تقرير: سوريا.. تشيع ديني.. وتشيع سياسي
المختصر/ تقرير: 500 ألف إيراني يدخلون سورية سنويا لزيارة مزارات شيعية..
الشرق الأوسط 20/5/2008م / العلاقات الإستراتيجية بين إيران وسورية كانت ضرورة ملحة للطرفين، إلا أن تعزيز هذه العلاقات تم داخل سورية وعلى الأراضي السورية، وليس داخل إيران أو على الأراضي الإيرانية. واليوم الغالبية العظمي من المشروعات السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية بين الطرفين تمر عبر دمشق، أو تقام داخل سورية، التي باتت قبلة للسياحة الدينية الإيرانية. ومع ارتفاع عدد السياح الإيرانيين للمناطق الدينية السورية إلى ما بين 500 ألف ومليون شخص سنويا، أقيمت العشرات من الحوزات العلمية الشيعية في مدن سورية، كما أنشئت العشرات من المراكز الثقافية والتعليمية الإيرانية. لكن وكما ولدت طبيعة علاقات الطرفين تفاهمات على القضايا الإستراتيجية، فإنها ولدت أيضاً حساسيات، خصوصا من جانب السوريين. فقد أثارت الأنشطة الإيرانية، بالذات الاتفاق الإيراني لتجديد وبناء المزارات الشيعية قلقا في سورية من انتشار مظاهر التشيع. فجمعية آل البيت التي يرأسها السفير الإيراني السابق في دمشق محمد حسن أختري، كانت ناشطة في سورية. وأدت أنشطة الجمعية، التي تتبع مباشرة مكتب المرشد الأعلى لإيران آية الله خامنئي ومنوط بها تخطط وتمويل مراكز شيعية حول العالم، إلى اتساع في الحوزة العلمية في دمشق، حتى باتت ثالث أكبر حوزة في العالم بعد حوزة قم في إيران وحوزة النجف في العراق. واليوم يوجد في سورية نحو 500 حوزة علمية وحسينيات تتوزع على المدن المختلفة، يدرس بها الآلاف من رجال الدين الإيرانيين. فيما تدشن جمعية آل البيت لبنك اسلامي وتلفزيون ومؤسسة نقد اسلامية من اجل دعم العلاقات بين البلدان الاسلامية. حول نشاطات جمعية آل البيت يقول المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية، علي صدر الدين البيانوني، لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة الحقيقية في نشر التشيع، ليست أن عددا من الناس صاروا شيعة، لكن نشر التشيع يثير اشكالات داخل المجتمع السوري. عندما ينقل اناس من السنة الى الشيعة، هذا يثير ويستفز العلماء السنة وأهل السنة، ويحدث اشكالات داخل نسيج المجتمع السوري. أنا اعرف ان بعض القرى صار فيها خلافات كبيرة نتيجة محاولات التشيع.. تقارير عديدة تحدثت عن دعم إيراني غير محدود لحركة التشيع في داخل سورية. هناك محاولة لإيجاد مراكز ثقافية لنشر التشيع في سورية في مختلف المحافظات والمدن التي لم تكن تعرف هذه الحالة من قبل». ويوضح البيانوني ان سبب نشر التشيع سياسي وديني مذهبي معا، موضحا: «هناك سبب ديني مذهبي وهناك سبب سياسي. المد الإيراني في سورية لم يقتصر على موضوع التشيع في الحقيقة. هناك نشاط ثقافي ونشاط خيري إيراني وحتى نشاط عسكري. فالنفوذ الإيراني في سورية ليس نفوذا مذهبيا فقط، وانما هو نفوذ سياسي واجتماعي ومذهبي وعسكري ايضا. هناك بناء حسينيات للأقلية الشيعية في قرى حلب وإدلب وللقرى المتشيعة حديثا في جسر الشور وبعض القري الأخرى. في إذاعة دمشق ينقل الأذان احيانا من مقام السيدة زينب او السيدة رقية على الطريقة الشيعية ايضا، اى يضاف «حي على خير العمل» بعد قول (حي على الصلاة وحي على الفلاح). وهذا لم يكن معهودا من قبل في سورية».
