وقفات مع الدكتور رمضان شلح في لقائه مع الجزيرة!!

بواسطة مفكرة الإسلام قراءة 2633
وقفات مع الدكتور رمضان شلح في لقائه مع الجزيرة!!
وقفات مع الدكتور رمضان شلح في لقائه مع الجزيرة!!

وقفات مع الدكتور رمضان شلح في لقائه مع الجزيرة!!

 

الأحد 19 رجب 1427هـ –13 أغسطس 2006م

 

مفكرة الإسلام: أظهرت الحرب الدائرة بين 'إسرائيل' وحزب الله اللبناني قدرًا من القواسم المشتركة بين الغيورين من أبناء هذه الأمة, في حين فتحت بابًا آخر وضربًا من الخلافات حول المفاهيم التي تنبثق منها مواجهة العدو، ومنظور الرؤيا حول بعض الكيانات التي تتلاقى بعض مفردات أجندتها الخاصة مع بعض قضايا الأمة، وعلى رأسها حزب الله اللبناني.

 وقد تجسد في اللقاء الذي أجراه أمين حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية الدكتور رمضان شلح مع قناة الجزيرة الفضائية كلا المحورين, فترى في ثنايا الحديث التأكيد على القضايا الأساس التي تهم الأمة من مواجهة العدو المتربص بصف مترابط قوي والتعويل على دور المقاومة في استرداد الحقوق المغتصبة وغير ذلك من الثوابت, بيد أنها تغبشت في ذلك اللقاء وأذيبت في بحر من المغالطات حول طبيعة الحرب الدائرة ودور حزب الله.

ومع تقديرنا لما ساقه أمين حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية من ثوابت ومرتكزات للمقاومة ووجوب دعمها ضد مخططات العدو الأمريكي والصهيوني, إلا أنه كان لزامًا علينا كذلك أن نقف برهة عند خطوط فاصلة ومحورية في هذا اللقاء.

 

طبيعة الحرب بين 'إسرائيل' وحزب الله:

قال د.رمضان شلح: إن 'هذه الحرب هي حرب صهيونية أمريكية مائة بالمائة، موجهة ضد لبنان وفلسطين، والحديث عن أنها حرب [إيرانية ـ إسرائيلية أمريكية] هذا فيه قلب للحقائق وتزييف'.

وهذا الجزم بأنها حرب مقدسة يخوضها حزب الله نيابة عن الأمة ضد الغطرسة الصهيونية والأمريكية لتحرير الأسرى, وأنها منبتة عما يدور حولها من قضايا إقليمية تقع سوريا وإيران في صلبها هو في ذاته تغافل عن ماهية هذه الحرب وطبيعتها.

فهي بالأساس حرب 'وكالة' تقوم فيها إسرائيل بدور 'الدوبلير' للولايات المتحدة, فيما يخدم 'حزب الله' الأهداف السورية والإيرانية التي تقاطعت مع مصالح الولايات المتحدة في المنطقة, لاسيما مع ما يسمى مشروع الشرق الأوسط الجديد.

فالولايات المتحدة ترغب في شرق أوسط جديد تسود فيه روح الطائفية وتنقسم مفرداته على هذا الأساس, فيما الإمبراطورية الفارسية التي تشكل لبنان إحدى حلقاتها مازالت مسطروة في عقول ساسة إيران منذ قيام الثورة.

ومن ثم فهي حرب تعول عليها الولايات المتحدة في كسر الشوكة الإيرانية وفصم عرى التحالف السوري ـ الإيراني واستلال الورقة التي يلوحان بها دائمًا.

 

ومن هنا يمكن فهم الرسالة التي ألقت بها وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس من كون الحرب الدائرة بين 'إسرائيل' وحزب الله إنما تشكل المخاض 'المبشر' بولادة الشرق الأوسط الجديد.

فقد يكون صوابًا أن الحزب يقوم بعمليات ضد الاحتلال, ولكنها في النهاية تأتي خدمة لهذا الطرف أو ذاك, ولا تمارس في إطار وجوب منابذة العدو وطرده من ديار المسلمين.

فالممارسات التي تحكم الحزب هي ممارسات سياسية بالدرجة الأولى تحكمها المصالح السياسية لسوريا وإيران ولا يحكمها فكر المقاومة بالمعنى المتكامل.

