"ناسا التشيع الإيراني" إلى القمر

بواسطة صحيفة الشرق الأوسط قراءة 649

"ناسا التشيع الإيراني" إلى القمر

 حمد الماجد

التاريخ: 12/12/1430 الموافق 30-11-2009

 

انتقل التشيع الإيراني إلى القمر، دون الحاجة إلى مركبات فضائية خاصة، ولا إلى علماء فضاء يرتدون بدلات فضائية مزودة بالأكسجين، هذا القمر الذي نتحدث عنه لم يعرف التشيع منذ أن تكون جيولوجيا بعد الانفجار الكوني العظيم قبل مئات ملايين السنين، ولهذا هبطت على سطحه في الثمانينات ميلاديا عدد من المركبات الطائرة وعلى متنها رواد التشيع الإيراني، فيهم بعض الملالي والمثقفين، وعدد من المتخصصين بتسويق الأيدلوجيا والثورة.

لقد أشغلت أميركا نفسها في البحث عن قطرة ماء على سطح القمر علها تجد أثرا لحياة، أما إيران فقد وجدت حياة على هذا القمر وسكانا يربو تعدادهم على الثمانمائة ألف من الكائنات البشرية الحية، وفي الوقت الذي أعيت الحيلة علماء الفضاء الأميركيين عن العثور على قطرة ماء على سطح القمر ولو بحجم رأس الدبوس، فإن القمر الذي حطت عليه الأيدلوجيا الإيرانية يكاد يغرق من كثرة مياهه، بل إنه تفتت إلى أربعة جزر سميت «جزر القمر».

جزر القمر العربية، دولة أفريقية عربية انضمت حديثا إلى جامعة الدول العربية، وأغلب سكانها ذوو أصول عربية يمانية حضرمية، وقد خاضوا جهاد الاستقلال، وقاد هذا النضال زعامات إسلامية من العلماء والقضاة كما هو شأن أغلب الدول الإسلامية التي قاومت المستعمر، وأشهر النماذج الجزائر بقيادة جمعية العلماء، وفي فلسطين بقيادة الشيخ الحسيني، والأغلبية الساحقة للشعب القمري مسلمون سنيون يتبعون المذهب الشافعي، ومع ذلك حشرت إيران أنفها الأيدلوجي الطائفي كما فعلت في مصر واليمن وتونس والسودان وعدد كبير من الدول العربية والإسلامية السنية، لتدوس بأقدامها على شعارات الوحدة الإسلامية التي دوخت بها بعض السذج والمغفلين، وإلا لو كانت تؤمن بهذه الوحدة لما زرعت في كيانات هذه الدول السنية بذرات التشيع التي ستتحول حتما إلى قنابل طائفية موقوتة، يؤسفنا أن إيران لم تتعظ من التشابكات المذهبية الدامية في جارتيها العراق وباكستان فكثفت جهودها لنشر بذور الطائفية في دول كل سكانها سنة مثل جزر القمر.

في غفلة من الدول العربية التي يعاني عدد منها أصلا من انفصام نكد وجدل حول هويتها الإسلامية، تغلغلت إيران بعد قيام ثورتها في جزر القمر، وعملت بصمت وهدوء ولكن باحترافية تبشيرية شديدة تحت شعار المساعدات الإنسانية ونشر الثقافة والتعليم والتدريب والتأهيل، في بلد لا يتجاوز معدل دخل الفرد فيه عن 30 دولارا شهريا، وطال الكلام رئيس جزر القمر الحالي أحمد سامبي، فمع أن بعض علماء جزر القمر ودعاته يعتقدون بأنه تحول إلى التشيع إلا أنه ينفيه، وإذا سلمنا جدلا بأن تشيعه من الظنيات المحتملة فالمؤكد والثابت يقينا أنه داعم للنفوذ الإيراني في بلده، والمؤلم أن الدول العربية تحوقل وتولول بسبب هذا النشاط الإيراني المكثف، وهي لم تتبرع حتى بإقامة سفارة، ولو أقامت سفارة فلا يعدو نشاطها عن تنفيذ إجراءات دبلوماسية باهتة ليس فيها مصلحة تذكر لا سياسية ولا دينية فكان لإيران السبق، وأثبتت بالوقائع والأرقام أنها اللاعب المحترف وغيرها على مقاعد التفرج، وفي أحسن الظروف على دكة الاحتياط.

أما المطلوب في المرحلة الراهنة فأختزله في صرخة استغاثة، أطلقها الشيخ القمري الدكتور عبد الحكيم شاكر، وأحد أكاديميي البلد البارزين يقول: «ونحن نفضل في هذه المرحلة تكثيف الزيارات مع العالم الإسلامي، فالأمر بين شد وجذب بين مؤسسات الخير والشر، ونحن بحاجة مؤسسات تدعم الشعب وتجمع ما بين الأعمال الإنسانية والدعوة إلى الله، نحتاج إلى الدعاة والحكومات السنية، ولفتح قنوات الاتصال من سفارات ومراكز علمية وصحية، ومزيد من الأعمال الإنسانية لمساعدتنا ليس في جزر القمر فقط، وإنما في المنطقة جميعها» فهل من مغيث؟

 

المصدر: صحيفة الشرق الأوسط

 



مقالات ذات صلة