رحلة مقتدى الصدر .. من فقه الجهالة إلى فقه العمالة !
الكاتب : علي الكاش
قال الخليل بن احمد" الناس اربعة: رجل يدري ويدري إنه يدري فذلك عالم فخذوا عنه. ورجل يدري وهو لايدري إنه يدري فذلك طالب فعلموه.
ورجل يدري وهو لايدري إنه يدري فذلك ناسي فذكروه.
ورجل لايدري ولايدري إنه لايدري فذلك أحمق فإرفضوه.
إهتم العرب بأخبارالحمق والحمقى مثلما إهتموا ببقية الصفات البشرية فألفوا فيه كتبا ورووا أخبار الحمقى ونوادرهم منها كتاب(أخبار الحمقى والمغفلين) لإبن الجوزي, وأفردوا له بابا في الكثير من كتب الأدب.
كما ضربوا الأمثال في الحمق منها" أحمق من دغة".
و"أحمق من جهبر" وهي أنثى الدب(دويبة يصطاد بها).
و" أحمق أبي غبشان" و" أحمق من حبارى" وهو طائر معروف.
و" أحمق من نعامة" و" أحمق من هبنقة".
و" أحمق من ناطح الصخرة". وقد سئل إبراهيم النظام عن حدود الحمق؟ فأجاب: سألتموني عما ليس له حدً.
وقد قيل"مؤنة العاقل على نفسه ومؤنة الاحمق على الناس" ومعاداة العاقل خير من مصادقة الاحمق". وقال الإمام علي(ع) في وصف الحمق" لا أكون مثل الضبع تسمع اللدم حتى تخرج فتصاد" حيث ظن العرب بأنها من أحمق الدواب، لذلك قال العرب" أحمق من ضبع" قديما. ونقول(أحمق من مقتدى) حاليا.
مصيبتنا في مقتدى الصدر هو نفسه من جهة وجيش الضلال الذي يتزعمه من جهة أخرى وهم- ألوية من اللصوص والمجرمين تدعمهم أفواج من الأميين والجهلة، وسرايا ساندة من النواب والوزراء الطائفيين- فهم يحسبونه لبلاهتهم قائدا مجاهدا! ولا نعرف له نشاط في ميدان الجهاد وساحة الوغى بل على العكس من ذلك.
فقد جمد جيشه الضال عن القتال الأمريكان قبل أن يقاتل وكلفه بمهام قتل النواصب كما يحلوا له بتسميتهم.
يدعي الصدر بأن جيشه هو جيش المرجعية وفاتيكان النجف وإن حله يكون بأمر المرجعية التي لم تفت بحله لأنه أحد أدواتها الإجرامية.
ولا أحد يجهل بأن المرجعية واجهة من واجهات الاحتلال ولاتحتاج لجيش مقتدى، طالما يؤمن لها الحماية الكاملة كل من قوات الغزو والقوات الايرانية المتمثلة بالحرس الثوري وفيلق بدر.
وهذه المرجعية هي التي إبطلت فريضة الجهاد وحثت على التعاون مع قوى الاحتلال.
لذا فلا شرف للجهاد سواء لدي مقتدى أومرجعيته العميلة.
فهم آخر من يتحدث عن الفريضة المخدرة بكبسولة الهلوسة وإذ أصر البعض على موقف المرجعية المناويء الاحتلال! نردً على هذا الإدعاء السخيف بأن سكوتها المريب عن ماجاء في مذكرات بريمر ورامسفيلد من فضائح ومخاز يلقم مداسا لكل من يدافع عنها. الحقيقة المرة كالعلقم هي التي أخرست المرجعية عن الرًد على الحقائق التي أوردها بريمر ورامسفيلد وليس حكمة الصمت إن كانت له حكمة.
إعطني موقف مشرفا واحدا فقط تدين فيه المرجعية الإنتهاكات الصارخة من قبل قوات الاحتلال لحقوق الشعب العراقي وسنرجع عن قولنا؟ البعض يدخل مقتدى الصدر في خانة الوطنية! وهذا كفر ما بعده كفر. فالرجل يقف على الضفة المقابلة لها تماما لم نشهد له موقفا وطنيا واحدا بل على العكس من ذلك يمكن تقديم عشرات الادلة على خيانته للوطن.
فهذ القائد المفدى كما تلقبه جحافل الحمق هو أول من سلم أسلحة جيشه للأمريكان مقابل ثمن مجز- هي الاسلحة المسروقة من مستودعات الجيش العراقي السابق- وفي الوقت الذي يدعي فيه مقاومة الأمريكان فأنه دخل في العملية السياسية التي أسستها إدارة الغزو وأشرفت عليها بالكامل.
وفي الوقت الذي إدعى فيه معارضته للدستور الملغم بالطائفية والعنصرية فإن نوابه في البرلمان صوتوا لإرادة اليهودي فلديمان الذي كتب الدستور.
وفي الوقت الذي إدعى فيه معارضته للعملية السياسية بجملتها ورفضه التام للإتفاقية الأمنية. كان له سبعة وزراء في الحكومة وكانوا من اسوأ الوزراء والوكلاء.
