البداء عند الرافضة والندم عند اليهود

بواسطة مجلة التوحيد قراءة 1995

البداء عند الرافضة والندم عند اليهود

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فإن من أوجه الشبه الواضحة بين عقيدة اليهود والرافضة، افتراء الكذب على الخالق
سبحانه، ومن ذلك وصفه جل وعلا بصفات النقص كالندم والحزن والأسف والتعب إلى غير
ذلك من تطاول الفريقين الضالين على رب العالمين سبحانه.

وفي هذا المقال نبين:
1- عقيدة اليهود في الخالق سبحانه.
2- عقيدة الرافضة في ربهم.
3- أوجه الشبه بين العقيدتين.
4- إبطال تلك المعتقدات الفاسدة.

أولاً: عقيدة اليهود في خالقهم:

لا يتورع اليهود كعادتهم في وصف الخالق سبحانه بصفات النقص، من ذلك ما ورد في
أسفارهم في وصفه سبحانه بالندم، ففي سفر الخروج أن الله أراد أن يهلك بني
إسرائيل الذين خرجوا على موسى عليه السلام من مصر فطلب موسى من الله أن يرجع عن
رأيه في إهلاك شعبه قائلاً: «ارجع عن حمو غضبك، واندم على الشر بشعبك، اذكر
إبراهيم وإسحاق وإسرائيل عبيدك، الذين حلفت لهم بنفسك، وقلت: أكثر نسلكم، كل
هذه الأرض التي تكلمت عنها فيملكونها إلى الأبد، فندم الرب على الشر الذي قال
إنه سيفعله بشعبه». (إصحاح 32، فقرات 12- 14).

ومن ذلك أيضًا ما ورد في سفر صموئيل الأول أن الله تعالى ندم على تنصيبه شاول
ملكًا على بني إسرائيل لمخالفته لأوامره، فقال سبحانه لصموئيل: «ندمت على أني
قد جعلت شاول ملكًا، لأنه رجع من ورائي ولم يقم كلامي». (إصحاح 15 فقرات 10،
11).

وهذا النص بيّن - حسب زعم اليهود- أن الله سبحانه لم يكن يعلم ما ينتهي إليه
أمر شاول، فضلاً عن وصفه سبحانه بأنه يندم بصفة المضارع في بعض نصوصهم يشير إلى
تجدد الندم في حقه سبحانه. تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا.

والندم يستلزم الجهل وعدم العلم، ذلك أن الندم على فعل بعينه لا يكون إلا إذا
طرأ على الفاعل ما كان يجهله قبل الفعل أو أنه فعل بغير علم وهذا وصف لرب
العالمين بعدم العلم.

وكذا قد ورد في أسفارهم وصف الخالق سبحانه بالحزن والأسف، والأسف هو أشد الحزن،
يقول سبحانه:
فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا [الكهف: 6]، وقد يأتي أحيانًا عقب الغضب، يقول جل وعلا: فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا [طه:
86]، والأسف بمعناه الأول ممتنع في حق الخالق سبحانه، لأنه يعني الجهل ويستلزمه
لأن الأسف لا يكون إلا على ما فات، وقد ورد في سفر التكوين نسبة الأسف بمعنى
الحزن إلى رب العالمين ففيه: «ورأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض، وأن كل
تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم، فحزن أنه عمل الإنسان في الأرض وتأسف في
قلبه، فقال الرب: أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته، الإنسان مع بهائم
ودبابات وطيور السماء، لأني حزنت أني عملتهم». (الإصحاح السادس فقرات 5 - 8).

ففي هذا الإصحاح، أن رب العالمين قد تأسف على خلقه الإنسان لأنه لم يكن يعلم ما
يصدر منه مستقبلاً، تعالى عن إفكهم وافترائهم علوًا كبيرًا.

ويواصل المغضوب عليهم وصف رب العباد بالنقص في أسفارهم المحرفة، فيصفونه
بالنسيان الذي يكون ضد الذكر والحفظ، يقول جل شأنه:
وَمَا كَانَ رَبُّكَ
نَسِيًّا
[مريم: 64]، ويقول جل وعلا: لاَ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنْسَى [طه:
52].
جاء في سفر الخروج: «تنهد بنو إسرائيل من العبودية وصرخوا، فصعد صراخهم إلى
الله من أجل العبودية، فسمع الله أنينهم فتذكر الله ميثاقه مع إبراهيم وإسحاق
ويعقوب». (الأصحاح الثالث فقرات 23 - 24).