لكن محمد حبش مسؤول لجنة العلاقات الإيرانية ـ السورية بالبرلمان السوري يقلل من حجم هذه المخاوف. وقال حبش لـ«الشرق الأوسط»: «في الحقيقة الثورة الإيرانية جاءت منذ 29 عاما. ومنذ 29 عاما هناك علاقات استراتيجية بين سورية والثورة الإيرانية. والإيرانيون موجودون وينشطون في سورية منذ 29 عاما. ولم يحدث شيء من هذه المخاوف. نحن نعيش في سورية ونشاهد ما يصنعه الإيرانيون، ولا يوجد اى مخاطر من هذا النوع الذي يتحدثون عنه. تغيير التركيبة الديمغرافية للناس لا تتم عن طريق التبشير كما يظن البعض. نعم الإيرانيون يقومون ببعض الأنشطة يجددون بعض المزارات. لكن في سورية لا توجد هذه الحساسية الموجودة عند البعض من مزارات أهل البيت. لدينا في سورية مزارات قائمة مثل ابن عربي والشيخ خالد النقشبندي، لم نهدم مزاراتنا. عندما يقوم الشيعة بأموال إيرانية ببناء مزار السيدة رقية أو مزار سكينة بنت الحسين أو عمار بن ياسر، فهذا لا يزعج السوريين، هذا يفرحهم لانهم يشعرون أن واجبهم هو بناء هذه المزارات. وهذه المزارات ستنشأ من حولها بالتأكيد ادارات، وبالتالي حلقات علمية ومراكز دراسات وبحوث. هذا كله لا يزعج السوريين. نحن الذين نعمل في الحقل الإسلامي والذين نصعد المنابر ونلتقي بالسنة والشيعة في سورية لا نشعر أن هناك استياء من هذه الاشياء. بالطبع عندما نعلم أن أحدا ما يأتي بأموال خارجية ليقنع انسانا بأن يغير مذهبه، بالتأكيد هذا سيكون عملا سيئا، لكن منذ 29 عاما ونحن نسمع مثل هذه الدعاوى. ولم يحدث أكثر من حالات فردية جدا، كان من الممكن ان تحصل حتى لو لم يكن هناك شيء اسمه ثورة اسلامية. ما يجري في سورية من إعادة اهتمام بالمزارات الدينية ذات الخلفية الشيعية، نحن نعتبره امرا عاديا، فهناك تعاطف هائل في سورية مع أهل البيت بين الشيعة والسنة والمذاهب الاخرى». لا تخضع جمعية آل البيت الإيرانية في دمشق لاشراف اي جهة في سورية، تتبع فقط لسلطات السفير الإيراني في سورية، وعبرها يتم تمويل بناء الحسينيات والحوزات العلمية. وهذا التمويل ايضا لا يخضع لإشراف السلطات السورية بل يتم كليا تحت اشراف السفارة الإيرانية في دمشق، وربما من هنا تأتي صعوبة تحديد حجم إنفاق جمعية آل البيت داخل سورية. ويقول عبد الحليم خدام النائب السابق للرئيس السوري حافظ الأسد لـ«الشرق الأوسط» في هذا الصدد: «هناك شخصيات تأتي من طهران سواء مشايخ او دعاة، يأتون الى السفارة الإيرانية. السفارة الإيرانية ترتب لهم برنامجهم. الخط الذين ساروا فيه هو انه يوجد في سورية بعض قبور للصحابة ممن كانوا مقربين من سيدنا على ابن ابي طالب (كرم الله وجهه). الايرانيون بدأوا يهتمون بهذه القبور، عند كل قبر يقيمون مقاما، وينشئون بجانب المقام حسينية. بدأت العملية بهذه الطريقة. كلما كان هناك أثر لشخص له علاقة بآل البيت في أي مدينة، يذهبون الى هذه المدينة ويقيمون مقاما، فصار في سورية عدد كبير من المقامات. بالاضافة في دمشق يوجد حي الست زينب، يأتي الزوار الإيرانيون، والشيعة من كل مكان للزيارة. وكانت هناك مجموعة كبيرة من اللاجئين العراقيين لسورية بينهم رجال دين أقاموا عددا من الحسينيات». في دمشق اليوم وبالذات في المناطق التي توجد بها مزارات لآل البيت يظهر الوجود الإيراني بشكل يومي، فالزائرون دائمون، والسلع الإيرانية في كل مكان، والعملة الإيرانية عملة متداولة بين الزائرين الإيرانيين والمحلات التي يملكها إيرانيون في منطقة السيدة زينب والسيدة رقية. وقال مصدر سوري تحدث لـ«الشرق الأوسط» شريطة عدم الكشف عن هويته «ن اللاجئين العراقيين والإيرانيين في منطقة السيدة زينب (
ويعتقد الكثيرون أن التشيع يتجاوز الفضاء الديني الى الفضاء السياسي، بمعنى أن الهدف الأساسي من مد نفوذ المذهب الشيعي هو مد نفوذ سياسي، وليس مجرد تحويل عدة آلاف من الأشخاص من المذهب السني الى الشيعي. ويقول دبلوماسي غربي رفيع المستوى عمل في السفارة الاميركية بدمشق لسنوات لـ«الشرق الأوسط»: «هناك معلومات لدينا حول أنشطة التشيع التي تقوم بها إيران في سورية، وبدون شك هناك شيء من الصحة في هذا. ويمكن ان تقول نفس الشيء على المغرب العربي. لكن تحليلي ان هناك مبالغة في الموضوع. هناك في سورية حماس سياسي شيعي أكثر منه حماس ديني شيعي مثل ان يتحول شخص من مذهب لمذهب. حسب ما ارى هناك مبالغة في الموضوع، فالتشيع في سورية رمزية سياسية أكثر منه رمزية دينية او مذهبية. هناك طبعا بعض الاشخاص الذين غيروا للمذهب الشيعي لكن هذه ليست ظاهرة كبيرة».
