نهر البارد بين نصر الله والمقتدي

بواسطة عبد اللطيف أل حمدان قراءة 1874
نهر البارد بين نصر الله والمقتدي
نهر البارد بين نصر الله والمقتدي

نهر البارد بين نصر الله والمقتدي

 

لقد كان لظهور نصر الله ومقتدي الصدر بعد أحداث نهر البارد وحديثهم عن الفلسطينيين والسنة, والتحذيرات التي تصب في غير مصلحة الفريقين من السنة والفلسطينيين والوقوف معهما ونصرة قضاياهما له بالغ الأثر والخطورة على واقع المسلسل الإجرامي الذي أصبحنا أسرى له, فمسلسل التشيع واللعب على الوتر الفلسطيني ما زال يحظي باهتمام واسع عند الشيعة, ففي لبنان يتغني نصر الله بأن علاقته بالقضية الفلسطينية علاقة حميمة عن طريق قوة الروابط التي تجمع الحزب بالحركات الجهادية السنية الفلسطينية من أمثال حماس والجهاد, ولا تزال هذه العلاقة حميمة وتظهر علي السطح أحياناً وتتخفي أحياناً أخرى لدوافع حزبية بعيدة كل البعد عن المنهج العقدي لكلتا الطائفتين, بل وإن صح التعبير ليس للقضية العقدية أي اعتبار عند كلتا الحركتين اللتين مازالا يحتفظان بعلاقات حميمة مع يعضهما البعض, فنصر الله يتغني بالشعب الفلسطيني وبالمقاومة الفلسطينية, وبأنه حريص على أمن المخيمات وسلامة الفلسطينيين اللذين يعيشون فيهما منذ عقود, وحالهم يزداد سوءاً يوماً بعد يوم ولا أحد يتحدث عن عمق المأساة التي يعانون منها ومن ضيق العيش الذي أحيط بهم رغماً عن أنوفهم.

فماذا يعني خروج نصر الله وتحذيره من اقتحام مخيم نهر البارد عسكرياً للقضاء على تنظيم فتح الإسلام وقال إن أي خطوة من هذا النوع ستكون "تضحية بالجيش اللبناني والشعب الفلسطيني ولبنان", وقال إن دخول الجيش اللبناني إلى المخيم سيواجه بـ "تعقيدات شديدة" مضيفاً أنه يرفض "تغطية حرب مخيمات جديدة" محذراً مما أسماه "الذهاب إلى الفتنة". وقال نصر الله إن لبنان لا يجب أن يكون جزءاً من الحرب الأمريكية ضد القاعدة.

إنها العجائب التي توحي بأن الرجل يهمه أمن المخيمات وسلامة ساكنيها, وكأن الفلسطينيين وقود كل الحروب وأنهم ساحة خصبة لتصفية الحسابات, ومتى كان نصر الله حريص على المخيمات إلا إذا تعلق الأمر بتشييعهم ومحاولة استعطافهم وتحقيق مكاسب كبرى من وراء جرهم إلى المعسكر الشيعي كما حصل في الآونة الأخيرة من صعود شعبيته وشعبية حزبه في بلاد الشام وفلسطين على وجه الخصوص.

أين الحزب من تخفيف معاناة الفلسطينيين القابعين في سجون المخيمات, وأين نصر حين غارت أمل على المخيمات وأثخنت الجراحات وعاثوا قتلاً وتنكيلاً بالفلسطينيين الساكنين في المخيمات اللبنانية, ثم ماذا كان موقف حزب الله حين انقلبت المعادلة فتمكن الفلسطينيين من أمل وشعروا أن هناك سيكون سيطرة وتغلب على أمل, فما كان من حزب الله إلا الإغارة ومناصرة بني جلدته من شيعته الجعفرية الإثني عشرية.

