15-1-2013
ما يحدث في محافظة الانبار غرب العراق يحتاج إلى تحليل معمق، بعيدا عن العواطف وتأثير مئات الاكاذيب التي تصنعها وتسوق لها يوميا الماكنة الاعلامية المالكية بمساندة عشرات وسائل الاعلام على اختلاف توجهاتها واجنداتها ومرجعياتها، وسائل اعلام عربية واجنبية تقوم بتغطية الشأن العراقي بدون دراية ومعرفة بواقع الحال على ارض الانبار بل ان بعضها يشعرني عندما اتابعها وانا ابن الانبار بانها تتحدث عن كوكب خارج المجموعة الشمسية وهنا محاولة في ما تبقى من عمر هذا المقال لطرح تساؤلات منطقية تبحث عن اجوبة، اسئلة محيرة قد تكشف اجوبتها الكثير من الغموض حول حقيقة ما يجري هناك في الانبار.
} اولا كلنا نتذكر بوضوح عملية الفرار الجماعي للمعتقلين من معتقل ابو غريب سيىء الصيت والسمعة قبل اشهر، لقد كانت هنالك في وقتها العشرات من التصريحات المتضاربة حول من نفذ عملية الاقتحام؟ والكيفية التي تمت فيها العملية؟ وعدد المعتقلين الفارين؟ ومرجعياتهم الفكرية والعقائدية؟ ففي وقت كانت المواقع المقربة من المقاتلين المناهضين لحكومة المالكي على اختلاف مشاربهم تتحدث عن تحرير 6000 شخص من خيرة المقاتلين وانا هنا اقتبس ما قيل ولا اتحدث عن رأي شخصي، كانت الماكنة الاعلامية المالكية تبسط ما حدث وتؤكد ان الموضوع هو فرار العشرات من المحكومين بتهم جنائية او ارهابية بحسب الوصف الحكومي وهنا اقول: من كان صادقا فيما يقول؟ عندما نشاهد الان صراخا حكوميا في العراق من وجود اناس مدربين يقاتلونها في غرب العراق بغض النظر عن مصداقية تلك الادعاءات، وهل ما يحدث في الأنبار كان يحتاج إلى سيناريو الفرار من معتقل ابو غريب؟
} داعش خرافة لا وجود لها لكن من يرى طريقة استعراض ما يسوق له الاعلام المالكي على انه (داعش) ينبهر من التنظيم وجودة الاشياء والسؤال هنا هل هذا حال أناس تركوا كل ما يحبونه من الحياة وهاجروا من دول الكفر - بالملابس التي عليهم - لإقامة دولة الإسلام؟ من هيأ لهم الزي الرسمي بأشكاله المتعددة؟ من طبع الشعارات حول الرأس او الأقنعة المطبوعة؟ من سلمهم أحدث الأسلحة؟ من دربهم؟ من أبقاهم بهذه الحال الصحية الجيدة؟ من طبع لهم الرايات؟ والبادجات على الأذرع؟ من يتابع تلك الصور سيجد اللمسات الهوليودية في هذه اللقطات واضحة وفاضحة انها اخراج هوليودي فائق الحرفية والدقة فالثائر الحقيقي لا يهتم كثيرا لمظهره ولا يحرص على تثبيت الشعارات فوق زنده او على جبينه , ولا وقت لديه للوقوف او الاستعراض امام الكاميرات ثم انني لم اشاهد يوما ثائرا مفتول العضلات قوي البنية كأنه مصارع روماني , او بالاحرى اشبه بجنود المارينز؟
} من يتبع تصريحات الساسة في الانبار يفاجئ بنوعين من التصريحات النوع الاول يمثله الشيخ احمد ابوريشة حليف المالكي تركز تلك التصريحات بمجملها على وجود داعش دون ان يعطي ادلة على هذا الوجود المزعوم وشخصيا اعتقد انه بعد 30 سنة من الآن سوف تخوف الأمهات العراقيات ابناءهن «اسكت أسكت، لاتجيك داعش» أو «إذا ماتاكل أصيحلك داعش» وإذا سأل الطفل أمه «يمة.. شنو داعش؟ شلون شكلها؟» فتجيبه الأم «ابني ماحد شافها بس يكولون هاي سعلوة تلبس اسود بأسود وتغطي وجهها بلثام أسود، وترفع رايات سودة، وتركب حصان أسود وتاكل كل من ما يسمع كلام أمه»، اما التصريحات المنطقية بحسب وجهة نظري هي للشيخ الشجاع علي حاتم وهذا الرجل يتكلم بشكل مباشر ويؤكد ان من يقاتل في الانبار ابناء العشائر ومحاولة شيطنة حراك الانبار مكشوفة ويروج لها المالكي وحلفائه، والرجل يتكلم بالادلة والبراهين ومن واقع دارية فهو رجل يقف على الارض بشكل واضح ويعلم الساحة وكان من اوائل الناس الذي قاتل التنظيمات المتشددة!
} لماذا الان داعش وهذا سؤال يحمل ما لا نهاية من الاحتمالات والاستنتاجات؟ لماذا مع اقتراب انتهاء الولاية الثانية والاخيرة للمالكي؟ لماذا مع استهداف الساسة السنة بشكل واضح ومباشر وصريح؟ لماذا مع تعقد الموضوع في سوريا؟ لماذا تظهر داعش المزعومة وتقاتل العشائر كما يروج اعلام المالكي في نفس الوقت الذي تتقاتل المجاميع المسلحة المناهضة لبشار الاسد الحليف القوي للمالكي بحكم المرجعية الايرانية؟
} ختاما هل خطر الارهاب حقيقي؟ أم أنه مثل نباح كلب وهو يسوق القطيع؟ هذا هي الاسئلة المنطقية المشروعة وان كنت مقتنعا بالكثير من الاجوبة الا اني اتركها للقارئ الكريم والله من وراء القصد والغاية.
المصدر : البحرين نيوز