رسالة استغاثة من أوباما إلى طهران

بواسطة مفكرة الإسلام قراءة 2115

رسالة استغاثة من أوباما إلى طهران

السبت 25 من ربيع الأول1430هـ 21-3-2009م

 

الخبر: رحبت طهران، بدعوة الرئيس الأمريكي باراك أوباما القيادة الإيرانية إلى "فتح صفحة جديدة" في العلاقات مع الولايات المتحدة.

التعليق:

مفكرة الإسلام: جاءت دعوة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لفتح صفحة جديدة مع طهران في دعوة علنية غير مسبوقة وجهها إلى القيادة والشعب الإيراني معا بمناسبة ما يسمى "عيد النيروز" الفارسي الذي يحتفل به النظام الإيراني الشيعي، وكانت الإدارة الأمريكية قد اعتادت توجيه مثل هذه الرسائل للشعب الإيراني وحده. وقد يبدو للبعض أن الإدارة الأمريكية الحالية تسير على نهج جديد تجاه طهران خلافا للإدارة السابقة ولكن الحقيقة أن الخلاف الوحيد بين النهجين هو في العلانية التي تتميز بها إدارة أوباما أما الغزل وفتح الأبواب للتعاون مع النظام الإيراني فهو مستمر من الإدارة السابقة التي رفضت تماما توجيه أي ضربات صهيونية للبرنامج النووي الإيراني بالإضافة إلى دعم إيران للاحتلال خلال غزو العراق وأفغانستان.

لماذا الآن؟

لم يخف باراك أوباما منذ حملته الانتخابية أن الاهتمام الأساسي له بالنسبة للملفات الخارجية هو بالشأن الأفغاني وأكد أنه سيرسل المزيد من الجنود إلى هناك ودعا حلفاءه الغربيين للاقتداء به؛ فهو يرى أن أفغانستان قاب قوسين أو أدنى من الوقوع في أيدي طالبان وهكذا يرى عدد من مستشاريه العسكريين خصوصا بعد الهجمات النوعية الأخيرة لحركة طالبان على قوات الاحتلال وتكبيدها خسائر كبيرة، أضف إلى ذلك تزايد التعاطف الشعبي مع الحركة بينما يفقد الاحتلال يوما بعد يوم أي رصيد له في هذا المجال إثر ذهاب وعوده بالرخاء والإعمار أدراج الرياح، ولم يعد يمر يوم إلا ويسقط عدد من المدنيين قتلى أو جرحى برصاص المحتل. وأوباما لا يخشى فقط على أفغانستان بل يخشى أيضا على باكستان التي ينشط فيها الإسلاميون المقربون من طالبان وتعد عمقا استرايجيا لأفغانستان ويؤكد على هذا الخوف النظام الضعيف في باكستان والذي يواجه بمعارضة سياسية وشعبية كبيرة اتضحت مؤخرا من تراجعه أمام غضبة المحامين الذين ثاروا مطالبين بعودة القضاة المعزولين. ولباكستان بالنسبة للغرب أهمية قصوى نظرا لأنها الدولة المسلمة الوحيدة التي تمتلك السلاح النووي وفي وقوعه في أيدي الإسلاميين خطورة كبيرة على الأطماع الغربية ليس فقط في جنوب آسيا، وهي منطقة حيوية ومؤثرة على مصالحه، بل أيضا في بقية مناطق العالم التي يعيث فيها فسادا واستغلالا.

بداية الغزل العلني:

لقد بدأ الغزل العلني عندما صرحت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية بأن بلادها ستدعو طهران لحضور مؤتمر بشأن أفغانستان وقد وافقت إيران على الدعوة بشكل فوري وأبدت استعدادها للمساعدة، كما تحدث مسئولون عسكريون أمريكيون رفيعو المستوى عن تخطيط واشنطن لاستخدام الأراضي الإيرانية من أجل إمداد جيشها في أفغانستان بالمؤن وذلك بعد زيادة الهجمات على قوافل الإمدادات في باكستان وغلق القاعدة الجوية الأمريكية الحيوية في قيرغزستان، جاء ذلك في وقت أكدت فيه طهران استمرارها في برنامجها النووي وتحديها للغرب وللوكالة الدولية، بل أشار وزير الطاقة الإيراني بعد دعوة أوباما لفتح صفحة جديدة إلى أن مفاعل بوشهر النووي سيبدأ العمل نهاية هذا العام في رسالة واضحة للأمريكيين بأن المساعدة في أفغانستان مشروطة بالتغاضي عن الملف النووي، كما شدد على ذلك المرجع الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، والذي طالب واشنطن صراحة بالقيام بأفعال ملموسة للتقارب مع إيران .

مخاوف عربية

لا تهتم واشنطن بالعرب إلا بقدر ما تستفيد من ورائهم وهي مع مصالحها أينما توجهت ولم تأت واشنطن إلى المنطقة لحمايتهم من عراق صدام ولا من إيران الخوميني ولكن لأن مصالحها في الوجود قرب منابع النفط ولأن العراق وإيران قاما بالتغريد خارج السرب وصنعا لأنفسهما أجندة خاصة قد تتعارض في بعض بنودها مع الأجندة الأمريكية، والعرب رغم التصريحات الرسمية يعلمون جيدا هذه الحقيقة؛ لذا بدأت الشكوك تساورهم بعد خطاب أوباما الأخير فقد أكد مصدر دبلوماسي مصري أن اتصالات عربية تجري حاليًا مع الإدارة الأمريكية بشأن الترتيب لعقد اجتماع لمناقشة تطورات الأوضاع في المنطقة قبل الحوار الأمريكي ـ الإيراني المرتقب. وما يزيد من هذا القلق أن صفقة "أفغانستان ـ النووي" ليست وحدها على لائحة التصالح العلني بين إيران وأمريكا بل هناك العراق التي قرر أوباما الرحيل عنها بأغلب قواته ويخشى من وقوعها هي الأخرى في أيدي المقاومة السنية خصوصا مع ضعف الجيش العراقي وحالة الانقسام السياسي الداخلي، والحل القريب أمام أوباما هو الاعتماد على طهران وأوليائها في العراق لحفظ الأمن مع إطلاق يدها بقدر معين وهو ما يشير إلى مجازر جديدة مادية ومعنوية للسنة، وسيمثل خنجرا في جنب عدة دول عربية قريبة كما سيؤدي إلى تنامي في نفوذ طهران في المنطقة ككل.

 



مقالات ذات صلة