حسن نصر الله والصدر وجهان لعملة إيرانية واحدة

بواسطة أحمد الجاسم قراءة 641

حسن نصر الله والصدر وجهان لعملة إيرانية واحدة

أحمد الجاسم

المسلم / الانتهاكات الإيرانية لحقوق الجار والتدخلات العلنية في الشأن العراقي،تذكرني دائما بالمقولة التاريخية المنسوبة للخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،والتي يتردد أنه قال فيها ( يا ليت بيننا وبين فارس جبل من نار )، ويبدو أن جبال النارـ التي تمناها الفاروق ـ لن تتوفر في القادم القريب مع التمدد الإيراني الواسع والواضح في المنطقة العربية. فإيران تحاول أن تلعب أدواراً مختلفة، وفي مناطق مختلفة من العالم ،في سبيل تحقيق أهداف خاصة بها، وعلى حساب شعوب المنطقة؛ ولديها أدوات متعددة لتحقيق هذه الغايات. فهي بالعراق مازالت تتدخل وبكل مرافق الحياة ،وهذا الأمر لم يحدث بعد الاحتلال الأميركي للعراق ،بل قبل ذلك بعشرات السنين ،حينما آوت ودربت ،بل وزجت من يدعون اليوم أنهم ناضلوا ضد النظام السابق في قتال أهلهم من العراقيين خلال معارك الحرب العراقية – الإيرانية . وبعد الاحتلال الأمريكي للعراق بدأت "الجارة الإسلامية" تداعب مشاعر الساسة الأمريكيين،وذلك من خلال إشعال الشارع العراقي ،بالمد الطائفي الشيعي ومحاولة خلخلة الأوضاع الأمنية ،مما كاد أن يقود البلاد في مرحلة من المراحل إلى حرب أهلية مازالت لغاية اليوم آثاره في المجتمع العراقي.

وتحاول إيران إثبات ، وبكل السبل ، الحاجة الأمريكية لها لتهدئة وترتيب الأوضاع في العراق، وحاولت منذ بداية الاحتلال أن تفتح أبواباً للحوار مع " الشيطان الأكبر"، وذلك بواسطة رجال المجلس الأعلى وغيرهم، ونحن نسمع ،وفي كل يوم، عن جولة جديدة من المباحثات الأمريكية – الإيرانية بخصوص العراق. وبالأمس القريب صرح النائب علي الأديب عضو الائتلاف الشيعي ـ الذي كان ضمن الوفد الذي زار إيران لإنهاء التوتر في الجنوب العراقي ـ بان الدور الإيراني هو الذي أدى إلى إيقاف القتال بين أتباع الصدر والقوات الحكومية المدعومة من قوات الاحتلال في البصرة ،فإيران تحرك أكثر من تيار في العراق لخدمة مصالحها ،ومصالحها فقط ،وكذلك لإبقاء التشرذم الأمني الذي يُشغل البيت الأبيض عن النوايا المبيتة لضرب إيران . والتيار الصدري الذي يتزعمه " آية الله المقبلة " مقتدى الصدر والذي يمثله عسكريا ما بات يعرف بـ"جيش المهدي"،يحاول ـ هذا التيارـ أن يلمع صورته وإبراز نفسه كقوة وطنية تقف بوجه الاحتلال الأمريكي في العراق ،إلا أن تضارب المصالح بين التيارات الشيعية المختلفة هو الذي قاد إلى المواجهات الأخيرة في الجنوب العراقي، وليس الانتفاضة ضد الاحتلال،كما يدعي التيار الصدري ، فالاحتلال ما جاء بالأمس، بل هو موجود منذ أكثر من خمس سنوات ، وأتباع الصدر لم يواجهوا قوات الاحتلال إلا بعد عام تقريباً ،وبالتحديد بعد إغلاق صحيفة الحوزة الناطقة باسم التيار، وجيش المهدي هو تنظيم مسلح شيعي أسسه الصدر في أواخر عام 2003 وكان يهدف إلى حماية المراجع والمراقد فقط ،والمعروف أيضاً أن التيار الصدري له نواب في البرلمان ، وهم الذين ساندوا رئيس الوزراء نوري المالكي .وجيش المهدي ارتكب العديد من الأخطاء والجرائم بحق العراقيين ، وكل مَنْ في العراق يعرف الجرائم البشعة التي ارتكبها عناصر جيش المهدي ،وبالتحديد بعد تفجيرات سامراء حيث مَثّل بالأبرياء وحرّق منهم من حرق في وضع النهار وعلى مرأى ومسمع من الأجهزة الأمنية الطائفية، وهذا المشهد مازال مستمراً في العراق ، ولو بمستوى أدنى ، وبدعم إيراني واضح للجميع.

وفي لبنان وبعد أن رأت إيران أن اعتماد أمريكا عليها في تهدئة الأوضاع في العراق ، صار اقل مما كانت تظن، حركت وفتحت باباً جديداً للتأزم في الشرق الأوسط ،حيث قامت مليشيا "حزب الله" التابعة للزعيم الشيعي حسن نصر الله المعروف بولائه المطلق لإيران ،والذي يتفاخر بأن حزبه هو الدرع اللبناني الحصين بوجه الكيان الصهيوني، بإشعال فتيل فتنة طائفية ،وإذا به بين ليلة وضحاها يحرك أتباعه للسيطرة على بيروت وقتل بعض المسلمين والهجوم على مسجدي ذي النورين وجمال عبد الناصر ما هدد بإشعال فتيل حرب طائفية بعد أن نفذ أفراد من حزبه عددا من الاغتيالات والقتل والاعتداءات المنظمة في لبنان؛ فإذا سلاحه إلى صدور بني وطنه الذي يدعي الدفاع عنهم، وإذا فرض إرادته على جميع مواطنيه تحت تهديد السلاح الإيراني.

وقبل عامين أفاد مسئول رفيع بالمخابرات الأمريكية أن منظمة "حزب الله" المدعومة من إيران قامت بتدريب أعضاء في "جيش المهدي"، وهي الميليشيا الصفوية التي يتزعمها "مقتدى الصدر" في العراق، والتي تقوم بالاعتداء والتهجير وشن المجازر ضد الآلاف من أهل السنة بالعراق.

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن المسئول قوله: إن ما بين ألف مقاتل وألفين من جيش المهدي وميليشيات شيعية أخرى تلقوا تدريبًا على يد "حزب الله" في لبنان.

وأضاف المسئول أن عددًا من عناصر حزب الله قاموا بزيارة العراق أيضًا للمساعدة في تدريب أفراد الميليشيا الصفوية.

وأوضح المسئول أن إيران سهلت الاتصال بين حزب الله والميليشيات الشيعية في العراق.
صور متشابهة في بغداد وبيروت، وإيران هي التي تمارس نفس الدور الخبيث هنا وهناك، في كلا البلدين، فهنا مقتدى الصدر وهناك حسن نصر الله وهنا جيش المهدي وهناك "حزب الله" وهنا وهناك إعدامات وقتل واختطاف على الهوية.

إن على إيران أن تظهر نواياها الحسنة تجاه العالم العربي والتي دائماً ما تردد أنها تربطها به العديد من المصالح والروابط ،وذلك بأن تكف عن تحريك رجالاتها هنا وهناك ،وأن توقف الدعم بكل أنواعه للميليشيات الطائفية في العراق ولبنان، والتي لا هم لها إلا قتل الأبرياء من العراقيين واللبنانيين بينما يقف جنود الاحتلال على مرمى حجر منهم ولكن كأنهم لا يرونهم .

 



مقالات ذات صلة