حسان القطب
15-10-2015
لقد تم زرع الكيان الغاصب في فلسطين تحت مسمى دولة اسرائيل، ذات الصبغة اليهودية واللون الديني، وتم طرد الشعب الفلسطيني من ارضه، الذي توزع مشتتاً في دول ٍ عدة، بعد ان فشلت الهجرة اليهودية في الهيمنة على كامل فلسطين..؟؟؟ فكان مشروع التقسيم الدولي عام 1947، ومن ثم التهجير القسري للشعب الفلسطيني، للدلالة والتأكيد على ان دولة اسرائيل هي دولة يحكمها اليهود وتخدم مصالحهم في العالم بأسره، وتعتبر قبلتهم ومرجعهم الديني والسياسي والأمني...؟؟ وطرد الشعب الفلسطيني كان الهدف منه تعزيز نفوذ الأقلية اليهودية على ارض فلسطين، وحماية دورها، وإعطاء اليهود القاطنين على ارض فلسطين الثقة بأنفسهم وبدولتهم.. وتعزيز الهيمنة على ما تبقى من المواطنين العرب الفلسطينيين المقيمين على ارضهم وفي منازلهم وفي وطنهم..؟؟؟
كيان إسرائيل كان النموذج وما زال، لكل الأقليات الطامحة للهيمنة والتسلط والتمسك بالسلطة.. وحكم الأقلية الذي اسس له الاستعمار القديم والحديث، وعززته الديكتاتورية العسكرية الحاكمة في سورية وغيرها، كان يقدم للأكثرية المحكومة والمظلومة خيارين، الإبقاء على نظام التسلط مع ضمان الاستقرار والحفاظ على مصالح طبقة معينة من مواطنيها مالياً وسياسياً..؟؟؟ او الفوضى والدمار والانهيار الاقتصادي وتقسيم البلاد بحسب الانتماءات الدينية والمذهبية..؟؟ برعاية دولية وبحماية ورعاية من دول عظمى وأخرى إقليمية..؟؟
ما يجري في سوريا اليوم مشابه لما جرى في فلسطين مطلع القرن الماضي، وما جرى في العراق منذ سنوات ولا يزال..؟؟ الحفاظ على هيمنة اقلية على السلطة، برعاية ودعم ايراني وبمواكبة روسيا عسكرياً، وبتعطيل قرارات مجلس الامن باستعمال حق الفيتو المعطى للدول الكبرى المهيمنة على الساحة الدولية..او بالتدخل المباشر كما جرى في العراق من قبل الولايات المتحدة او روسيا كما يجري اليوم في سوريا..؟؟؟
الحرب الأهلية بوجهها البشع أدت دورها في تهجير المواطنين ونزوحهم إما إلى الخارج كلاجئين، او في الداخل كنازحين في وطنهم ولكن إلى بيئة تحضنهم وترعاهم وتتقبلهم الآن وفي المستقبل..؟؟ حتى يشعروا بالأمان والطمانينة..ويستعدوا للإستقرار...في الوطن او الكيان الجديد...؟؟ وبالتالي هذا يعني ان التقسيم قد وقع وان اطر وحدود الدويلات النهائي حيث ترعى كل طائفة شؤون مواطنيها قد تم رسمه كما يريد المستعمر ومعه المتواطيء في الداخل... تحت شعار هيمنة على كل البلاد او التقسيم...؟؟؟؟؟ مستفيدين من التجربة الصهيونية في فلسطين..؟؟؟ ومن طموحات الدول العظمى في الهيمنة على مقدرات وثروات هذه البلاد...؟؟؟ ومن إجرام وحقد إيران على الأمة العربية والإسلامية..؟؟
ما يجري في فلسطين اليوم من انتفاضة مباركة ضد احتلال وغاصب واستعمار وهيمنة وتهجير وطرد وتدمير وقصف وتفجير، بواسطة سكين وأدوات حادة من قبل شباب وفتيات واطفال بل حتى نساء وشيوخ، يؤكد ان مشاريع التقسيم والتهجير لن تنفع ولن تستقر..؟؟ وان مفهوم الدولة الدينية والدويلات الطائفية والمذهبية إلى زوال..؟؟ وان الرعاية الدولية والسلاح على مختلف انواعه لن يحمي نظام القهر والاغتصاب ..؟؟ (ويبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد ادرك عمق ازمته في التورط في سوريا...؟؟ فجدد التأكيد ان موسكو لن تتورط في «حرب دينية» ولن ترسل قوات برية الى سورية، وقال في مقابلة مع قناة «روسيا 1» حول احتمال نشر جنود في سورية: «لسنا في وارد القيام بهذا الأمر وأصدقاؤنا السوريون يعلمون ذلك»، موضحاً ان الهدف من التدخل العسكري هو «الحفاظ على استقرار السلطات الشرعية وتوفير الظروف لتنفيذ تسوية سياسية..)..