وفي النص يتبين لنا أن الله سبحانه لم يتذكر ميثاق إبراهيم وإسحاق ويعقوب إلا
لما سمع أنين بني إسرائيل. وهكذا يواصل أولئك السفهاء ضلالهم وغيهم في وصف رب
العالمين بصفات النقص، بل يصفونه بالجهل الصريح عندما زعموا أن الله خاطبهم أن
يميزوا بيوتهم بالدم حتى لا يصيبهم الهلاك الذي سيصيب بيوت المصريين، فكأن الله
سبحانه لا يستطيع تمييز بيوتهم إلا بعلامة!! ألا لعنة الله على الظالمين.

وهذا قليل من كثير مما ورد في أسفار اليهود من وصف رب العالمين بصفات تسلتزم
النقص، وهذا محال في حق الذي خلق فسوى وقدر فهدى، سبحانك هذا بهتانٌ عظيم.

 

ثانيًا: عقيدة الرافضة في ربهم:

وسار على درب اليهود الرافضة، فنسبوا لرب العالمين - البداء - الذي يعني الظهور
بعد الخفاء، يقول جل وعلا:
وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا
يَحْتَسِبُونَ
[الزمر: 47]، ويعني كذلك، نشأة رأي جديد، يقول سبحانه: ثُمَّ
بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ
.

والبداء بكلا المعنيين محال في حق الله سبحانه إذ أنه يستلزم الجهل وعدم العلم
الكامل.

إلا أن الرافضة لغيهم وضلالهم يجوزون البداء في حقه سبحانه، بل إن البداء أصل
من أصول عقيدة الرافضة، وتلك النصوص تبين ذلك المعنى.

- ففي أصول الكافي ورد في كتاب التوحيد باب يحمل عنوان «البداء»، وإليك أخي بعض
النصوص من هذا الهراء الذي ينسب البداء إلى رب العالمين:

أ- عن أبي عبد الله عليه السلام: «ما عظم الله بمثل البداء».
ب- عن مالك الجهني قال: سمعت أبا عبد الله - عليه السلام - يقول: «لو علم الناس
ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه».
جـ- عن الريان بن الصلت قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: «ما بعث الله نبيًا
قط إلا بتحريم الخمر، وأن يقر لله بالبداء». (الكافي 1/146، 148).


وعقيدة البداء أجمع عليها علماء الرافضة، وقد أفاد شيخهم المفيد ذلك في كتابه
«أوائل المقالات»، بل راح يصرح بمخالفة الفرق الإسلامية للرافضة في ذلك
المعتقد، والرافضة يريدون البداء بمعناه اللغوي السابق بيانه، ومما يؤكد ذلك
ويوضحه ما ورد في تفسيرهم لبعض آيات القرآن بجواز نسبة الجهل إلى الله سبحانه.

 

من ذلك على سبيل المثال:

- عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام: «وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة»
قال: كان في العلم والتقدير ثلاثين ليلة ثم بدا لله فزاد عشرًا فتم ميقات ربه
الأول والآخر، أربعين ليلة).(... في تفسيره 1/44).

فرب العالمين - على حد زعمهم- لم يكن يعلم العشر الأخر من الأيام التي عرف بها
موسى الميقات، فقد كانت خارج علم الله وتقديره، وإنما بدا له فيها بعد ذلك. تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا.

-   من الروايات الصريحة في عقيدة البداء عند الرافضة ما نسبوه إلى جعفر الصادق
أنه نص على إمامة ابنه إسماعيل، فلما مات إسماعيل في حياة أبيه قال جعفر
الصادق: «ما بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل ابني»، والمعنى أنه ظهر لله
أمر موت إسماعيل بعد أن كان خافيًا عليه قبل حدوثه، هل بعد هذا الإفك من إفك؟

-   من ذلك أيضًا ما رواه الكليني بسنده إلى أبي جعفر وأبي عبد الله - عليهما
السلام - أنهما قالا: «إن الناس لما كذبوا برسول الله صلى الله عليه وسلم هم الله تبارك وتعالى بهلاك أهل الأرض إلا عليًا فما سواه يقول سبحانه:
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا
أَنْتَ بِمَلُومٍ
[الذاريات: 54]، ثم بدا له فرحم المؤمنين، ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (الذاريات: 55) (روضة الكافي 8/103).
وهذا يعني تجدد الرأي وتغيره في حق رب العالمين سبحانه، والسؤال: هل يليق ذلك
بالعليم الحكيم الذي يعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن إذا كان كيف يكون،
سبحانه فقد وصف نفسه أنه أحاط بكل شيء علمًا، يقول جل شأنه:
وَعِنْدَهُ
مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ
[الأنعام: 59].


وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.
والله من وراء القصد.

مجلة التوحيد بمصر

http://www.altawhed.com/Detail.asp?InNewsItemID=234404

 



مقالات ذات صلة