فتور يشوب العلاقة بين <حزب الله> و>حماس>

بواسطة قراءة 1671

بسبب ملف البارد ومواقف عون والحرمان من الحق في التملك:

فتور يشوب العلاقة بين <حزب الله> و>حماس>

 
فادي شامية-  الاثنين,28 أيلول 2009 الموافق 9 شوال 1430 هـ

 

تسود حالة من الفتور و>المراجعة الهادئة> للعلاقة بين <حماس> و>حزب الله>، لما تعتبره قيادة الساحة اللبنانية في <حماس> تنكراً من <حزب الله> لحقوق الفلسطينيين المشروعة، وسكوته عما يتعرّضون له في لبنان، بالوقت الذي يتغنى فيه الحزب بالقضية الفلسطينية وبجهوده في مجال دعمها·

وكانت قيادة <حماس> في لبنان قد لاحظت في أوساطها، ولدى عموم الفلسطينيين، تململاً واضحاً من أداء <حزب الله> تجاه العديد من القضايا الحساسة بالنسبة للفلسطينيين، ما دفعها لـ>إجراء مراجعة لتاريخ العلاقة مع حزب الله> وتالياً التواصل معه، ومع سواه من ألوان الطيف اللبناني، للتأكيد على أن الحزب المذكور <ليس مدخل حماس الوحيد إلى الساحة الداخلية>، وأنه <لا يكفي أن يعتمد حزب الله خطاباً مقاوماً يناصر فيه القضية الفلسطينية كي نوقع له شيكاً على بياض فيما خص واقع الفلسطينيين في لبنان>·

العودة المتعثرة إلى نهر البارد

ويأتي في مقدمة هذه القضايا التي تهم الفلسطينيين راهناً، مأساة النازحين <المكدسين> في مستوعبات حديدية، أو داخل بيوت أشبه بالعلب الإسمنتية، أو في الهواء الطلق في مخيم البداوي· هؤلاء، وبعد المعاناة الطويلة، التي عانوها في مخيم نهر البارد، جراء دخول تنظيم <فتح الإسلام> إليه، وتالياً اندلاع المواجهات وخسرانهم أرزاقهم و>أحلامهم>، وبعد نزوحهم الطويل عن المخيم المذكور وتأخر العودة، يسيطر على تفكيرهم اليوم أمل العودة، لاستئناف حياة أقل قسوة في مخيمهم السابق، وهو أمل كاد أن يتحقق لولا <مشكلة الآثار> التي طرأت، والتي يعتبر الفلسطينيون أن إثارتها بالشكل الحاصل من قبل تكتل <التغيير والإصلاح> غير بريء أبداً· ويأتي <العتب> على <حزب الله> من باب أن حليفه ميشال عون يعرقل العودة، ويدخلها في البازار السياسي، فيما يكتفي <حزب الله> بالتفرج على المأساة وتداعياتها، على الرغم من مراجعة الحزب المذكور لأكثر من مرة من قبل <حماس> أو مؤسسات حقوقية قريبة منها!·

وحق التملك

ويمتد <العتب> ليطال سكوت <حزب الله> عن مأساة أخرى يتعرض لها الفلسطينيون في لبنان، وهي منعهم من التملك بناء على قانون <اكتساب غير اللبنانيين الملكية العقارية>، الذي فتح المجال لجميع جنسيات العالم إمكانية التملك في لبنان وحرم الفلسطيني من تملك مجرد بيت يأويه وعياله، تحت ذريعة منع التوطين· وكان القانون المذكور قد أُقر في 21-3-2001 ولم يعترض عليه نواب <حزب الله> في حينه، بل لم يعترض عليه أحد، إلا نائب واحد في كتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو النائب محمد قباني· وبعد ظهور آثار هذا القانون على الفلسطينيين، لا سيما في حالات الإرث (إذ لا يستطيع المورث نقل تركته العقارية إلى الورثة!) قام عشرة نواب من كتلة الرئيس رفيق الحريري و>حزب الله> بتقديم طعن أمام المجلس الدستوري في البند المتعلق بالفلسطينيين، ضمن المهلة الدستورية، (رفضت حركة <أمل> التوقيع حينها)، لكن المجلس رد الطعن، وكان ذلك في فترة الوصاية السورية· أما بعد العام 2005، وعلى الرغم من جسامة ما تعرّض له لبنان، فقد حمل النائب الشهيد وليد عيدو لواء تعديل القانون لـ <تعارضه مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1949 الوارد في مقدمة الدستور اللبناني>، لكنه كان يشكو من عدم تعاون باقي الكتل في البرلمان معه، وقد استشهد عيدو وبقي مطلب التعديل ينتظر تعاوناً من الكتل الأساسية، لئلا يدخل في بازار التجاذب السياسي· وترى أوساط فلسطينية عديدة أنه <إذا كان الآخرون في لبنان لا يبالون، فماذا عن حزب الله رافع لواء مناصرة القضية الفلسطينية؟، ولماذا لا يلاقي كتلة النائب سعد الحريري في منتصف الطريق منذ العام 2005 وحتى اليوم، فيما خص هذا الموضوع؟>!