 

أهداف حزب الله:

جاء في نص المقابلة على لسان الدكتور رمضان شلح: إن 'أهداف حزب الله الدفاع عن لبنان والشعب اللبناني وتحرير الأسرى وتحرير مزارع شبعا، كلها هذه أهداف لبنانية مائة بالمائة'.

ولقد أتت تلك النظرة من خلال اجتزاء الأحداث ورؤيتها من منظور منبت عن سياقها التاريخي, ودونما نظر إلى الخلفيات والأبعاد المحيطة لنشأة هذا الحزب وحدود الأدوار المنوطة به, وهو ما يجافي ويغالط طبيعة التحليل السياسي بصورته المعروفة.

فحسن نصر الله الأمين العام لحزب الله لخص رؤيته لإيران بقوله: 'إننا نرى في إيران الدولة التي تحكم بالإسلام, وعلاقتنا بالنظام علاقة تعاون، ولنا صداقات مع أركانه ونتواصل معه، كما أن المرجعية الدينية هناك تشكل الغطاء الديني والشرعي لكفاحنا ونضالنا'.

وفي أكتوبر من عام 1986 ـ بعد أربع سنوات من تكوين الحزب ـ راح قادته يعدون في طهران، دستور الجمهورية الإسلامية اللبنانية المقبلة.

ومما جاء في هذا الدستور: 'ينبغي تأليف حكومة إسلامية في لبنان كشرط لازم لوضع حد للحرب الداخلية فيه'.

وهنا ينتبه إلى أن الخميني هو المرجع بطبيعة الحال لهذه الدولة، وهو عندهم ظل الله في الأرض كلها.

 

هذه - باختصار شديد - طبيعة العلاقة التي تحكم الحزب بإيران, فهي تدور على عدة محاور:

1ـ الحزب يرى في إيران الدولة الأنموذج للإسلام.

2ـ علاقة التعاون والصداقة هي العلاقة السائدة والمستمرة بين الطرفين.

3ـ يستمد الحزب شرعيته وغطاءه الديني والشرعي من النظام الإيراني.

أضف إلى ذلك 'السخاء' المادي الذي تبديه إيران مع الحزب, حيث يُقدر دخـل الحزب من إيران عام 1990م بثلاثة ملايين دولار ونصف المليون, وخمسين مليون عام 1991م، وقُدِّر بمائة وعشرين مليونًا في 1992م، ومائة وستين في 1993م, وقد وصلت إلى 300 مليون دولار في السنوات الأخيرة.

 

ومن ثنايا هذا السياق يبرز التساؤل المهم: لمن يعمل حزب الله 'اللبناني', وهو الذي يستمد شرعيته ونهجه وأمواله من إيران؟!

وعلى صعيد خدمة الأهداف السورية كذلك فقد صرح وزير الخارجية السوري 'وليد المعلم' بأن: 'حزب الله حركة مقاومة وطنية ولن تكون عقبة فـي طريق السلام لأنه يلبي المصالح السورية، وإن قيادة الحزب تدرك بأن أي اتفاق مقبول من سوريا ولبنان يكون ملزمًا لها'.

ثم إذا كان حزب الله ذا أهداف لبنانية مائة بالمائة, فلماذا كان التصدي للمقاومة السنية ومنعها من شرف جهاد العدو الإسرائيلي, وهو ما صرح به الشيخ صبحي الطفيلي أول أمين عام لحزب الله, والذي قال في حديث مع قناة الجزيرة الفضائية: 'لو أن غير شباب حزب الله على الحدود لكان الأمر مختلفًا.. كان كثير من الناس يستطيعون اختراق الحدود والقيام بعمليات ضد العدو الإسرائيلي, لكن الحزب بما لديه من كفاءة ومن إمكانيات هو الأقدر على الحماية, وهنا المصيبة وهنا الكارثة.. نحن نحمي لهم الحدود ونحرسها'.

 

حزب الله والطائفية:

ـ قال الأمين العام لحركة الجهاد الفلسطيني في الحوار: 'حزب الله ضد الطائفية في العراق، ضد المجازر التي تحدث بالعراق، لماذا يفتح هذا الملف الآن في هذه اللحظة الحاسمة من تاريخ أمتنا'.

