القوة العسكرية الإيرانية بين التصريح والواقع

بواسطة مركز المزماة للدراسات والبحوث قراءة 1116
القوة العسكرية الإيرانية بين التصريح والواقع
القوة العسكرية الإيرانية بين التصريح والواقع

يجمع الخبراء العسكريون أن الجيش و”الحرس الثوري” الإيرانيين لا يمتلكان أي قدرة على احتواء أي هجمات عسكرية من طائرات أو صواريخ أو أسلحة متقدمة تمتلكها العديد من دول المنطقة والعالم، بسبب ضعف أسلحة الدفاع الصاروخي الإيراني، رغم كل ما يتنطع به القادة العسكريون الإيرانيون وتروج له الماكينات الإعلامية الإيرانية.

صحيح أن القوات الإيرانية تمتلك آلاف الصواريخ مما تسميها "جيل صواريخ  شهاب وصواريخ قدر وسجيل وقيام وعماد والفجر وخرمشهر وزلزال وطوفان وفاتح وذو الفقار ونازعات وعاشوراء" غيرها من المسميات المذهبية و"الثورية"، بل ويمكن القول أنها تمتلك أكبر ترسانات للصواريخ عددا في منطقة الشرق الأوسط، غير أن تصنيف هذه الصواريخ في الوقت الحالي يأتي في ذيل الصواريخ في العالم أجمع، بسبب قصر مداها وضعف منصاتها وبطئ سرعتها وافتقارها للتوجيه في إصابة الهدف، إضافة إلى سهولة رصدها عبر رادرات وإسقاطها بأبسط أنواع الأسلحة والصواريخ الدفاعية.

وفي الحقيقة أن هذه الصورايخ لا تكسب إيران أي قوة أو ميزة عسكرية في حال خاضت أي حرب نظامية مع أي دولة في المنطقة تمتلك قوات مدربة على أعلى المستويات وأسلحة متطورة على مستوى العالم، مثل باكستان والسعودية والإمارات ومصر وغيرها، غير أن خطورة هذه الصواريخ تكمن في القلق من مساعي طهران في الوصول إلى سلاح نووي يمكنها من تعزيز خطورة هذه الصواريخ وتهديداتها بتزويدها رؤوس نووية إذا ما تمكنت طهران من الحصول على الأسلحة النووية بأي طريقة كانت، إضافة إلى قلق المجتمع الدولي من وصول هذه الصورايخ إلى جماعات إرهابية تأتمر بأمر إيران وتستخدمها في حرب عصابات وبشكل عشوائي ضد شعوب المنطقة ضمن المخطط الإرهابي الذي تقوده طهران وحلفاؤها بإشعال النيران والحروب لإضعاف الجيوش والشعوب العربية.

أضف إلى ذلك، فإن منظومات إيران الصاروخية للدفاع الجوي، بكافة أنواعها كالمنظومات الرادارية، المنظومات الصاروخية، منظومات الكشف، التحكم والتوجيه، هي منظومات متهالكة وقديمة ومتخلفة تكنولوجيا، ومقارنة بالمستويات والقدرات التي وصلت إليها الأسلحة الهجومية في العالم والتي تمتلكها عدد من الدول في العالم والإقليم، فإن هذه المنظومات الإيرانية ستكون عاجزة تماما عن التصدي لأي هجوم عسكري عن طريق الطائرات أو الصواريخ.

ويوجد في إيران العديد من منظومات الصواريخ الدفاعية مثل منظومة صواريخ صياد أو “باور 373” ومنظومة صواريخ ميثاق ومنظومة مرصاد ومنظومة “يا زهراء”، وجميعها أصبحت الآن عاجزة عن رصد وتتبع الأهداف على المستويات المتوسطة والمرتفعة والعالية، بسبب ما وصل إليه قطاع تصنيع الأسلحة في العالم من إنجازات وأسلحة متطورة جدا خاصة الطائرات المقاتلة والصواريخ العابرة للقارات، عجزت إيران عن مواكبتها بسبب عزلتها والعقوبات الدولية المفروضة عليها منذ عقود بسبب برنامجها النووي وتدخلاتها في المنطقة ودعمها للإرهاب وانتهاكها لحقوق الإنسان والمعاهدات والاتفاقيات الدولية.

