المخططات النصيرية لقيام الدولة الباطنية

بواسطة محمد عبدالرحمن اليحيى. قراءة 3612
المخططات النصيرية لقيام الدولة الباطنية
المخططات النصيرية لقيام الدولة الباطنية

محمد عبدالرحمن اليحيى.

النصيرية حركة باطنية، ظهرت في القرن الثالث الهجري، تنسب إلى مؤسسها: محمد النميري البصيري، فارس الأصل، ادعى النبوة، وقام بإحة المحرمات، ثم ادعى الألوهية – قبحه الله.

 وقد ظهرت هذه الشركيات ذاتها في العصر الحديث، حيث ادعي الألوهية سليمان المرشد في عهد الانتداب الفرنسي، كما أطلقت شعارات مشابهة، فتحدي قدرة الإله خلال جنازة حافظ الأسد حيث يقول: (لا تقولوا هذا تابوت، حافظ أسد ما بيموت) ثم سمعنا عبارة الله وسوريا وبشار وبس. (جريدة الحياة في 14/06/200م).

 وفي عهد حافظ أسد قال أتباعه: يالله حلك حلك، خلي الأسد محلك. قناة العربية مقابلة مع د.هيثم المالح، برنامج إضاءات في 11/11/1432هـ.

 وفي عهد بشار الأسد، كتب في عدة أماكن من سوريا (لا إله إلا بشار)، وقد أجبر رجال الأمن المعتقلين علي السجود لصورة بشار، مع التعذيب الوحشي الغريب، وقد تعاونت هذه الطائفة مع الغزاة علي بلاد الشام خلال الحملات الصليبية، ومع المغول التتار، كما تعاونوا مع المستعمر الفرنسي، وهاهم يتعاونون مع الكيان الصهيوني كما سيأتي بيانه.

 وتؤمن هذه الطائفة كغيرها من الحركات الباطنية بالتقمص وإنكار الآخرة، وكذلك إنكار الحساب والجنة والنار، ولهم طموحات انفصالية مريبة. (أثر الحركات الباطنية في عرقلة الجهاد ضد الصليبين، يوسف إبراهيم الشيخ عيد/ص254/1419هـ، دار المعالي)

 وقد هاجر النصيريون من خراسان وكان مؤسسوها من الفرس، وهم يمجدون الشخصيات الفارسية، وعاشت هذه الطائفة في جبل النصيرية، حول اللاذقية في الساحل الشمإلى لسوريا، وكانت منغلقة علي نفسها فقيرة، لا تزيد نسبتها عن 10% من سكان سوريا.

سوف نتحدث فيما يأتي عن أبرز محاولتهم ومخططاتهم لقيام دولتهم الخبيثة، التي ظهرت جرائمها في عهد آل الأسد.

 (1) النصيريون أيام الانتداب الفرنسي:

 استغلت فرنسا التركيبة الطائفية في البلاد، فأنشأت حكومة الدروز ومركزها مدينة السويداء، و دولة للنصيريين، مركزها مدينة اللاذقية في عام 1920م وكانت هذه الطائفة قد تحركت لخدمة فرنسا منذ عام 1919م، وطالبتها بالاستقلال عن حكومة دمشق.

 يقول يوسف الحكيم، وقد كان معاصرأً للأحداث آنذاك، إن النصيرية أخلصوا للانتداب الفرنسي، فلم يبعثوا بنائب عنهم إلى المؤتمر السوري، وكان موقفهم هذا متفقاً مع عرفانهم للجميل، حيث شملتهم فرنسا بالعناية والعطف. سوريا والعهد الفيصلي: يوسف الحكيم /ص94/بيروت/1980م

 لقد كانت العلاقة حميمة بين النصيريين وفرنسا، بينما كانت العلاقة متوترة وعلاقة عداء مع الحركة الوطنية في سوريا، إذ استمرت الثورة السورية الكبري ضد فرنسا ما يقرب من عامين 1925 – 1926م

 وقد شملت البلاد كلها، باستثناء منطقة النصيريين وبينما كان الوطنيون يطالبون باستقلال البلاد ووحدتها، سارع قادة الطائفة النصيرية بتقديم العديد من المذكرات إلى سلطات الاحتلال، يطالبون بإبقاء انفصالهم عن سوريا.

 ومن أبرز المذكرات التي رفعت إلى سلطات الاحتلال:

 1. مذكرة الوفد النصيري، الذي ترأسه رئيس المجلس التمثيلي في اللاذقية في 28/04/1933م، والمقدمة للمفوض السامي في بيروت جاء فيها: إننا لا نريد الوحدة مع سوريا بل على العكس نحن نعارضها، فالسوريون يعادوننا من الوجهة الدينية، ولا يمكن لنا التعاون معهم، ولا الارتباط مع سوريا ولو كان ذلك علي شكل اتحاد الكونفودرالي. عن سجلات وزارة الخارجية الفرنسية – سوريا ولبنان / الملف رقم 510، وثيقة /124،ص 114.