وهذا الرأي حقيقة لا يصمد كثيرًا أمام الواقع المشاهد في العراق, حيث تجري المذابح للسنة على أيدي الميليشيات الشيعية التي 'تتورع' عن سفك دماء الأمريكان، وتستبيح دماء السنة وأعراضهم.

إن الانطلاق من التحليل من فهم مبادئ حزب الله الشيعي وغيره من الميلشيات الشيعية ستقف بنا على عتبة 'تكفير أهل السنة', وكونهم أشد خطرًا على الإسلام من اليهود والنصارى, وهي المظلة العقدية التي يستظل بها حزب الله وغيره ممن هم على شاكلته.

هل يدرك الأستاذ شلح هذه المبادئ والتي تفسر لنا تصريحات 'نصر الله' التي أطلقها قبل عام من الآن مكرسًا فيه للمشروع الأمريكي في العراق متبنيًا فيها جميع العناوين التي يسوّقها الاحتلال الأمريكي، مرسخًا بحرفية خطَ السيستاني، ولم يأتِ على ذكر دور الموساد.

  وإن كان حزب الله 'شاذًا' عن هذه القاعدة وهذا المعتقد الشيعي الراسخ فأين موقفه من المقاومة في العراق التي لم يأت لها ذكر ونظيرتها الأفغانية على لسانه.

وفي الوقت الذي برر فيه نصر الله لموقفه هذا بالانتظار والتروي قبل اتخاذ موقف من الاحتلال، فإنه لم يعتمد نفس هذا الموقف في لمزه وتشنيعه على المقاومة العراقية بجميع فصائلها وتصنيفها إلى فريقين: فريق الجنرالات الصدَّاميين التكفيريين الذين يريدون العودة بالبلاد إلى الحكم السابق، وفريق عملاء الأمريكان، بل إنه أقام علاقة وثيقة بين الاثنين، دون ذكر ـ ولو بكلمة واحدة ـ للمقاومة الحقيقية!!

 ثم أين موقفه من المذابح التي نصبها إخوانه من شيعة العراق لأهل السنة وقتلهم وتعذيبهم بمجرد الهوية, وتهجيرهم من ديارهم تحت مباركة السيستاني وغيره من رؤوس الشيعة وعلمائهم؟!

هذه المذابح والمجازر التي لم يسلم منها الشعب الفلسطيني نفسه؛ والذي ذاق صنوفًا من تلك المذابح على يد طائفة الزعيم!!

ثم هل لدى الأستاذ شلح تصريح أو تلميح واحد ينتقد فيه نصر الله مذابح ومجازر السنة في العراق؟!!

 

وتر السنة والشيعة:

ـ يقول الدكتور رمضان شلح: 'الأمة أظهرت وعيًا برغم بعض أصوات النشاز التي خرجت، يعني هناك صوت واحد أنا علمت أنه خرج من السعودية، لكن من السعودية نفسها انبرى علماء أتقياء أجلاء ودعاة محترمون لم يأخذوا من هذا الموقف.... ودعوا لوحدة الأمة ورص الصفوف من مختلف القوى والأحزاب والطوائف والمذاهب؛ لأننا نواجه معركة مصيرية، أما اللعب على قضية سنة وشيعة، هذه كذبة مفضوحة المعيار، بالنسبة لنا العدو هو إسرائيل وأمريكا'.

وقال في موضع آخر: 'فالمسألة ليست مسألة سنة أو شيعة، المسألة أنت مع أمريكا أم ضدها...أساس التقسيم ليس المسألة الطائفية، أساس المسألة، أنت مع إسرائيل أو ضد إسرائيل، أنت تسبح بحمد أمريكا أم تلعن أمريكا، هذه هي القصة'.

 

وهنا لنا وقفتان:

الأولى: أن الصوت الذي خرج من السعودية ـ رغم كونها فتوى قد مر عليها ما يقرب من سنتين أو أكثر ـ ليس نشازًا، بل هو تعبير عن موقف عقدي واضح, وصدر عن مرجعية علمية لها وزنها وباعها من العلم الذي يستوجب ألا توصف بأنها 'نشاز'.

الثانية: إذا كانت المسألة ليست في سنة وشيعة ولكن 'أنت مع أمريكا أم ضدها..' فأين يقف الشيعة؟!

