آل الـبيت بين الإفراط والتـفريط

آل الـبيت بين الإفراط والتـفريط

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه – أما بعد،،

فمـن سـعـيد عـبد العظيم إلى الأسـاتـذة العلماء والدعـاة – حفظـهم الـلّــه -  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

لا يخفى عليكم وأنتم سادة الأمة وقادتها الحقيقيون أن تأخر الأمة وتمكن الأعداء من رقابنا يعود أول ما يعود إلى البعد عن منهج الله وارتكاب المحرمات وترك الواجبات وذلك للدلائل الكثيرة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى ﴿ وعد اللّـه الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدوننى لا يشركون بى شيئا ﴾ (النور – ٥٥) وقال تعالى ﴿ وإن تصبروا وتتقوا لايضركم كيدهم شيئاً ﴾ (ﺁل عمران – ١٢٠) وفى الحديث "ولم ينقضوا عهد اللّه وعهد رسوله إلا سلط اللّه عليهم عدواً من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب اللّه ويتخيروا مما أنزل اللّه إلا جعل اللّه بأسهم بينهم".

من بين هذه الفرائض الغائبة والواجبات المهملة، قضية آل البيت، التى أصبحت بين غلو وجفو وإفراط وتفريط فالشيعة والصوفية رفعوا أئمة آل البيت إلى مصاف الربوبية والألوهية وكان منهم الغلو فى الموتى ولذلك أشبعهم أهل السنة رداً وتجريحاً – وهذا مطلوب – وفى المقابل تجد التفريط منا فى حقوق آل البيت ، ومقابلة المغالاة بنوع من الجفاء الذى لا اعتدال فيه ولا التزام معه ، فأين التناول السنى السلفى لهذه القضية، فنحن أحق بآل بيت النبى صلى الله عليه وسلم من الشيعة والصوفية كما أننا أحق بموسى وعيسى عليهما السلام – من اليهود والنصارى ، أين نحن من وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم " أذكركم اللّه فى أهل بيتى" وكرر القول ثلاثاً ،و " إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي ، الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر ؛ كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ألا وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض".

لا يبعد أن يتأخر النصر بسبب التفريط فى هذه الحقوق كما تأخر النصر بسبب غياب السواك، وهل يرجى العز والتمكين والخير والبركة مع إضاعة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم والتقصير فى حق الأحياء من آل بيت النبوة ؟ ! تعصى ربك وترجو رحمته ، ولا يمكن نيل ما عنده سبحانه إلا بطاعته جل وعلا واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، قد يُتهم الإنسان ويُرمَى بالصوفية إذا تكلم فى الذكر وصَلَى على النبى صلى الله عليه وسلم !! وكذلك الأمر قد نتخوف من الكلام على حقوق آل البيت وكأن القضية حكر على الشيعة ، لقد كان عمر رضى الله عنه يشكو إلى الله جلد الفاجر وعجز الثقة ، لابد من رد الحق لصاحبه حتى وإن كان كافراً فكيف بآل بيت النبى صلى الله عليه وسلم الذين هم وصيته وموضع وعظه وتذكيره ، وثقل خير للبلاد والعباد.

 لقد كان من مظاهر الغربة ، افتراق العلم عن العمل حتى أصبحت القضايا الشرعية أقرب إلى الثقافة وحشو الأدمغة وأطلق البعض عليها وصف المسائل النظرية !! وهذا المسلك لا يستقيم مع عودة الأمة لدين ربها وحرصها على حسن التأسى وإحسان المسير إلى الله وسعيها لإقامة الحق فى الخلق لذا وجب الإهتمام بالواجبات والمستحبات ، ولعلمنا بأن التفريط فى المستحبات يجر إلى ارتكاب المحرمات وأن ترك الواجبات قد يجر إلى الكفر والعياذ بالله ، لابد من بحث وتفتيش فى الآفات والعيوب وأوجه النقص والقصور التى تحول دون استعادة الأمة لمجدها التليد وإقامة الدولة العالمية والوصول إلى مرتبة قيادة وريادة البشرية ، والأخذ بأسباب العافية الحقيقية لابد من تفنيد شبهات الشيعة والصوفية وبيان المصاهرات بين آل البيت وآل بيت أبى بكر وعمر وعثمان وسائر الصحابة الكرام رضى الله عنهم أجمعين.

 نحتاج لإيضاح الحق لهم ودفع غلوهم فى آل البيت وردهم رداً جميلاً لمثل ما كان عليه النبى صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام ، إن صالح آل البيت صلاح وثقل لهذه الأمة وفاسدهم يحتاج إلى دعوة وتركيز واهتمام فقد انصرف بعضهم إلى صرف العبادة لغير الله والحكم بغير شرع الله منهم من هو علمانى ديمقراطى ومنهم من ارتد على عقبه القهقرى ، وقد يشيع فى بعض نسائهم التبرج والإختلاط كسائر الناس !! لقد قدم عمر العباس – رضى الله عنهما – عندما أراد أن يستسقى وكان ذلك لمكانه من رسول الله صلى الله عليه وسلم مع وجود من هو أتقى من العباس كالعشرة المبشرة بالجنة ، وتزوج عمر من أم كلثوم بنت على رضى الله عنهم أجمعين – ولا حاجة له فى النساء إلا  المودة فى القربى، فكل نسب وصهر يوضع إلا نسبه وصهره صلى الله عليه وسلم.

فهل يمكن تكرار مثل هذه الصور ونحن نجهل أسماء آل البيت، وليس ذلك من مظنات الورع – وذلك لما يترتب على المعرفة من حقوق وواجبات - فإذا كان الإنسان يتعرف على الأعمام والأخوال ليصل رحمه ، فآل بيت النبى صلى الله عليه وسلم أحق بذلك ،كلنا يعلم أن الصدقة تحرم على آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم فماذا نصنع ولا خُمس الآن ولا فيئ أفنتركهم يتسولون فى الشوارع ؟! وإذا كان البعض قد انتحل صفة آل البيت فهذا لاينفى وجود كثرة حقيقية يصح انتسابها لآل البيت ، وإلا فما معنى " وبارك على محمد وعلى آل محمد " كما ورد فى التشهد ، ولما قيل للنبى صلى الله عليه وسلم كيف نصلى عليك ؟ قال قولوا " اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته " كما ورد فى الصحيح ، وبمثل ذلك تعم الخيرات والبركات على آل البيت وعائدها ومردودها على الأمة فى العاجل والآجل بإذن الله .

والأمر كما ترون - حفظكم الله - جدير ببحثكم واهتمامكم وتناولكم له فى خطبكم ودروسكم وكتبكم بعيداً عن الغلو والجفو والإفراط والتفريط لإشاعة الخير ورد الحق لنصابه، وهذا عهدنا بكم .

جعلكم الله سلماً لأوليائه حرباً على أعدائه وذخراً للإسلام وأهله .

وجزاكم الله خيرا ،،،

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

كتبه

سعيد عبد العظيم