 2. خلال فترة النضال الوطني من أجل الاستقلال، منذ عام 1936م، رفع زعماء النصيرية ونوابهم في المجلس التمثيلي لحكومة اللاذقية، العديد من المذكرات، يطالبون فيها بتكريس انفصالهم عن حكومة دمشق، وبعثوا خلال شهر واحد، بأربع مذكرات إلى حكومة فرنسا، وهي مؤرخة في: 25،24،18،11، من شهر حزيران لعام /1936م.. انظر النصيرية لتقي شرف الدين، ص 87، وسجلات وزارة الخارجية الفرنسية / سوريا ولبنان/ الملف رقم 492، وثيقة / 412 / ص 193.

 وفيما يلي نموذج من تلك العرائض المرفوعة إلى رئيس الحكومة الفرنسية، وقد تضمنت العريضة أشياء خطيرة وعجيبة.

 نص الوثيقة :

 دولة ليون بلوم، رئيس الحكومة الفرنسية: إن الشعب العلوي الذي حافظ علي استقلاله سنة فسنة، بكثير من الغيرة والتضحيات الكبيرة، هو شعب يختلف في معتقداته الدينية وعاداته وتاريخه عن الشعب المسلم السني، ولم يحدث في يوم من الأيام، أن خضع لسلطة من الداخل، وإننا نلمس اليوم أن مواطني دمشق يرغمون اليهود القاطنيين بين ظهرانيهم، علي عدم إرسال المواد الغذائية لإخوانهم اليهود الطيبين، والذين نشروا الحضارة والسلام، ونثروا علي أرض فلسطين الذهب والرخاء، ولم بدفعوا الأذى بأحد ومع ذلك أعلن المسلمون الحرب المقدسة ضدهم، بالرغم من وجود إنجلترا في فلسطين، وفرنسا في سوريا.

 وإننا نقدر نبل الشعور الذي يحملكم علي الدفاع عن الشعب السوري ورغبته في تحقيق استقلاله، ولكن سوريا بعيدة عن هذا الهدف الشريف، وخاضعة لروع الإقطاعية الدينية للمسلمين.

 ونحن الشعب العلوي، الذي يملكه الموقعون علي هذه المذكرة، نستصرخ حكومة فرنسا ضماناً لحرية الشعب واستقلاله، والذي يضع بين يديها مصيره ومستقبله وهو واثق أنه سيجد لديهم السند القوي لشعب علوي صديق، قدم لفرنسا خدمات عظيمة.

 الموقعون : محمد سليمان الأحمد، محمود آغا حديد، سليمان المرشد، سليمان الأسد جد حافظ أسد،  محمد بك جنيد، آغا غواش.  انظر الحركات الباطنية في العالم الإسلامي، د. محمد أحمد الخطيب ص 235 – 236، والصراع العربي الإسرائيلي ص /268/.

 فلا غرابة أن يعبر النصيريون في عريضتهم، عن امتنانهم لفرنسا، وحقدهم علي الشعب السوري، وتعاطفهم مع اليهود في وقت مبكر.. وعموماً فتاريخهم المعاصر حلقة من حلقات التآمر ضد الإسلام والمسلمين.

 فرنسا وحكومة سليمان المرشد :

 أنشأت فرنسا لسليمان المرشد حكومة طائفية، فجعلت لبلده نظاماً خاصاً، فقويت شوكته، وتلقب برئيس الشعب العلوي الحيدري الغساني، كما تلقب بالرب، فعبده أبناء نحلته، ثم عبد قضاة وفدائيين عام 1938م ، وفرض الضرائب علي القرى التابعة له، وأصدر قراراً جاء فيه: نظرا للتعديات من الحكومة الوطنية والشعب السني على أفراد شعبي، فقد شكلت لدفع هذا الاعتداء جيشا يقوم به الفدائيون (القواد). وجعل لمن سماهم الفدائيين ألبسة عسكرية خاصة.

 وكان سليمان المرشد يزور دمشق نائبا عن الفدائيين في المجلس النيابي السوري، فلما جلا الفرنسيون عنها تركوا له من سلاحهم ما أغراه بالعصيان، فجردت حكومة سوريا قوة فتكت ببعض أتباعه ثم اعتقلته ومعه آخرين، وأعدمته شنقاً في دمشق. (الأعلام للزركلي: ج 3/112، جريدة الجلاء في اللاذقية، في 04/12/1946م).

 لقد كانت السلطات الفرنسية تجامل النصيريين وتهتم بمدينة اللاذقية عاصمتهم، وجعلوها تحت إدراتهم المباشرة لتصبح دولتهم جرءاً من فرنسا كما سمحت لهم بإصدار العديد من الصحف منذ عام 1921م. (مؤتمرات الطائفة بعد انقلاب الثامن من آذار 1963م).

 (2) مؤتمرات النصيرية بعد انقلاب الثامن من آذار 1963م

 كان الضباط النصيريون قد تسللوا إلى مؤسسات الجيش والحزب بخطا خبيثة، وتخطيط سري ماكر إذ دخلوا ايام الوحدة مع مصر فى تشكيل نواة عسكرية فى القاهرة عام 1959م ثم استغلوا قرارا  بإبعاد سبعمائة ضابط بعد الثامن من آذار /1963م أي بعد انقلاب البعث، وإشغال معظم أماكن هؤلاء بضباط من أبناء الطائفة. كما أنهم كثفوا جهودهم لقبول عدد كبير من أبناء طائفتهم في الكلية العسكرية، والحرس القومي والمخابرات المتنوعة.

