مصطفى حسين
2-6-2014
خلقت الصفوية بدعاً تكاد أن تقضي على دين أتباعها وأشادها مرة اخرى الخميني بعد الثورة عام 1979 ,وأبتدع المذهب الشيعي السياسي المتمثل ب"الولاية الفقيه المطلقة" وهو حزب سياسي، ظهر باسم الدين، لكي يوجه سياساته وسلطته والقضاء على المعارضة، ويتمكن من محوها وتنفيذ الإعدامات ونفي قياداتها واتباعها، ولكي ينتقموا من الخلافة والإسلام والمسلمين واتخذوا الإسلام حجة، وأبدعوا عناوين الإمامة والولاية، ثم أعطوا الإمام والقائد دور الولاية الإلهية، والتكوينية والتشريعية والولاية المطلقة لتسويغ هذه الخطة.
زعمت الصفوية والخمينية بأن المهدي المزعوم غائب عن الأنظار للمطالبة بخلافته ونيابته، ولإثبات هذه البدع بدأوا بتفسير وتأويل آيات القرآن الكريم حسب مرادهم. ووضعوا آلاف الأحاديث منها قدسية ومنها باسم رسول الأمة والآخرين ونزلوا المعجزات والكرامات كذباً، ووضعوا روايات كثيرة على ألسنة الأئمة، وألفوا كتباً مثل "نهج البلاغة" و"الصحيفة السجادية" و"حديث الكساء" من دون سند. وألفوا كتباً مثل "مفاتيح الجنان "، وتعبوا قروناً حتى وضعوا كتباً في مقابل الصحاح الستّة لأهل السنة؛ ك"الكافي"، و"الوافي"، و"من لا يحضره الفقيه"، و"الاستبصار"، وللاستقواء أتوا بالخمس وسهم الإمام، ولأجل الإطاعة المطلقة من مراجعهم اخترعوا المرجعية والرسائل العلمية.
ويقول العلامة الخوئيني "اخترعت مجالس التعازي، وضرب الصدور، والسلاسل، ولأجل الترويج الدائم للمذهب الشيعي انشدوا التواشيح والأغاني المبكية وجعلوها ثقافة، وبنوا قباباً وأضرحة على القبور. وقد ضخموا الإمامة الشخصية، هذه الأكذوبة التي هي قطعاً ويقيناً مخالفة للقرآن، وضخموها، كما فخموا قضية المهدي المزعوم وعرضوها بشكل قاطع وجدي، وأصبح له احتفالات مولد، وهذا "الحزب السياسي"، وقد كسبوا القوة والنجاح عدة مرات بهذه الطريقة ".
وعلى أثر هذا التفكير وهذه الآيديولوجية في عمل المذهب الشيعي السياسي، " الفساد في الأرض باسم الواجب الديني وارتكب التعذيب بحق الشعوب , سيما علماء الدين المهتدين باسم التعزيز الشرعي وارتكبت السرقة ونهب الأموال باسم حماية المستضعفين، وارتكب خنق الحريات وخمد الأصوات في الحناجر باسم مصالح الأمة، وارتكب التجسس باسم حماية مكاسب الإسلام، وارتكبت الفوضى والشر وهتك الأعراض باسم مكاسب الثورة الإسلامية، وارتكب التعاون مع الأجانب كعملاء وحلفاء باسم أصدقاء الثورة الإسلامية". (موسى الموسوي، الثورة البائسة). وقد ارتفعت في جغرافية إيران ومن الطائفة الشيعية أصوات كثيرة خرجت على المالوف والمعروف تدعو إلى الخروج على المذهب السياسي الشيعي والهداية إلى الدين الصحيح.
خرجوا في مقدمة هذه الأصوات علماء مصلحون ومهتدون على سلطة الكهنوت وعلى مناهجه وأسسه وطالبوا بركوب قطار التصحيح ونشرت كتبهم وترجمت إلى شتى اللغات وطالبوا الشعوب في إيران بالخروج على البدع والشرك والظلم والاستبداد؛ أمثال الدكتور الموسوي، وآية الله البرقعي.
لكنّ النظام الحاكم رفض هذه النّداءات، بل ووضع سدا منيعا في وجه كلّ شيعيّ عاقل يفكّر في تّصحيح المذهب. فكان لزاما لمن يشهر ويظهر لعوام الشيعة الواقعة تحت الظلم السياسي – الطائفي، تلك الدعوات التصحيحية التي انطلقت إلى نبذ ما ألصق بالمذهب من عقائد و طقوس شذّت به عن جماعة المسلمين؛ الهروب من البلاد أو القبوع في السجون الاستبداد.
وصف المعممون هولاء المهتدين أمثال العلامة البرقعي، بالمعادين لله ومحاربين للدين ومفسدين في الأرض وأعداء لأهل البيت، وسياسياً وصفوه وهابيّا مأجورا للدول العربية وخاصة السعودية، وأصبح يتهم بتلقّى الدعم المادي والمعنوي، ولازال الخوف سائداً في أوساط هؤلاء الشرذمة الحاكمة باسم التشيع من سماع أيّ صوت يدعو إلى المراجعة.
