وليد جنبلاط يدعو الدروز إلى العودة إلى الإسلام الصحيح

بواسطة المثقف الجديد قراءة 1620
وليد جنبلاط يدعو الدروز إلى العودة إلى الإسلام الصحيح
وليد جنبلاط يدعو الدروز إلى العودة إلى الإسلام الصحيح

علي محمد طه

18-12-2014

رغم أنهم يسمونه رجل المواقف الضبابية إلا أن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ,قائد الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني قال كلمة حق عندما دعا دروز العالم قبل عدة أيام للعودة للإسلام الصحيح الذي ابتعدوا عنه منذ تبني قبيلة بني معروف التي ينتسبون لها للمذهب الإسماعيلي ,ومن ثم انشق مجموعة من هذه الطائفة أثناء الحكم العبيدي عن الفرقة الإسماعيلية الباطنية ,ليصبح زعيماً لهم ويدعى ( محمد بن إسماعيل الدرزي) ,ليعلو شأنه ويصبح الزعيم الأوحد لهذه الفرقة .

من يتابع خطابات وليد جنبلاط سيلاحظ أنها كانت الأكثر عقلانية وحرصاً على مستقبل الدروز في المنطقة مع تنامي الفكر الطائفي والمذهبي ,خاصة أنهم طائفة صغيرة مقارنة بغيرهم من أهل السنة أو الشيعة أو حتى النصارى مع تشتتهم على عدة دول هي سوريا ولبنان والأردن وفلسطين وتقوقعهم في مناطق الجبال التي سكنوها قبل مئات السنين هرباً من الاضطهاد الطائفي .

وفي مصارحة تاريخية له مع دروز العالم دعا الزعيم وليد جنبلاط (الدروز في كل مكان للعودة للأصول وإلى بناء الجوامع وإلى إقامة الفرائض الخمس, والعودة إلى الإسلام الصحيح ,وقال بأن الدروز في الأصل هم مسلمون , بغض النظر عن تفسيرهم اللاحق في كتب الحكمة لتعاليم الدين الإسلامي ، وقال إن كتب الحكمة مبنية على العقل. ولا يمكن أن يستمر الدروز في جهلهم, وذكر أن قضية تنوير الدروز للعودة للأصل وللإسلام الصحيح هي مهمة المشايخ والمجلس المذهبي ودعا لبناء مدارس لتعليم الدين الحقيقي الإسلامي , وأكد أنه في السابق انتشرت الجوامع في كل مناطق الدروز ,وكما أنه ينوي بناء الجامع الخاص به في مقر إقامته في منطقة المختارة في منطقة (عالية) في لبنان .

وقد جاء تصريح جنبلاط الخطير بعد أن أصبح المئات من الدروز وقوداً لحرب بشار الأسد ضد الثوار في سوريا ، ورغم دعوات جنبلاط المتتالية لتحييد الدروز عن الحرب المستعرة ,فقد فشل في ذلك ,حيث انحاز الكثير من دروز سوريا وبعض قيادات دروز لبنان إلى النظام السوري, ووقفوا في الخندق الإيراني ضد ثورة الشعب السوري ,وأدى موقفهم المعادي للثورة لانخراط الكثير منهم في عمليات القتل والهدم والنهب التي يقوم بها النظام السوري في المناطق السنية ، مما أشعل فتيل النيران الطائفية بينهم وبين جيرانهم السنة في مناطق جبل الشيخ وسهل حوران ، فجرت معارك كثيرة طاحنة ذهب ضحيتها المئات من الدروز في مواجهة الثوار السنة . ومع تنامي العداء للدروز ظهر صوت وليد جنبلاط مدوياً ,وهو الصوت المتعقل الداعي لنبذ الفرقة والصراع مع الشركاء في الوطن ,فهو يرى أن أبناء طائفته يتم تحويلهم لقرابين .ودعا مراراً لعدم القبول بان يكونوا وقوداً لصراع سيكونون هم النقطة الأضعف فيه ، ورفض الانخراط في كل الصراعات التي تخدم النظام السوري وشركاءه في المنطقة .

اللافت للنظر دعوته أتباعه لعدم محاربة جبهة النصرة والثوار في منطقة جبل الشيخ , والتي زج النظام في معاركها بالدروز من سوريا ولبنان ضد أبناء القرى السنية ,حيث شاركت فيها كتائب حزب الموحدين التي أرسلها الزعيم الدرزي وئام وهاب لمساعدة الدروز في هذه المنطقة .

الحقيقة أن وليد جنبلاط بات ينظر للحدث السوري من عين المراقب المبصر بعين العقل والسياسي المحنك الذي يرى المستقبل أسود وقاتما بالنسبة للدروز إن ظلوا في تخندقهم مع النظام ضد الأكثرية السنية ,وهذا سيجلب عليهم الكثير الأحقاد والويلات مستقبلاً ,ومالا طاقة لهم به، ويعتقد جنبلاط أن الحروب الدموية التي تؤرق الشرق الأوسط من لبنان إلى الحدود العراقية مع إيران هي بالأساس صراعات سياسية على السلطة، إلا أن الخصمين الرئيسيين فيها هم السنة والشيعة، وهذا ما يجعل الأقليات الدينية الأخرى مثل الدروز، البالغ عددهم مليون شخص في الشرق الأوسط ، يواجهون قراراً مؤلما وقد يكون وجوديا بشأن من يدعمونه من أجل ضمان بقاء طائفتهم، ويرى أن الوقوف مع طرف يحمل مخاطر بتحويل الآخر إلى عدو، لذلك فإن مناصرة الحق ضد الباطل هو الخيار الأمثل للدروز ولا مناص من ذلك , ويرى جنبلاط حرص النظام السوري على زج الدروز في حرب ضد السنة في سوريا بأنه محاولة لإثارة العداوات بين السنة والدروز لإجبار الطرف الثاني على أن يظل موالياً لنظام الأسد، ويحاول وليد جنبلاط جاهداً إقناع الدروز بالمصالحة مع بيئتهم الطبيعية في سوريا ,وهم السنة ، ويرى أن الدروز في المناطق التي تجري فيها الاشتباكات استخدموا كجزء من دعاية ميكافيلية وضعها النظام، وهو ما يسمى بتحالف الأقليات ضد الأغلبية السنية، ولم تكن دعوة وليد جنبلاط للعودة للدين الصحيح هي الاولى تاريخياً , فقد سبقة لذلك جده الزعيم الدرزي الشهير الأمير شكيب أرسلان الذي عاد للنبع الصحيح ودعا أتباعه لأتباع المنهج السني عام 1935م وقد الف كتباً بعنوان (لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم) و(حاضر العالم الإسلامي). ولقد لقب بأمير البيان لغزارة كتاباته، ويعتبر واحداً من كبار المفكرين ودعاة الوحدة الإسلامية والوحدة والثقافة، فهل سيستجيب الدروز لنصائح زعيمهم الخالدة ,وهل ستجد أذاناً مصغية, وهل ستسهم في هداية الدروز إلى الدين الصحيح كل هذا متروك للقادم من الأيام .

التفسيرات السياسية والبراغماتية ممكنة ,والممكن أيضا أنه حدث تحولات فكرية وعقدية حقيقية لوليد جنبلاط باتجاه السنة والإسلام الصحيح .

المصدر : موقع المثقف الجديد



مقالات ذات صلة