وكان من الأمور اللافتة خروج الجزار الآثم والمجرم المتخفي, مرة أخري بثوب جديد مظهراً تعاطفه مع أهل السنة في العراق وأهلونا في المخيمات الفلسطينية في لبنان, أنها والله لتناقضات عجيبة غريبة على القوم, فكأن آلاف القتلى وحرب الإبادة التي يقودها حزبه وجيشه لا علاقة له به من قريب ولا من بعيد, وكأن إخواننا من الفلسطينيين في البلديات وباقي مناطق بغداد لا أحد يقتلهم ولا يغير عليهم ويسومهم سوء العذاب, وكأنهم يموتون موتاً طبيعياً, ويبادون بدون جلادي جيش المهدي, فالرجل يده مفتوحة لأهل السنة, والله لا يفهم من هذه الرسالة إلا أن القوم يكيدون بأهلونا كل المكائد، وكأنها رسالة واضحة لأهل السنة في انتظار مزيد من القتل والتشريد ومزيد من مسلسلات الإبادة الجماعية والفردية قادمة نحوكم, وكأنه يقول لا تنتظروا الأمل من العيش فخير عيش لكم هو أن تموتوا موت الكلاب بلا رحمة ولا شفقة.

وتدليلاً على ما قلنا, توافدت الأنباء عن أن فرق الموت قد غيرت اسمها إلى فرق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, لتمسح عار الخزي والشنار عن جبينهم ولتفتح صفحة جديدة من مسلسل القتل والإبادة بحق أهلونا الفلسطينيين في العراق وبحق أهلونا أهل السنة من العراقيين. فنقول لإخواننا أن فرق الموت واحدة وإن تغيرت الأسماء فالقوم سائرون في مخططاتهم الإبادية وما هذه الدعوات والتغيرات التكتيكية إلا عبارة عن مسميات جديدة للقيام بنفس المخطط ونفس الوحشية إن لم تكن أشد ضراوة ووحشية.

نقلت مذكرة الإسلام عند قيام جيش المهدي بقتل فلسطيني من سكان بغداد طلقاً بالرصاص بعد يومين من دعوة الصدر بفتح صفحة جديدة مع السنة وأن يده مفتوحة, والله إنها لدعوات كذابة وهذا ما نفاه وفنده جملة وتفصيلاً عضو هيئة علماء العراق فقد كذب دعوة الصدر وأكد أن مسلسل القتل مازال يمارس بحق أهل السنة.

وكيف يفهم  ظهور الزعيم الشيعي مقتدى الصدر علانية في مسجد الكوفة جنوبي بغداد للمرة الأولى منذ أشهر، وإلقائه خطبة جمعة نارية ضد الولايات المتحدة الأميركية. وبعد ذلك بساعات أفادت الأنباء بمقتل قائد جيش المهدي الذي يتزعمه الصدر في البصرة في اشتباكات مع القوات البريطانية. وقال الصدر إنه مستعد لمد يده للتوحد مع السنة. وأبدى تأييده لاتفاق يهدف لوضع حد للتوتر الطائفي. غير أن الهاشمي، وهو سني، أبدى تشككه من قدرة الصدر على السيطرة على كافة أفراد الميليشيا الشيعية".

دعوة للنظر والتأمل بدون تعليق, توقيت خروج نصر الله بعد أحداث نهر البارد وبيان حرصه على أمن وسلامة الفلسطينيين في المخيمات ثم خروج الصدر وأنه مستعد لمد يده للتوحد مع السنة! ثم تشكيل فرق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بدلاً من فرق الموت! ثم إلقائه خطبة جمعة نارية ضد الولايات المتحدة الأميركية! ثم مقتل قائد جيش المهدي الذي يتزعمه الصدر في البصرة في اشتباكات مع القوات البريطانية! ثم قتل الفلسطينيين في بغداد وضواحيها! ثم اللقاء الأكبر بين الشيطان الأكبر (أمريكا) مع المارد الجعفري الإثني عشري (إيران)!!! والذي يعد أكبر لقاء يجمع بين الأحبة في العلن من فترة!!!! لا يفهم السر بين عودة الصدر من إيران والخطبة النارية ضد الولايات المتحدة الأميركية, واللقاء بين إيران والولايات المتحدة الأميركية بعدها بعدة أيام!!!

أما أن لهذه الأمة أن تستفيق وتعي حجم المؤامرة  التي تحاك ضد أهل السنة على يد هؤلاء المجوس الأشرار, لقد آن الأوان أن نعرف حجم التنسيق والعلاقة بين هذه الشياطين التي ما فتأت تنخر بهذه الأمة في عقيدتها وجوهر دينها. 

كتبه: عبد اللطيف أل حمدان



مقالات ذات صلة