الخمينية والقدس والمسجد الأقصى
بعد أن بينا عداء الشيعة الخمينية للفلسطينيين من الناحية الشخصية والوجودية والمادية؛ ها نحن نبين مواقفهم من المسجد الأقصى ، وأهل المسجد الأقصى ، من الناحية العقائدية ؛ فالخمينية في مراجعهم وكتبهم الدينية لا يعتقدون بوجود المسجد الأقصى أصلا في فلسطين علاوة على ذلك أن أهل الشام في أدبياتهم هم كفرة ومرتدين .
وهنا نسأل كيف تترجم شعاراتهم إذن بنصرة الأقصى ، والتي يرفعونها في ذكرى "يوم القدس العالمي" إلى واقع عملي وهم لا يعتقدون أن الأقصى هو الموجود في القدس ؟ .
هنا يتبين أن تلك الشعارات لا تعدو أن تكون حبرا على ورق وليس لها أي أهمية,,, ومن يعتقد بجدواها يخرج صفر اليدين .
ومن الإنصاف والعدل أن نقارن بين هذه الدعاوى وبين ما يعتقده الشيعة في كتبهم بفلسطين وأهلها، وما قدموه على أرض الواقع لصالح فلسطين وشعبها؛ ثم لنضع علاقة الشيعة باليهود تحت المجهر لنعرف صدق القوم من كذبهم ، ونحن نتيقن بأن الشيعة هم أكذب الطوائف ، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى .
في البداية سنورد بعض النصوص التي تبين نظرة الشيعة لأهل الشام عموما - ومن المسلم به أن فلسطين هي معقل وعقر الشام وأهله - ونردفها بنصوص أخرى تبين موقفهم من المسجد الأقصى المبارك ..
جاء في"تفسير نور الثقلين" للحويزي ج2 ص238:
حدثنى الحسين بن عبدالله السكينى عن ابى سعيد البجلى عن عبدالملك بن هارون عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لما بلغ أمير المؤمنين عليه السلام أمر معاوية وأنه في مائة ألف قال : من أى القوم ؟ قالوا : من أهل الشام قال عليه السلام لاتقولوا من أهل الشام ولكن قولوا من أهل الشؤم، هم من أبناء مصر لعنوا على لسان داود، فجعل الله منهم القردة والخنازير.
وهنالك روايَة شيعيّة تأمر بقتل أهل الشام جميعاً ونصها : قال علي (كذبا وزورا ) : عهِدَ اليَّ النبي بقتل أهل الشام !!! (المناقب لِشيخهم الكوفي2/323) .
وكذبوا على لسان جعفر الصادق ـ وحاشاه – رحمه الله - أن يقول ذلك ـ: أَهْلُ الشَّامِ شَرٌّ مِنْ أَهْلِ الرُّومِ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ شَرٌّ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَأَهْلُ مَكَّةَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ جَهْرَةً . (الكافي: 2/ 409).
إذا في عقيدة هؤلاء الخمينية أن أهل الشام المسلمون هم شر من أهل الروم الكفار...!!! ، فبالله عليكم من يعتقد بأن أهل الشام شر من أهل الروم الكفار ؛ هل مثل هذا يفكر في أن يقف إلى جانب أهل فلسطين الذين هم من أهل الشام ..؟؟ ؛ نريد جوابا من الذين يحومون حول تمجيد إيران ويجعجعون بأنها تقف إلى جانب الحقوق الفلسطينية .
أما الخميني نفسه فهو يكفر كل سني ومنهم أهل فلسطين تبعا ونتيجة لأنهم من أهل السنة وهم على المذهب الشافعي بالعموم ؛ ذلك أنه يعتبر القضايا الفرعية كهيئات الصلاة سبباً للتكفير فيقول : التكفير هو وضع إحدى اليدين على الأخرى نحو ما يضعه غيرنا وهو مبطل عمدا و لا بأس به في حالة التقية... (تحرير الوسيلة).
