31-7-2014
الناظر إلى المشهد اليمني يدهشه التحرك العجيب للحوثيين، حيث تحول هذا التحرك من مجرد تحرك فكري إيديولوجي إلى تحرك عسكري مسلح، يحارب الدولة ويعتدي على مؤسساتها، بل ويحتل جزءاً كبيراً من الدولة ويفرض عليها سلطتة وسطوته.
وهذا لم يحدث بين عشية وضحاها، بل كان لهذا الأمر خطوات ومراحل استحوذت على أكثر من ثلاثين عاماً أو يزيد، وتحديداً مع نجاح الثورة الإيرانية في طهران، حيث كان من أهم أهدافها تصدير الفكر الشيعي الثوري إلى دول المنطقة المحيطة بطهران وبغيرها من الدول الإسلامية.
لهذا سعى الإيرانيون بكل دهاء، وبكل ما أوتوا من إمكانات إلى فرسنة أو طهرنة جانب كبير من شيعة اليمن (الزيدية)، وعبثوا إلى حد كبير بتركيبته الإيدولوجية، بحيث أصبحت هذه الفئة أقرب إلى الاثنى عشرية منها إلى الزيدية.
وقد مثل الحوثي وجماعته هذا الذراع (الإثنا عشري) في اليمن، ثم تطور الأمر بعد ذلك، ورويداً رويداً مثل الحوثيون جبهة عسكرية قوية، تعمل بلا شك لتحصيل المصلحة الإيرانية، ولهذا لم تكف إيران أو تتواني يوماً من الأيام عن دعم الحوثي وجماعته، وتمثل هذا الدعم في الدعم السياسي والمالي والعسكري واللوجستي...الخ
والدعم الإيراني للحوثيين لم يعد خافياً، والولاء الحوثي للإيرانيين هو الآخر واضح وضوح الشمس، بل وجدنا مطالبات حوثية لحكومة اليمن بتمرير بعض المصالح الإيرانية مقابل تقديم تنازلات في بعض القضايا، ومن ذلك على سبيل المثال؛ طلب الحوثيين إطلاق عناصر إيرانية محتجزة لدى وزارة الدفاع اليمنية.
ولست الأطماع الإيرانية في اليمن هي الدافع الوحيد وراء الدعم الإيراني للحوثي وجماعته وتدافع المساعدات والإمدادات العسكرية عليه ليل نهار، بل للحوثية دور آخر بعيداً عن اليمن يتمثل في تهديدهم لأمن الخليج سيما المملكة العربية السعودية، وربما يكون هذا الدور هو الدور الأهم بالسنة لقادة إيران.
فإيران تسعى منذ زمن بعيد إلى تفجير بؤر معادية للدول العربية والإسلامية، وقد نجحت في لبنان واليمن، وهي الآن تحاول في البحرين، وما حدث في العام الماضي وما قبله من أعمال عنف من قبل شيعة اليمن لم يكن ببعيد عن خريطة الطريق الإيرانية التي وضعتها إيران وتسهر لرعايتها وتنفيذها.
والأمر نفسه حاولت طهران تنفيذه في المملكة العربية السعودية من خلال جبهتين؛ مثل شيعة المملكة الجبهة الأولى، أما الجبهة الثانية فتمثل في التمركز الحوثي على الخط الحدودي الفاصل بين المملكة واليمن.
ثم إن للحوثيين فائدة أخرى تتمثل في كون الحوثيون يمثلون عنصر ضغط على المملكة العربية السعودية الداعمة للشعب السوري في ثورته على الأسد، فالحوثيون في هذه الأثناء يمثلون ورقة ضغط إيرانية من خلالها قد تفلح إيران في تخفيف الضغط على نظام الأسد.
لهذه الأسباب يدعم الإيرانيون الحوثيين في اليمن، ولهذه الأسباب يدعمون كل قوى تخريبية ولو لم تكن على مذهبهم وطريقتهم، شريطة أن تحقق أهدافهم، وتتمترس في جبهتهم، لهذا نراهم يقفون إلى جانب النصارى، ويتحالفون معهم، ولهذه الأسباب يتحالفون مع اليهود، ولهذه الأسباب يدعمون العلمانيين في مختلف البلدان العربية، ويدعمون كافة المذاهب والأفكار والفلسفات المعادية لأهل السنة.
المصدر: مركز التأصيل للدراسات والبحوث