عرف عن "حركة الأخوان المسلمين" تلونهم وعدم وضوح مواقفهم ومحاولتهم "مسك العصا من الوسط" كما يقال ..
لكن هذا الأسلوب قد أفقدهم الكثير من المكاسب بل أفقد ثقة الناس بهم .. فهم يحاولون اللعب على كثير من الحبال في نفس الوقت ظنا منهم أن هذا يحقق لهم المنافع لكن في الحقيقة العكس هو الصحيح .
وهذا الأسلوب في التعامل مناف لما عليه تعاليم الإسلام المبنية على الصراحة والوضوح .
ففي الوقت الذي اتفق فيه الرسول صلى الله عليه وسلم مع اليهود عند قدومه إلى المدينة على مواثيق معينة كان القرآن يصدح بأن اليهود قالوا العزيز ابن الله .. كذلك قوله تعالى :
{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ... } [المائدة : 64] .
وهكذا كان الخطاب واضحا لا لبس فيه مع من يستحقه فلا تلون في المواقف ولا غبش في الصورة .
وبما أن "حركة حماس" تعتبر نتاج لـ"حركة الإخوان" وبعد منهجي لها فسارت على نفس خطى "حركة الإخوان" في هذا التقلب في المواقف .
ظهر مؤخرا خالد مشعل في تسجيل وتحدث عن علاقتهم بالنظام السوري وكما يقال من خلال قراءة ما بين السطور نستشف بأن هنالك كلام ناعم موجه للنظام من قبل هذا القيادي في "حماس" وفيه مدح مباشر أو غير مباشر له ..!!!
في المقابل كنا نسمع بأن مواقف "حماس" تجاه الوضع في سوريا هي مواقف مبدئية .. ولا ندري ما الذي تغير على الخارطة السورية غير استمرار سفك دماء الشعب المظلوم .
من ضمن هذه التصريحات والمواقف :
1- رفع خالد مشعل "رئيس المكتب السياسي للحركة" آنذاك "علم الثورة السورية" خلال "احتفال الحركة في ذكرى انطلاقتها الخامسة والعشرين" في غزة .. مع ما يمثله رفع "العلم" من تأييد للثورة السورية التي تواجه النظام بشراسة .
2- كشف مصدر مطلع للجزيرة نت أن "رئيس المكتب السياسي لحركة حماس" خالد مشعل تجنب لقاء كان قد تم تحديده مع الرئيس السوري بشار الأسد وفضل مغادرة سوريا قبل اللقاء الذي اعتبرته "حماس" بأنه لن يكون مفيدا .
3- المجلس الوطني : مشعل أبلغنا دعمه للمطالب المحقة للشعب السوري .
4- قيادي في "حماس" : الهجوم السوري على مشعل يقطع كل تواصل مع "الحركة" .
5- مشعل يطالب الإبراهيمي والعربي بحماية فلسطينيي اليرموك .
6- أشار المنسق السياسي والإعلامي للجيش السوري الحر لؤي المقداد إلى أن "رئيس المكتب السياسي لحركة حماس" خالد مشعل اتخذ قرارا بمغادرة دمشق بعد أن هدده شقيق الرئيس السوري بشار الأسد ماهر الأسد صراحة واعتقل ابنته وزوجها لعدة أيام بعد رفضه الوقوف إلى جانب النظام في بداية اشتعال الثورة السورية .
7- مشعل : ما تشهده سوريا ربيع وليس مؤامرة .
8- كشف "رئيس المكتب السياسي لحركة حماس" خالد مشعل عن تراجع الدعم الإيراني لحركته بسبب رفضها تأييد نظام الرئيس السوري بشار الأسد عقب اندلاع الثورة السورية .
9- وقال مشعل في مقابلة مع "قناة فرنسا 24" الاثنين إن الأزمة بين "حماس" والأسد أثرت على العلاقة مع إيران التي ردت بمراجعة الدعم المالي لـ"الحركة" بشكل كبير بعد أن كانت أحد الداعمين الأساسيين لها .
