حزب الله يقصي ويهمش الإعتدال الشيعي لصالح منطقه المتطرف والتكفيري..

بواسطة مركز التاصيل للدراسات والبحوث قراءة 1375
حزب الله يقصي ويهمش الإعتدال الشيعي لصالح منطقه المتطرف والتكفيري..
حزب الله يقصي ويهمش الإعتدال الشيعي لصالح منطقه المتطرف والتكفيري..

حسان القطب

19-1-2013

إن حزباً كحزب الله يملك فكراً عقائدياً تكفيرياً وإقصائياً وعدائياً لكافة مكونات المجتمع العربي واللبناني.. لا يمكن أن يلعب دوراً يشير أو يؤشر إلى اعتداله واستعداده ليتقبل الآخر والتعايش معه ومع محيطه ولو أعلن ذلك .. والتناقض هنا ظاهر للعيان ولكل صاحب فكر وعقل ومنطق... فهو الذي خرج من رحم الثورة الإيرانية الخمينية ضد ظلم الشاه الإيراني عام 1979، ويفاخر اي حزب الله باستلهامه لمباديء هذه الثورة وفكرها نهجها وسلوكها وأسلوبها... نراه يؤيد في الوقت عينه ظلم ديكتاتور سوريا بشار الأسد الذي ورث السلطة عن والده حافظ الأسد، تماماً  كما ورثها شاه إيران عن والده الذي عينه الإستعمار البريطاني شاهاً على إيران عقب الحرب...ويشارك في الحرب على الشعب السوري لإجهاض ثورته وتثبيت ديكتاتور سوريا حاكماً على الشعب السوري تماماً كما فعل الإستعمارالبريطاني في دولة إيران... فكيف يستوي هذا الفكر القائم على مواجهة السيف بالدم.. مع منطق إطلاق النار على الشعب الأعزل وحصار المخيمات (اليرموك) حتى الموت جوعاً... وقتل الأبرياء.. في إعادةٍ لمشهد لا ينفك يقدمه للعيان كل عام حزب الله وغيره..؟؟؟ مع رفع شعارات وإطلاق مواقف واستلهام عبر...؟؟؟؟

وكيف يمكن لحزبٍ تتقدم قيادته العسكرية مشهد المحاكمات العلنية في لاهاي على انها قاتلة ومجرمة وشبه مدانة حتى لا نستبق نتائج وقرارات المحكمة (جريمة اغتيال الرئيس الحريري وعدد آخر من القيادات السياسية).... أن يقدم نفسه على انه مستعد للإنخراط في بناء دولة ومؤسسات وتامين استقرار ودعم المؤسسات الامنية لفرض سلطتها وهو في الوقت عينه يمتنع عن تسليم المتهمين للعدالة الدولية التي حارب تشكيلها طويلاً.... على الأقل لإثبات براءته إن كان بريئاً، او بإعلان براءته من افعالهم وممارساتهم وما ارتكبوه إن لم يكن حزب الله متورطاً... كحزب وكمؤسسة وقيادة سياسية...؟؟

إن حزب الله يعاني من مشكلة التناقض بين ما يعلنه من فكر وعقائد..؟؟ وبين ما يمارسه من افعال وما يطلقه من تصريحات..؟؟ وآخر هذه المشاكل هو ما اطلقه من مواقف نائبه علي عمار مطلع الشهر هذا العام من اتهامات بحق قوى 14 آذار وسائر من لا يدور في فلكه من قوى.. حين قال: (ان "هناك دواعش وجبهة نصرة في السياسة بلبنان، وهناك من هو مصّر على تبرير منطق الارهاب وفتح موطىء قدم للارهاب.. وتابع: "هناك خطاب تبريري برر للعدوان الاسرائيلي ويبرر الآن للوجه الاخر لهذا العدوان الارهابي وعلى اصحاب هذا الخطاب مراجعة حساباتهم".)... وفي خطابه يوم امس 18/1/2014 قال عمار: (ان حزب الله يريد من اللبنانيين الان ان يتلاقوا بعضهم بعضًا في الاسراع بتشكيل حكومة وطنية جامعة لا تستثني أحدًا)....تغيير جذري... كيف يرضى حزب الله بالجلوس والتفاهم مع من أيد وشجع إسرائيل على العدوان ويغطي الإرهاب والقتل...؟؟؟ إلا إذا كان يكذب على جمهوره حين يطلق اتهامات من هذا النوع....؟؟؟