مواقف عون وتداعياتها

وتضيف مصادر <حماس> أسباباً أخرى لـ <العتب>، ذلك أننا <نعرف كما يعرف اللبنانيون حجم علاقة الحزب بعون، والأخير لا يوفر فرصة لمهاجمتنا>! وفي هذه النقطة بالذات ثمة كلام كثير يقال عن عون وخطابه التحريضي ضد الفلسطينيين، و>كأننا مجرد مادة يستعملها عون كلما لاحظ نقصاً في شعبيته في الشارع المسيحي>· وإذ تلاحظ أوساط <حماس> نبرة <هادئة> من قبل الدكتور سمير جعجع -حليف الحريري- تجاه قضاياهم، فإنها تعتب على <حزب الله> الذي لم يفعل شيئاً مع حليفه ميشال عون بخصوص معزوفة عون الدائمة؛ التوطين، بل ثمة من يعتبر أن الحزب يشارك عون أحياناً في استحضار مخاطر التوطين لأهداف سياسية محلية، رغم أن الإجماع الفلسطيني واللبناني منعقد على رفض التوطين والتمسك بحق العودة· (يضيف مصدر قريب من <حماس> نقلاً عن وزير شارك في صياغة بيان حكومة تصريف الأعمال الحالية أن عون سعى على مدى يومين لإدخال فقرة تتعلق بـ>تسهيل ترحيل الفلسطينيين إلى دول الخليج> على البيان المذكور، وأن أكثر من وقف بوجهه فريق الأغلبية النيابية وليس التحالف الذي يقوده <حزب الله>)·

وفي السياق عينه تعتبر أوساط <حماس> أن التعامل مع المخيمات يجري إلى اليوم باعتباره ملفاً أمنياً لا سياسياً، وتسأل: <ما هو موقف حزب الله العملي من حصار المخيمات ومنع البناء فيها؟، خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار حجم تأثير الحزب على الدولة والمؤسسة العسكرية ومخابرات الجيش؟!>·

مؤشرات الفتور مع <حزب الله>

إزاء هذه القراءة تحركت <حماس> على غير صعيد، وأبلغت <عتبها> إلى من يعنيه الأمر· وقد جاء في افتتاحية البراق وهي المطبوعة التي تصدرها الحركة، كلام واضح في مطالبة <القوى السياسية اللبنانية التي نسمعها، ليل نهار تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، أن تقوم بخطوات عملية من أجل إنجاح مساعي إعمار مخيم نهر البارد>·

وقد كانت هذه الأجواء حاضرة في إفطار هيئة دعم المقاومة الذي أقيم في مطعم الساحة في 12-9-2009، حيث تحدث الحاج حسن حدرج، وهو المسؤول عن الملف الفلسطيني في <حزب الله>، والمعروف بتعاطفه الواضح مع القضية الفلسطينية، فأشار إلى <همس في الأوساط الفلسطينية، عن تخلي حزب الله عن قضية نهر البارد> فأكد باسم الحزب نفي هذا الكلام، وإذ أثنت أوساط قريبة من <حماس> على كلامه، إلا أنها سألت عن الأفعال، وهو ما عبّر عنه مسؤول <حماس> في لبنان علي بركة بوضوح، في إفطار الحركة في فندق غاليريا في 15-9-2009، إذ قال: <نريد تشريعات ومراسيم، لا مشاريع قرارات ومواقف وتصريحات>·

تحسن العلاقة مع تيار <المستقبل>

وفي مقابل الفتور الذي يخيم على علاقة <حماس> بـ>حزب الله> يراقب المتابعون التحسن المضطرد في علاقة <حماس> مع تيار <المستقبل>·

وكان المؤشر الأبرز على هذا التحسن كتاب الشكر الذي وجهته قيادة <حماس> للنائب سعد الحريري بعد الكلمة التي ألقاها مساء الأحد 13-9، خلال إفطار رمضاني، والتي أكد فيها أن <حق العودة هو حق للفلسطينيين، ولكن يجب أن تكون لديهم حقوق مدنية -لن تجعلهم لبنانيين-، وهذا أقل ما يمكن أن نقوم به إذا كنا نؤمن فعلاً بالقضية الفلسطينية، لا أن نحاضر عن هذه القضية، ونمنع عن الفلسطينيين هذه الحقوق· فهذا أمر معيب ومؤسف بحقنا>·

بدورها قالت النائب بهية الحريري على لسان نجلها أحمد، الذي مثلها في إفطار رمضاني في 19-9: <نحن مع إعطاء الفلسطينيين الحقوق التي تفرضها الأخوة والإنسانية والعيش المشترك، وهذه الحقوق لا تهدد كيان ودولة لبنان، ولا تشكل مدخلاً للتوطين، كما يدعي البعض>·

بالمحصلة، يعتبر غالبية الفلسطينين أن من حقهم أن يعيشوا بكرامة في لبنان إلى حين العودة المنتظرة إلى فلسطين، وبالفعل فإن هذا هو حقهم على مستضيفيهم اللبنانيين، ولو أن الحسابات السياسية اللبنانية لا ترحم أية قضية، مهما كانت درجة قداستها·

 



مقالات ذات صلة