فهذا هو المعتقد الضال المنحرف للهالك الخميني في كل سني وهو نفسه الذي أمر برفع شعار "يوم القدس العالمي" ؛، فما هو مغزى "يوم القدس" إذا ؟ هل يقصد "يوم القدس" من أجل جعل القدس رافضية أم من أجل القضاء على المسلمين في القدس وإهدائها إلى اليهود المغتصبين كما فعل أسلافه العبيديين,, الملقبون زورا وبهتانا بـ"الفاطميين" في تضييعهم لبيت المقدس .
والناظر في معتقدات الرافضة يعلم جليا أن الرافضة ليس لهم في فلسطين شيء مقدس يستدعيهم للتضحية من أجله والمناداة به.
فالمسجد الأقصى عندهم في السماء ، وهو الذي أسرى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
جاء في كتاب بحار الأنوار للمجلسي (22\90) عن رجل عن أبي عبد الله قال: سألته عن المساجد التي لها الفضل؟ فقال: المسجد الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت والمسجد الأقصى جعلت فداك؟ قال ذاك في السماء إليه أسري رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إن الناس يقولون إنه بيت المقدس فقال: مسجد الكوفة أفضل منه.
وجاء في كتاب الخصال للصدوق (ص137): لاتشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسجد الكوفة.
وذكر الفيض الكاشاني في تفسيره: "روى القمي عن الباقر عليه السلام أنه كان جالسا في المسجد الحرام، فنظر إلى السماء مرة وإلى الكعبة مرة ثم قال: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى)، وكرر ذلك ثلاث مرات ثم التفت إلى إسماعيل الجُعفي فقال: أي شيء يقول أهل العراق في هذه الآية يا عراقي؟ قال: يقولون: أُسري به من المسجد الحرام إلى بيت المقدس ، فقال: ليس كما يقولون، ولكنه أُسري به من هذه إلى هذه، وأشار بيده إلى السماء". (تفسير الصافي، 3/166).
وقال عباس القمي: "والمشهور على أن المسجد الأقصى هو بيت المقدس، ولكن يظهر من الأحاديث الكثيرة أن المراد منه هو البيت المعمور الذي يقع في السماء الرابعة وهو أبعد المساجد". (منتهى الآمال، ص 70).
أما المرجع المعاصر جعفر مرتضى العاملي فقد قال: أنه حين دخل عمر بيت المقدس لم يكن هناك مسجد أصلا، فضلا عن أن يكون أقصى (الصحيح من سيرة النبي الأعظم، 3/137). وقال إن: المسجد الأقصى الذي حصل الإسراء إليه، والذي بارك الله حوله، فهو في السماء . (المصدر السابق، 3/106).
وقد نال العاملي على تأليفه هذا الكتاب جائزة إيران للكتاب، وكرّمه الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بنفسه .
وإذا كان الرئيس الإيراني السابق يكرم من لا يعترف بالأقصى فكيف ننخدع بمن يتشدق بحب الأقصى كذبا وزورا لكنها وسائل لنشر التشيع في الحقيقة .
ولم يكتف العاملي بهذا بل ألف كتابا مستقلا بعنوان " المسجد الأقصى إلى أين ؟ " جاء فيه قوله لقد تبين لنا عدة حقائق بخصوص المسجد الأقصى والذي يحسم الأمر أنه ليس بفلسطين.!!
وبالأضافة إلى ذلك فإنه يقرر هذا في رده على أسئلة بما يُظهِرْ أن كلامه نابع عن اعتقاد وليس هفوة قلم فيقول : ( ومنها قوله تعالى : { الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ } .. فإنه إنما يناسب ما روي من أن المراد بالمسجد الأقصى في الآية هو مصلى الملائكة في السماء الرابعة، فإنه هو الذي تمتد البركة منه إلى ما حوله.. بسبب انتشار الملائكة الذين لا يفترون عن تسبيح الله وتقديسه..) هـ
ومن الممكن أخذ جعفر مرتضى العاملي هذا كنموذج وعينة للعالم الشيعي الحريص على تزوير الحقائق وبغض الصحابة والطعن فيهم وليس الطعن بالمسجد الأقصى فقط ..
