الفصائل الفلسطينية تدفع ثمن الضيافة العلوية الشيعية

بواسطة غزة – الحقيقة قراءة 2367
الفصائل  الفلسطينية تدفع ثمن الضيافة العلوية الشيعية
الفصائل الفلسطينية تدفع ثمن الضيافة العلوية الشيعية

 

الفصائل  الفلسطينية تدفع ثمن الضيافة العلوية الشيعية

 

غزة – الحقيقة

 

عندما تشعر طهران أن هناك ضغوطاً عليها ، تلوح بورقة المقاومة الفلسطينية التي تعد بالنسبة لطهران خطوطاً متقدمة مع الاحتلال الصهيوني الذي يهدد بضرب طهران ، أو الدعاية لضربها كما يروج لذلك، فقد استقبل  المرشد الإيراني  آية الله علي خامنئي خلال  مؤتمر «التضامن الوطني والإسلامي من أجل مستقبل فلسطين»،  قادة الفصائل الفلسطينية، في طهران ،  بينهم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي رمضان عبد الله شلح ، واستمر المؤتمر على مدى يومين بحث خلالها المجتمعون القضية الفلسطينية وسبل دعمها، بحسب ما زعمت  قناة «العالم» الإيرانية.

وفي وقت لاحق  قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للصحافيين الإيرانيين عقب عودته إلى طهران  قادماً من دمشق بتاريخ 28- 2 – 2010م إن بلاده وسورية والمقاومة «أجرت التنسيق اللازم لترسيخ المقاومة من خلال بقائها على أهبة الاستعداد لحل أي مشكلة تطرأ على الساحة السياسية». وأجرى الرئيس الإيراني مباحثات في سورية الخميس الماضي مع الرئيس السوري بشار الأسد أتبعها بلقاء مع الفصائل الفلسطينية مجتمعة، ثم بلقاء منفصل مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله .

وعن قادة ومسئولي الفصائل الذين التقى بهم  نجاد هم : خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وأحمد جبريل من الجبهة الشعبية - القيادة العامة، وزياد نخالة نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، وذلك لأن رمضان عبد الله شلح الأمين العام كان في طهران؛ إذ غادر دمشق قبل نحو ثلاثة أيام من عقد المؤتمر ، بينما غادر مشعل يوم الجمعة، من دون أن يتضح هل غادر مع الرئيس الإيراني على طائرته أم على طائرة منفصلة.

في الوقت الذي تتعرض فيه طهران لمزيد من الضغوط لوقف برنامجها النووي المثير للجدل ، والذي ربما يكون مخططاً له مجدداً ليكون خنجراً جديداً في خاصرة الأمة العربية السنية من  جديد ، كما وتحاول العديد من وسائل الإعلام المدعومة  إيرانياً و التي لا تضع معيار العقيدة والأطماع الإيرانية في المنطقة في عين الاعتبار ، وليس غريباً أن نجد دائماً وسائل الإعلام التابعة لحركة الجهاد الإسلامي سواء على المستوى المسموع المتمثل في إذاعة صوت القدس ، أو صحيفة الاستقلال الأسبوعية أو موقع فلسطين اليوم الإلكتروني والتي جميعها ينتهج سياسة تلميعية لإيران ولمنظمة حزب الله اللبناني، ولسنا هنا في هذا المقام نسعى  لحصر التصريحات أو التقارير أو آلية التحرير المتبعة في وسائل الإعلام السابقة، لكنها كلها تجتمع تحت إطار أن إيران دولة داعمة للمقاومة، وحزب الله خير مثال على الانتصار على الدولة الصهيونية من وجهة نظر هذه الوسائل المدعومة طبعاً من طهران عبر حزب الله اللبناني ، وتعمل هذه الوسائل على إيجاد أرضية قوية لطهران في الشارع الفلسطيني وهي تملك إمكانية توصيل الرسالة إلى شريحة لا يمكن أن يستهان بها في الشارع الفلسطيني ، وهنا لا بد من التحذير من هذه الوسائل التي لا تملك أن تعبث بعقيدة الفلسطينيين  بشكل مباشر ليس لأنها لا تريد ذلك ولكنها تعي جيداًٍ أن الشارع الفلسطيني لن يقبل بدعوات التشيع في صفوفه، فلجأت إلى أسلوب آخر وهو إبراز الدور الإيراني في المنطقة كدور داعم للقضية الفلسطينية ، وللعلم تحظى  إذاعة صوت القدس بأكبر نسبة من المستمعين في قطاع غزة ، ولا تلتزم هذه الإذاعة بمهنية في تغطيتها لأحداث العراق على يد الشيعة ، كما لا تبرز بتاتاً الدور الإيراني المقيت ضد أهل السنة في إيران ، بل من المؤكد أن هذه الإذاعة ، مثل الكثير من الإذاعات ووسائل الإعلام التي تتلقى دعماً من طهران لا تعطي أهمية نهائياً لممارسات إيران ضد أهل السنة على أراضيها.