10- وفي 2016 كان مشعل قد أشار في تصريحات له إلى أنه من حق الشعوب الانتفاض من اجل حقوقها ولكن يجب أن يتم ذلك بوسائل سلمية في إشارة إلى مقاتلي المعارضة في سوريا مؤكدا أنه (ضد العنف الطائفي أيا كان مصدره) .
هـ
.................
هذه عينة من التصريحات التي صدرت تباعا منذ اندلاع الثورة السورية تبين بأن هنالك اختلاف بين "الحركة" والنظام السوري ولعل أكثرها وضوحا هو رفع "علم الثورة السورية" على يد خالد مشعل في المقابل الحملة الإعلامية الشرسة التي شنتها وسائل الإعلام السورية عليه .
بعد هذه السنين العجاف التي مرت على الشعب السوري والسحق والتدمير للمدن السورية على يد النظام الهمجي النصيري والمستمر الى حد الآن ..
نسأل "حماس" ومسؤولها خالد مشعل ما الذي تغير حتى تصاغ عباراتكم ومجاملاتكم الناعمة تجاه هذا النظام المجرم ..!!؟؟ .
فمن ناحية .. "الحركة" بيانتها المتتالية في استنكار ضرب الطائرات الصهيونية لمواقع قوات النظام النصيري والمليشيات الشيعية المتحالفة معه ,, ومن ناحية أخرى .. لا نرى مثل هذا الاستنكار عندما تضرب الطائرات الروسية أو طائرات النظام نفسه المدن السورية الآهلة بالسكان العزل ..!! .
أما من ناحية خالد مشعل فيستشف من خطابه أو كلامه الأخير لغة تصالحية أو اعتذارية أو سمها ما شئت .. وليست لغة تبين بوضوح صفة هذا النظام المجرم .
وإليكم بعض فقرات كلامه الذي نقلناه من إحدى المواقع والذي سنردف بعضه بتعليق :
قال خالد مشعل "رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس" ، خلال جلسة حوارية مطولة نظمها مركز مسارات الفلسطيني عبر الإنترنت ، في سياق حديثه عن علاقة "حركة حماس" بدمشق و"الإخوان المسلمين"، إلى حوار جرى مع البيانوني الذي كان برفقة خلَفه في قيادة الجماعة والمراقب العام حينها، رياض الشقفة، وأن القياديين ناقشا معه فتح خط وساطة مع القيادة السورية ..
قال مشعل: “عندما جاء "الربيع العربي" .. أنا سأقول لكم قصة للتاريخ.. في بداية "آذار/مارس" 2011، يعني قبل أسبوعين من بدء الحراك السوري، كان عندنا "مؤتمر للقدس" في الخرطوم، والمشاركون في المؤتمر "من كل التيارات والاتجاهات"، وكان من ضمنهم أناس من "الإخوان المسلمين" السوريين، كان البيانوني ورياض شقفة، وطلبا لقائي فالتقيت بهما .. قالا لي : يا أبا الوليد أنت ترى الوضع .. وكانوا قد رأوا ما جرى في مصر، وكان هناك حراك قد بدأ في ليبيا واليمن، وكانوا يظنون أن الأمور رح تمشي (ستمضي) في سوريا.
وأضاف مشعل: “قلت لهم؛ يا إخواننا أرجوكم، من حقكم أن تكون لكم ملاحظات على السياسة السورية الداخلية، وأنتم شعب لا أقدر أن أمنعكم أن ترفعوا شعارات الحرية و"الديمقراطية"، لكن سوريا كبلد له سياسة خارجية ممتازة، يحتضن "المقاومة" .. لا تعملوا أداء كما يجري في البلاد الأخرى، حاولوا أن تعملوا مقاربة مختلفة“ .
تعليق :
(سوريا له سياسة خارجية ممتازة .. يحتضن "المقاومة" لا تعملوا أداء كما يجري في البلاد الأخرى)
يعني يفهم من كلام مشعل أن لا تعملوا أداء كما يجري في البلاد الأخرى .. بسبب احتضان سوريا لـ"المقاومة" فهذا هو المانع من فعل نفس ما يجري في البلاد الأخرى .
