41] "العقيدة والشريعة"؛ إغناست جولد تسيهر، ص180.

[42] انظر تفصيل ذاك في:

- "تاريخ الحروب الصليبية"؛ ستيفن رنسيمان، مج 2، ص33، 206، 941، 675.

- "الحركة الصليبية"؛ سعيد عاشور، ج1، ص555، 559، 560.

- "موسوعة التاريخ الإسلامي"؛ أحمد شلبي، ج2، ص189، 190.

[43] انظر: "رؤية إسلامية في الصراع العربي الإسرائيلي"، الجزء الثاني "دور الشعوبيين الباطنيين في محنة لبنان"؛ محمد عبد الغني النواوي.

[44] ولا يصحُّ قول: فلاسفة الإسلام، فليس للدين الإلهي فلاسفة بل هو وحي، كما أن الفيلسوف لا ينطلق من الدين ليستدلَّ بل من المنطق العقلي، فلا يعلم فيلسوف اتِّخذ الدين مرجعًا للاستدلال، وهذا هو الفارق بين المتكلم والفيلسوف؛ فالأول يعتقد ثم يذهب ليبحث عن الدليل العقلي للإثبات، أمَّا الفيلسوف فيكفر بكلِّ شيء، ثم يبحث في عقله ما يبلغه اليقين، ومعلوم أن العقل بدون هداية من الوحي لن يصل إلى دين صحيح.

[45] راجع لمصطفى غالب: "تاريخ الدعوة الإسماعيلية، الحركات الباطنية في الإسلام، القرامطة"، الحسن الصباح.

ولعارف تامر: "القرامطة"، وتحقيقه لكتاب: "الهفت والأظلة".

 



مقالات ذات صلة