 ثم عقدت مؤتمرات خطيرة :

 تضم أبرز ضباط الطائفة ومشايخها وكان أبرز هذه المؤتمرات:

 مؤتمر حمص: الذي ركزوا فيه على التآمر للاستيلاء علي السلطة في سوريا عام 1963م، وسبقه مؤتمر آخر للضباط النصيريين في قرداحة عام 1960م، وقد توصلوا (ضباطاً ومشايخ) في مؤتمر حمص خاصة إلى ضرورة قيام الدولة النصيرية، تحت ستار حزب البعث مؤقتاً وحضر ذلك المؤتمر: محمد عمر وصلاح جديد، وحافظ أسد وإبراهيم ماخوس وعزت جديد، وقد وزعت عليهم الألقاب والمراتب الطائفية السرية.

 كما حضر من مشايخ الطائفة: الشيخ علي ضحية، والشيخ أحمد الأحمد، والشيخ سليمان العلي وآخرون. انظر العلويون النصيريون: أبوموسى الحريري /ص 124-236، ط بيروت/31980، والنصيرية: تقي شرف الدين /ص169 وما بعدها/بيروت/1986م.

 وفي نهاية الاجتماع اتخذت القرارات التاية:-

 1. تنشيط العمل بالمخطط الموضوع حول انضمام المزيد من أبناء الطائفة (المثقفين) إلى حزب البعث والدخول باسمه في مؤسسات الجيش، إثر قرار اتخذ بتكليف من مشايخ الطائفة لدعوة أبنائها بضرورة الانخراط في القوات المسلحة.

 2. التخطيط البعيد لتأسيس الدولة النصيرية، وجعل عاصمتها مدينة حمص ولعل التركيز هذه الأيام علي اجتياح المدينة الثائرة، وقصفها بالمدافع وتدمير كثير من منازلها بالدبابات والصورايخ مع القتل والاعتقال، لعل ذلك كله ينساق مع المخطط الخبيث، إكمالاً لمخططات الطائفة.

 3. تكليف صلاح جديد بقيادة وتوجيه العناصر النصيرية في الجيش، ومنحه رتبة دينية رفيعة (مقدم)، كما منح حافظ أسد رتبة (نقيب)، أما عوت جديد فقد منح رتبة (المختص). انظر المرجع السابق، والنقيب والمقدم والمختص هي رتب دينية سرية عندهم.

 4. مواصلة نزوح النصيريين من قرى الريف والجبل إلى المدن وخاصة حمص واللاذقية وطرطوس.

 5. التغرير بالضباط الدروز والإسماعيليين للتعاون معهم مؤقتاً ضد أهل السنة، ثم استئصالهم و إبعادهم عن صفوف الجيش، وإحلال عناصر نصيرية محلهم مستقبلاً. انظر النصيرية- تقي شرف الدين /ص 171، وأبوموسى الحريري، العلويون النصيريون /ص 235-236.

 وقد استمر صلاح جديد رئيس الأركان الجديد، في إكمال المخطط بدعم من الضباط النصيريين، وحافظ الأسد الذي أصبح وزيراً للدفاع، وسلم منطقة الجولان عام 1967م، وصار رئيساً للدولة مكافأة له علي ذلك.

 وقد استمرت الاجتماعات النصيرية بعد مؤتمر حمص تخطط وتتآمر وذلك في:

 جب الجراح: قرب حمص في 03/01/1968م، وتقرر فيها إنهاء دور المسلمين في سوريا، وتصفية قوى الدروز والنصارى.

 في دمشق : في الأول من شهر أيار 1968م، عقد اجتماع في منزل حافظ الأسد، وقد ضم كلاً من صلاح جديد وإبراهيم ماخوس، وأحمد سليمان الأحمد وعلي نعية ومحمد الفاضل وعزت جديد وآخرين.  انظر العليويون النصيريون: أبو موسى الحريري /ص236-237,

 ولعل كثافة هذه المؤتمرات جاءت لاقتسام الغنائم بعد نكبة حزيران 1967م، والذي سلمت فيه منطقة الجولان وعاصمته القنيطرة بلا قتال، بأمر من وزير الدفاع حافظ الأسد، كما سيأتي بيانه.

  (3) تغلغل النصيريين في المؤسسات السياسية والعسكرية

 حاولت الطائفة عن طرق ضباطها استغلال مظلة حزب البعث لتهديمه من الداخل، يقول الدكتور منيف الرزاز الأمين العام للحزب بعد ميشيل عغلق:

 لما تم الأمر لهذه الفئة بعد 23 شباط 1966م، انطلقت تتخلص من الحزبيين، الذين لم يرضخوا لقيادتها، هدفت إلى إنهاء حزب البعث وأنهته، وأحلت محله تنظيماً انتهازياً تابعاً للسلطات وتحولت فروع الحزب في المحافظات إلى مواطن قبلية وطائفية وعائلية...