عموماً موضوع التقرير الذي هو عبارة عن  وقفة من قبلنا توضح الأسباب والدواعي التي تلهث طهران لتحقيها عبر الفصائل التي يتوجب الآن عليها دفع فاتورة الضيافة العلوية السورية – الشيعية  الإيرانية:

1.  أرادت طهران أن توصل رسالة إلى الفصائل الفلسطينية التي تتلقى دعماً من طهران أن الدعم المسلم لها على حساب شعبنا هو دعم مشروط بالوقوف مع طهران في حال تعرضت الأخيرة لهجوم محتمل من قبل من تزعم طهران أنهم أعداء لها ، كما أرادت طهران أن توصل رسالة للغرب حول الأوراق التي تمتلكها وأن لها حدوداً جغرافية مع الكيان الصهيوني متمثلاً في حزب الله وحركة حماس في الاتجاهين شمال وجنوب فلسطين المحتلة . .

2.  كذلك أرادت طهران أن توصل رسالة داخلية إلى المعارضين لدعم طهران لفصائل المقاومة الفلسطينية ، والدعوات التي برزت خلال الحملة الانتخابية الإيرانية الأخيرة حول جدوى دعم طهران لفصائل المقاومة الفلسطينية ومنظمة حزب الله اللبناني، والأولى توجيه هذا الدعم للإصلاح الداخلي ، بأنها أيضاً لا تقوم بدفع هذا المال هبة منها وإنما من أجل الدفاع عن الأمن القومي الإيراني وفي أرض بعيدة نسبياً عن أرضها الأم ، والثمن سيدفع من قبل السنيين هناك ولا سيما أكبر فصيلين للمقاومة الفلسطينية المتمثلان في حركة حماس والجهاد الإسلامي .

3.  قيام طهران بدعم الفصائل الفلسطينية في مسعى منها لنقل الصراع  على أراض عربية من أجل خطط صفوية ، وبأيد سنية  ، فالبعد الجغرافي للمناطق التي ترتكز عليها فصائل المقاومة الفلسطينية هي مناطق الصراع الساخنة في المنطقة .

4.   حزب الله على علاقة وطيدة بحركات المقاومة الفلسطينية وخصوصاً حركة الجهاد الإسلامي التي ترى في حزب الله نموذجاً مثالياً في مقارعة المحتل ويظهر هذا واضحاً من خلال تصريحات الجهاد الإسلامي التي تكيل المدح لحزب الله،  ولكن إذا كان حزب الله قد هدد بالدفاع عن إيران من أرض لبنان ، فهذا يدلل على أن إيران تعرف جيداً أن لها حدوداً جغرافية مع الكيان الصهيوني وأن هذه الحدود يقف على تخومها منظمة حزب الله اللبناني الحارس الأول لمصالح طهران في المنطقة ، ونذكركم  بأنها  لم  تتدخل لنصرة المستضعفين بغزة بل نفت إطلاقها أي صاروخ خلال الحرب على غزة ، وهذا يؤكد أمر هام وهو أن حزب الله اللبناني لا يهمه اللبنانيين الذين اكتووا بنيران الحروب خلال العقود الماضية ، لكن يجب أن يعلم اللبنانيون أن حزب الله اللبناني لديه استعداد لإلقاء لبنان  كلها في مرمى النيران الصهيونية من أجل سواد عيون الفرس .

