نفوذ إيراني عملي وتركي خيالي _ سوريا مثالا

بواسطة أحمد موفق زيدان قراءة 467

نفوذ إيراني عملي وتركي خيالي _ سوريا مثالا

 أحمد موفق زيدان

 

العلاقات بين الدول ليست قائمة على عقلية منظمات خيرية وإنسانية، والعلاقات بين الدول ليست قائمة على التمنيات والرغبات، إنما عقلية العلاقات بين الدول قائمة على النفوذ الحقيقي الواقعي الملموس وليس على النفوذ المقطوع الجذور إن لم يكن هذا النفوذ يخدم أجندة الآخرين وطموحات الغير....

هناك طموحان وتحركان في المنطقة لملء فراغ ولمد نفوذ فيها، نفوذ إيراني يعتمد على غطاء وشرعية حكومية دولتيه كما هو في سوريا والعراق وإلى حد ما لبنان .. يغطي على عمل مضن على الأرض ممثلا بدعم حلفاء أو زرع حلفاء جدد، وإقامة مؤسسات خيرية وشراء ذمم وأراض لا فرق من أجل المسك بأكبر كمية ممكنة من الأوراق وعدم الاعتماد على أنظمة سياسية قد ترحل في أية لحظة، وبين نفوذ تركي يعتمد فقط وفقط على علاقات عامة مع الأنظمة العربية وتحديدا النظام السوري، الذي نجح وأفلح طوال عقود من خديعة أنظمة عربية خليجية لأسباب واهية كثيرة لا علاقة لها بمصالح هذه الأنظمة ومصالح المنطقة لتستيقظ صباحا على افتراق المصالح بينها وبينه، وأن هذا النظام له أجندة خاصة تتسق مع أجندة النظام الإيراني وتفترق تماما مع أجندة المنطقة وأنظمتها ...هل تركيا بحاجة إلى عقود كما احتاجت هذه الأنظمة لتدرك هذه الحقيقة ...

هنا يحضرني كلاما لوزير خارجية باكستاني سابق حين قال إن باكستان لديها مصالح في أفغانستان ولكن هذه المصالح بحاجة إلى من يسهر عليها ويدافع عنها ويحميها وينميها ويطورها، وهنا تبرز قضية الاعتماد على شخصيات ومعارضة ومؤسسات تعمل على السهر على المصالح الباكستانية أو التركية أو الإيرانية لا فرق ..

في سوريا نرى المؤسسات الإيرانية الظاهرة في الست زينب وفي الجزيرة العربية ونراها في حوران، ويأتي حسين فضل الله من لبنان ليعطي دروسه وسط أهالي السنة، بينما يحرم علماء أهل السنة من الحديث في الاحتفالات والمناسبات ، ويهدد كل من يشتم منه أو يُتوقع منه معاداة السلوكيات والتمدد الشيعي الإيراني في سوريا بتهمة الوهابية والتكفيرية، يحدث هذا كله وسط صمت تركي رهيب، بل والأدهى من ذلك يكتفي عبد الله غول وأحمد داود أوغلو على زيارات المجاملات لرأس النظام السوري بشار الأسد دون أن يطالبوه بعمل شيء أو تحقيق شيء لأهل السنة الذين لا يزالون يدفعون ثمن وقوفهم بأثر رجعي للخلافة العثمانية ...

إن كانت تركيا جادة في مد نفوذها ودعم الشعب السوري بتخليصه من حكم ديكتاتوري شمولي طائفي فعليها أن تبدأ فعليا بزرع أشخاصها ومؤسساتها التي تسهر على مصالحها ومصالح أهل السنة الذين هم امتدادا لها وعليها حينها أن تطالب النظام السوري بفاتورة علاقاتها معه على غرار ما تفعله إيران رغم الارتباط العضوي بينهما لعقود، وعلى تركيا أن تستيقظ قبل فوات الأوان فالشعب السوري مغتاظ جدا لهذه العلاقات مع نظام تعرف تركيا أكثر من غيرها أنه نشاذ في منطقة ديمقراطية إلى حد ما، ونشاذ من حيث أن حزب العدالة والتنمية التركي حزب ديمقراطي حقيقي في حين يتعامل مع نظام شمولي ديكتاتوري ، فالجمع بين الطرفين كمن يجمع بين الماء والزيت ...

أما وإن أصر الإخوة الأتراك وبعض الإخوة الخليجيين على تجريب حظهم مع النظام السوري فيما يقولون تأهيله وإبعاده عن المحيط الإيراني فلا بد أن يكون ثمة جدول زمني تخيلي على الأقل في أذهانهم لا أن يكونوا هم في خانة مقدمي التنازلات كما حصل مع غيرهم بغية البحث عن سراب قد يدوم سنوات وعقود دون أن يحصلوا على مقابل من النظام السوري، ففي السياسة كل شيء كما يقولون بالسوري " قبيض بقبيض" بمعنى خذ بقدر ما تعطي، حينها نستطيع أن نقتنع بوجهات نظرهم في أن الاقتراب من النظام السوري يفيد على صعيد المصالحة الوطنية وعلى صعيد إبعاده عن أعداء العرب والمسلمين وذلك بالاقتراب منه ...

على تركيا أن تستيقظ وتحدد مصالحها المتقاطعة مع مصالح الشعب السوري الذي هو امتدادها الطبيعي وليس مع النظام الذي عاداها وسيعاديها ويتحالف مع خصومها وأعدائها، عليها أن تدرك قضية خطيرة طالما سمعتها من شخصيات سورية أحبت ولا تزال تحب وتكن كل احترام لتركيا وتاريخها ولحزب العدالة وقادته، القضية هي أن الكماليين كانوا أقرب إلى الشعب السوري من نظام حزب العدالة والتنمية، فإلى الله !!!المشتكى ؟؟

 

المصدر: صحيفة المصريون

التاريخ: 13/6/1430 الموافق 07-06-2009



مقالات ذات صلة