ونسأل هل هناك احتضان فعلي لـ"المقاومة" أم هي شعارات فضفاضة ليس إلا ..!!
فهل كانت "حركة حماس" مثلا تستطيع قصف كيان الاحتلال من الجولان أو تنطلق بعمليات عسكرية من سوريا ..!!؟؟
أم أن هذا الدعم هو عبارة عن مكاتب وتواجد قيادات ومؤتمرات إعلامية وهذه هي السنوات الذهبية التي يتكلم عنها خالد مشعل والتي من أجلها نصح الشعب السوري بعدم القيام بما قامت به شعوب أخرى ..
وهنا نترك الحكم للقارئ .. على أننا نرى بأن خالد مشعل لو أراد نصح الشعب السوري .. لوجه النصيحة بمسار آخر .. وهو خشية تدمير البلد على يد هذه الطغمة النصيرية المدعومة خارجيا ..هـ
(وكان مشعل قد تطرق في الندوة الحوارية إلى علاقة "حماس" مع “محور المقاومة”، قائلا: “نحن في قلب "محور المقاومة"، دون أن ننقطع عن "تيارات الأمة الأخرى" .. حتى الدول التي تلتقي معنا جزئيا أو غير جزئي .. نحن منفتحون على الأمة.. "حماس" لم تكن يوما خارج "محور المقاومة" ، نحن في قلب "محور المقاومة")
تعليق :
"محور المقاومة" هو مصلح إيراني يدل على التحالف بين القوى الشيعية في المنطقة سواء كانت دولا أم منظمات أم مليشيات .
وهو محور شيعي بامتياز فتصريح مشعل هذا ضبابي وغير واضح قد يحمل نغمة تصالحية لأن سوريا هي عضو بارز في هذا "المحور" .
وليذكر لنا ما يطلق عليه "محور المقاومة" غير هذا "المحور" .. على أن "حماس" صرحت بعدة مناسبات بأنها مع "محور المقاومة" الإيراني هذا .. والدليل :
تصريح ممثل "حماس" في لبنان أحمد عبدالهادي عقب مقتل قاسم سليماني :
(بعضهم أبدى تعاطفا معنا وبدأ يبرر لنا الضرورة والحاجة وغير ذلك .. لا لم ننطلق من هذه المنطلقات وانما انطلقنا من كوننا واحد جسد واحد ، مكون واحد ، مقاومة واحدة في مواجهة المشروع الصهيوني) والمقطع منتشر في تويتر ويوتيوب .
وتصريحات كثيرة من هذا القبيل تصدر باستمرار من قادة "حماس" كالسنوار وإسماعيل رضوان والعاروري وأسامة حمدان وغيرهم .
هـ
................................................
(وتحدث عن علاقة "حركته" بالقيادة السورية سابقا، وقال: “لو أتيح لأحد منكم أن يسأل المسؤولين السوريين؛ كم "حماس" في سنواتها الذهبية اللي عاشتها في سوريا وقفت مع سوريا. ولا ننسى هذا التاريخ، سوريا احتضنتنا رسميا وشعبيا، النظام احتضننا وكذلك الشعب احتضننا. فلا ننسى هذا التاريخ "محور المقاومة")
تعليق :
يقول مشعل سوريا احتضنتنا رسميا وشعبيا ..
أما شعبيا فلا خلاف
وأما رسميا : فنقول لمشعل لماذا رفعت "علم الثورة السورية" ورفرفت به في غزة إذا وهوعلم العدو اللدود للنظام السوري !!؟؟
ففعلك هذا إما أن يكون نكران جميل منك لمن احتضنك وهو القيادة السورية .. أو موقفا صحيحا بالتالي لا ينبغي منك أن تذكر النظام السوري بخير وأن سنواتك كانت معه ذهبية .. وهذان خياران أحلاهما مر .
