تزييف التقريب / حقيقة التقارب بين أهل السنة والشيعة .. المشفق والمحق
*حقيقة التقارب بين السنة والشيعة ونتائجه:
شهدت قضية التقارب بين السنة والشيعة في الفترة الأخيرة نشاطاً ملحوظاً سواء على الصعيد السياسي بفضل سياسة خاتمي الانفتاحية أو على الصعيد الديني من خلال زيارة علماء إيران للأزهر خاصة، والتركيز على محاولة إعادة فتح دار التقريب بين المذاهب التي كانت في مصر قديماً.
وإن كل مسلم صادق يحب لأمته الوحدة والتعاون؛ مصداقاً لقوله تعالى: (( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ))[الأنبياء:92].
ولكن هل يصح بعد هذا التاريخ من التجارب الوحدوية في حياة المسلمين أن تكون الوحدة بأي ثمن؟!
لقد مر بالمسلمين العديد من التجارب الوحدوية سواء كانت بالاختيار مثل الوحدة المصرية السورية أو بالإجبار كالوحدة العراقية الكويتية ، والنتائج دائماً فيها مزيد من الفرقة بسبب عدم توفر أسس للوحدة.
وكذلك التقارب السني الشيعي ، هل يملك أسساً كافية للنجاح؟
إن المحاولات للوحدة قديمة جداً. وقد أحصاها الدكتور ناصر القفاري في رسالتــه للماجستير "مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة" والكتاب جدير بالقراءة لما فيه من جهد كبير موثق.
*تجارب العلماء في التقارب بين الشيعة والسنة:
وللإجابة عن السؤال: هل تملك الدعوة للتقارب بين السنة والشيعة أسساً للنجاح؟ أذكر لك آراء بعض الذين حاولوا ذلك ومنهم:
1- الشيخ عبد اللطيف محمد السبكي الذي كتب مقالاً في مجلة الأزهر مجلد (24) عن دار التقريب ونشأتها والتي كان عضواً فيها قال: (ورأينا ويجب أن يرتاب كل عضو بريء أنها تنفق بسخاء دون أن نعرف مورداً من المال ودون أن يطلب منا دفع اشتراكات...) فمن هو الممول لها؟؟
2- الدكتور محمد البهي، كان من المؤيدين لدار التقريب، وبعد أن تبين له حقيقة الـدار والدعوة القائمة بها قال: (وفي القاهرة قامت حركة تقريب بين المذاهب.. وبدلاً من أن تركز نشاطها على الدعوة إلى ما دعا إليه القرآن.. ركزت نشاطها إلى إحياء ما للشيعة من فقه وأصول وتفسير..) كتابه الفكر الإسلامي والمجتمعات المعاصرة (ص:439).
3- الشيخ محمد عرفة -عضو كبار العلماء في الأزهر- والشيخ طه محمد الساكت تركوا دار التقريب بعد أن علموا أن المقصود نشر التشيع بين السنة لا التقارب والتقريب، ذكر ذلك محقق كتاب "الخطوط العريضة".
4- الشيخ علي الطنطاوي في كتابه ذكريات (7/132) يذكر أنه زار (القمي) الإيراني الذي أسس دار التقريب، وكان عند القمي الشيخ محمد عرفة وأنه (الطنطـاوي) هاجم القمي؛ لأنه في الحقيقة داعية للتشيع وليس التقريب وأن الشيخ عرفة حاول تلطيف الموقف.
5- محمد رشيد رضا صاحب تفسير المنار، حاول المراسلة مع علماء الشيعة فلم يجد إلا الإصرار على مذاهب الشيعة، وعلى الانتقاص من الصحابة وحفاظ السنة، وقد بين حقيقة مذهب الشيعة في مجلة المنار مجلد (31/291).
6- الدكتور مصطفى السباعي وكان من المهتمين بالتقارب بين السنة والشيعــة وباشر تدريس فقه الشيعة في كلية الشريعة بدمشق وكذلك في كتبه ،لكن وجد الإعراض مـن الشيعة وعبر عن هذه التجربة في كتابه: (السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ص4) مقالاً (كأنه المقصود من دعوة التقريب، هي تقريب أهل السنة إلى مذهب الشيعة) ص9.
7- د. عبـد المنعم النمر، وزير الأوقاف المصري السابق يذكر في كتابه: "الشيعة، المهدي، الدروز" لقاءه بالشيخ الشيخري من علماء إيران، وحواره معه في عُمـان (عام 1988) حول كتابه، فبين له الدكتور عبد المنعم: أنكم مطالبون بالبراءة مما نسب إليكم، وكذلك عليكم بالكف عن طباعة أمهات الكتب التي تروج لهذه الأفكار، بعدة لقاءات ولكن لم تكن هناك استجابة!