فعندما أخرج المرجع الشيعي "محمد حسين فضل الله" بعض الفتاوى التي تنكر وقوع بعض الأحداث في التاريخ الشيعي مثل ((كسر ضلع فاطمة)) فمن الذين قاموا عليه المدعو جعفر العاملي هذا .
حيث يقول : بالنسبة للسيد محمد حسين فضل الله ، فإنه حين ظهر لي بعض ما ظهر لكم، خشيت على الناس من أن يتأثروا ببعض أفكاره الخاطئة، فطلبته إلى الحوار والنقاش مرات عديدة، فرفض. وبعد أخذ ورد، ومحاولات متتابعة لم أجد بداً من التصدي لهذه الأفكار من أجل صيانة الشباب والناس عموماً من أفكاره الخاطئة.. فكتبت كتاب: (مأساة الزهراء)، وكتاب: (خلفيات مأساة الزهراء)، وكتباً عديدة أخرى رددت فيها على أقاويله الكثيرة، فأصر على مواقفه، وأفتى مراجع الشيعة وكبار العلماء بما دل على لزوم الحذر من تلك الأفكار، بل أفتى بعضهم بخروجه عن دائرة "المذهب" ..هـ
فمن يبغض الصحابة بهذه الطريقة من الطبيعي أن يطعن في المسجد الأقصى بنفس الدرجة .
والذي يهمنا هو تكريم نجاد لهذا الحاقد،ومن ثم تدعي إيران نصرتها لقضية فلسطين برفعها شعارات " يوم القدس " علاوة على دعاوى الوحدة الإسلامية وغيرها من هذه الشعارات الفارغة المحتوى ؛ فكيف إذا الجمع بين النقيضين .
وهذا السؤال موجه إلى فصائل غزة التي تلوك مدح هؤلاء دون أن تعترض على هذه الطعنات المسمومة للقضية الفلسطينية .
والعاملي هذا قريب من دجال الضاحية، وعلى بعد رمية حجر منه والذي لا يعترض على طعوناته تلك بالرغم من أنه قرع رؤوسنا بقصة تحرير فلسطين والصلاة في القدس .
وهذه نسخة أخرى من العاملي :
صرَّح "محمد باقر خرازي" أمين عام "حزب الله" الإيراني (الراعي الرئيس لباقي التنظيمات المماثلة في المنطقة) لصحيفة " عصر إيران" وقد أعادت نشره وكالة أنباء " أخبار الشيعة " الإيرانية، حيث قال هذا القيادي الإيراني البارز متسائلا : ما الفائدة التي جنيناها أو سوف نجنيها من دعم الحركات الفلسطينية ؛ فإذا أردنا دعم الفلسطينيين يجب أن نكون متيقنين أن فلسطين ستكون سائرة على مذهب أهل البيت ( يعني شيعية ) وإذا لم تكن على مذهب أهل البيت إذن ما الفرق بين "إسرائيل" وفلسطين ، وإلى متى تكون سفرة الشعب الإيراني ممدودةً للغرباء فيما الشعب الإيراني يتأوه جوعاً ؟ هـ
فكل هذه الدلائل تجعلنا موقنين بأن الرافضة ينظرون للفلسطينيين نظرة المرتد الذي يستباح دمه وعرضه وماله، والشعارات التي يرفعونها من أجل فلسطين هي لذر الرماد في العيون ليس إلا،وللتغطية على أفعالهم وعلى تحالفاتهم مع اليهود ضد الإسلام ، وإن كانوا يظهرون العداء لليهود كذبا .
فقد جاء في جريدة الحياة بتاريخ 10/8/2003 ما يلي: أوضح حفيد الزعيم الإيراني الهالك الخميني حسين مصطفى الخميني : إن الصراع مع "إسرائيل" هو صراع مصطنع في إيران .
وتلك هي الخلاصة .