وكما أن أنشطة التشيع أثارت قلقا وسط الكثير من النخب السورية، خصوصا رجال الدين السنة، فإن النفوذ السياسي الذي توفر لإيران على مدار السنيين كان ايضا مثار قلق بعض الدوائر في دمشق، التي تخوفت من أن تؤثر العلاقات المتزايدة بين طهران وحماس والجهاد الاسلامي سلبا على نفوذ دمشق على الفصائل الفلسطينية، كما حدث مع حزب الله. ويقول خدام من واقع سنوات عمله في دمشق: «علاقات أختري بالفصائل الفلسطينية قوية وممتازة، فهو من أسس هذه العلاقات بين المنظمات الفلسطينية وبين طهران منذ السنوات الأولى لخدمته في سورية، حتى قبل أن تأتي حماس إلى سورية مع بقية الفصائل. صلاته كانت جيدة مع معظم الفصائل، وأخذ عدة وفود فلسطينية إلى طهران. نظم مثلا مؤتمرا حول القدس في طهران، هو مؤتمر القوى الفلسطينية وقوى منظمات أخرى في المنطقة. علاقات الفصائل مع إيران علاقة مالية، فإيران تمول وتعطي مساعدات للفصائل القائمة بين تحالف الجهاد الإسلامي وحماس والقيادة العامة ـ جماعة أحمد جبريل. ثم تحول الأمر من المال إلى السياسة. اليوم يمكن أن نقول إن مساحة اللقاء بين حماس والجهاد وإيران أوسع من مساحة اللقاء بين حماس والجهاد والنظام في سورية. والسبب اولا ان الجهاد وحماس حركتان اسلاميتان. ثانيا: ليس لهما امتدادات في سورية، فوجودهما وجود جديد. التزام حماس السياسي مع إيران هو الاقوى، لكن هذا لا يعني أنه ليس هناك التزام مع سورية، هناك التزام محدود. وحتى مع إيران هناك سقف للالتزام. نفترض ان بشار الاسد سيجري صلحا مع إسرائيل وقال لحماس: اذهبوا وتصالحوا مع فتح. سيجهزون حقائبهم ويرحلون عن سورية، في القضايا الإستراتيجية لا يتأثرون بسورية، يتأثرون بإيران لكن بحدود معينة. فمنطلقاتهم الإستراتيجية تلتقي مع منطلقات إيران الإستراتيجية حول الموقف من اسرائيل كوجود، وعملية السلام، بالنسبة لسورية الامر مختلف». ويقول خدام حول ظروف استقبال دمشق لحماس «عندما صارت مشكلة بين الاردن وحركة حماس وكان هناك توترات بين سورية وياسر عرفات، تمت استضافة حركة حماس في دمشق. الفصائل الفلسطينية كانت تراعي الامور الداخلية السورية، ولم يكونوا يزجوا بأنفسهم في المسائل الداخلية السورية، وفي القضايا السياسية هناك هامش، وشرط هذا الهامش الا يتناقض مع منطوق السياسة السورية. فمثلا عندما حدث خلاف سياسي بيننا وبين ابو عمار ساعدنا في تحقيق الانشقاق في حركة فتح، وخرجت فتح الانتفاضة عام 1983. فتح الانتفاضة كانت كتلة متذمرة في فتح، نحن وظفنا هذا التذمر في تسريع عملية الانشقاق، هي إذا إنتاج سوري لمواجهة أبو عمار». لكن رغم قوة علاقات إيران وسورية، إلا أنهما اختلفا في بعض الحالات حول السياسات التي يجب ان تتبعها الفصائل الفلسطينية في دمشق. وكانت أحدث هذه الخلافات عندما قبلت دمشق المشاركة في مؤتمر أنابوليس للسلام. وفي هذا الصدد قال مسؤول فلسطيني في دمشق ان أختري عندما غادر دمشق كانت هناك توترات بين طهران والفصائل. وأوضح هذا المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته لـ«الشرق الأوسط»: «أختري لعب دورا في محاولة دعوة الفصائل الفلسطينية الى طهران بعد أنابوليس. هو ابلغ الفصائل عن مؤتمر سيعقد في طهران بدلا من مؤتمر دمشق، وارسل لجميع الفصائل بطاقات طائرات. طبعا قال للحكومة الإيرانية ان الفصائل الفلسطينية موافقة، لكن الحكومة الإيرانية فوجئت بأن الفصائل الفلسطينية ليست موافقة وحدثت اشكاليات». وتابع المصدر الفلسطيني انه رغم أن اختري أسهم بشكل كبير في بناء العلاقات بين طهران ودمشق والفصائل الفلسطينية إلا أن «غلطة الشاطر بألف».