5.  تنظر طهران إلى حركات المقاومة الفلسطينية على أنها  كيان وظيفي يقوم بتطبيق أجندة محددة لخدمة مصالحها ، في الوقت الذي تبدو فيه الرؤية لهذه الفصائل ضبابية حول الاستخدام الحقيقي لهذا الدعم ، وتغليب الجانب العاطفي و فرض الأمر الواقع كمبرر على التعامل مع طهران ، وفي هذه الحالة يبدو أيضاً واضحاً أن على حركة حماس ألا تلوم سلطة رام الله التي ارتمت في أحضان الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي الذي فرض على السلطة سياسة الذل والخنوع للمحتل .. كل ذلك مقابل رواتب ودراهم معدودة، وبناء على هذه التجربة الفلسطينية المريرة ، ينبغي على حماس والجهاد الإسلامي ألا تلوم هؤلاء لأنها ترضع من الثدي الإيراني ، وعليها أن تفهم أمراً مهماً وإن كان ليس موضوعنا وهو إعادة سياستها بالكامل حول برنامج الجهاد والمقاومة  الذي ينبغي أن يكون خطاً واحداً واضحاً بعيداً عن المعترك السلطوي السياسي الذي زاد من أعباء ومتطلبات الحركة والتي أضحت عاجزة أكثر من أي وقت مضى خصوصاً بعد تقلد حماس سدة الحكم والتي لم تجلب لحماس سوى مزيد من الأعباء المادية وبات كل مواطن في قطاع غزة يطالب حماس بلقمة العيش التي لم توفرها حماس حتى اللحظة إلا لعناصرها عبر الدعم الإيراني ، وفي الوقت الذي لم تنجح فيه الجامعة العربية في توصيل دولار واحد  لقطاع غزة ، ولم تخجل من تطبيق قرار صدر عنها برفع الحصار عن غزة ودعمها وذلك بعد مجزرة بيت حانون ، وجدت طهران مخرجاً  لها لتعتيم صورة الأنظمة العربية المترهلة في نظر المقاومة الفلسطينية ، ومنفساً لها لدعم حماس التي تمر بأزمة مالية خانقة بسبب الحصار من اليهود وذوي القربى فوجدت الجزرة الشيعية تلوح في الأفق  .

6.  كلما تراجع الدور العربي تجاه القضية الفلسطينية وجدت طهران لها منفذاً جيداً للتغلغل بداخل مفاصل المقاومة الفلسطينية ، و كلما تراجع الدور السني تقدم الدور الشيعي وهنا لابد من مخاطبة الأنظمة السنية التي لها ثقل للتحرك نحو مصالح شعوبها ودينها وأمتها ، وهنا لابد من  توضيح أمر هام وهو أن دور الدول السنية ولا سيما دول الخليج التي طالما دعمت القضية الفلسطينية ، بقي في الوقت الراهن منحصراً في الدعم الإغاثي عبر منظمة الأمم المتحدة أو عبر المنظمات الدولية ، بعيداً عن الدعم المباشر لفصائل المقاومة الفلسطينية وإن وجد فسرعان ما يخمد ، لذا لابد من بلورة موقف يتبع بقرارات عملية لوقف هذا المد ، وإلا فلن يكون الثمن بسيطاً؟! فإيران لن تعجز عن التضحية بغزة وبأهلها، فما يهمها هو مشروعها الصفوي حتى لو كان الثمن ذبح غزة من جديد من أجل الفرس .



مقالات ذات صلة