نشأة "يوم القدس"
كما مَر بنا في المقدمة فإن خميني لا يستطيع عرض مشروعه الشيعي المدمر بصورة مباشرة بسبب أن الشيعة أقلية نسبة إلى أهل السنة الذين يحيطون بإيران إحاطة السوار بالمعصم ؛ لهذا السبب فليس من السهولة على الخمينية اختراق المجتمعات السنية دون مقدمات أو وسيلة تقنعهم بقبول الخطاب الإيراني .
فكانت الوسيلة الفريدة والخبيثة بنفس الوقت هي رفع شعار تحرير فلسطين ، وتبني خطاب "المقاومة" ولو كان فارغ المحتوى من أي مشروع عملي،وهذا يذكرنا بالمقولة التاريخية "كلمة حق أريد بها باطل" .
من هنا انبثقت فكرة "يوم القدس" كإحدى الأساليب التي يمكن من خلالها إقناع أهل السنة بجدية إيران في دعم وتحرير القدس ؛ بالرغم من أن هذا اليوم لا يمثل سوى شعارات رنانة هدفها دغدغة مشاعر الجماهير السنية كما أسلفنا .
بعد أن استولى خميني على السلطة في إيران أصدر قرارا بـ"الاحتفال بيوم القدس" وهو خروج مظاهرات في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان في كل عام ، ويحضره أعداد غفيرة من المتظاهرين؛ كما يحتفل بهذا "اليوم" العديد من "الحركات الإسلامية" ، والحركات الشيعية ، في جميع أنحاء العالم الإسلامي. (موسوعة الحركات الإسلامية في الوطن العربي ...ص50 ج2) .
"يوم القدس" في العقلية الخمينية
بعد إزاحة شاه إيران بعام تقريبا وذلك في يوم 13 رمضان 1399هـ ـ 7 "آب/اغسطس" من عام 1979 أصدر خميني بيانا بإقامة ما يسمى بـ" يوم القدس العالمي" أو "اليوم الدولي لمدينة القدس الشريف" وهو ترجمه عن الفارسية (روز جهاني قدس) ويقام هذا اليوم في آخر جمعة من رمضان من كل عام ..
وجاء في نص البيان : إنني أدعو المسلمين في جميع أنحاء العالم لتكريس يوم الجمعة الأخيرة من هذا الشهر الفضيل من شهر رمضان المبارك ليكون يوم القدس، وإعلان التضامن الدولي من المسلمين في دعم الحقوق المشروعة للشعب المسلم في فلسطين، ولسنوات عديدة، قمت بتحذير المسلمين من الخطر الذي تشكله إسرائيل الغاصبة والتي اليوم تكثف هجماتها الوحشية ضد الإخوة والأخوات الفلسطينيين، في جنوب لبنان على وجه الخصوص، مستمرة في قصف منازل الفلسطينيين على أمل سحق النضال الفلسطيني، وأطلب من جميع المسلمين في العالم والحكومات الإسلامية العمل معا لقطع هذه اليد الغاصبة ومؤيديها، وإنني أدعو جميع المسلمين في العالم لتحديد واختيار الجمعة الأخيرة في شهر رمضان الكريم - الذي هو في حد ذاته فترة محددة يمكن أيضاً أن يكون العامل المحدد لمصير الشعب الفلسطيني - وتسميتها بيوم القدس العالمي وذلك خلال حفل يدل على تضامن المسلمين في جميع أنحاء العالم، تعلن تأييدها للحقوق المشروعة للشعب المسلم. أسأل الله العلي القدير أن ينصر المسلمين على الكافرين ..هـ
تعليق على البيان :
من يتفحص البيان الخميني الخاص بإقامة "يوم القدس" يصل إلى أنه يخلو في ثناياه وخلال أسطره من أي دعوة صريحة للجهاد ضد العدو الصهيوني، ومن أي خطوات عملية تصب في هذا الباب، ونقصد هنا ليست الدعوة الإعلامية البحتة والفارغة بل التجهيز على المستوى العملياتي للجيش الإيراني والميليشيات الشيعية التابعة له للقيام بواجبه في مقارعة الصهاينة .
