27/08/2012
إيران محتاجة إلى إسرائيل. إيران محتاجة إلى إسرائيل بصورة يائسة. فلولا وجود إسرائيل لاحتاجت إيران إلى ايجادها. فإسرائيل هي ترياق النظام الإيراني، التي يجب ان تُشترى، فهو باقٍ بفضلها منذ سنين طويلة.
ان الخطابة المعادية لإسرائيل تُمكّن النظام الملالي القاسي من صرف انتباه الجماهير عن مشكلاتهم الحقيقية وعن أزمتهم الاقتصادية وعن غلاء المعيشة الذي يرتفع إلى مستويات لا تحتمل. وعن
القمع السياسي وقتل المتظاهرين، وعن عدم وجود حرية.
كانت الكراهية دائما قوة موحِّدة، فلا يوجد كالعدو الخارجي المُشبه بالشيطان لاسكات التوترات الداخلية. ان اختيار عدو أهم كثيرا من اختيار صديق، كما كتب نيتشة. وقد نجحت إيران في ذلك أكثر من المتوقع.
وتساعد إسرائيل إيران، فهي تهددها. والتهديدات بهجوم قريب هي زيت في اطارات نظام الملالي المتعثر. وهي طوق نجاة تطرحه القيادة الإسرائيلية لإيران في آخر لحظة. فالقوى الاصلاحية التي هددت النظام قبل ثلاث سنوات طالبة الحرية والانتخابات النزيهة ستتحد حوله في حال هجوم إسرائيلي.
يخدم نتنياهو وباراك مصلحة خامنئي واحمدي نجاد. وهما يتقنعان بقناع المعتدي الذي يساعد على تشبيه إسرائيل بالشيطان في إيران، ويسهل الآن ان تُعرف إسرائيل بأنها ورم سرطاني في الشرق الاوسط. وسيقتنع المتشككون ايضا. وحتى لو كان الحديث عن تهديدات باطلة من قبل إسرائيل فانها
يستحق الشعب الإيراني قيادة اخرى وسيحصل على قيادة اخرى. فالثورات الاقليمية ستبلغ إلى طهران ايضا، وآنئذ سيهمنا حصول إيران على القدرة الذرية كما همنا حصول الهند عليها.
وإسرائيل محتاجة إلى إيران. إسرائيل محتاجة إلى إيران بصورة يائسة. فلولا وجود إيران لوجب على إسرائيل ان توجدها. وإيران ترياق للقيادة الإسرائيلية الحالية يجب ان تُشكر، فهي ما تزال في السلطة بفضلها.
كانت الكراهية والتخويف دائما نظامي سيطرة ناجعين، ولا سيما بالنسبة لحكومات اليمين. فالخطابة المعادية لإيران تُمكّن نتنياهو من الضرب على أوتار المحرقة وصرف انتباهنا عن مشكلاتنا الحقيقية.
عن الازمة الاقتصادية وعن غلاء المعيشة الذي يرتفع إلى مستويات لا تحتمل. وعن
وتساعد إيران إسرائيل، فهي تهددها. وهذه التهديدات زيت في اطارات حكومة نتنياهو المتعثرة تنقض عليها كأنها تجد غنيمة كبيرة. ان غيوم الحرب التي أنتجها باراك ونتنياهو والتي تلوث جونا على الدوام من بدء الشتاء الاخير إلى نهاية الصيف، قد نجحت في خنق الاحتجاج الاجتماعي الواسع جدا الذي كان تهديدا حقيقيا للحكومة.
ان طلب السكن في متناول اليد، والعدالة الاجتماعية والخدمة العامة المدعومة والتي تؤدي عملها قد أصبح مثل ثلج العام الماضي بإزاء تهديد الصواريخ والقنبلة الذرية. وقد حل محل الخطاب المدني والنسوي النادر جدا عندنا خطاب أمني مؤمن بالقوة ورجولي، مرة اخرى، والحال عندنا كالحال في إيران، فالأمور تتقدم بحسب ما يرى الفقهاء. فمن الحقائق ان الحاخام عوفاديا يوسف قد جاءه رئيس مجلس الأمن القومي يعقوب عميدرور في المدة الاخيرة مرشدا موجها وبقي ان يجد فتوى
تستحق إسرائيل قيادة اخرى وستحصل على قيادة اخرى، والمسألة مسألة وقت فقط. وفي الاثناء ينشغل قادة إسرائيل وإيران الفاشلون بلعبة معقدة تبدو مثل معركة شديدة بالسكاكين. لكن النظر من قريب يُبين أنها ليست معركة بل هي رقصة تانغو. انه حلف أبدي بين نظامين أكل الدهر عليهما وشرب يدينان ببقائهما بعضهما لبعض.
هآرتس
عنار شيلو