16-2-2012
موضوع قديم متجدد دوما ولابد من فهمه فهما دقيقا لمعرفة كيف يتصرف الشيعي إذا كان في موضع قوة من المسلمين السنة , فعند تأمل ما للمسلم السني عند الشيعة نجد نصوصا في كتبهم المعتمدة في المذهب مثل كتاب الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري الذي يوصف عندهم بالعلامة وكتاب بحار الأنوار لمحمد باقر المجلسي وكذا في وسائل الشيعة لمحمد بن الحسن الحر العاملي بعد أن يبينوا معنى الناصب " الاسم الذي يطلقونه على كل أهل السنة " يقولون في حكمهم :
في جواز قتلهم واستباحة أموالهم ، قد عرفت أن أكثر الأصحاب ذكروا للناصبي ذلك المعنى الخاص في باب الطهارة والنجاسات وحكمه عندهم كالكافر الحربي في أكثر الأحكام , ويروون فيقولون " روى الصدوق طاب ثراه في العلل مسندا إلى داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ما تقول في الناصب ؟ قال : حلال الدم لكني أتقي عليك، فإن قدرت أن تقلب عليه حائطا أو تغرقه في ماء لكيلا يشهد به عليك فافعل, قلت: فما ترى في ماله ؟, قال خذه ما قدرت "[1] .
والسبب كما يقولون أنهم مختلفون تماما مع أهل السنة في العقيدة , فيقول شيخهم نعمة الله الجزائري مبيناً حقيقة حجم الخلاف –كما يراه هو- بين الشيعة والسنة: (لم نجتمع معهم على إله ولا نبي ولا على إمام، وذلك أنهم يقولون: إن ربهم هو الذي كان محمد صلى الله عليه وسلم نبيه، وخليفته بعده أبو بكر، ونحن لا نقول بهذا الرب ولا بذلك النبي، بل نقول إن الرب الذي خليفته نبيه أبو بكر ليس ربنا ولا ذلك النبي نبينا)(2)
ولهذا لا نرى أي خلاف بين ما جرى من الشيعة أمام مسجد الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان وبين معتقداتهم التي يؤمنون بها , فتتساوى عندهم حرمة المسجد السني في اهدارها بحرمة المسلم السني سواء بسواء , فقد اقتحمت قوة أمنية ضخمة جامع الإمام الأعظم في منطقة الاعظمية شمالي بغداد بطريقة همجية دون مراعاة لحرمته مطلقا بطريقة– كما وصفها من شهدها - لم يفعلها جنود الصهاينة في فلسطين وذبك يزعم التفتيش عن غرباء أو أسلحة , وفتشوا جميع أنحاءه، حتى فتشوا مقبرة الشهداء التي تقع إلى جانبه واستجوبوا إمام الجامع بطريقة مهينة , وفرضوا على المسجد حصارا سمي بالحماية .
وأوضح إمام وخطيب الجامع الشيخ عبد الستار عبد الجبار في خطبة الجمعة إن" القوات الأمنية فتشت النساء واعتدت على الرجال وهم في طريقهم الى جامع ابو حنيفة"، وتساءل "اذا كانت الحماية هكذا من قبل الجيش العراقي فنحن نشكرهم ولا نريدها ولا سكان الأعظمية يريدون هذه الحماية".
وأضاف قائلا أن "من الأفضل للجيش العراقي الانسحاب من الأعظمية وتوفير الحماية لحدودنا العارية"، وتساءل " كيف لحكومة تدعي بأنها من حزب إسلامي أن تظلم المصلين وتعتدي على المساجد بحجة إيواء متظاهري الأنبار".
واعتبر الشيخ عبد الستار أن " منع زيارة الجامع "استهدافا طائفيا لمكون معين وابتعادا عن المواطنة"، داعيا السياسيين إلى "عدم الاستمرار في العملية السياسية بعد منعهم من الدخول إلى العاصمة بغداد".
وكانت أسباب هذه الأحداث أن متظاهري الأنبار قد أعلنوا الجمعة (8 فبراير 2013) على لسان المتحدث باسمهم سعيد اللافي أنهم سيذهبون إلى بغداد لأداء صلاة الجمعة في جامع أبي حنيفة بالأعظمية ، ودعوا المراجع الشيعية في النجف وكربلاء إلى حضور الصلاة وطالبوا الحكومة والأجهزة الأمنية بتوفير الحماية لهم , بكن جاء رد الفعل هذا من الحكومة الصفوية الشيعية فنشرت مليشياتها في الشوارع وعادت مرة ثانية حوادث الاغتيال للعلماء والشيوخ والمواطنين السنة وكثرت المداهمات الليلية والاعتقالات وانتهاكات الأعراض والحرمات .
لا يمكن إطلاقا فصل المعاملات السياسية عند الشيعة عن الخلفية الدينية لهم وخصوصا في تعاملهم مع أهل السنة , ويخطئ كل سني إذا اعتبر ان الشيعة عندما تحكم ستتجرد من العقيدة الشيعية .
والمخطئون نحن السنة إذا افترضنا ذلك , فعلى مر التاريخ الإسلامي لم يترك الشيعة يوما انتماءهم العقدي وتعاملوا مع السنة وهم في وضع قوة , ويشهد تاريخ دولة الصفويين على هذا ولكن الخطأ يكمن دوما عند أهل السنة الذين يتعاملون بسذاجة مع الشيعة وهم أقلية ويتركونهم حتى يتغولوا ويتوحشوا ويصبحوا كالسرطان في المجتمع الذي لن يهدأ إلا بالقضاء على الجسم الذي انتشر فيه .
المصدر : مركز التأصيل للدراسات والبحوث
(1) وسائل الشيعة 18/463، بحار الأنوار 27/ 231
(2) الأنوار النعمانية(2/279)