خاطرة ( 35 ) لعبدالملك الشافعي / امتناع الأئمة عن استخدام أسلحة الدمار الشامل في القتال مع أعدائهم

بواسطة قراءة 883
خاطرة ( 35 ) لعبدالملك الشافعي / امتناع الأئمة عن استخدام أسلحة الدمار الشامل في القتال مع أعدائهم
خاطرة ( 35 ) لعبدالملك الشافعي / امتناع الأئمة عن استخدام أسلحة الدمار الشامل في القتال مع أعدائهم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ، فلطالما نجد في "التراث الروائي الإمامي" أموراً أوردوها من باب المدح والكمال للأئمة فإذا بها تحمل بين طياتها الطعن والذم ..

فمن هذه الأمور إثباتهم للأئمة من القدرات والإمكانات الغيبية ما يتمكنون به من التحكم بقوانين الكون وتحريك ذراته ، وهي ما نسميه بالاصطلاح المعاصر "أسلحة الدمار الشامل" ، فلو أرادوا زلزلة الأرض واقتلاع الجبال وتجفيف البحار لفعلوا !!!

ولكن أبرز هؤلاء الأئمة قد قاتلوا أعداءهم بالفعل ومع ذلك لم يستخدموا تلك الإمكانات الخارقة ولجأوا إلى قتالهم بالأسلحة التقليدية البدائية ( السيف والرمح والقوس ) مع أنهم كانوا يمتلكون بعرفنا المعاصر قنابل نووية ودبابات ومدافع مدمرة وقاصفات عملاقة !!!

فتعالوا معي نستعرض تلك الأسلحة الفتّاكة التي كانت عند الأئمة ولم يستخدموها في قتالهم الشرس مع أعدائهم:

السلاح الأول: الولاية التكوينية التي يستطيعون من خلالها التصرف بذرات الكون

1-يقول آيتهم العظمى الخميني في كتابه ( الحكومة الإسلامية )( ص 52 ):[ فإن للإمام عليه السلام مقاما محمودا ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون ].

2-يقول شيخهم محمد حسين الحاج في كتابه ( حقوق آل البيت ( ع ) في الكتاب والسنة باتفاق الأمة )( ص 135 – 137 ) تحت عنوان ( الولاية التكوينية ):[ وللنبي والإمام أمير المؤمنين والصديقة والأئمة عليهم السلام ولاية تكوينية التي تصحح لهم التصرف في كل شئ وتدبير أمر الخلق بما يشاؤون وكيف يشاؤون بإذن الله تعالى .. وكانت قضية تسيير الرياح وغير ذلك بيد النبي سليمان على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام لأكبر شاهد للولاية حيث قال تعالى : ( وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين ) . وأيضا قوله تعالى : ( ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض ) . فكانت إدارة الشؤون ولاية تكوينية ].

3- يقول شيخهم محمد فاضل المسعودي في كتابه ( الأسرار الفاطمية )( ص 256 – 259 ):[ فيظهر من هذا كله أن إبراهيم كان تصرفه تكوينيا أي أعطاه الله الولاية التي نسميها ولاية تكوينية وبإذن الله تعالى . وكذلك قوله تعالى : ( فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب ) في قضية سليمان حيث أعطاه لله تبارك وتعالى ولاية وتصرف في الريح وهل هذا إلا ولاية وتصرف في التكوينات ؟ .. وعلى هذا الأساس فإن الولاية التكوينية ثابتة للأنبياء ولأوصيائهم ].

فمن خلال هذا السلاح الفتّاك – الولاية التكوينية – يستطيع الأئمة الفتك بأعدائهم وذلك بإرسال الصواعق عليهم أو يزلزلوا الأرض من تحتهم أو يرسل عليهم رياحاً عاتياً تقتلعهم وقصورهم من على وجه الأرض !

 

السلاح الثاني:امتلاكهم 72 حرفاً من اسم الله الأعظم

يورد ثقتهم محمد بن يعقوب الكليني ثلاث روايات في كتابه ( الكافي )( 1 / 230 ) في باب ( ما أُعطي الأئمة عليهم السلام من اسم الله الأعظم ) وهي:

1 - عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً وإنما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتى تناول السرير بيده ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين ، ونحن عندنا من الاسم الأعظم اثنان وسبعون حرفا ، وحرف واحد عند الله تعالى استأثر به في علم الغيب عنده ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

2 - عن هارون بن الجهم ، عن رجل من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام لم أحفظ اسمه قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إن عيسى ابن مريم عليه السلام أعطي حرفين كان يعمل بهما وأعطي موسى أربعة أحرف ، وأعطي إبراهيم ثمانية أحرف ، وأعطي نوح خمسة عشر حرفا ، وأعطي آدم خمسة وعشرين حرفا ، وإن الله تعالى جمع ذلك كله لمحمد صلى الله عليه وآله وإن اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفا ، أعطى محمدا صلى الله عليه وآله اثنين وسبعين حرفا وحجب عنه حرف واحد .

