سلسلة هزائم المسلمين بسبب الروافض الخائنين
الحلقة الثانية
خيانات الروافض لآل البيت
إن الخائن لا يلوي على شيء ولا يفرق مع من يكون خائنا، ومع من يكون أمينا، فإن الخيانة داء إذا خالط دماء الإنسان فإنه يجعله خائنا ولو مع أقرب الناس إليه.
والروافض الذين غالوا في حب آل البيت وعلى رأسهم علي بن أبي طالب ثبتت خيانتهم لهم منذ اللحظات الأولى لظهور التشيع إبَّان الفتن التي ثارت ثائرتها بين الصحابيين الجليلين علي ومعاوية رضوان الله عليهما.
خيانتهم لعلي بن أبي طالب:
فقد كان أكثر شيعة علي بن أبي طالب من أهل العراق وعلى وجه الخصوص أهل الكوفة والبصرة، وعندما عزم علي على الخروج بهم إلى أهل الشام بعد القضاء على فتنة الخوارج خذلوه وكانوا وعدوه بنصرته والخروج معه، ولكنهم تخاذلوا عنه وقالوا:
"يا أمير المؤمنين لقد نفدت نبالنا وكلَّت سيوفنا، ونصلت أسنة رماحنا فارجع بنا فلنستعد بأحسن عدتنا... فأدرك علي أن عزائمهم هي التي كلت ووهنت وليس سيوفهم، فقد بدأوا يتسللون من معسكره عائدين إلى بيوتهم دون علمه، حتى أصبح المعسكر خاليًا، فلما رأى ذلك دخل الكوفة وانكسر عليه رأيه في المسير".
وأدرك علي أن هؤلاء القوم لا يمكن أن تنتصر بهم قضية مهما كانت عادلة ولم يستطع أن يكتم هذا الضيق فقال لهم: ما أنتم إلا أسود الشرى في الدعة وثعالب رواغة حين تدعون إلى البأس وما أنتم لي بثقة... وما أنتم بركب يصال بكم، ولا ذي عز يعتصم إليه، لعمر الله لبئس حشاش الحرب أنتم إنكم تكادون ولا تكيدون وتنتقص أطرافكم ولا تتحاشون.."
والعجيب أن شيعة علي من أهل العراق لم يتقاعسوا عن المسير معه لحرب الشام فقط، وإنما جبنوا وتثاقلوا عن الدفاع عن بلادهم، فقد هاجمت جيوش معاوية عين التمر وغيرها من أطراف العراق، فلم يذعنوا لأمر علي بالنهوض للدفاع عنها حتى قال لهم أمير المؤمنين علي:
"يا أهل الكوفة كلما سمعتم بمنسر من مناسر أهل الشام انجحر كل امرئ منكم في بيته وأغلق بابه انجحار الضب في جحره والضبع في وجارها، المغرور من عررنمون ولمن فازكم فاز بالسهم الأخيب، لا أحرار عند النداء، ولا إخوان ثقة عند النجاء، إنا لله وإنا إليه راجعون"
خيانتهم للحسن بن علي:
ولما قتل علي بن أبي طالب وبويع ابنه الحسن بالخلافة لم يكن يؤمن بجدوى حرب معاوية وخصوصا أن شيعته خذلوا أباه من قبل، ولكن عاد شيعتهم من أهل العراق يطالبون الحسن بالخروج لقتال معاوية وأهل الشام فأظهر الحسن حنكة كبيرة دلت على سعة أفقه، فهو لم يشأ أن يواجه أهل العراق من البداية بميله إلى مصالحة معاوية وتسليم الأمر له حقنا لدماء المسلمين لأنه يعرف خفة أهل العراق وتهورهم، فأراد أن يقيم من مسلكهم الدليل على صدق نظرته فيهم، وعلى سلامة ما اتجه إليه، فوافقهم على المسير لحرب معاوية وعبأ جيشه وبعث قيس بن عبادة في مقدمته على رأس اثني عشر ألفا، وسار هو خلفه فلما وصلت تلك الأخبار إلى معاوية وتحرك هو أيضا بجيشه ونزل مسكن، وبينما الحسن في المدائن إذ نادى منادي من أهل العراق أن قيسا قد قتل، فسرت الفوضى في الجيش وعات إلى أهل العراق طبيعتهم في عدم الثبات، فاعتدوا على سرادق الحسن ونهبوا متاعه حتى أنهم نازعوه بساطًا كان تحته، وطعنوه وجرحوه.. وهنا فكر أحد شيعة العراق وهو المختار بن أبي عبيد الثقفي في أمر خطير وهو أن يُوثق الحسن بن علي ويسلمه طمعا في الغنى والشرف، فقد جاء عمه سعد بن مسعود الثقفي وكان وليّا على المدائن من قبل علي، فقال له: هل لك في الغنى والشرف؟ قال: وما ذاك؟ قال: توثق الحسن وتستأمن به إلى معاوية، فقال له عمه: عليك لعنة الله أثب على ابن بنت رسول الله فأوثقه بئس الرجل أنت بل إن الحسن كان يقول: "أرى معاوية خيرًا لي من هؤلاء يزعمون أنهم لي شيعة ابتغوا قتلي وأخذوا مالي والله لأن آخذ من معاوية ما أحقن به دمي في أهلي وآمن به في أهلي خير من أن يقتلوني؛ فيضيع أهل بيتي وأهلي، والله لو قتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوا بي إليه سلما، والله لأن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير" .