 انظر التجربة المرة: منيف الرزاز، ص 110،206، طبعة بيروت 1967م.

 وانتقل الصراع في حزب البعث إلى داخل القيادة العسكرية فكان أمين الحافظ رئيس الجمهورية، يتطرق باستمرار لموضوع الطائفية، خلال اجتماعات الحزب وكان يتهم صلاح جديد وحافظ أسد بها، مما عجل بقيام انقلاب جديد، حيث أطاح برئيس الجمهورية أمين الحافظ في 23/شباط في العام 1966م، ومن ثم تمت الإطاحة بالقيادة القومية وإزاحة ميشيل عفلق وأنصاره عن قيادة الحزب، كما أسفر هذا الانقلاب عن تصفية ضباط السنة البارزين وتم تعيين حافظ أسد وزيراً للدفاع وإبراهيم ماخوس وزيراً للخارجية.

 انظر الصراع على السلطة في سوريا نيقولاس فان دام/ص 76،83 ط 2/1995م، وهؤلاء حكموا سوريا: د.سليمان المدني /ص 161

 وقد كثف الثلاثي النصيري محمد عمران وحافظ أسد وصلاح جديد جهودهم لضم الأعداد الهائلة من النصيريين في أجهزة القيادة داخل العاصمة ومن ثم تشتيت العناصر السنية إلى المحافظات والقرى النائية، بعد انقلاب 23/شباط 1966م.

 وكانت المهمات داخل المؤسسة العسكرية قد وزعت بتخطيط باطني محكم، إذ تمركز الضباط النصيريون في العاصمة دمشق أو قريباً منها، بينما أوكلت المهمات للضباط السنة بعيداً عن العاصمة، وغالباً ماتكون علي الحدود مع إسرائيل، لإبعادهم عن مجريات الأحداث.

 انظر مجلة الدعوة المصرية (عدد 72) مقال بعنوان: سقوط سوريا في براتق الأقليات الطائفية.

 (4) التخلص من باقي الطوائف:

 بعد إقصاء (أمين الحافظ) وزمرته، وبعد إكمال سيطرة النصيريين علي الجيش والحزب وأجهزة الأمن، جاءت المرحلة الثانية من المخطط النصيري، التي استهدفت إبعاد من تبقي من الضباط البارزين من أهل السنة، ثم التخلص من أبناء الأقليات الأخرى، وإبعادهم عن القوات المسلحة ومراكز الدولة الحساسة، وتم ذلك علي النحو التالي:

 - إبعاد الضباط المسلمين، والقيادات الحزبية عن مراكز القوة، فما بين (1963-1966م) تخلصوا من أهم ضباط  أهل السنة تحت مسميات مختلفة، واستقال العديد من كوادر الحزب احتجاجاً علي الهيمنة النصيرية علي جهاز الحزب والجيش.

 - وفى هذه المرحلة، تم تسريح كبار الضباط من أهالى حوران من السنة عام /1966م، أمثال: موسى الزعبي ومصطفى الحاج علي، وكانا عنصرين في اللجنة العسكرية البعثية، ومن ثم فقد استقال ثلاثة وزراء هم: محمد الزعبي وصالح محاميد (من أهل السنة في حوران) ومشهور زيتون (نصراني من حوران).

 كما أن الطائفة النصيرية تخلصت من القيادات الحزبية البارزة من المدنين في محافظة درعا بعد حرب حزيران عام 1968م، حيث أعفي اللواء أحمد السويداني –رئيس الأركان – من منصبه، وهو ضابط يعتبر من أهل السنة في حوران، ثم اعتقل في شهر شباط /1969م كما اعتقل كثير من أنصاره، وأودع في سجن المزة حتى شهر شباط عام /1994م،بعد أن قضي في سجنه (25عاما).

 انظر النصيرية- تقي شرف الدين /ص176، والصراع علي السلطة في (ص101102/ جريدة الحياة ،12/3/1967م، وشهر شباط /1994م

 وبذلك فقد تم إبعاد معظم  الضباط المسلمين، ضمن مخطط رهيب باطني، هذا رغم أن كثيرا من القيادات البعثية السنية لاتقل خبثا وفجورا وحقدا علي السلام وأهله من النصيريين والدروز، وبعد انقلاب (23/شباط /1966م) تم انتخاب (حافظ أسد) وزيرا للدفاع، وقد لاقى ذلك انتقادا شديدا من ضباط الجيش، وخاصة من قبل أبناء الطائفة الدرزية، سليم خاطر واللواء فهد الشاعر، فأبعد هؤلاء عن القوات المسلحة وأجبر عشرات الضباط الدروز على مغادرة سوريا، وحوكم كثير من أبناء هذة الطائفة عام 1976م، بتهمة المشاركة في انقلاب على السلطة، وأعدم   مجموعة منهم كما سجن آخرون. انظر النصيرية : تقي شرف الدين /ص177-179/.