خلفيات أزمة مؤتمر طهران تعود الى نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فقبل قبول دمشق حضور مؤتمر انابوليس الذي عقد في نوفمبر الماضي بأميركا، كان هناك اتفاق بين الفصائل الفلسطينية وسورية على عقد مؤتمر في دمشق، لكن مؤتمر دمشق أجل (قالت مصادر غربية مطلعة ان الهدف الحقيقي لمؤتمر دمشق كان اعلان منظمة بديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية تتشكل من الفصائل الفلسطينية في دمشق فيصبح لديها اطار قانوني لتحركاتها في غزة والضفة الغربية. وأوضحت المصادر ان سورية أجلت مؤتمر دمشق بعد تدخلات عربية على أساس ان انابوليس فرصة لها لا ينبغي لدمشق ان تهدرها بتصرفات من هذا النوع). آنذاك خرج مسؤولون ايرانيون ينتقدون مؤتمر انابوليس ويشككون في امكانيات نجاحه ويتعجبون من مشاركة دمشق فيه، وبعد ذلك بأيام قليلة قالت الخارجية الإيرانية إنها دعت كل قادة الفصائل الفلسطينية لحضور مؤتمر في طهران للرد على انابوليس، وكانت الدعوة وعنوان المؤتمر مصدر احراج للفصائل الفلسطينية التي تعيش في دمشق. لكن لم يخرج شيء للعلن حول حرج قادة الفصائل، بل على العكس أعلنت بعض الفصائل موافقتها على الذهاب الى طهران، فيما التزمت فصائل اخرى الصمت، بينما طلبت فصائل اخرى تأجيل مؤتمر طهران لبعض الوقت. وخلال فترة التحضير السريعة لعقد مؤتمر طهران، ظهر شيء من التوتر العلني بين سورية ايران. لكن على بدوان، الكاتب السياسي الفلسطيني (عضو سابق في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بدمشق)، قال لـ«الشرق الأوسط» انه لا صحة للمعلومات التي ترددت حول أن اجتماع الفصائل في دمشق كان هدفه اعلان منظمة بديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية. وتابع «مؤتمر الفصائل في دمشق لم يقدم نفسه بدلا عن منظمة التحرير الفلسطينية، جميع القوى المشاركة كان هناك اتفاق في ما بينها أن المؤتمر عبارة عن محطة اعلامية سياسية لا أكثر ولا أقل. اما مؤتمر طهران فشيء آخر، عندما تأجل مؤتمر دمشق في المرة الاولى، اثناء مؤتمر أنابوليس، طلبت إيران عقد مؤتمر آخر، والفصائل رفضت طبعا. رفضت حتى لا يكون الموضوع وكأن هناك رفضا سوريا وقبولا إيرانيا. الفصائل رفضت وأبلغت إيران انها لا تقبل ترتيب مؤتمر من قبل طهران بالشكل الذي سارعت فيه إيران. فطهران جهزت دعوة سريعة والجميع رفضها مباشرة على أساس أن أي مؤتمر يجب ان يناقش معنا قبل وقت. لذلك كان جواب الفصائل الرفض، وأول فصيل جاوب بالرفض هو حماس للأمانة. لذلك اقول ان مؤتمر طهران فشل في حينه». بدوره قال أبو سامي مروان، من الجبهة الشعبية، لـ«الشرق الأوسط» إنه «عندما جرى الحديث عن عقد مؤتمر انابوليس، تداعت الفصائل لعقد مؤتمر شعبي مناهض لانابوليس في دمشق، وجرى الترتيب على هذا الاساس، لكن في اللحظة الأخيرة جرى تأجيل ثم الغاء المؤتمر. هنا الإخوة الإيرانيون عرضوا ان يستضيفوا هذا المؤتمر في طهران. الفصائل الفلسطينية وبالاجماع اعتذرت عن قبول هذه الدعوة لما تسببه من سوء فهم لدي العديد من قطاعات شعبنا وآخرين. لكن هذا الموضوع لم