سعيد الحمد
27-4-2013
تصدير الثورة.. الذي بدأ فكرة ومشروعاً منذ العام 1979 طرأت عليه تطويرات «تحسينات» وأيضاً تكتيكات اختلفت باختلاف امزجة الرؤساء والقيادات الايرانية المتعاقبة خلال ما يزيد على الثلاثة عقود.
فلا يمكن الا وان تختلف تكتيكات خاتمي عن تكتيكات احمدي نجاد في العمل على «تصدير الثورة» وان لم يختلف جوهر المشروع وأهدافه مع المصلحة الايرانية في حقبة ما بعد انقلاب خميني وهو «انقلاب» ذو اطماع وتطلعات تتجاوز بكثير الحدود الجغرافية لايران لتشمل الحدود العقائدية والمذهبية وهي حدود واسعة جغرافياً إذا ما وضعنا في الاعتبار عمليات التبشير الايرانية التي اخترقت افريقيا وعدداً من الدول الآسيوية «تايلند» مثالاً وليس حصراً في المشروع التبشيري الواسع.
تصدير الثورة الآن قطع شوطاً مهماً وربما ناجحاً في استثمار الاعلام ولاسيما الفضاء الاعلامي بشكل محترف وضمن استراتيجية محكمة التوجه وقد تهيأت لها كل فرص النجاح أو «الانجاح» من سخاء مالي بلا حدود إلى توفير آخر تقنيات وتكنولوجيا الاعلام فأثمر كل ذلك ما يزيد على 48 قناة تلفزيونية وفضائية انتشرت على كل الاقمار الفضائية وعززت اشتراكها مبكراً عبر عقود امتدت لسنوات طويلة وقابلة للتجديد وجاهزة للدفع الفوري بما يغري شركات هذه الاقمار على تجديد العقود بيسر وسهولة وغض الطرف عن «مشروع تصدير الثورة» نظير ما توفره وما تدره هذه الاشتراكات على ميزانيات وعلى ارباح هذه الشركات الربحية بالاصل.
وهذه الفضائيات الـ48 والقابلة للزيادة التي بالتأكيد قد زادت عن آخر حصر لها قبل سنتين استطاعت ان تلعب «رأس الحربة» لا في تصدير الثورة فحسب بل في ان تكون خط الدفاع الأول عن ايران وحلفائها الراديكاليين الذين بدأوا تنفيذ «الثورة الايرانية» في نسختها العربية الجديدة في اكثر من مكان ونستطيع هنا ان نلاحظ بلا كبير عناء أو جهد كيف اوقفت قناة «العالم والمسار والكوثر والمنار» برامجها ومساحات مهمة من ساعات بثها لاصحاب وجماعات المحاولة الانقلابية الفاشلة في البحرين إلى الدرجة التي دفعت القائمين على مشروع تصدير الثورة في ايران لافتتاح قناة لهذه الجماعات «اللؤلؤة» لتضاف لسلسلة القنوات الجديدة التي تم افتتاحها خلال العامين الاخيرين كقناة الميادين التي تم تعيين المذيع غسان بن جدو رئيساً لمجلس إدارتها بعد ان ظل لسنوات رجل حزب الله اعلامياً في قناة الجزيرة.
وفي المقابل سوف نلاحظ غياباً للمشروع العربي والاسلامي المواجه والموازي والمتصدي للمشروع الايراني الآنف الذكر في استغلال واستثمار الفضاء الاعلامي والسيطرة عليه بقوة واحكام وسط ضمور اعلامي فضائي عربي تقوقع على ذاته أو تفرغ لفضائيات الترفيه والاغاني جاهلاً بخطورة ما يجري في محيطه الفضائي الذي يبث فيه اغانيه وتساليه وسط ما يفوق الـ48 فضائية ايرانية الهوى والتمويل والاستراتيجية تعمل على مدار الساعة للترويج والتحشيد «للثورة» الانقلابية لحساب سلطة الملالي في قم وطهران.
من يتأمل الفضاء الاعلامي التلفزيوني العربي سيجده قد شغل نفسه او تشاغل بوعي منه أو دون وعي عن هذا المشروع الايراني الاخطر في لحظتنا العربية الفارقة وراح كالعادة يقلل من شأنه ومن مخاطره حتى تداهمه الكارثة وقد فات عليه الفوت حينها ولن ينفع الصوت!!.
لا نستطيع هنا وبحكم المساحة المحدودة ان نطرح المعطيات وجميع الحيثيات ولكننا نقرع جرساً مجرد جرس تنبيه وان كنا غير متفائلين ان احداً سينتبه!!.
المصدر : الأيام