ألم يحرم المرجع الشيعي علي السيستاني جهاد الأمريكيين عند دخولهم العراق؟! ألم يلقِ مقتدى الصدر خطابًا يوم الأحد 6أغسطس 2006على أنصاره دعاهم فيه إلى توخي الحذر مما أسماه الانزلاق خلف مخطط الأمريكان وعدم المواجهة معهم عسكريًا. وحث أتباعه على صب اهتمام جيش المهدي على الاهتمام بمصلحة أتباع أهل البيت وحمايتهم ممن وصفهم بالنواصب التكفيريين والصداميين.

وأكد على عدم الدخول مع القوات الأمريكية في قتال أو ما أسماه مكيدة، واقتصار عمل عناصر جيش المهدي على التصدي لأهل السنة.

فهل يسبح الشيعة بحمد أمريكا إذن أم يلعنون أمريكا, وأين ومتى كان جهاد الشيعة ضد أمريكا أو غيرها؟

 

ألم يصرح محمد علي أبطحي نائب الرئيس الإيراني السابق للشئون القانونية والبرلمانية في ختام أعمال مؤتمر الخليج وتحديات المستقبل الذي ينظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية سنويًا بإمارة أبو ظبي مساء الثلاثاء 15/1/2004م بأن بلاده 'قدمت الكثير من العون للأمريكيين في حربيهم ضد أفغانستان والعراق'، ومؤكدًا أنه 'لولا التعاون الإيراني لما سقطت كابول وبغداد بهذه السهولة'؟!

ألم يذكر رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام الرئيس الإيراني السابق؛ علي أكبر هاشم رفسنجاني في يوم 8 فبراير 2002 في خطبته بجامعة طهران أنّ 'القوات الإيرانية قاتلت طالبان، وساهمت في دحرها، وأنّه لو لم تُساعد قوّاتهم في قتال طالبان لغرق الأمريكيون في المستنقع الأفغاني'. وتابع قائلاً: 'يجب على أمريكا أن تعلم أنّه لولا الجيش الإيراني الشعبيّ ما استطاعت أمريكا أنْ تُسْقط طالبان'؟! [جريدة الشرق الأوسط في 9/2/2002م]

حقيقة إن التغاضي عن حوادث التاريخ تحت مطرقة الشعور بأهمية تلاحم الصف ووحدة الأمة من مختلف القوى والأحزاب والطوائف والمذاهب، لمواجهة المعركة المصيرية نوع غفلة يجب التنبه له لأنها ما جرَّت على الأمة إلا الحسرات التي ما عادت تشفع لها أنها جاءت من مجاهدين يضحون بأموالهم وأنفسهم أو حتى عابدين.

 

دور سوريا وإيران في دعم المقاومة:

صرح الدكتور رمضان شلح أمين عام حركة الجهاد الفلسطيني بأن 'سوريا وإيران شكلت روافع صمود للمقاومة في لبنان وفلسطين'.

ونحن نقول: بالفعل استقبلت سوريا العديد من قيادات المقاومة الفلسطينية على أراضيها, ولا نظن أن الدور السوري تعدى هذا الخط في إطار الحديث عن دعم المقاومة في فلسطين, أما عن لبنان فإن لسوريا دورًا بلا شك قويًا في دعم حزب الله الذي يعد ذراعًا سوريًا قويًا يخدم المخططات والأهداف السورية في لبنان والمنطقة.

أما عن إيران فإن دعمها للقضية الفلسطينية لا يتعدى حدود التصريحات التي تلهب المشاعر وتشعل الأحاسيس, أما واقعيًا فالمقاومة الفلسطينية لا نعلم أنها تلقت دعمًا من الجانب الإيراني حتى لم تبعث إيران الخمسين مليون دولار التي وعدت بها السلطة الفلسطينية منذ عدة أشهر, وأعلن وزير الخارجية الإيراني أن المسألة ما زالت في مجرى اتخاذ القرار!!

ولا يمكن بالطبع التقليل من الدور الداعم الذي تقوم به إيران لحزب الله اللبناني الذي لا يعدو أن يكون صنيعة إيرانية غرست في لبنان لخدمة الثورة وأهدافها.

 



مقالات ذات صلة