 وفي آذار /9169م، تخلص قادة النصيرين من رفاق الطائفة الاسماعيلية، كالعقيد عبد الكريم الجندي، رئس الأمن القومي والاستخبارات العامة، وأبعد اللواء أحمد المير وكان يشغل قائد الجيش في حرب حيزران /1967م، وبذلك تم تصفية الأقليات الطائفية من الدروز والاسماعيلين، بعدما استخدمت من قبل النصيرين  لتصفية أهل السنة من الجيش ومؤسسات الدولة، وهذا هو الغدر والتعاون اللئيم.  انظر المرجع السابع /ص179.

(5) التعاون  مع الكيان الصهيوني

 تولى كبر ذلك (حافظ الأسد) خلال وزارته للدفاع وأثناء تدخل جيشه في لبنان، وخلال حكمه بعد عام (1970م).

 لقد قام بتسليم الجولان وعاصمته القنيطرة بلا قتال في حرب حزيران (عام/1967م)، فقد صدر البلاغ الفاجر من إذاعة دمشق في العاشر من حزيران، الساعة التاسعة والنصف صباحاً وقد أعلن سقوط الفنيطرة بيد قوات العدو، صدر البلاغ برقم (66) وهو يحمل توقيع وزير الدفاع حافظ الأسد. لقد صدر البلاغ قبل وصول قوات العدو بيوم وليلة، وكان الأمر بالانسحاب الكيفي دون خطة معينة؟!

 وقد صرح قائد الجيش البعثي اللواء أحمد السويداني، وهو في الجبهة بأنه لم يستشر في البلاغ الذي أعلن سقوط القنيطرة، وإنما سمعه كغيره من المواطنين.

 ينظر تفصيلاً لذلك: سقوط الجولان، مصطفي خليل بريز، طبعة مصر/1980م.

 ويذكر الدكتور سعد جمعة رئيس وزراء الأردن خلال تلك الحرب بأن برقية عاجلة جاءت إلى مسؤول سوري حول تطمين إسرائيل للنظام الحاكم في سوريا، وأنها لاتنوي مهاجمته، وبإمكانها أن تتعايش مع الحزب الاشتراكي والطائفية العلوية. وبينما كان المسئول السوري يعرض المقترحات الإسرائيلية، كانت طائرات العدو تدمر المطارات والطائرات السورية.

 انظر المؤامرة ومعركة المصير: د. سعد جمعة/ص109-111ط3/بيروت 1969م, دار الكتاب العربي.

 لقد كانت المفاوضات السرية قد تمت بين نظام الحكم السوري وإسرائيل، وانتهت على أن يتم تسليم الجولان دون قتال، مقابل تراجع إسرائيل عن احتلال دمشق، ومن أجل ذلك أعلن عن سقوط القنيطرة عاصمة الجولان، وأخليت من سكانها، وتم انسحاب الجيش السوري عن الجبهة بهذه المسرحية العجيبة، وقد كوفئ حافظ أسد ليصبح رئيساً للجمهورية، مقابل هذه الخيانة الآثمة، واستمر النظام السوري في تهيئة الأجواء للحفاظ على أمن إسرائيل طوال نصف قرن، ورغم ذلك فهو يزعم أنه يمثل المقاومة والممانعة، ومنذ أكثر من أربعين عاماً لم تطلق رصاصة واحدة ضد العدو الصهيوني واستمر مسلسل الخيانة فكانت تدخل الجيش السوري في لبنان /1976م، لمصلحة إسرائيل، ورضا أمريكا، حيث دمرت قوات منظمة التحرير لمصلحة الموارنة والشيعة، وقد نقلت إذاعة إسرائيل عند بداية التدخل السوري تصريحاً لرئيس وزراء العدو الصهيوني إسحق رابين جاء فيه:

 إن إسرائيل لاتجد سبباً يدعوها لمنع الجيش السوري من التوغل في لبنان، فهذا الجيش يهاجم الفلسطنيين، ويجب علينا ألا نزعج القوات السورية أثناء قتال الفلسطنيين، فهي تقوم لمهمة لا تخفي نتائجها الحسنة بالنسبة لنا. (الصراع العربي الإسرائيلي/ص478/ محمد عبد الغني النوواي /ط أولى). والرئيس السوري نفسه قال خلال خطاب له في /20 تموز 1976م، إن أمريكا أيدت تدخل سوريا المسلح في لبنان. (مجلة الدستور الصادرة في باريس، حزيران /ص 1977م).

 وقال كمال جنبلاط: لقد كان التدخل العسكري السوري يهدف إلى إخماد الفلسطنيين والحركة الوطنية واليسار اللبناني في لبنان. (هذه وجبتي: كمال جنبلاط ط/ص 99).

 وخلال مراسيم جنازة حافظ أسد، قال رئيس الطائفة اليهودية السورية في القدس: لقد سمح لنا حافظ الأسد بالسفر إلى أوربا وأمريكا للعلاج أو التجارة بشرط ألا تسافر العائلة كلها, وقد سمح لليهود ببيع ممتلكاتهم واستلام جوازات سفر يسافرون بها.

 لندن بي-بي-سي/ بمناسبة مراسيم الجنازة، وكان إبراهيم الحمرا قد شارك في المراسيم، وصرح بأن الطائفة صلت له في الكنايس اليهودي في القدس.