ومعنويا، فإن إيران تفتقد تماما لزمام المبادرة الاستراتيجية منذ مجيئ النظام الحالي ودخوله في حرب مع العراق، وتحولت العقيدة الحربية الإيرانية إلى اللجوء إلى حرب الوكالات في تنفيذ المشروع الإيراني التوسعي، بسبب اليقين من نهاية النظام في حال دخل أي حرب استراتيجية شاملة مع دولة تمتلك قوات عسكرية متطورة وتحالفات إقليمية وعالمية.

وبعيدا عن التصريحات والتهديدات الإيرانية التي تأتي ضمن البروباغندا الثورية، فالنظام يعلم جيدا أن قواته المسلحة بشقيها الجيش و”الحرس الثوري” وجبهتها الداخلية متزلزلة وضعيفة ولا تمتلك الأسلحة المتطورة القادرة على تحقيق أي انتصار في حال دخلت حرب مباشرة، ولن تكون قادرة على تحمل خسائر أي مغامرة عسكرية يتسبب بها جنون بعض رموز النظام أو غرور وتهور بعض قادة “الحرس الثوري”، الذين من المحتمل أن يفضلوا "الانتحار" عن السقوط بإشعالهم حرب في المنطقة.

أضف إلى ذلك، فإنه في حال دخلت إيران في أي حرب مباشرة، فإنها ستكون في عزلة ولن تحظى بأي دعم مطلقا، ولن تكون موسكو أو بكين مستعدة للتورط في الدخول في حرب قد يكون أحد أطرافها الولايات المتحدة والدول الأوروبية، كما أن دخول أي دولة مع إيران يعني إشعال حرب عالمية ثالثة، لذا فإن روسيا والصين ستكتفي بالتفرج عن بعد وإطلاق التصريحات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

وكشفت التقارير الإيرانية في السنوات الأخيرة النقاب عن وجود عزوف شعبي للانضمام إلى القوات المسلحة و”الحرس الثوري”، وأشارت إلى ازدحام الشباب على شراء الخدمة العسكرية الإجبارية بملايين التومانات رغم فقرهم الشديد إلى عدم رغبة الشباب الإيراني الانضمام إلى هذه المؤسسات، كما صدرت العديد من التقارير التي تحدثت عن زيادة "الانتحار" بين صفوف الجيش و”الحرس الثوري”، إضافة إلى كثرة ملفات قضايا العصيان العسكري المتهم بها جنود وأفراد رفضوا الأوامر العسكرية، ووفقا للعديد من اعترافاتهم فإن هناك عنصرية منتشرة وفساد كبير في المؤسسات العسكرية والأمنية في البلاد.

فعدد القوات المسلحة الإيرانية هو 523 ألف من العاملين و350 ألف من الاحتياط، وتنقسم هذه القوات إلى الجيش وعدده 350 ألف، “الحرس الثوري” وعدده 125 ألف، البحرية وعددها 18 ألف، القوات الجوية وعددها 30 ألف، ورغم الاختلاف في هذه الأعداد بين الجيش و”الحرس الثوري” إلا أن ميزانية “الحرس الثوري” أضعاف ميزانية الجيش، بل أن الجيش بأكمله أصبح خاضعا لسيطرة “الحرس الثوري”، وهو ما خلق غضبا شديدا لدى قيادات الجيش أدى إلى خلافات كبيرة يسعى النظام إلى إخفائها بكل الطرق، ويتكون “الحرس الثوري” من القوات البرية عددها حوالي 100 ألف والبحرية 20 ألف منهم خمسة آلاف من مشاة البحرية وهو مسؤول عن برنامج الصواريخ الباليستية وتشغيلها بالكامل بالإضافة لقيادته لقوات الباسيج الإيرانية والميليشيات الشيعية غير الإيرانية، إضافة إلى ما يسمى بفيلق القدس وعدده غير معروف نظرا لسرية عمله وأنشطته خارج الحدود الإيرانية، لكن التقديرات تشير إلى أنه من 15 إلى 20 ألف ويقوده اللواء قاسم سليماني.