هذه بعض التجارب الشخصية لعلماء ومفكرين من أهل السنة مع الشيعة حول التقارب، فهل ستكون فرصة التقارب هذه الأيام أفضل؟ هذا ما تكشفه الأيام.
*بعض الحلول للتقريب بين السنة والشيعة:
لكن حتى تؤتي هذه المحاولة الجديدة ثمارها يجب أن يركز على مصادر النزاع بين السنة والشيعة وأبرزها أمران:
1- النص في الإمامة على علي وأولاده.
2- مصدر التلقي في الأحكام والعقائد.
3- ما لم يتوصل الجانبان إلى حل هذه المسألة من أن الإمامة بنص أو بدون نص لن يحصل شيء سوى خداع أحد الطرفين للآخر؛ لأن الشيعة إن أصرت على أن الإمامة بنص فما حكم إمامة أبي بكر وعمر وعثمان؟
وأين النص؟
وهل خالف جمهور الصحابة النص؟! ولماذا سكت علي عن حقه؟!
ولعل رجوع الشيعة لمذهب الزيدية بأن علي أحق يكون ملائماً لهم بدلاً من الطعن في خلافة الشيخين وجميع الصحابة.
وأما مصدر التلقي فإن لم يتفق الطرفان على مصادر الأحكام والعقائد فلن يكون هناك تقارب أبداً.
- إذا كان القرآن عند الشيعة محرفاً أو ناقصاً فكيف يمكن الاستناد إليه؟!
- وكيف يخلو القرآن من (الركن السادس للإسلام)؟؟
- وكيف يحتوي القرآن على آيات تخالف عقيدة الأئمة بزعمهم؟!
- والسنة لماذا لا يعمل بها الشيعة إلا فيما يوافق مذهبهم؟؟
- أهل السنة لديهم منهج في تلقي الأحاديث يخضعون له كل ما جاءهم من الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فلماذا لا يفعل الشيعة ذلك؟؟
هل يعقل أن يكون تقارب؟؟
وأقوال الأئمة الاثنى عشرية المتعارضة المتناقضة لا يجوز بحال أن تناقش حتى لو خالفت القرآن والسنة !! يقول الدكتور موسى الموسوي في كتابه "المتآمرون على المسلمين الشيعة ص110": (إننا عندما نعرف أن العملية الاجتهادية عند فقهاء الشيعة تتبخر وتصبح هباءً عندما يكون الإمام في الساحة سواء كان الوصول إليه مباشرة أو عن طريق نواب عينهم بالاسم) فما هي إمكانية الاجتهاد إذن؟!
ما لم يكن الحوار حول أصول النزاع بين السنة والشيعة والوصول إلى اتفاق واضح فيما يحق الحق ويبطل الباطل ستكون العملية عملية خداع يراد بها جرّ السنة إلى مواقف الشيعة!!
وإلا لماذا لا نرى تطبيقاً عملياً للتقارب بين السنة والشيعة في إيران الدولة الشيعية ذات السلطة والمكانة ؟! فلماذا لا يسمح بمساجد للسنة في العاصمة طهران؟
- لماذا لا يسمح لأهل السنة أن يمارسوا نشاطهم الديني بحرية حتى لو خالف الشيعة؟ لماذا لا يحصل السنة على حقوق سياسية مساوية للأسف لحقوق اليهود! نعم اليهود في إيران؟ انظر إلى الدستور الإيراني الذي ينص على مقاعد محددة لليهود وغيرهم في البرلمان بينما السنة لا شيء لهم على أساس أنهم مسلمون، لكن لو كان هذا صحيحاً لماذا نصوا على أن يكون رئيس الدولة مسلماً جعفرياً، وأن هذا الشرط لا يجوز تعديله في الدستور؟
- لماذا اضطهاد أهل السنة في إيران حتى ألفت في هذا الموضوع الكتب وأصبح لهم موقع على الإنترنت (رابطة أهل السنة في إيران)؟
إذا كان الشيعة لا يكفّرون الصحابة فلماذا لا يسمون أبناءهم بأسمائهم وأسماء أمهات المؤمنين؟
- لماذا يخالفون المسلمين في الأذان وصفة الصلاة التي يبين عدد من الشيعة أنها بدعة في مذهبهم كالدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح؟؟
- لماذا تواصل إيران طباعة الكتب الشيعية الضخمة التي تحتوي على الطعن في الصحابة وتحريف القرآن؟
وكذلك لماذا لا تنهي إيران احتلال الجزر العربية في الإمارات وهي تريد التقارب؟؟
نعم نريد التقارب بين السنة والشيعة، لكن للحق وليس تقريب السنة للشيعة!!
والله الهادي إلى سواء السبيل