يقول خميني أيضا: نسأل الله أن يوفقنا يوما للذهاب إلى القدس، والصلاة فيها إن شاء الله ، وآمل أن يعتبر المسلمون يوم القدس يوما كبيرا، وأن يقيموا التظاهرات في كل الدول الإسلامية، في يوم القدس ، وأن يعقدوا المجالس والمحافل، ويرددوا النداء في المساجد . وعندما يصرخ مليار مسلم؛ فان إسرائيل ستشعر بالعجز، وتخاف من مجرد ذلك النداء (قناة العالم : القضية الفلسطينية في كلام خميني ..)
إذا البيان كان إعلاميا بامتياز والهدف منه هو شعور الكيان الصهيوني بالخوف والعجز وليس إزالته من الأراضي الفلسطينية .
أما الغاية الحقيقية منه فمعروفة، قد أشرنا إليها في بداية حديثنا وسوف نبينها لاحقا بصورة أوسع بإذن الله .
ولو قلنا جدلا بأن خميني قام بالدعوة إلى التعبئة العامة للجيوش، وإعطاء الأوامر لها بالاستعداد للحرب ، فعندها سوف تجد الشعوب العربية بل الشعوب الإسلامية قاطبة كانت ستستجيب لهذه الأوامر، وتعين الجيش الإيراني في هذه المهمة لا سيما وأن الكثير من هذه الشعوب لم تكن تعرف حقيقة الخمينية بعد .
وإن تعذر خميني بأنه كان منشغلا بالحرب العراقية الإيرانية ، فما باله بعد الإعلان عن انتهائها .
في المقابل قام خميني بكل ما ذكرناه من التعبئة ليس ضد العدو الصهيوني بل ضد بلد عربي شقيق وهو العراق، واكتفى بإعلان بيان فارغ المضمون حول "يوم القدس" .
وليس هذا فحسب؛ بل على العكس وبعد فترة وجيزة قام خميني بالتعاون مع العدو الصهيوني ضد العراق وأخذ بتسلم الأسلحة منه .
وكان الصهاينة هم المصدر الأول للسلاح إلى إيران في الفترة من 1980 إلى 1985؛ وانفضحت هذه العلاقة عندما أسقط الاتحاد السوفيتي عام 1981 طائرة أرجنتينية تابعة لشركة "اروريو بلنتس" وكانت محملة بالسلاح والعتاد الصهيوني إلى إيران ضمن صفقة قيمتها 150 مليون دولار .
علاوة على ما نشرته صحيفة "هاآرتس" الصهيونية من أن تقريرا داخليا لـ"وزارة الدفاع الإسرائيلية" ذكر أن "إسرائيل" قد حافظت على علاقات صناعية عسكرية مع إيران، تم بموجبها تزويد إيران بـ58000 قناع مضاد للغازات السامة من قبل "شركة شالون للصناعات الكيماوية" .
وحسب قاعدة "إن لم تكن معي فأنت ضدي" طعن خميني ونبز بالنفاق والعمالة للغرب كل من لم يعتبر هذا اليوم الخميني "يوما للقدس" لتكون التهم جاهزة ومعلبة لكل من ينتقد هذا "اليوم" .
يقول خميني : ان يوم القدس يوم عالمي، ليس فقط يوما خاصا بالقدس، إنه يوم مواجهة المستضعفين مع المستكبرين؛ انه يوم مواجهة الشعوب التي عانت من ظلم أميركا وغيرها، للقوى الكبرى، وأنه اليوم الذي سيكون مميزا بين المنافقين والملتزمين، فالملتزمون يعتبرون هذا اليوم، يوما للقدس، ويعملون ما ينبغي عليهم، أما المنافقون، هؤلاء الذين يقيمون العلاقات مع القوى الكبرى خلف الكواليس، والذين هم أصدقاء (لإسرائيل)، فإنهم في هذا اليوم غير آبهين، أو أنهم يمنعون الشعوب من إقامة التظاهرات (مقال : يوم القدس العالمي يوم مواجهة المستضعفين مع المستكبرين ..موقع قناة المنار)
"مراسم يوم القدس"
كما ذكرنا فإن دعوة خميني الإعلامية لـ"يوم القدس" تتمخض عن خروج مسيرات ومظاهرات حاشدة في أنحاء العالم حتى تصل إلى صلاة الجمعة في المساجد والجوامع ، وخلال تلك المظاهرات ترفع شعارات وهتافات الاستنكار والشجب للاحتلال الصهيوني لفلسطين ويرفع الشعار الرئيسي في هذه المناسبة ألا وهو "الموت لإسرائيل" .