لذا فإن القوة البشرية لدى القوات الإيرانية ضعيفة، والأضعف هو انتماؤها للقيادة والنظام، ورغم أن ميزانية “الحرس الثوري” ضخمة جدا، وأكبر من ميزانية الحكومة، إلا أنها تهدف في البرامج والمشاريع الإيرانية الخارجية، وجزء منها فسادا في إطار شراء الولاءات، وقد فشل “الحرس الثوري” في عملية التصنيع والتطوير للأسلحة التي يمتلكها بسبب عزلة إيران وفرض عقوبات عليها، ما يعني أنه نجح فقط في عملية استنساخ للأسلحة التقليدية المتهاكلة والتي أصبحت لا قيمة ولا تأثير لها في الوقت الحالي، فقوات الجيش الإيراني و”الحرس الثوري” تمتلك حوالي 1500 دبابة قتال رئيسية منهم حوالي 500 دبابة تي -72 و150 دبابة أم-60 ايه 1 وحوالي 500 دبابة تي 54 و55 وتايب 59 الصينية والباقي دبابات تي 62 وتطويرات محلية مثل ذو الفقار، وهذه الدبابات لا قيمة لها مقارنة مع الأسلحة المتطورة التي تمتلكها دولا إقليمية وعالمية، كما تمتلك حوالي 7 آلاف قطعة مدفعية بكل الأنواع وتشمل حوالي 300 مدفع ذاتي الحركة فقط وحوالي 1500 راجمة صواريخ من مختلف العيارات وحوالي 3000 مدفع هاون من مختلف العيارات والبقية عبارة عن مدفعية ميدان من مختلف العيارات، ومن المنظور العسكري فإن هذه الدبابات والمدفعيات من السهل جدا القضاء عليها في زمن قياسي إذا ما دخلت إيران أي حرب مع دولة تمتلك طائرات وأسلحة متطورة.

وجويا تعتبر إيران من أضعف دول المنطقة من ناحية القوة الجوية العسكرية، فهي تمتلك حوالي 334 طائرة مقاتلة جميعها أصبحت من الجيل القديم منتهي الصلاحية لسهولة القضاء عليها وإسقاطها، منها: ميج-29 وطائرات سوخوي-22، وسوخوي-24، وسوخوي -25 فروج فوت، وطائرات إف-5، وطائرات إف-7 وغيرها من الطائرات التي يمكن إسقاطها وتدميرها بكل سهولة، بسبب ما وصل إليه التصنيع العسكري العالمي من تطورات غابت عن إيران خلال الأربعة عقود الماضية.

هذه الحقائق يدركها قادة النظام الإيراني، ويعلمون جيدا أن الخوض في أي حرب عسكرية مباشرة مع أي جيش منظم في المنطقة يعني نهاية النظام الإيراني، لذا يلجأون إلى إشعال الحروب بعيدا عن إيران من خلال دعم الجماعات الإرهابية وتوجيهها إلى استهداف دول المنطقة، وما تلك التصريحات الثورية والتهديدات النارية التي يتنطع بها قادة النظام الإيراني، إلا عبارة عن دعاية إعلامية للتسويق المحلي وطمأنة الطابور الإيراني الخامس في المنطقة.  

 

المصدر : مركز المزماة للدراسات والبحوث

9/6/1440

14/2/2019

 



مقالات ذات صلة