 أما المسلمون فكانوا محرومين من جوزات السفر ومن بيع ممتلكاتهم، إن لم تصادر من قبل أجهزة الأمن السوري.

 لقد كرس حافظ أسد الدولة النصيرية بتوريث ولده بشار الحكم ضمن مسرحية عجيبة، وسار الابن على طريقة أبيه في حفظ كيان إسرائيل، وخلال الثورة السورية على حكم بشار قال اليهودي أولمرت: طلبت من الولايات المتحدة وقف الضغط الإعلامي على سوريا، ورئيسها يستحق تقديرنا واحترامنا. (مجلة المجتمع العدد 1974 في 09/06/2011م).

 وقد هدد بشار بتدمير تل أبيب إذا هاجم حلف الناتو سوريا وسوف يأمر حزب الله في لبنان لتوجيه مدافعه نحو إسرائيل. (موقع المختصر في 01/12/1432هـ).

 وهذا يعني أنه وعصابته يحفظون أمن الكيان الصهيوني وهذا ما يجعل أمريكا وحلفاءها يسكتون على جرائم بشار وزمرته وهاهو رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد، يتحدث باسم النظام ويصرح لجريدة نيويورك تايمز الأمريكية، بأن أمن إسرائيل من أمن سوريا، واضطراب أحوالها من اضطراب أحوال سوريا، المجتمع في 09/04/2001م.

 ويستمر النظام في دمشق في زعمه، بأنه يقتل شبعه ويحتل المدن السورية بالدبابات والمدرعات والطائرات من أجل تفرغه لمقاتلة إسرائيل، إنها لمسرحية عجيبة، ومهزلة غريبة لم تنته فصولها بعد.

 وتطلعات النصيريين الانفصالية ما تزال ماثلة للعيان فهذه رسالة من علوي لأبيه، في صفحته على الانترنت، يدعو لانفصال العلويين عن سوريا والتعايش مع إسرائيل والتفاهم مع الولايات المتحدة. يقول:

 والدي العزيز شرحت لك مراراً أن ما يحصل اليوم سيكون مداه مدمراً على البعيد لنا كطائفة، لقد تورطنا بشكل كامل في دم السوريين وليس من مصلحتنا كطائفة أن نعادي الأكثرية.

 لقد وضع الأسد وزمرته طائفتنا تحت المقصلة بمجملها، لقد استعدى سوريا كلها، لقد أودى بنا إلى الجحيم، لقد تورطنا كلنا بالدم، ولم يعد هنا لك مجال للتراجع  فما الحل؟

 الحل هو الحلم القديم بدولة خاصة بنا، نحفظ بها أرواحنا، سوف نضطر إلى الانفصال عن سوريا وننشئ دولة خاصة بنا هي: الساحل والغاب، وريف حماة وحمص، لابد من عودة العلويين إلى قراهم وجبالهم، الأموال لدينا كثيرة، ويجب أن نستثمر ماسرقناه خلال خمسين عاما ببناء دولتنا، لابد من اجتماع مشايخنا ورجال ديننا، وهؤلاء لايرد كلامهم، وأنا واثق أن يوم الانتقام قادم وأحاول تجنبكم هذا المصير، ثم يقول الكاتب في رسالته لأبيه: ومن شروط قيام الدولة العلوية:

 1. الاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية بشكل رئيسى، وفعل كل مايتطلب من ضمان استمرار الوضع مع إسرائيل كما كان لمدة أربعين سنة خلال حكم آل الاسد.

 2. الاتفاق مع تركيا والتوقيع على كل المعاهدات السابقة.

 3. الاتفاق مع القوى السورية على الأرض، وتعويض كل من قتلنا وشردنا ودمرنا بتعويض مناسب، واعتذار رسمي من الدولة العلوية للدولة السورية، مع معاهدات جوار وراتباط بشكل يرضي كل الاطراف.

 4. الاتفاق مع القوى الإقليمية والتأكيد على استمرار تحالفاتنا الدولية، وأعني هنا إيران والخليج العربي.

 وستكون دولتنا دولة عصرية يكون الحكم فيها مبدئياً لرجال الدين الذين يطيعهم العلويون طاعة شبه تامة، وسيكون لها دستور علماني، ويشترط  برئيس الدولة أن يكون مسلما علويا، وسوف نستعين بكل الأدمغة السورية، مهما كان مذهبها وتوجيهها لإنشاء الدولة. اهـ

 هذة فقرات موجزة من رسالة طويلة، تعكس نبض شارع الطائفة النصيرية عموما، فيما لو سقط نظام الأسد، وهي تنسجم مع المخططات السابقة التي وردت في بحثنا.

  

(6) التعاون مع الرفضة إكمالا لمخططات دولتهم الباطنية

 لقد تعاون حافظ الاسد مع دولة إيران، ومع حزب الله في لبنان، فيزعم في بعض خطبة: أن الثورة الإسلامية في إيران هي  ثورتنا. (نهاية المقاومة: عبد المنعم شفيق /ص199).