وتلقى الخطب والبيانات من الشخصيات و"التكتلات" و"الجماعات الحزبية الإسلامية والسياسية" وتقوم على إثر ذلك وسائل الإعلام بتغطية هذه الفعاليات والمظاهرات .
فالأمر إذا ذو صبغة إعلامية بحتة كما ذكرنا، والغاية منه معروفة وهو تمجيد الفكرة الخمينية تحت مظلة القدس وقضيتها ، وإلا فليخبرنا أحد : أنه بالرغم من كل هذه الدعوات "الموت لإسرائيل" وعلى مدى عقود من الزمن لم يمت ولا حتى إيرانيا واحدا على ثرى القدس الشريف ؟! .
وتقتصر "فعاليات يوم القدس" على الخروج إلى الشوارع والمظاهرات، وتفتقر إلى أي دعوة فعلية لتحرير فلسطين ؛ فالرافضة يستخدمون قضية فلسطين ولا يخدمونها وليس في بنات أفكارهم أي مشروع تحريري لفلسطين ؛ فتاريخ الرافضة مليء بالمؤامرات على بلاد الإسلام ويخلو من أي مشروع جهادي لصد الأعداء عن بلاد المسلمين ، وواقعهم هو صدى لماضيهم .
لماذا الإصرار على هذه "الاحتفالات"
كما مر بنا في المقدمة فإن إيران تستخدم قضية فلسطين غطاء لتمرير مشروعها الخبيث لنشر التشيع في أوساط أهل السنة، وما يسمى بـ"يوم القدس" ما هو إلا وسيلة من تلكم الوسائل وحلقة من حلقات السلسلة التي تستخدمها لترويج بضاعتها ومشروعها وتقديم نفسها على أن من أولوياتها "تحرير فلسطين من براثن اليهود" ، وبما أن جمهور المسلمين تلامس شغاف قلوبهم تلك القضية المصيرية ؛ فإظهار الاهتمام بها من أي مدع كفيل بتعاطف المسلمين معه وتسليم زمام الأمور إليه .
وكم مر في تاريخ هذه القضية من عينات رفعوا راية تحرير فلسطين لكسب تعاطف الناس معهم والالتفاف حولهم ، وفي حقيقة الأمر كانوا هم من ألد أعداء تلك القضية وهم من قام بخذلانها وتدميرها، ولا يخفى علينا أمثال المقبور حافظ الأسد وجمال عبد الناصر ، وغيرهم بل من أبناء جلدتنا من تاجر بهذه القضية لأغراض شخصية .. وإيران ليست بشذوذ عن هذا المسلك السيء .
إن اختيار الجمعة الأخيرة من رمضان كتوقيت - والناس في حالة مفعمة بالإيمان والسكينة - أمر مقصود ومدروس ؛ كذلك النداء بشعارات تحرير فلسطين ، و"الموت لإسرائيل" كفيل بتعاطف هذه الجماهير مع الفكرة الخمينية ، وان لم يكن فعلى أقل تقدير عدم رفضها أو مواجهتها، ومن هنا ينبع الإصرار على تهييج الناس في هذا اليوم، وعمل اللقاءات والمنتديات والاحتفالات .
