هل اكتمل الهلال الإيراني بحكومة حزب الله في لبنان؟

بواسطة محمود أحمد الأحوازي قراءة 1125

هل اكتمل الهلال الإيراني بحكومة حزب الله في لبنان؟

 محمود أحمد الأحوازي

التاريخ: 4/8/1432 الموافق 06-07-2011

 

عند ما ساندت سوريا الحرب الإيرانية على العراق، وكانت الدولة العربية الوحيدة التي قامت بذلك، لم نكن نتصور ان لهذا التحالف اجندة مستقبلية خطرة الى هذا الحد على المنطقة العربية، يمكن ان تأتي بما اتت به اليوم من مخاطر ايرانية على المنطقة العربية كلها، حيث كانت تصوراتنا تحوم حول ان العلاقة السيئة بين جناحي حزب البعث كانت هي السبب لهذا الموقف السوري ولا يمكن ان يكون هناك مخطط ايراني ضد الأمة العربية، تشارك فيه سوريا القومية بشعاراتها الوحدوية!

اليوم وبعد 32 عاما مرت على تلك العلاقة وتطورها بين النظامين الإيراني والسوري، وبالعودة الى ذلك التعاون وتعقيب مراحله نشاهد ان تلك العلاقة الأولية غير الطبيعية تطورت في ثمان سنوات الحرب الى حد عام 1988 عسكريا وسياسيا، وبعد الحرب تطورت العلاقة بشكل منظم حيث تم احتضان سوريا للمعارضة العراقية التي اسستها ايران بقيادات ايرانية على اراضيها خلال الحرب في قم، ومنها المجلس الأعلى الإسلامي وحزب الدعوة الإسلامي وقوات بدر التابعة للمجلس وغيرها، وبذلك اصبحت هذه الجهات وهذه المليشيات التي تأسست في ايران، تتنقل بين طهران ودمشق بتسهيلات واسعة وكانت دمشق هي همزة وصل هذه الجهات المتعاونة مع ايران بداخل العراق، حيث فتحت لهم سوريا مكاتب هناك وبدأوا النشاط السياسي ضد البعث الشقيق لسوريا الحاكم في العراق، واستمر هذا التعاون الإيراني- السوري الى حد تعاون البلدين مع قوى التحالف التي قامت بحصار قاتل على الشعب العراقي بعد اخراج القوات العراقية من الكويت كما وشارك البلدان معا مع الأميركان لإسقاط النظام هناك وبالنهاية سقط النظام وتعاون الأثنان بالتدخل في الشأن العراق لإبعاد ألقوى الوطنية عن ايجاد أي تغيير في مجريات الأحداث في العراق لصالح الشعب.

ومن منا لا يعرف ان نتيجة ذلك التعاون وإحتلال العراق كانت كارثية للمنطقة العربية نظرا للفرصة التي أعطاها احتلال العراق لتوسع النفوذ الايراني في المنطقة العربية بعد مجيء الحكم الطائفي الذي اسسته ايران بمباركة سورية في العراق. العراق بعد عام 2003، أصبح ايرانيا بامتياز وابتعد كثيرا عن محيطه العربي وبذلك انتقل النفوذ الإيراني الى لبنان ايضا عن طريق سوريا واصبح هذا الهلال طائفيا بامتياز تقوده ايران بالتعاون مع جلاوزتها في العراق وحليفها في سوريا واياديها في لبنان. واصبحت ايران مرتبطة جغرافيا عن طريق العراق بسوريا وعن طريق سورية بالبحر المتوسط وبلبنان وهذا ما كانت تحلم به ايران ونفذته حيث ارتبطت ايران بالبحر المتوسط بشكل مباشر بواسطة حلفاءها في ثلاثة بلدان عربية. هذا اصبحت مشكلة الجسر الجوي بين طهران ودمشق الذي كان يواجه مشاكل كثيرة في الإرتباط بسبب الجغرافيا والعبور من دول اخرى، اصبحت محلولة بشكل نهائي حيث استبدل بطريق بري يربط طهران بدمشق مباشرة عن طريق العراق.

من جانب، سوريا بعد هذا الإرتباط اصبحت يدها ممتدة بسهولة اكثر واصبحت جسرا رابطا بين ايران وحزب الله وحلفاءه في لبنان، كما ايضا اصبحت منطلقا حرا ومطمئنا للسياسة الإيرانية باتجاه المنطقة الدول العربية المطلة على البحر المتوسط.