 وقال وزيرخارجية إيران: (كمال خرازي) خلال محادثاتة مع نظيرة السوري (فاروق الشرع): إن مصير ايران وسوريا ولبنان في مجال السياسات التي تتخذها البلاد الثلاثة مترابط بعضها مع بعض. (جريدة الأنباء في: 28/6/1999م).

 وقد أصبح هذا التعاون الاستراتيجي واضحا أيام بشار الأسد وعصابته، في تعاون (حزب الله) مع النظام السوري الدموي كما أن دعم إيران ماديا وعسكريا بات مكشوفا ضد ثورة الشعب السوري.

 وقد انطبع في ذاكرة السوريين، أن الضحايا الذين استشهدوا أو جرحوا بفعل المعدات والتقنيات الإيرانية، بدءا من العصي الكهربائية، وصولا إلى القناصة المزروعين على أسطح البنايات، مرورا بالدعم التقني لكشف اتصالات الثوار وتحديد أماكن تواجدهم، كل ذلك أصبح مكشوفا، ولن ينس أحد الدعم المالى الوفير، الذي حظي به النظام الفاشي، مماأطال في عمره قليلا. ((مجلة المجتمع /عدد1970/في24/9/2011م)),

 وها هو نظام بشار الطائفي، يطلق العنان للرافضة ونشاطهم المذهبي المحموم في أنحاء البلاد كلها، سواء عن طريق المركز الثقافي الإيراني في دمشق، أو في تأسيس الحسينيات والمراكز الشيعية المختلفة.

 وعموما فالنشاط الشعبي داخل سوريا، أصبح علنيا مكشوفا ظهرت آثاره في هذا الدعم الخبيث (من قبل إيران وحزب الله) لنظام بشار ضدأهل السنة، مما يذكرنا بالمد الرافضي بنشاط العبيديين في بلاد الشام قبيل الغزو الصليبي في القرن السادس الهجري، ومن المعلوم أن علماء الشيعة، كانوا يكفرون الطائفة النصيرية، حتي إذا جاءت المصالح السياسية في حقبة السبيعنات حصل التزواج السياسي بينهما ضد أهل السنة في بلاد الشام، ولذلك فإن الشيعة اللاجئين من إيران والعراق يمنحون الجنسية السورية، لتكثير سواد النصيرية، وتكريس دولتهم الخبيثة المنتظرة، وهذا الشعب السوري انفض على النظام الظالم بعد حكمه من قبل آل الأسد، تحت مظلة حزب البعث، طوال خمسين عاماً، وهو يواجه اليوم عدة خيارات، فإما أن يقتل شر قتلة، أو يعذب ويشوه جسده، وتقطع أعضاؤه، أو يهجر خارج بلاده، ولذلك فقد قال الشعب كلمته وقطع حاجز الخوف، وهاهو يملأ شوارع المدن السورية من جنوبها إلى شمالها منادياً: الشعب يريد إسقاط النظام الشعب يريد الحرية والكرامة، ولابديل عنها، رغم آلات القمع من طائرات ودبابات ومدرعات لأكثر من ثمانية أشهر ولله الأمر من قبل ومن بعد.

 (7) آل الأسد يكملون المخططات الخبيثة والخطيرة

 لقد ذكرنا فيما سبق أن حافظ الأسد أصبح رئيساً للجمهورية، وهو أول رئيس للبلاد من غير المسلمين أهل السنة وأنه جاء ليحقق مخططات طائفية بعد أن اشتري رضا إسرائيل وقوى الشر العالمية، وقد أحكم القبضة على البلاد بيد من حديد، معتمداً على أبناء طائفته وبعض السياسيين المتملقين، كما اعتمد على توفير الأمن لحكم الطائفة النصيرية والسيطرة على القوات المسلحة، مع تسخير الاقتصاد السوري لازدهار منطقة العلويين، إذ تحولت أموال البلاد وخيراتها إلى منطقة النصيرية فازدهرت ازدهاراً عجيباً بعد فقر مخيف طوال قرون خلت، وقد سحق النظام الاتجاهات السنية وطارد أصحابها في كل الاقطار، ونشر الفساد بكل أشكاله كما اعتمد على أجهزة المخابرات المتعددة التي زادات على سبعة عشر جهازاً وبلغت عشرات الآلاف فأصبح نظام الحكم أشبه بعصابات المافيا وشريعة الغاب، في ظل قانون الطوارئ المعلن منذ 08/03/1963م، ومايزال ساري المفعول حتي الآن. (ينظر الدكتاتورية محنة الإسلام والعالم، محمد عبدالواحد حجازي /ص156).

 ارتكب حافظ أسد المجازر الوحشية والإبادة الجماعية في معظم المدن السورية خلال عامي 1980-1982م، وعلى رأسها مجزرة سجن تدمر الذي أبيد فيه مايزيد عن 700 سجين من خيرة المثقفين في 27/06/1980م، ولم ينس الجناة الإجهاز على كل جريح وتمت المجزرة خلال أربعين دقيقة بوحشية عجيبة وحقد طائفي. انظر الصراع على السلطة في سوريا ص/157، نيقولاوكس فان دام.

