30-3-2013
كثيرة هي التحذيرات التي سبقت زيارة هشام زعزوع وزير السياحة المصري مع الوفد المرافق له إلى إيران , وتوقيعه على اتفاقية التعاون السياحي بين القاهرة وطهران , وكثيرة هي الأجراس التي دقت وصفارات الإنذار التي انطلقت مدوية في مصر , معلنة خطورة مثل هذه الخطوة , وتأثيرها على وحدة وتماسك الشعب المصري الذي يتبع مذهبا إسلاميا واحدا , هو مذهب أهل السنة والجماعة .
وقد بينت كثير من الأحزاب والتيارات الإسلامية خطورة المد الشيعي في مصر وأنه أمر لا يجوز أن يغامر بشأنه أو يستهان بتداعياته , خاصة في ظل الصراع الدموي الذي ترعاه إيران وتؤججه , في البلدان العربية الإسلامية التي انتشر فيها التشيع , بعد أن كانت منذ فترة ليست ببعيدة , سنية المذهب بشكل كامل أو شبه كامل , كالبحرين و العراق وسوريا .
ولكن الحكومة المصرية ارتأت غير ذلك على كل حال , وخففت من المخاطر المبالغ بها لدى التيار الإسلامي بشكل خاص والشعبي بشكل عام , داعمة رأيها بالمحاسن والفوائد الاقتصادية الكبيرة لمصر جراء التوقيع على هذه الاتفاقية , واعدة باتخاذ إجراءات أمنية مشددة تجاه السياح الإيرانيين , بدء بلزوم حصولهم على تأشيرات دخول وموافقة أمنية مسبقة , وانتهاء بتحديد الأماكن التي سيسمح لهم بالدخول إليها في مصر , معربة عن أن أمثال هذه الاجراءات , ستحد من مخاطر فتح السياحة الإيرانية .
ولكن الواقع العصيب الذي تعيشه مصر منذ فترة وإلى اليوم , يوحي بعكس ذلك تماما , وأخشى ما يخشاه المصريون أن تبدأ السياحة الإيرانية بالتوافد على مصر في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي أقل ما يقال عنها , بأنها غير مناسبة ولا مواتية لاستقبال وضبط السياحة الإيرانية , خاصة بعد الأنباء التي تناولتها وسائل الإعلام المختلفة , عن انطلاق أول رحلة طيران بين القاهرة وإيران .
فقد غادرت مطار القاهرة الدولي - السبت 30 مارس- أول رحلة طيران بين القاهرة وطهران لأول مرة منذ قيام الثورة الإسلامية الإيرانية قبل 34 عاما، في بداية تدشين خط طيران بين مصر وإيران.
صرحت بذلك مصادر مسئولة بمطار القاهرة ، وقالت إن الطائرة تابعة لشركة طيران (إير ممفيس) برحلة رقم 8000 متوجهة إلى طهران , وكان عليها ثمانية ركاب إيرانيين بينهم دبلوماسيان , ولم ترسل شركة طيران (إير ممفيس) والمملوكة لرجل الأعمال ( رامي لكح ) ، خطابا بالموعد المحدد لعودة الطائرة من طهران .
ومن المحتمل أن تنظم الشركة رحلات بين المدن الإيرانية والمطارات الإقليمية في جنوب مصر , طبقا للاتفاق الذي تم توقيعه خلال زيارة هشام زعزوع وزير السياحة الأخيرة لطهران.
وقال الطيار محمد شريف رئيس سلطة الطيران المدني المصرية : إن الشركة ستنظم رحلات (شارتر) لطهران لجلب سياح ايرانيين , وهذه هى أول رحلة وسوف تهبط ترانزيت فى مطار القاهرة للتزود بالوقود , ومنها الى أسوان وتغادر مصر فى الرابع من شهر ابريل القادم .
وقال إن شركة ممفيس ستبدأ بصفة مبدئية فى نقل السياح الايرانيين عبر رحلات شارتر , وستقوم بدراسة هذه الخطوة , فاذا كانت نتائجها ايجابية من حيث حجم الحركة , فسوف تدرس التقدم بطلب لسلطة الطيران المدنى لتنظيم رحلات منتظمة
وكانت العلاقات المصرية الإيرانية قد انحسرت ، خلال الأعوام الأربع والثلاثين الماضية ، بين التوتر والفتور، على خلفية استضافة الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات لشاه إيران محمد رضا بهلوي , عقب الثورة الإسلامية في إيران أوائل عام 1979، ثم دعم مصر للعراق في حربها مع إيران (1980- 1988)، واتهام القاهرة لطهران برعاية الإرهاب في الشرق الأوسط .
وبعد قيام ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، صدرت تصريحات من المسئولين في البلدين تفتح الباب نحو إزالة الخلافات بين البلدين ، كما تبادل زعيما البلدين الزيارات ؛ حيث أجرى الرئيس محمد مرسي زيارة لطهران للمشاركة في قمة عدم الانحياز التى عقدت نهاية أغسطس/ آب الماضي , والتقى خلالها بنظيره الإيراني أحمدي نجاد ، فيما زار الأخير مصر للمشاركة في مؤتمر القمة الإسلامية الثاني عشر، وكانت هذه الزيارة الأولى لرئيس إيراني لمصر منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1979.
والسؤال المطروح الآن : ماذا بعد انطلاق رحلة الطيران الأولى بين القاهرة وطهران ؟؟ و هل تستطيع الحكومة المصرية في ظل الاضطرابات الحاصلة في البلاد أن تضبط حركة السياحة الإيرانية في البلاد كما وعدت ؟؟!! و إذا كانت السلطات الأمنية المصرية غير قادرة – بقصد أو بغير قصد - على رصد تحركات المجرمين والمخربين ومثيري الشغب في البلاد , فهل هي قادرة على رصد التحركات الشيعية للسياح الإيرانيين إذا ما دخلوا مصر وانتشروا في أرجائها ؟؟!!
وهل تضمن الحكومة في ظل هذه الأجواء عدم انتشار المذهب الشيعي بين المصريين ؟؟!! أسئلة كثيرة تنتظر التوضيح والإجابة من الحكومة المصرية .
مركز التأصيل للدراسات والبحوث