رسالة مستعجَلة إلى الأخ الحبيب خالد مشعل – اخرج منها أبا الوليد

بواسطة مجاهد ديرانية قراءة 1669

رسالة مستعجَلة إلى الأخ الحبيب خالد مشعل اخرج منها أبا الوليد     

الكاتب: مجاهد ديرانية
2012-01-08 -

لقد أركبوك مركباً صعباً -يا أبا الوليد- حين وسّطوك فيما لا تصحّ فيه وساطتك، فاخرج منها قبل أن تتلوث بها، إني لك من الناصحين. إن لك في قلوب السوريين محبةً كبيرة فلا تُضِعْها، وإن لحماس مكانةً عالية فلا تَضَعْها. لقد سارت حماس وسط الألغام وعبرت ما مضى من الطريق الصعب بسلام، فلماذا تضيّعُ صبرَ وصمتَ عشرة شهور حين لم يبقَ لنظام الإجرام من العمر إلا أيام؟

العربي الذي وسّطك يعلم أن الخلاف بين الطرفين لا محل فيه لوساطة، ولو كان يحبك أو يحب حماس لما وسّطك، فاعصِه وأطع قلبك وعقلك فإنهما يهديانك إلى الحق إن شاء الله.

لقد علمتَ أن التوسطَ في هذه الأزمة نارٌ أحرقت كل من دخلها، فاخرج منها سِراعاً قبل أن تدركك النار، اخرج قبل أن تأكلك النار. لقد سبقك حسن صاحب حزب الله، فاحترق واحترق حزبه فهما اليوم رماد، لا رَدّه الله ولا رَدّ حزبه، لا بواكي لهما بعد اليوم. ثم تلاه المالكي، ولو أنه كان شيئاً لاحترق كما احترق صاحبه، ولكنه لم يكن إلا حطبة متفحّمة، لا رَدّه الله، لا بواكي له في الدنيا اليوم. أما حماس فإنها أمل الأمة وصاحبة السوابق والمكرمات، ولو أنها احترقت لبكتها مئة مليون عين، فلا تُبكِ العيون عليها ولا تقتحم بها النار من أجل نظام فاجر كَفّار.

عن أي حل سياسي تتحدث؟ لو كان الخلاف على مال لَحُلّ الخلاف بدفع المال، ولو كان الخلاف على أرض لَحُلّ الخلاف بِرَدّ الأرض، أمَا والخلاف على عشرة آلاف نَفْس بريئة أُزهقت بغير حق، فإن الخلاف لا يُحَلّ إلا بعودة كل نفس إلى صاحبها. أتملك أن تحيي الموتى؟ أمَا والخلاف على مئة ألف معذّب وأسير أُسروا وعُذّبوا بغير حق، فإن الخلاف لا يُحَلّ إلا بفكّ أسر كل أسير وبُرئه من كل سَقم وعاهة. أتملك أن تفك الأسرى جميعاً وأن تردّ عليهم ما نَهِكَه منهم الإجرام والتعذيب؟ منهم من فقد في التعذيب يده، أترد عليه يده التي قُطعت؟ منهم من فقد في التعذيب عينه، أترد عليه عينه التي قُلعت؟ وحرائر الشامأما أتتك أخبار الحرائر؟ أترد على حرائرنا المسلمات العفيفات الشرف المسفوح؟

لا بل إن الخلاف أكبر من عشرة آلاف ومن مئة ألف وأكبر حتى من مليون ضحية، الخلاف على أعمار ثلاثين مليون نَفْس أفناها الأسدان المجرمان، الوالد والولد، في الذل والهوان. ثلاثون مليون سوري ضاعت أعمارهم في سجن الاحتلال الأسدي الكبير، ولن يُحَلّ الخلاف إلا بإعادة سنوات العمر الضائعة إليهم أجمعين. أتملك أن تعيد العمر الضائع إلى كل واحد من أولئك الملايين الثلاثين؟

حل سياسي؟ وما هو الحل السياسي يا أبا الوليد؟ عندما ترضى للقدس حلاً سياسياً سيرضى أهل سوريا لسوريا حلاً سياسياً مثله. عندما ترضى للفلسطينيين أن يتفاوضوا مع اليهود على حل وسط يُرضي الطرفين سيرضى السوريون أن يتفاوضوا مع عصابة الأسد على حل وسط يرضي الطرفين.

أليس ينبغي على الوسيط أن يفهم المشكلة قبل أن يتوسط لحلها؟ أما علمت أن الدم المُهراق لم يترك على أرض سوريا طرفين مختلفين، بل هما نقيضان ما عاد يصحّ اجتماعهما إلا إذا صحّ اجتماع الماء والنار أو صحّ اجتماع الليل والنهار؟ لقد أقسم الشعب الثائر بعرش الرحمن أنه لا يستسلم حتى يموتَ أو يسقطَ النظام، فإن كان الحل السياسي يتضمن فَناء الشعب أو سقوط النظام فإنه حل يَبِرّ بالقسم، فهاتِه، وإن يكن غيرَ ذلك فلن يَحنث ثوارُ سوريا بقسم أشهدوا عليه أهل الأرض وأهل السماء.

لا يا أيها الأخ الغالي؛ لم يعد الأمر إصلاحاً بين طرفين مختلفين، فإن الشعب الذي قدّم للقاتل الأب في ثلاثمئة من الشهور مئةَ ألف قربان بين شهيد وفقيد، ثم قدم مثلهم للقاتل الابن في ثلاثمئة من الأيام، هذا الشعب ما عاد يرضى بأقل من رأس رئيس النظام ورأس كل مجرم من مجرمي النظام؛ فإن كان الحل السياسي الذي تتحدثون عنه سيأتينا بهاتيك الرؤوس قبلنا الحل، وإلا فاتركوا أهل الشام الكرام فإنهم قادرون -بعون الله- على تصفية الحساب مع سلالة القتل والإجرام. لقد قطعوا الشوط الأطول من طريق الفداء وحدهم، ما كان معهم إلا الله، وما دام الله معهم فإنهم سيكملون وحدهم الطريق إن شاء الله.


المصدر: مختارات من احداث الثورة السورية

 



مقالات ذات صلة