"الخطران" الإسرائيلي والإيراني
حسن برارى الغد 12/4/2007
هل إيران أكثر خطورة من إسرائيل أم العكس هو الصحيح؟ وإذا سلمنا أن إيران أكثر خطورة من إسرائيل، هل يعني ذلك أن إسرائيل لا تشكل خطرا على الأمن القومي العربي؟ وإذا اتفقنا مع مقولة أن إسرائيل هي أخطر، فهل يعني ذلك أن إيران لا تشكل خطرا وخطرا كبيرا ومحتملا على المنطقة؟
أسوق هذه التساؤلات وأنا أتابع النقاش العام الذي يجري في العالم العربي حول مصدري التهديد المذكورين.
لا أعرف لماذا يلجأ أكثر المحللين والكتاب إلى تبني مقاربتين تقصي الواحدة منهما الأخرى. وآخر هذه المقالات هي للكاتب الكبير فهمي الهويدي على صفحات جريدة الشرق الأوسط يوم الثلاثاء الماضي. وبتركيزه المفرط على الخطر الإسرائيلي، الذي بالفعل هو خطر دائم، فإنه يقلل من أهمية الخطر الإيراني. وكأنه، عندما ينادي بتقديم الخطر الإسرائيلي، يريد منا ألا ننتبه للإستراتيجية الإيرانية الجديدة التي تسعى للهيمنة في الإقليم والتي تستعمل العراق ولبنان وتحاول استخدام حماس كأوراق مساومة في سياق المواجهة مع الولايات المتحدة.
ويستند هذا الاتجاه في التحليل على الاعتقاد بأن الذي يروج للخطر الإيراني هو إسرائيل وأميركا وأن المستفيد من تبني العرب لمقاربة أمنية جديدة هو إسرائيل وأميركا. وبالتالي تسعى إسرائيل إلى غرس هذا التوجه عند العرب ليحدث التقارب بينهما ضد الخطر المشترك.
في الخندق المقابل، كتب مأمون فندي في الصحيفة نفسها قبل ثلاثة أشهر عن الأسباب التي تدفعه للاعتقاد بأن إيران تمثل خطرا اكبر على العالم العربي من إسرائيل. وتعتمد هذه المدرسة التحليلية إلى مجموعة من الحقائق. فمثلا، وجود شيعة عرب في البلاد العربية. وهذا صحيح! ولكن مقولة إن إيران تجندهم لخدمة إستراتيجيتها بحاجة إلى إعادة نظر. أما الحقيقة الثانية فهي كون إيران دولة مسلمة تتبنى إيديولوجيا تساعدها في اختراق الساحة العربية لتمرير أهدافها التي لا تتماشى بالضرورة مع مصالح العرب، في هذا جزء كبير من الحقيقة، فالكثير من العرب يرى في إيران دولة مسلمة يمكن العيش معها والتنسيق معها لخدمة قضايا العرب. وهنا مكمن الخطورة الإيرانية لأن الدين الإسلامي يساعدها للظهور كالأخ، بخاصة عندما يطلق أحمدي نجاد تصريحات نارية لصالح الفلسطينيين.
بمعنى آخر يحاول المحذرون من الخطر الإيراني التنبيه إلى أن تسلل إيران للساحة العربية يتم دون الكثير من المشاكل، وعلى عكس محاولات إسرائيل. فإذا ما أرادت إسرائيل التقرب فستصطدم بالجماهير العربية التي تشك في كل شيء يصدر عن إسرائيل.
كل واحد من هذين الاتجاهين في التحليل يمثل مدرسة فكرية أو أمنية. واتفق جزئيا مع كلا المدرستين لكن المطلوب مقاربة ثالثة لا تحتمل الخيارات الإقصائية. فمثلا، عندما نتحدث عن شكل التهديد وتصويره، يجب علينا الانتباه أن الدول تتبنى سياسات إقليمية لتعظيم مكاسبها على حساب الدول الأخرى. وهذا ينطبق على إسرائيل وإيران كما ينطبق على الأردن وسورية ومصر.. الخ. ومن هنا فإن التحالفات الإقليمية في المنطقة العربية ليست إيديولوجية في جلها وإنما تتم لتوفر عدو مشترك أو تهديد مشترك وتزول عندما ينتهي التهديد.
نفهم محاولات إسرائيل لبناء تحالف سني إسرائيلي ضد التهديد المشترك (إيران). وكذلك نحاول فهم محاولات إيران لبناء تحالف إقليمي إيراني عربي ضد التهديد المشترك (إسرائيل). وكل دولة تعتقد بأنها تستطيع كسب العرب لجانبها. وربما يجب على العرب استبطان مهارة العمل السياسي والتعامل مع قضايا الإقليم العربي بنوع من الاستقلالية عن إيران وإسرائيل والانتباه بأن مصلحتهم تقتضي التركيز على مصدري التهديد معاً.
ثم لماذا يأخذ العرب جانب أي من الدولتين. فالمنطق يقول أن على العرب الالتفات إلى بناء نظام عربي (بعد أن انكشف استراتيجيا) ونترك كلا من إيران وإسرائيل في صراع واستنزاف للموارد حتى يضعف كليهما.