يشكل اي نوع من الحساسية بين الفصائل الفلسطينية والإيرانيين. ثم عقد مؤتمر دمشق في يناير (كانون الثاني) الماضي، لكن عقد تحت عنوان اخر فعوضا عن (ضد انابوليس)، عقد تحت عنوان (دعم الثوابت الفلسطينية). وهنا صار تباين في الحضور في فصائل دمشق. الجبهة الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب اعتذروا عن المشاركة. بالنسبة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كان اعتذارها مستندا الى الحيثيات التالية: اولا خشية ان يكون هذا المؤتمر، الذي من أهدافه الحديث عن الوحدة الوطنية وتعزيزها، ان لا يؤدي الى هذا الغرض، بل بالعكس أن يؤدي الى المزيد من تكريس الانقسام حيث ان هناك فصائل اخرى لن تحضره، وبالتالي يصير هناك نوع من الانقسام في الصف الفلسطيني». ويقول أبو سامي مروان ان التنسيق الإيرانيـ الفلسطيني كان يتم بالاجتماع بكل فصيل على حدة، موضحا: «الجلسات بين الفصائل الفلسطينية والأخوة الإيرانيين لا تتم على أساس الصيغة الجماعية، يمكن أن تكون هناك لقاءات بين الفصائل على انفراد مع الإخوة الإيرانيين. وهذا يحدث ليس على قاعدة التنسيق ولكن على قاعدة تبادل وجهات النظر، فكل من هذه القوى له رؤيته الخاصة. وأخيرا شكلت جمعية العلاقات الفلسطينية ـ الإيرانية، وهذه الجمعية بدأت تتحرك على قاعدة تنشيط عمل ما في اطار جهة تتابع العلاقات بين الشعبيين الفلسطيني والإيراني. شكلت هذه اللجنة حديثا، وهي تتكون من مندوبين عن كل فصائل المقاومة في دمشق بدون استثناء، من أقصى اليمن الى اقصى اليسار»، نافيا وجود تنافس بين طهران ودمشق على الفصائل الفلسطينية. وتابع «لم أشعر بهذا ولا إخواني من باقي الفصائل. إذا كان هناك تنافس سوري ـ ايراني لخطب ود الفصائل الفلسطينية، فهذا سيعرف به كبار القوم، وأجهزة الاستخبارات. اما نحن في الفصائل الفلسطينية، فأستطيع القول إننا لم نشعر بهذا على الاطلاف لا في الجبهة الشعبية ولا في غيرها. وبالتالي إذا كان كانت ثمة امر من هذا النوع، فهذا الموضوع يكون رهنا بمعلومات استخباراتية لست مطلعا عليها». وبرغم ان الفصائل الفلسطينية في دمشق وإيران اختلفت حول مؤتمر طهران، وأدى الاختلاف الى استياء واضح داخل إيران، الا ان هذا التوتر لم ينتقل الى العلاقات السورية ـ الايرانية، كما يرى البعض، لسببين: أولا النفوذ الكبير الذي يتمتع به السفير الإيراني داخل سورية، وثانيا طبيعة العلاقات بين طهران ودمشق. محمد حبش رئيس لجنة العلاقات السورية ـ الايرانية في البرلمان السوري لم ينف الدور الخاص للسفير الإيراني في دمشق، موضحا لـ«الشرق الاوسط»: «هل تحتاج هذه المسألة الى أسرار. هل يوجد سبب لإنكار هذا. بالطبع سفير إيران هو صلة الوصل بين إيران وبين حلفائها، سواء كانت الدولة السورية او فصائل المقاومة الفلسطينية وحزب الله. هذا كلام لا نحتاج الى ذكاء كي نستنتجه، هذا امر طبيعي. وإذا كنا نفترض عكس ذلك، فنحن نحتاج الى ذكاء إضافي لنفهم لماذا يخلقون قناة اخرى.. وهذا لا يعود لنوع السفير.. هذا نوع العلاقة بين سورية وإيران، وليس نوع السفير».
لندن: منال لطفي