3 - عن علي بن محمد النوفلي ، عن أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام قال : سمعته يقول : اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفا ، كان عند آصف حرف فتكلم به فانخرقت له الأرض فيما بينه وبين سبأ فتناول عرش بلقيس حتى صيره إلى سليمان ، ثم انبسطت الأرض في أقل من طرفه عين ، وعندنا منه اثنان وسبعون حرفا ، وحرف عند الله مستأثر به في علم الغيب .

فإن كان امتلاك آصف بن برخيا لحرفٍ واحدٍ من اسم الله الأعظم جعله يأتي بعرش بلقيس لنبي الله سليمان عليه السلام قبل أن يرتد إليه طرفه ، فما بالك بمن يملك 72 حرفاً ؟! لا شك بتمكنه من الإتيان بعروش أعدائهم وتحطيم مملكتهم بأسرع من طرفة عين !

ثم تعالوا معي إلى هذه الرواية لنرى مدى القوة التي يتمتع بها علي رضي الله عنه نتيجة لامتلاكه تلك الأحرف من اسم الله الأعظم:[ عن أبي بكر الحضرمين قال ، قال أبو جعفر (ع) .. فأما سلمان فإنه عرض في قلبه عارض ، أن عند ذا يعني أمير المؤمنين عليه السلام اسم الله الأعظم لو تكلم به لأخذتهم الأرض ، وهو هكذا ].

رواها شيخهم الأعظم المفيد في كتابه ( الاختصاص )( ص 10 ) ، ورواها شيخ طائفتهم الطوسي في كتابه ( اختيار معرفة الرجال )( 1 / 51-52 ).

فتأملوا هذا السلاح الفتاك الذي يُمَكِّنه من إزالة أعدائه من على وجه الأرض ، كما ورد في الرواية وتأكيد أبو جعفر الباقر لذلك ( لو تكلم به لأخذتهم الأرض ، وهو هكذا )

 

السلاح الثالث: رفع أيديهم بالدعاء لإزالة الظالمين

فقد روى ثقتهم محمد بن يعقوب الكليني في كتابه ( الكافي )( 1 / 261-262 ):[ عن ضريس الكناسي قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول .. فقال له حمران : جعلت فداك أرأيت ما كان من أمر قيام علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام وخروجهم وقيامهم بدين الله عز ذكره ، وما أصيبوا من قتل الطواغيت إياهم والظفر بهم حتى قتلوا وغلبوا ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام .. ولو أنهم يا حمران حيث نزل بهم ما نزل بهم ما نزل من أمر الله عز وجل وإظهار الطواغيت عليهم سألوا الله عز وجل أن يدفع عنهم ذلك وألحّوا عليه في طلب إزالة ملك الطواغيت وذهاب ملكهم إذا لأجابهم ودفع ذلك عنهم ، ثم كان انقضاء مدة الطواغيت وذهاب ملكهم أسرع من سلك منظوم انقطع فتبدد ].

فتأملوا في هذا السلاح الفتّاك الذي يجنبهم القتال وإراقة الدماء وسحق الجيوش ، ولا يكلفهم مشقة سوى رفع أيديهم بالدعاء إلى الله عز وجل أن يزيل ملكهم.

 

ولو أن الأئمة التزموا السكوت وتركوا القتال مع أعدائهم لبررنا لهم بكونهم مأمورين بالمسالمة ومن ثم منعهم استخدام لتلك الأسلحة الفتّاكة المدمرة .

ولكن ما تؤكده مصادر الإمامية هو خوض الأئمة الثلاثة – علي والحسن والحسين رضي الله عنهم - معارك ضارية وشرسة مع أعدائهم ، فعلي رضي الله عنه قاتل معاوية رضي الله عنه في معركة صفين ، والحسين رضي الله عنه خاض معركة غير متكافئة في معركة الطفّ ، بل وحتى الحسن رضي الله عنه قد خاض عندهم معركة مع معاوية رضي الله عنه ، فيقول آيتهم العظمى حسين علي منتظري في كتابه ( دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية )( 1 / 610 ):[ والإمام المجتبى أيضا قام وجاهد إلى أن خان أكثر جنده ولحقوا بمعاوية ، فلم يتمكن من مواصلة الجهاد].

فما دام الأئمة قد خاضوا فعلاً معارك دموية شرسة مع أعدائهم ، فلماذا لم يستخدموا تلك الأسلحة التي تحقق لهم النصر دون خسائر بشرية ومادية في جيوشهم ، ثم يقيموا الحكومة الإلهية في الأرض وفق ما تقرره عقيدة الإمامية ؟!

 



مقالات ذات صلة