المشكلة الأساس أو الجريمة الكبرى التي ارتكبها حزب الله هو انه قام بتهميش بل بإقصاء كافة القوى والشخصيات الشيعية المعتدلة وصاحبة الرأي الحر والتوجهات الفكرية والثقافية والسياسية بل وحتى الدينية من على المسرح السياسي اللبناني، وقام بتهميش بل واستيعاب حتى حركة امل التي يعاني زعيمها نبيه بري أزمة حقيقية في إيجاد مساحة مريحة او مقبولة تسمح له بالمناورة السياسية، وتقديم وجهة نظر مختلفة عن تلك التي يعلنها حزب الله برعاية السفير الإيراني وحرسه الثوري..؟؟؟ ويبدو ان الهدف من هذه الخطة الإستراتيجية التي اتبعها حزب الله هو جعل الطائفة الشيعية رهينة سياساته ومواقفه وأسيرة تحالفاته .. فحزب الله في هذه الحالة يستفيد من دعم الطائفة له في تحسين مواقعه السياسية وغيرها، او على الأقل عدم قدرتها على رفض سلوكه وممارساته وتورطه....؟؟؟؟ وفي المقابل يجعل الطائفة تدفع ثمن أخطائه وارتكاباته وانخراطه في حلف إقليمي تقوده وترعاه إيران... والثمن تدفعه الطائفة وأبنائها اليوم في سوريا أرواحاً ودماءً وتفجيرات وقلق أمني في الداخل اللبناني وانقسام حاد بين مكونات الشعب اللبناني...وفي العالم العربي تخسر عملاً وفرص استثمار.. وكذلك في العالم بأسره حيث أصبح الانتماء المذهبي مشكلة يجب التعامل معها....؟؟؟؟.. مما يعني ان حزب الله يتخذ من ابناء الطائفة متراساً يحمي نفسه بأبنائها.. ويجعل من اي خطرٍ يتهدده خطراً تتحمل وزره الطائفة برمتها... سواء كنت مع سياسات حزب الله ام ضدها... وقد اكد هذه المقولة وهذا النهج، نائب رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" الشيخ نبيل قاووق حين قال: (مشدداً على أن "حزب الله" هو "مقاومة قبل الحكومة وبعدها". وأضاف حزب الله أكبر من أن يعزله أحد، وأسمى من أن ينال من إرادته المقاومة، وهو أقوى من أن يهدده أحد في الداخل والخارج. إسرائيل تقلق من قدرات حزب الله وليس العكس، فكيف بمن هم أضعف وأضعف من إسرائيل؟ حزب الله اليوم وقبله وبعده، سياسته وعقله وروحه مقاومة، ولن يبدّل ذلك لا قبل الحكومة ولا بعدها").... فحزب الله هنا يعتبر ان عزله سياسياً هو عزل للطائفة..؟؟؟ ولكنه حين انقلب على حكومة الوحدة الوطنية وقام بتشكيل الحكومة الميقاتية برعاية سورية وبطلب وبقرار إيراني ...؟؟ اعتبر ان أي فريق لبنان لا يمكنه ان يدّعي تمثيل طائفته بشكل حصري.. ..؟؟؟ ولكن هنا انقلبت المقاييس والمعايير... لماذا...؟؟ وهدد كذلك بأن عدم مشاركته في الحكومة المقبلة حتى لو كانت حيادية هو عزل لطائفة باعتباره الممثل الحصري لها... وان أي شيعي يشارك في الحكومة الحيادية لا يمثل الطائفة.....؟؟؟؟؟ لماذا هذا التصعيد الطائفي والمذهبي:

-          لأن حزب الله يريد ان يحمي نفسه من العدالة الدولية على ما ارتكبه بحق قيادات لبنانية...بتصوير ان معاقبته هو معاقبة لطائفة على فكرها وعقيدتها وسياساتها... وليس على ما ارتكبه حزب الله وقياداته حصراً...؟؟

-          لأن حزب الله لا يستطيع ان يكون خارج المعادلة الحكومية بعد خروج النظام السوري من لبنان عام 2005.. مع انهيار قدرة هذا النظام من التأثير على الداخل اللبناني، إلا بالاغتيال والقتل، ولكن ليس بالسياسية، ومصير هذا النظام إلى زوال قريباً.....لحماية حزبه ودوره الإقليمي والتوجهات الإستراتيجية الإيرانية في المنطقة... لذا قال رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني: (إن على الدول الغربية وخاصة أمريكا أن تعلم انها أمام شرق أوسط جديد"، مضيفا: "إذا أغلظ المسؤولون الغربيون الكلام بحق "حزب الله" والمقاومة، فسيتلقون الصفعات بالتأكيد". وتعهد كبير البرلمان الإيراني، بأن بلاده ستقف إلى جانب حزب الله حال تعرضه إلى أي اعتداء، وقال: سنضحي بـ"الغالي والنفيس" من أجل الحزب).... تبادل مصالح وخدمات..

-          لأن حزب الله يجب ان يبقى ممسكاً بزمام المبادرة داخل الطائفة الشيعية وبقراراتها وتوجهاتها، فكان لا بد له من إقصاء وتهميش وإبعاد كافة القيادات الشيعية الدينية والوطنية عن المشهد السياسي اللبناني...

وبذا يمكن القول ان إيران وهي المسؤول الأول عن هذا السلوك وهذ الممارسات بل مع التأكيد على انها هي من وضع هذه الإستراتيجية لتجعل من كافة ابناء الطائفة الشيعية وخاصةً في لبنان، ادوات في مشروعها ولتحظى بالاستقرار في داخلها على حساب استقرار الأقليات الشيعية في الوطن العربي... من اليمن إلى لبنان.. مروراً بالعراق والبحرين.. ولتجعل من الساحة العربية والإسلامية ساحة صراع مذهبي وطائفي واقتتال ديني يترك جراحه وتأثيراته لعقود قادمة من الزمن... وتفاعلاته في أذهان وسلوك عددٍ غير محدد من الأجيال القادمة..

الاعتدال ليس مواقف تطلق ولا تحولاً تفرضه الضرورات والأحداث السياسية بل هو نهج وفكر وسلوك وقناعة والتزام، ولكن حتى الآن لم نر من حزب الله سوى أن تحولاته هي وليدة اوضاع سياسية إقليمية وتبدلات دولية... ونتيجة تفاهمات بين إيران ودول الغرب بانتظار تغييرات جديدة وإشارات ضعفٍ من هنا او من هناك للإنقلاب من جديد.... وللخروج من هذا الواقع والخطر المحدق فإن المسؤولية هنا تقع على قوى الإعتدال في كافة الطوائف والمذاهب وبالتحديد الطائفة الشيعية لترفض زجها في اتون الصراعات والمواجهات في دولٍ اخرى وفي ساحات مختلفة.. وان تدفع أثمان تحالفات حزب الله الإقليمية والتزامه بمحور إيران... ولتبرز التزامها الوطني قبل الطائفي... قبل ان يتفاقم التطرف في ساحات اخرى كرد فعلٍ على ما يقوم به حزب الله في سوريا وغيرها مستغلاً تجييشه الطائفي المذهبي وفكره التكفيري... مما يجعل الحل صعباً والمستقبل قاتماً..

المصدر : المركز الللبناني للأبحاث والإستشارات

 



مقالات ذات صلة