منهم المجرمين علي الشمري وحاكم الزاملي. كما صوت نوابه في البرلمان بالإجماع لصالح الاتفاقية الأمنية. وفي الوقت الذي إتهم فيه رئيس الوزراء المالكي من مقر إقامته بطهران بأنه أكبر كذاب - كان محقا في وصفه - فإنه دخل في إئتلاف مع حزبه العميل وشغل تياره عدة وزارات في حكومة الكذاب! صدق من قال شبيه الشيء منجذبا إليه. وفي الوقت الذي يصف السنة في لقاءاته الإعلامية بأنهم اخوانه. فإنه كان أشد ظلما عليهم من إخوان يوسف على أخيهم. وذكريات عام 2006 لايمكن ان يغفرها او ينساها ابناء المظلومين وضحايا الغدر الطائفي.
إنه صك مؤجل سيدفعه مقتدى وجيشه الضال مع فوائد باهضة عاجلا أم آجلا.
كما إن مساجد السنة المغتصبة في بغداد وبقية المحافظات لحد الآن من قبل أنصاره! تكشف دجله وزيف دعواه بالأخاء الوطني والمذهبي.
وفي الوقت الذي إتهم فيه الحكومة بالفساد وهي كذلك فعلا! فإنه أصدر فتوى بعدم المشاركة في التظاهرات الجماهيرية المطالبة بوضع حد للفساد ومحاسبة المفسدين من المسئولين! وعندما طلب المالكي فرصة مائة يوم لتعديل مسار حكومته الأعوج، وإنتهت الفترة المقررة مع بقاء المفسدين في مناصبهم وتفاقمت ظاهرة الفساد إلى أقصى حدودها.
تبرع الصدر بتمديدها لمدة ستة أشهر ليقيم بعدها إداء الحكومة بواسطة كوادره العلمية وعباقرته في جيش المهدي كأبو درع وحاكم الزاملي! وهي خطوة مكشوفة لكسب الوقت وتبريد الارادة الشعبية الملتبهة وبالتالي تمييع القضية وهذا ما حصل فعلا.
بعد كل هذه الألاعيب المكشوفة هدد الصدر حكومة المالكي بمسيرة مليونية - وهو على فكرة لا يتحدث إلا بالملايين ولا نعرف من أي مركز إحصائي يستقيها- بسبب فشلها في تحسين ظروف البلد وخدمة الشعب المبتلى بها.
لكن المسيرة المباركة تحولت بشكل هزلي من شعار التهديد والوعيد إلى شعار التمجيد! فقد إنتهت بمفاجأة مذهلة لم تمرً على عالم إجتماع من قبل بما فيهم الراحل د. علي الوردي الذي سخر حياته وعلمة لمطاردة كل واردة وشاردة في دراسة المجتمع العراقي وشواذ سلوكيات أبنائه! حيث قدم الصدر شكره الجزيل وإمتنانه لحكومة المالكي بإحرازها المرتبة الثالثة كأفسد حكومة في العالم! وآخرالشطحات الصدرية إنه في الوقت الذي يتبجح فيه برفضه لوجود القوات الأمريكية في العراق ومطالبته بإلانسحاب الكلي حيث صرح" إننا مازلنا رافضين للوجود الامريكي ونرفض وجود مدربين امريكيين سواء بموجب إتفاقية مع الحكومة او بدونها" لكنه تجاهل تصريحه قبل هذا بثلاثة أيام حيث ذكر" إن كان لابد من بقاء المدربين الأمريكان في العراق فلا بئس بذلك لكن بشرط عقد جديد".
ولا أحد يجهل إن بقاء المدربين هي حجة فارغة.
فقد فشلت إدارة الغزو في عملية تدريب الجيش العراقي منذ عام 2003 ولحد الآن فما هي الفترة المطلوبة لإكمال تدريب هذا الجيش الهزيل؟ هل بعد أن يحال منتسبيه الحاليين إلى التقاعد وتشكل نواة جيش جديد على انقاضه؟ وهل هناك جيش في العالم أنفق عليه المليارات من الدولارات ويدربه أقوى جيش في العالم خلال تسع سنوات ولم يكمل تدريبه بعد ويؤهل لحماية البلاد ؟ هذا الرئيس الطالباني يشيد بالدور الامريكي لتأهيل الجيش العراقي في 3/7/2010 خلال لقائه ب(الجنرال كون) وهو أحد قواد جيش الاحتلال الذي أكد" على تطور البنى التحتية للجيش العراقي في مجالي التدريب والتجهيز" وأعلن سروره من" المستويات المشجعة والمهارات الاحترافية في تنفيذ مهماته".
لكن هذا الرئيس وجنراله الأمريكي كلاهما يكذبان.
ففي لقاء تلفازي للطالباني مع محطة(CCtv) الصينية ذكر بأن" القيادات العسكرية الجوية والبحرية والبرية رفعت ليً تقاريرا تؤكد فيها عدم إمكانيتها من حماية أجواء العراق ومجاله البحري وحدوده البرية في حال إنسحاب القوات الامريكية من العراق".