يقول خامنئي : إن "يوم القدس" يوم ينبغي أن تتلاحم فيه عواطف الأمة الجياشة ومشاعرها تجاه القضية الفلسطينية، وأن تستثمر تلك العواطف والمشاعر لحل مسألة فلسطين ، ونحن باعتبارنا شعبا يرى مصيره مرتبطا بمصير فلسطين راغبون أن نعبئ جميع قوانا على طريق تحرير القدس الشريف . هـ ..(كتاب اليهود في إيران ص106 مأمون كيوان ط بيسان للنشر والتوزيع)
ركز أخي الكريم على تعبير خامنئي : (وأن تستثمر هذه العواطف والمشاعر لحل مسألة فلسطين) ..وهذا يثبت ما قررناه من استغلال عواطف الناس ومشاعرهم في الجمعة الأخيرة من رمضان لكن ليس كما يصرح بأن التعبئة لأجل فلسطين ؛ بل هي لأجل نشر الفكرة الخمينية البائسة .
ويقول رفسنجاني : إن الهدف لشعب إيران الثوري المؤمن ليس الوقوف عند حد الشعارات والدعايات؛ وإنما الهدف من إعلان آخر جمعة من شهر رمضان المبارك يوما للقدس ، هو أن تتحد الشعوب والدول الإسلامية أكثر من أي وقت مضى، لتستعد للجهاد لأخذ حق الشعب الفلسطيني وإلحاق الهزيمة بالعدو الصهيوني الإمبريالي ( اليهود في إيران ص106 )
ولا ندري لماذا لم يحول رفسنجاني هذه الشعارات إلى أفعال وواقعا عمليا وعلى أقل تقدير فيما يخص الشعب الإيراني وحلفاءه ’’والمعروف عنه أنه قد عاش إلى ما بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية’’ فهذا الهراء الذي يتفوه به هو اصطياد في الماء العكر .. فالاتحاد عندهم فرقة وإن أصبح اتحادا فهو تحت مظلتهم وفكرهم وما نراه الآن عيانا هو أكبر دليل على ذلك .
إذا كل هذه الشعارات الفارغة الهدف منها هو سيطرتهم على عقلية الشعوب باتجاه فكرة الولي الفقيه الشيعي و"يوم القدس" المدعى ما هو إلا لبنة من لبنات وسائلهم لتنفيذ هذا المشروع؛ لذا فإنهم حريصون ومصرون على هذه الاحتفالات التي لا تسمن ولا تغني من جوع فيما يتعلق بقضية فلسطين .
خطورة الاحتفال بهذا "اليوم"
بداية ننصح الزعماء والشباب الإسلامي ألا يتسرعوا في تأييد كل من لبس مسوح الإسلام ، وتشدق به دون النظر إلى عقيدته وخلفيته الأيدلوجية التي يتبناها ، ويسعى من أجل نشرها وتثبيتها .
فـ"يوم القدس" هو يوم لتثبيت أيادي إيران ومجساتها الأخطبوطية ، وغرس مخالبها في جسد الأمة الإسلامية السنية هذه هي الخلاصة والمحصلة .
و"يوم القدس" لا علاقة له بالقدس بل في "يوم القدس" ترفع صور الزنديق الباطني خميني، ويمجد خامنئي وترفع فيه صور مجرمي الرافضة بحق أهل السنة فهو يوم ترويجي بامتياز لرموز الرافضة الذين أجرموا بحق أهل السنة .
ومن أخطر ما يتعلق بهذا "اليوم" هو تقديم الزنادقة الذين يكفرون الصحابة ويطعنون في أمهات المؤمنين ؛ بل ويعتدون على الذات الإلهية وينتقصون منها ، تقديمهم على أنهم أبطال ويعملون على تحرير فلسطين من براثن اليهود .
هذه هي الخطوة الأولى للتأثر بالتشيع ؛ فالإعجاب بالأشخاص من ناحية إيجابية كمرحلة أولى، ومن ثم التأثر بما يعتقد هؤلاء الأشخاص تكون المرحلة الثانية .
ولا يدعي أحد بأن أهل السنة محصنون -ومنهم الفلسطينيين- ضد اختراق العقائد الباطلة لهم ؛ فالفتن إذا لامست القلوب .. ربما نفذت إليها وتشربت باطلها؛ وقد كان كبار أئمة السلف يرفضون سماع مقالات أهل البدع لأن القلوب خطافة والنفوس ضعيفة .. فكيف بزماننا الذي عم فيه الجهل وطم ؟ .
لقد مرت فترة على بلاد المسلمين كانت حواضرهم في الشام والعراق ومصر واليمن قد اخترقها التشيع ونخلها نخلا وذلك إبان ما يسمى بالدولة الفاطمية العبيدية الباطنية التي أنشأت في القدس ما يسمى بـ"دار العلم الفاطمية " وكانت فرعا لدار "العلم الفاطمية في القاهرة" وتم تجيير هذه الدار مركزا للدعاية إلى الدين الشيعي فكان لها أكبر الأثر في انتشار هذا الدين في فلسطين .
وكدليل على هذا عندما زار الرحالة "ناصر خسرو" فلسطين عام 437 هـ ذكر إن عدد سكان القدس نحو عشرين ألفا جلهم شيعة، ووصف "ابن جبير" المذاهب المنتشرة في فلسطين في القرن السادس الهجري أثناء زيارته لها فقال : وللشيعة في هذه البلاد أمور عجيبة وهم أكثر من السنيين وقد عموا البلاد بمذاهبهم، وهم فرق شتى منهم الرافضة والإمامية والإسماعيلية والزيدية والنصيرية ؛ إلى أن أعاد المجاهد "صلاح الدين الأيوبي" الأمور إلى نصابها ، وهدم صروح التشيع في هذه الأماكن ، رحمه الله رحمة واسعة .
وهنا نقول ما الفرق بين "دار العلم الفاطمية" وشعارات يوم القدس الخميني ومسيراته وندواته ؟؟ .
يقول الأستاذ أسامة شحادة في مقال (حال بيت المقدس في قبضة "الفاطميين") : ومنذ استيلاء "الفاطميين" على فلسطين والشام ومصر بدأوا في نشر عقيدتهم وفكرهم الشيعي برغم أنهم تعهّدوا لأهل مصر ألا يتدخلوا في شؤونهم الدينية ، لكنهم -فور تمكنهم- – غيرّوا الأذان وأضافوا له “حيّ على خير العمل” وفرضوه على الجماهير بالقوة، وفي زمن الحاكم بأمر الله "الفاطمي" أضيف للأذان أيضا “أشهد أن محمداً وعلياً خير البشر” ، وتُورد الموسوعة الفلسطينية قصة الفقيه الزاهد أبي القاسم الواسطي الذي تجاهل هذه العبارة في الأذان في المسجد الأقصى فتمّت معاقبته بالسجن وقطع لسانه .
ويسجّل خليل عثامنة في كتابه (فلسطين في خمسة قرون) أن "الفاطميين" منعوا صلاة التراويح في ليالي شهر رمضان المبارك، وأمروا بسبّ الشيخين أبي بكر الصديق وعمر الفاروق رضي الله عنهما ، علناً، وكتابة ذلك السبّ على جدران بيوت السنة ، وتخيلوا مدى الجريمة التي يأمر بها "الفاطميون" أن الفاروق رضي الله عنه (فاتح بيت المقدس) يؤمر بسبّه في بيت المقدس نفسها ، وسائر بلاد الشام ومصر ..هـ
إن كثرة تكرار الثناء على هؤلاء الرافضة، وملامسته لأسماع أهل السنة ومن جهات تدعي "المقاومة" والانتساب إلى جمهور أهل السنة يجعله واقعا حقيقيا ومتقبلا بمرور الزمن ؛ ويمثل فيما بعد الدرجة الأولى في سلم التأثر بالتشيع السياسي ومن ثم يعقبه التشيع العقدي خاصة بين الأجيال الناشئة لأهل السنة ، ومن المؤكد هذا ما يسعى إليه يهود في تغيير عقائد أهل السنة الصافية إلى عقائد التشيع المشوهة وبذلك يلتقي المشروعان .. وقد نصل إلى ما ذكر إبان "الدولة العبيدية الفاطمية" إن لم يتنبه أهل السنة .
يتبع في الجزء القادم ..