خيانتهم للحسين بن علي:
بعد وفاة معاوية سنة60هـ توالت رسائل ورسل أهل العراق على الحسين بن علي تفيض حماسة وعطفًا وقالوا له: إنا قد حبسنا أنفسنا عليك، ولسنا نحضر الجمعة مع الوالي فأقدم علينا وتحت إلحاحهم قرر الحسين إرسال ابن عمه مسلم بن عقيل ليستطلع الموقف فخرج مسلم في شوال سنة60هـ.
وما أن علم بوصوله أهل العراق حتى جاءوه فأخذ منهم البيعة للحسين، فقيل بايعه اثني عشر ألفا، ثم أرسل إلى الحسين ببيعة أهل الكوفة وأن الأمر على ما يرام وللأسف خدع الحسين بهم، وسار إليهم بعد أن حذره كثير من المقربين إليه من الخروج لما يعرفون من خيانة شيعة العراق، حتى قال له ابن عباس: "أتسير إلى قوم قد قتلوا أميرهم، وضبطوا بلادهم، ونفوا عدوهم، فإن كانوا قد فعلوا ذلك فسر إليهم، وإن كانوا إنما دعوك إليهم وأميرهم عليهم قاهر، وعماله تجبى بلادهم فإنما دعوك إلى الحرب والقتال، ولا آمن عليك أن يغروك ويكذبوك ويخالفوك، ويخذلوك، وأن يستنفروا إليك فيكونون أشد الناس عليك.."وبالفعل ظهر غدر شيعة أهل الكوفة برغم مراسلاتهم للحسين حتى قبل أن يصل إليهم فإن الوالي الأموي عبيد الله بن زياد لما علم بأمر مسلم بن عقيل، وما يأخذ من البيعة للحسين جاء فقتله وقتل مضيفه هانئ بن عروة المرادي، كل ذلك وشيعة الكوفة لم يتحرك لهم ساكن، بل تنكروا لوعودهم للحسين واشترى بن زياد زممهم بالأموال فلما خرج الحسين وكان في أهله وقلة من أصحابه عددهم نحو سبعين رجلاً، وبعد مراسلات وعروض تدخل ابن زياد في إفسادها دار القتال فقتل الحسين وقتل سائر أصحابه، وكان آخر كلامه قبل أن يسلم الروح: "اللهم أحكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا فقتلونا"
بل دعاؤه عليهم مشهور حيث قال قبل استشهاده: "اللهم إن متعتهم ففرقهم فرقًا واجعلهم طرائق قددا ولا ترضي الولاة عنهم أبدًا، فإنهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا فقتلونا" أرأيت سوء صنيع القوم، وكيف كان غدرهم وخيانتهم حتى بآل البيت الذين زعموا حبهم واتخذوه ذريعة في عداءهم لكل من عادوا.
وهل بعد خيانتهم لآل البيت يستبعد خيانتهم للأمة عامة، فهم منذ اللحظات الأولى يجبنون عن الحرب ويبيعون ذممهم بالأموال، ويفكرون في الخيانة في مقابل الغنى والشرف، ولو كان الثمن هو تسليم واحد من أكابر آل البيت كما فكر المختار الثقفي أن يسلم الحسن بن علي للأمويين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على النبي الأمين وعلى اله وأصحابه أجمعين.