9-12-2013
صدقك وهو كذوب" هكذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم لابي هريرة عن الشيطان الذي كان يسرق التمر, وعلى منوال ذاك الشيطان صدق بيريز ربما لمرة من المرات القليلة في حياته حينما تحدث عن إيران بحديث لا تنقصه الصراحة.
فلم تعد هناك حاجة للطرفين في الكتمان, فلا للمكر اليهودي المعروف حين حالات ضعفهم, ولا للتقية الشيعية عند الإيرانيين أية حاجة للاستخدام الآن, فما القوة التي يخشاها كل منهما أو أحدهما حتى يخفيا ما أضمراه لعقود طويلة؟
فالعلاقة بين الدولة الشيعية والكيان الصهيوني طويلة وممتدة وعميقة ولكنها كانت في السر حينما كان للعرب قوة ظاهرة يمكنها بها أن تردع الكيان الصهيوني بعد ميلاده وكان يمكنها أيضا محاصرة إيران الشيعية الوليدة.
ولكن بعد تشتت العرب الذي يزداد يوما بعد يوم, وبعد تكسير عظام الكثير من جيوشه, فدمر الجيش العراقي الذي كان درعا للسنة في مواجهة المشروع الشيعي الإيراني وحاربها حربا طويلة, وبعد تصدع الجيش السوري الذي بدا في الانهيار حقيقة منذ أن تولى زمامه وجثم على أنفاسه حافظ الأسد وحزبه النصيري الذي دمر فيه سنيته وشرفه العسكري الذي قبل أن يبيع الجولان لليهود بثمن بخس وان يظل حارسا للجبهة الصهيونية لكيلا يصلهم منها متسلل بسوء.
واليوم لم يكن هناك من القوى العسكرية التي كانت عقبة كؤودا أمام الحليفين باطنا، الغريمين ظاهرا، إيران وإسرائيل إلا الجيش المصري الذي أدخل في دوامة لن يخرج منها بنفس قوته التي كانت قبل ان يدخلها, فما حاجتهم للمكر والتقية إذن؟
وكان للمشروع النووي عامل آخر لا يقل أهمية عن العامل السابق, فبامتلاكهما معا -وحدهما في المنطقة- السلاح النووي لم يعد لغيرهما من الدول القدرة على اللحاق بهما ولو في الوقت القريب, وصار لزاما عليهما أن يعلنا تفاهمهما بل وتحالفهما المؤكد انه سيعلن في الفترة القريبة القادمة ليكون لهما تكتل يغيران به خريطة المنطقة وليكون لهما عدوا واحدا وهو المسلمون كاسم يروق لليهود وهو السنة كاسم يروق للشيعة.
والآن تأتي تصريحات من الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز الذي يعلن فيها عن استعداده للقاء نظيره الإيراني حسن روحاني, ثم صدم السذج من العرب المسلمين السنة بقوله "إسرائيل ليست عدواً لإيران" فقال ردا على سؤال وجه إليه خلال مؤتمر الأعمال الذي تنظمه صحيفة "غلوبس" الاقتصادية الإسرائيلية في تل أبيب, قال: "سأكون مستعداً للالتقاء مع روحاني، وأنا ليس لدي أعداء ولا نرى في إيران عدواً".
أما عن الخلاف الظاهر بين الولايات المتحدة والدولة العبرية صحح بيريز المفاهيم للمتابعين غير العالمين ببواطن العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل فقال عن الخلاف انه "خلاف داخل العائلة" وأكد لكل السطحيين الذين يصورون أو يتصورون أن الولايات المتحدة يمكنها ان تكون يوما في صف العرب حتى لو ظهر حقهم جليا فقال "أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما صديق حقيقي لإسرائيل".
صدق الكذوب هذه المرة وأعلن بكل صراحة حقيقة العلاقات التي طالما غلفت علينا, فلم يكن يوم القدس العالمي وحفلات اللطم الشيعية التي تقام لفلسطين أية قيمة ولا حقيقة, ولم تكن للتصريحات الحناجرية التي كانت تهدد بإلقاء إسرائيل في البحر أيضا وجود ولا قيمة, ولم يكن تمويل إيران لحماس إلا خطوة مرحلية لجعل الأدوار أكثر اتقانا وحبكا.
فما بين الفريقين تشابه كبير ومستقبل مشترك لا يمكنهما النزاع حتى يحققاه فمهدي الشيعة هو بنفسه مسيخ اليهود المنتظر وكلاهما سيعمل من اجل عودته ليتبعه سبعون ألف من يهود اصبهان.. وهم يهود إيرانيون, وهنا مربط الفرس في القضية إذ ينطلقان معا من خلفية عقائدية بينما يتركون العرب المسلمين يتخبطون في سياسات فاشلة ليتها توصلهم إلى شئ طالما فرغت سياستهم من عقيدة الإسلامية.
المصدر : مرز التأصيل للدراسات والبحوث