واذا نظرنا الى الخارطة العربية الموجودة على هذه الصفحة مرة اخرى، والى جانبها الثاني على البحر الأحمر، نشاهد ان ايران ايضا اتسع نشاطها هناك كثيرا ايضا في البحر الأحمر، حيث بنت لنفسها علاقات في اليمن مع الحوثيين، وبنت لنفسها معسكرات تواجد وتدريب في بعض الجزر الاريترية المؤجرة، كما بنت قاعدة بحرية لغواصاتها وقطعها البحرية في ميناء عصب الإريتري، وبهذا اصبحت دول الخليج العربي والجزيرة العربية عموما بما فيها اليمن محاصرة ايرانيا، وهي الدول التي كانت دائما هدفا للسياسة التخريبية الإيرانية.

ولا ننسى آخر ما هدد به وزير الدفاع الإيراني قبل اسابيع حول ايرانية منطقة الخليج، كان حديثا له القوة المساندة له فعليا على الأرض بعد خمسة وعشرين عام من العمل الجاد لمحاصرة هذه المنطقة ليس عسكريا فقط بل وامنيا بالخلايا التجسسية مثل ما حصل في الكويت والتخريبية مثل ما حصل في البحرين، والعسكرية مثل الحوثيين. ايران بهذا حاصرت الخليج اقتصاديا أيضا، حيث التواجد العسكري الإيراني اصبح يحيط بدول الخليج من كل جهاتها المائية في الخليج والبحر الأحمر وعلى جهاتها البرية في العراق وسوريا ولبنان، خاصة وان هذه الرقعة تحتوي على 90% من ثروة العالم العربي، ومعظم الطاقة النفطية للعالم بأسره.

ولم تكتف ايران بما حصلت عليه حتى الآن في توسعها في المنطقة العربية، بل هي تسعى اليوم جاهدة لإكمال حصارها للجزيرة العربية بالنفوذ في قناة السويس الإستراتيجية وذلك عن طريق بناء علاقة استراتيجية مع مصر، وهذا ما سيربط قوتها العسكرية وخلاياها وجيوبها في الخليج العربي وخليج عمان وبحر والعرب البحر الأحمر بقوتها في البحر المتوسط، أي بسوريا ولبنان وايضا في غزة.

اعادة العلاقة الإيرانية مع مصر التي اصرت ايران عليها كثيرا، وبالنهاية وبعد ما اسقطت الثورة الشعبية المصرية النظام السابق في مصر، وبفضل سيطرة الكتلة الإسلامية الصديقة لإيران على معظم القرار المصري ومنع الثورة من التوسع وبسط تأثيرها على الحياة العامة في مصر، نفذت ايران هناك وفتحت لها سفارة كاملة متكاملة ملئها المخربون والجواسيس ورجال فيلق القدس التابع للحرس الثوري حيث اعتقلت وسفرت قوى الامن المصرية بعضهم بتهمة التجسس، ومن هنا ضمنت ايران لنفسها عبورا بحريا أمنا من قناة السويس ايابا وذهابا الى لبنان وسوريا وفلسطين، مثل ما ضمنت لنفسها عبورا بريا آمنا عن طريق العراق الى سوريا ولبنان وغزة. هل اكتملت الصورة؟ اتصور كذلك ولا تحتاج الا لـ تنفيذ المرحلة النهائية، أو مثل ما یقول الانجلیز أي تحتاج الى النظرة الأخيرة!

وندعو القارئ مرة اخرى الآن للعودة للخريطة العربية ليشاهد ما جاء في هذا المقال وليشاهد كم نحن العرب متساهلون مع اعداءنا ومع المتربصين لنا، وكم هم يفكرون وينفذون استراتيجيا مع كل التجارب المرة التي مرت علينا خلال الأعوام الأخيرة.

وكنتيجة لهذه المتابعة يمكن القول ان ايران اليوم اصبحت تهدد جميع دول الخليج بما فيها السعودية واليمن، خصوصا بعد ما سقطت الحكومة اللبنانية بيد انصار ايران، واصبحت ايران هي اللاعب الرئيسي بمستقبل المنطقة العربية، إلا اذا تحركت الدول العربية مجتمعة منطلقة من مصالحها الوطنية بعيدا عن السياسة الأميركية التي مستمرة بالمساومة مع ايران والمتطابقة مع اسرائيل لإعادة اوراق اللعبة الى الوراء وابعاد التواجد الإيراني في الدول التي تمكنت ايران من النفوذ فيها لمحاصرة القلب العربي، الجزيرة العربية ومكة والمدينة، ومراغبة كافة التحركات الإيرانية في الدول العربية ومنع كافة المؤسسات الإيرانية غير الدبلوماسية من التوسع في الدول العربية.

ولا ننسى اخيرا ان نذكر بأن الحكومة الفعلية في لبنان بقيادة حزب الله حكومة ظل للنظام السوري من وجهة النظر الاستراتيجية لإيران تقوم لملئ أي فراغ يمكن ان تحدثه احداث سوريا وما يمكن ان تغيره الثورة السورية الشعبية في الأيام أو الأشهر القادمة.

المصدر: ميدل ايست اونلاين

 



مقالات ذات صلة