إذن الجيش على حد تعبير الطالباني شرطة لا جيش يفتخر به! لأنه عاجز عن إداء مهمته الرئيسة في حماية الأمن الخارجي.
يضيف صخامته" تشير تلك التقارير بأن الجيش قادر على حماية الأمن الداخلي فقط! وليس الأجواء الجوية والبحرية والبرية".
عجبا! هل يجهل مقتدى الصدر هذه الحقائق أم يتغافل عنها؟ ألا تنطبق عليه صفات رجل ذكره ابن قتيبة في كتابه عيون الأخبار بأنه كان يغلط في علمه من وجوه أربعة" كان يسمع غيرَ ما يُقال، ويحفظ غيرَ ما يسمع، ويكتبُ غيرَ ما يحفظ، ويحدِّث بغير ما يكتب". الرئيس الطالباني أكد في اللقاء نفسه" إن موقف التيار الصدري هو الرفض القطعي لوجود قوات امريكية في العراق".
لكن الصدر وافق مؤخرا مشترطا عقدا جديدا! كأن المشكلة هي مشكلة عقود وليس إحتلال جاثم على صدر العراقيين.
مواقف الصدر الخارجية مواقف مثيرة للسخرية فهو تارة يشجع الثورات العربية في مصر وليبيا وتارة يقف ضدها كما في سوريا! وهو مع المتظاهرين البحرانيين ومطالبهم لكنه ضد المتظاهرين السوريين ومطالبهم! تارة يشيد بالسعودية- خلال زياره لها- وتارة يهدد بإجتياحها بجيشه الهزيل في حال " إن مست شعرة للعم آية الله عيسى أحمد القاسم"! اليس من الأولى بجيشه العرمرم إجتياح المنطقة الخضراء " وحرق اليابس والاخضر" فيها بدلا من المملكة الشقيقة؟ بعد أن حلق ألامريكان شوارب شعبه وليس مسً شعرهم فحسب؟ من ثم يجعل من جيشه قوة أممية كقوات حفظ السلام في الدفاع عن رموز الشيعة بقوله" المساس بعلمائنا في أي شبر وأي بقعة من بقاع العالم هو مساس بنا".
إنه يعيش في بلد محتل ولكنه لايخجل من مطالبة السعودية بسحب قواتها من البحرين معتبرا إنها قوات إحتلال! وغرضه من هذا الطلب " لكي يحدد البحرانيون مستقبل بلادهم" على حد تعبيره! لكنه يمانع أن يحدد السوريين مستقبل بلادهم! فإي مفارقة تلك؟ شيعة البحرين على حق ولكن سنة سوريا على باطل! أي منطق مريض هذا؟ لا أحد يجهل بأن القائد الوطني هو من ينفذ أجندة وطنية نقية خالصة وليس أجندة أجنبية تكن الحقد والعداء لشعبه.
القائد الوطني لايهرب من وطنه في المحن ليرتمي في أحضان دولة ساهمت في إحتلال العراق بإعتراف زعمائها.
القائد الوطني يحمل فكرا نيرا ومباديء واضحة ثابته ولايتخبط بالكلام وفوضى المواقف ويتراجع عن مبادئه مهما إشتدت الظروف.
في الظروف الصعبة فقط تظهر حقيقة الرجال ومعادنهم.
القائد الوطني يتعامل مع كل شرائح الشعب العراقي بمعيار واحد وفق المصالح العليا للجميع وليس مع طائفة واحدة ولمصلتحها فقط.
القائد الوطني يحترم سيادة الدولة ودستورها وقوانيها ولايتزعم ميليشا إرهابية عناصرها خارجة عن القانون.
القائد الوطني له غيرة على وطنه وشعبه، ورؤية واضحة لمحنهم ومايهددهم من مخاطر. وأن تتناسب مخاوفه تناسبا طرديا مع حرصه على حقوق شعبه.
القائد الوطني عصامي في تأريخه الشخصي وليس مكتسبا عن سلفه. سجله مطرز بالمواقف البطولية، وليس سجلا اسودا مفحما بالجرائم والمخازي.
القائد الوطني يحمل مشروعا وطنيا شفافا بعيد الأجل.
فإن كانت نظرته للحاضر فقط خسر بذلك المستقبل.
وإن كانت نظرته للمستقبل كسب الحاضر والمستقبل معا.
القائد الوطني يهتدي ببوصلة وطنية واضحة تحدد له الإتجهات الصحيحة وتجنبه المتاهات الخاطئة والإنجراف مع تيار الدهاقنة والقطط السمان المتربعة في أعلى هرم السلطة.
سلطة متعجرفة متطفلة على الشعب، لاهي تنظر للأعلى حيث الخالق المغيب عن عقولهم! ولاهي تنظر للأسفل حيث الشعب المغيب عن ضمائرهم! القائد الوطني ينظر لمن في السماء قبل أن ينظر لمن على الأرض.
إن عرف ربه عرف شعبه.
وإن حرص على إرضاء الله، حرص على إرضاء عباده.
فهل هذه الصفات القيادية والوطنية متوفرة في مقتدى الصدر؟ أجب مستعينا بضمير حي ومنطق وطني وفكر واع .
المصدر : شبكة الدفاع عن السنة