وهذا التصرف من مشعل يدل على تذبذب "حركة حماس" في مواقفها مما أفقد الثقة بها من العدو والصديق .. كما بينا في البداية ..هـ
(ورفض الاتهام لـ"حماس" بأنها تأثرت بعلاقتها بـ"الإخوان المسلمين" في تحديد شكل العلاقة مع سوريا. وقال : “هم أيضا يعرفون (القيادة السورية) كم نحن سعينا لتغيير صورة سوريا عند الإسلاميين، ليس فقط الإسلاميين السوريين، عند كل الإسلاميين في العالم، هم يعرفون هذا الكلام. وهذا واجبنا، لا نمن به على أحد، هذا واجبنا. كنا نقول لهم تعالوا تفضلوا لتروا كيف تقف سوريا مع الحق الفلسطيني، ولا تتدخل في قرارنا“ ..
وأوضح مشعل أن "حماس" سعت إلى أن تبقى سوريا في استقرار ومنعة لسياستها الخارجية الممتازة، وأن تكون للسلطات مقاربة مع شعبه الذي كانت مطالبه بسيطة في ذلك الوقت)
تعليق : نعود لنفس النغمة مشعل يريد تحسين صورة النظام السوري عند الإسلاميين لأنه حسب ما يدعي أنه يقف مع الحق الفلسطيني .. وهذا موقف عجيب يصدر من رأس هرم "حركة حماس" .
نسأل ما هو مقياس التفريق بين الحسن والقبيح عند مشعل .. ؟؟؟
أهو وقوف النظام السوري مع الحق الفلسطيني ..؟؟
لو قلنا جدلا بأنه يقف مع الحق الفلسطيني .. لكن ماذا عن الحق السوري المهدور ؟؟
ماذا عن حكم الطائفة الأقلية وتسلطها على الأكثرية السنية في البلد ماذا عن فروع المخابرات ومنها "فرع فلسطين" التي يسام فيها الشباب السوري سوء العذاب .. ونحن نتكلم هنا عن ما قبل الثورة السورية .
ماذا عن النظام الذي نهب البلد وجعله مزرعة له ولعائلته .
ماذا عن التغلغل الشيعي في البلد وفتح مصراعيه لدعاة الرافضة لتغيير العقيدة السنية للسوريين .
وغير هذا كثير من الظلم للشعب السوري .
فضع هذان الأمران في كفتي الميزان لتكون عادلا يا مشعل ..!!
فالمهم عند خالد مشعل أن يكون النظام السوري بنظره "يقف مع الحق الفلسطيني" .
وهنا نذكر مسألة للتاريخ :
أن في سنوات مشعل الذهبية في سوريا كانت مخابرات النظام السوري تطارد وتعتقل الفلسطينيين الهاربين من بطش المليشيات في العراق وترمي بهم في الصحراء في مخيمات لا تصلح لعيش البشر ومن ثم تسمح للمنظمات الصليبية بأخذهم إلى بلدانهم ليضيع الحق الفلسطيني الذي يتباكى عليه مشعل .
فمشعل يأخذ جزئية ويبني عليها حكما كليا ولا ينظر للمسألة من جميع جوانبها .
فمقياس السنوات الذهبية عند مشعل التي من أجلها يريد تحسين صورة النظام السوري .. هو السماح للفصائل الفلسطينية بـ"العمل الجماهيري" كما يقال من خلال الأرض السورية .
وكلنا يعلم أن الكثير من الأنظمة الاستبدادية تلجأ إلى مثل هذه الأعمال لتحسين صورتها ولمصالح وأوراق تلعب بها وتفاوض من أجلها .. فليست هي جمعيات خيرية تنادي بالفضيلة وتكره الرذيلة .
وليعلم مشعل أنه هو و"حركته" من الممكن بيعهم في أي مزاد مقابل منفعة يحصل عليها هذا النظام النصيري الذي يحاول مشعل أن يتودد له من خلال معسول الكلام هذا .
موقع الحقيقة
لجنة الدفاع عن عقيدة أهل السنة في فلسطين
14/4/1442
29/11/2020