 ولم ينس التاريخ مجازر حماة في عامي 1980-1982م، حيث استمرت شهراً كاملاً شباط 1982م، وكانت القوات المتوحشة قد أعلمت في المدينة قصفاً وهدماً وإبادة حتي قتل فيها مايزيد على 30 ألفاً من سكانها وأزيلت أحياء بكاملها، كما أزيلت عشرات المساجد والمناطق التاريخية خلال تعتيم إعلامي عجيب. انظر الصراع على السلطة في سوريا ص157، 165

 واستمر الإجرام والحكم الطائفي، فأعلن عن محاولة انقلابية عام 1981، واعتقل لفيف من الضباط الإسلاميين، تجاوز عددهم 400 ضابط، هم حصيلة أهل السنة الملتزمين في الجيش على مدى خمسة عشر عاماً من التخفي والصبر، وقد أعدمت السلطة هذه المجموعة من الضباط بسرعة عجيبة رحمهم الله جميعاً. انظر الثورة الجهادية الإسلامية في سوريا، عمر عبدالحكيم ص/82-83.

 وقد استمر تكريس الحكم النصيري في عهد بشار الأسد: الذي جاء للحكم بصورة غير شرعية، وأكمل خطة والده الهالك، بقوة الحديد والنار وقانون الطوارئ، وبعد حكم أربعين سنة من حكم العائلة البغيض، انتفض الشعب ضد الظلم والطغيان، في أنحاء سوريا كلها، فقابلها بقوى الدبابات والصورايخ والطائرات مع ميليشيات الأمن والشبيحة من المترزقة والمجرمين، وقد احتلت المدن السورية، وأغرقت بأنهار الدماء، وخلال ثمانية أشهر استشهد من 5-10 آلاف، واعتقل أكثر من مائة ألف مواطن، وليس للشعب الذي أعلن ثورته من ذنب إلا أنه ثار يطالب بحريته وتحقيق العدالة، منادياً: سلمية سلمية، لا أحزاب ولا طائفية، وقد تفنن رجال الأمن والشبيحة والإجرام، بالقتل وتقطيع الأعضاء، ورفس الضباط المعتقلين بأحذيتهم العسكرية الغليظة, وتكررت هذه المناظر، فمن أنشد ضد النظام ذبح ونزعت حنجرته، ومن رسم رسوماً ضد الطغيان، اعتقل وكسرت أصابعه ومن تظاهر سلمياً اعتقل وعذب ليسلم إلى أهله جثة هامدة، ولم ينج الأطفال من القتل والتعذيب، فقد أعدم الشبيحة في مدينة الرستن وحدها عشرين طفلاً رمياً بالرصاص خلال محاصرة المدينة، وتكررت المجازر والإعدامات في باقي مدن سوريا، كما هدمت المآذن والمساجد، وأطلقت الرصاص على مشيعي الجنائز، فقتل الكثير منهم، وأصبحت هذه المشاهد عادية لمتابعي القنوات الفضائية ووسائل الإعلام المحايدة، طوال ثمانية أشهر حتى وقت كتابة هذا المقال، ولم يراع هؤلاء القتلة حرمة شهر رمضان، ولا حرمة الحج والأشهر الحرم، ولا أعياد المسلمين، في مهاجمة المساجد ومنع المصلين من ارتيادها، كما انتشرت المقابر الجماعية في أنحاء سوريا كلها ومحارق الجثث لإخفاء ضحايا المتظاهرين، واتجه نظام الأسد نحو إعلان الدولة العلوية إذا شارف نظام الطائفة على الانهيار. انظر المحرر العربي: بقلم حميد غريافي.

 وتكاد جرائم هؤلاء القرامطة الجدد لا تنتهي، فقد اتهمت منظمة العفو الدولية الأمن السوري باقتحام المستشفيات، وتعذيب جرحي المظاهرات، واختطافهم، وعقاب كل من يسعف المرضي والجرحي من الأطباء والممرضين، مع الإجهاز على المصابين بوحشية غريبة. تقرير منظمة العفو الدولية، تقرير في 27/11/1432هـ، في 39صفحة.

 وفي الختام: ألا يعني أن ما يجري في سوريا، هو إكمال لقيام الدولة النصيرية؟ فهل استيقيظ المسلمون على مايجري من مخاطر، وقيام دولة يعيد إلى الأذهان جرائم القرامطة والحشاشين، وما فعلوه في ديار المسلمين وهاهم يفعلون بلا رقيب ولادين.

 وقد تنبه المسلمون في سوريا من خلال ثورتهم إلى ذلك، فعادوا ينطلقون من المساجد بالتكبير والدعاء والصلوات، بعد أن طفح الكيل وظهر لهم دجل النظام وحزب الله والرفضة عموماً، فمزقوا صورهم وحطموا أصناهم بعزة المؤمنين الثائرين على الظلم والطغيان، وإني لأضرع إلى الله أن يخلص البلاد من جرائم هذه العصابة، ويعيد الأمة إلى دينها والحمدلله رب العالمين.

ارفلون نت



مقالات ذات صلة