ما يريده الروس هو إعطاء الطمانينة للعلويين، ورفع منسوب جرعة الأمل في جمهورهم ليس إلا..؟؟ ولكن على حساب دماء واستقرار وانتصار الشعب السوري على الديكتاتورية التي ظلمته ودمرت بلاده ومستقبل دولته..؟؟ هل يتحمل الشارع العلوي كما غيره من الأقليات إقامة دويلة ترعاها روسيا او الولايات المتحدة او إيران..؟؟ في المنطقة العربية..؟؟ ومن سوف يتحمل عبء رعايتها وحمايتها..؟؟ وإلى متى...؟؟؟
هذا الجيل الفلسطيني الثائر والمنتفض هو جيل ولد بعد اتفاق "اوسلو" .. لم يعرف شيئاً عن الكفاح المسلح والثورة العربية وغيرها...امتشق سكاكين المطابخ ليعبر عن وطنيته وإيمانه بوطنه، لذا وصفهم ﻣﺤﻠﻞ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻲ قائلا "ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﺗﻮﺍﺟﻪ ﺟﻴﻞ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲﻻ ﻳﺨﺸﻰ ﺍﻟﻤﻮﺕ .. وﻫﻮ ﺃﺧﻄﺮ ﺟﻴﻞ ﻳﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ"....مشهد الضعف بعض الأحيان، يغري العدو او المتآمر إلى القيام بالمزيد من ممارسات الظلم والقهر والطغيان...؟؟ ولكن إلى حين فقط....؟؟
فهل يريد العالم بأسره والأقليات الطامحة لبناء دويلات وكانتونات طائفية ومذهبية في المنطقة العربية، ان تعيش تجربة فلسطين حيث الانتفاضات والمواجهات التي لا تنتهي والصمود الذي لا ينكسر..؟؟ كما يجري في فلسطين اليوم، سيجري كذلك مستقبلاً في كل وطن عربي يقام فيه كانتون او دويلة....؟؟؟؟؟ سبعون عاماً من الاحتلال والتسلط لم تنه القضية الفلسطينية، وكذلك خمسون عاماً من الديكتاتورية في سوريا لم تعط آل الأسد القدرة على كم الافواه والقضاء على طموحات أمة..؟؟ وسنوات قليلة كانت كافية لينتفض الشعب العراقي على الاحتلال الإيراني المقنع والمختفي خلف الميليشيات المذهبية والطائفية والعباءة الدينية..؟؟ تماماً كما انتفض ضد الاحتلال الأميركي..؟؟ وجبروت حزب الله وسراياه في لبنان وميليشياته الرابضة على الشعب والمؤسسات منذ خمسة عشر عاماً لن تعطيه الحق في تغيير النظام او القدرة على انهاء حلم المواطن اللبناني ببناء دولة ومؤسسات وتأمين رخاء اقتصادي وعدالة اجتماعية واجتثاث الفساد وتامين الخدمات..؟؟؟ وتحقيق الأمن المفقود...؟؟ وللجميع فيما يجري في فلسطين عبرة، وفي سلوك الشعب الفلسطيني القدوة والمثال..؟؟؟
المصدر : المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات