هل ثبت عن الإمام الشافعي مدحه للصوفية في شعره ؟
السؤال
أنا مسلمة أعيش في كندا ، هنا في بلاد الغرب لقد انتشرت الصوفية كثيراً ، وأصبح الكثير من المسلمين المحترمين والمتعلمين يتبعون طرق الصوفية وأهل البدع ، هذه مشكلة كبيرة في بلادنا، وكثيرٌ من هؤلاء الصوفية يستشهدون بقول الإمام الشافعي رحمه الله ، فمن فضلكم أريد شرح هذه الأبيات : فقيهاً وصوفياً فكن ليس واحداً فإني وحق الله إياك انصح فذلك قاسٍ، لم يذق قلبه تقى وهذا جهولٌ ، كيف ذو الجهل يصلح؟
نص الجواب
الحمد لله
هذا الشعر المنسوب إلى الإمام الشافعي رحمه الله لا يُعرف عنه من طريق مقبول ، ولا ذكره عنه – فيما نعلم – أحد من أصحابه ولا أحد من أتباع مذهبه ، وإنما ذُكر في كتاب "ديوان الإمام الشافعي" (ص32) ، وقد سبقت الإشارة في جواب السؤال رقم (154451) إلى أن هذا الديوان المجموع لا تصح نسبته إليه رحمه الله .
والزيادة على الإمام الشافعي ، والتقول عليه في الشعر ، أمر معروف من قديم ؛ فقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله في "الدرر الكامنة" (1/355) في ترجمة نور الدين الهاشمي ، عن التقي السبكي أنه قال عنه : " استعرت منه جزءا فوجدت فيه في الأبيات الضادية المنسوبة للشافعي التي أولها : ( يا راكبا قف بالمحصب من منى ) بيتا زائدا ، وهو :
قف ثم ناد بأنني لمحمد ووصيه وابنيه لست بباغض
قال : فتأملت خط البيت الزائد فإذا هو خط نور الدين الهاشمي . ومن له معرفة يعلم أن الشافعي لا يستعمل اسم فاعل من " أبغض " انتهى .
والذي يبرهن على عدم صحة نسبة هذا الكلام للإمام الشافعي – فضلا عن كونه لا يعرف عنه من وجه معتبر - عدة أمور ، منها :
أولا : أنه لا يعرف عن الشافعي مدحه للصوفية ومذاهبهم ، وإنما المعروف عنه ذمه لهم ولطريقتهم .
فعن يونس بن عبد الأعلى قال سمعت الشافعي يقول : " لو أن رجلا تصوف أول النهار ، لا يأتي الظهر حتى يصير أحمق " .
وعنه أيضا أنه قال : " ما لزم أحد الصوفية أربعين يوما ، فعاد عقله إليه أبدا " .
وقال يونس بن عبد الأعلى تلميذ الشافعي : " صحبت الصوفية ثلاثين سنة ، ما رأيت فيهم عاقلا ، إلا مسلم الخواص " . انتهى من "تلبيس إبليس" (ص 327) .
وانظر كتاب "الاستقامة" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (1/414) .
وقال الشافعي أيضا : " صحبت الصوفية فما انتفعت منهم إلا بكلمتين ، سمعتهم يقولون : الوقت سيف فإن قطعته وإلا قطعك . ونفسك إن لم تشغلها بالحق ، وإلا شغلتك بالباطل " .
"مدارج السالكين" (3 /129) .
ثانيا : ركاكة هذا الشعر ، وضعف صياغته وبنائه ، والشافعي رحمه الله معروف عنه البلاغة والفصاحة والمعرفة التامة بالشعر .
قال المبرد : " دخل رجل على الشافعي فقال : إن أصحاب أبي حنيفة لفصحاء .
فأنشأ يقول :
فلولا الشعر بالعلماء يزري لكنت اليوم أشعر من لبيد "
"سير أعلام النبلاء" (10 /72) .
ثالثا : نفيه تقوى الله عن قلب الفقيه ، ووصفه بالقساوة قول باطل ، لا يجوز أن ينسب إلى الشافعي ، بل الفقيه أولى الناس بتقوى الله .
روى البخاري (71) ومسلم (1037) عن مُعَاوِيَةَ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : ( مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ )
فكيف والإمام الشافعي ما عظم في الأمة ، ولا عرف فيها بشيء أجل من فقهه ، وإمامته فيه ، وأما التصوف فما عرف له فيه شيء ، ولا ثبت عنه فيه بحث ولا مقام .
وينظر لمعرفة المزيد عن الطرق الصوفية وموقف المسلم منها جواب السؤال رقم : (118693) ،(166464) .
المصدر : موقع الإسلام سؤال وجواب