وفيما يلي نبذة مختصرة من سيرة ومواقف أشهر علماء ودعاة وكتّاب الشّيعة الذين رفعوا راية الإصلاح والتّصحيح ومما نزل عليهم من ويل وعذاب بعد ايمانهم ومنهم من قضي نحبه ومنهم من هرب خارج البلاد، ونخصّ بالذّكر:
اولا: الدكتور المجتهد موسى الموسوي صاحب الكتاب المشهور "الشّيعة والتّصحيح"
ثانيا: العلامة آية الله شريعت سنكلجي صاحب الكتاب الفذّ "توحيد العبادة"
ثالثا : العلامة أبو الفضل البرقعي، الذي كان أعلى مرجعية من الخميني، من أشهر كتبه "كسر الصنم"
رابعا: العلامة إسماعيل آل إسحاق الخوئيني
خامسا: الكاتب والأديب الايراني أحمد الكسروي صاحب كتاب المعروف، "التشيع والشيعة"
سادسا: العلامة أية الله محمد باقر درجه اي
العلامة الدكتور موسى الموسوي:
حفيد الإمام السيد أبو الحسن الموسوي الأصبهاني ولد في النجف عام 1930م وأكمل الدراسات التقليدية في جامعتها الكبرى وحصل على الشهادة العليا في الفقه الإسلامي (الاجتهاد) وحصل على شهادة الدكتوراه في التشريع الإسلامي ونال شهادة الدكتوراة في الفلسفة من جامعة السربون وعمل أستاذا للاقتصاد الإسلامي في جامعة طهران وعمل أستاذا للفلسفة الإسلامية في جامعة بغداد وانتخب رئيسا للمجلس الإسلامي الأعلى في غرب أمريكا و أستاذا زائرا في جامعة هالة بألمانيا الديمقراطية وأستاذ معار في جامعة طرابلس بليبيا وأستاذا باحثا في جامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية وأستاذ موفد إلى جامعة لوس أنجلوس.
حمل لواء الدّعوة إلى تصحيح المذهب الشّيعي من الانحرافات والخرافات التي ألصقت به، واضطر الهروب من البلاد ولم يرجع اليها حتى يومنا هذا واتهم بأنه عميل للسعودية وتلقى أموالا منها , رغم أنه لو بقي شيعيا خالصا لكسب أكثر .
العلامة شريعت بن محمّد حسن سنكلجي :
من أبرز علماء الشّيعة، كان ميالا إلى مدارسة القرآن والتّعمّق في مدلولاته، فأعلن الإنكار على هذا التراث الشيعي المليء بالخرافة والانحراف، وألّف في ذلك كتابا قيّما أسماه "توحيد العبادة"، فجوبه بالتّهديد والوعيد، وألصقت به التّهمة الجاهزة والجاهزة على الألسن "تهمة الوهابية" . وتلقى مصاعب في تأليف هذا الكتاب، وبسبب إصراره على دعوته وصبره عليها فقد لقي من الأذى الشّيء الكثير، حيث قال: " أنا شخصياً هددوني بالقتل، وحرِّضوا الناس علي بشكل مستمر، وأحياناً يصوِّرون أقوالي بصورة الباطل ويصورنها بأنها أكاذيب".
العلامة أبو الفضل البرقعي القمّي :
كان من أقران الخميني، بل أعلى مرجعية منه في مذهب الشيعة. حمل لواء الدّعوة إلى التّصحيح وتنقية التراث الشّيعيّ في عهد الشاه. وكان على غير نمط المرجعيات التقليدية في وقته، وطالب بقوة إلى التغيير في الواقع السيئ , وخرج عن النمط السائد للمرجعية التي كانت تتسم بالجمود والنفعية.
بعد تصدّيه لنقد المذهب الشّيعيّ اجتمع مشايخ قم بزعامة مرجعهم حينذاك شريعتمداري وأرسلوا إلى الشاه ستة آلاف توقيع أن هذا (اليهودي حسب زعمهم) يريد هدم دين أهل البيت، فأُخذ إلى المحكمة، ولكنّهم لمّا لم يجدوا حجّة لمحاكمته هاجموا مسجده وأغروا الأوباش به واستولوا عليه. وبعد قيام الثورة الخمينية طورد، وأطلق عليه أحد حراس الثورة النار وهو في بيته يصلي فدخلت الرصاصة من خده الأيسر وخرجت من خده الأيمن ,لكنه لم يمت، حمل إلى المستشفى وهو مغمى عليه ومُنع من العلاج، وبعد شفائه بسنوات حكم عليه بالسجن ثلاثين سنة وتوفي رحمه الله بعد وفاة الخميني.
ترجم كتبا منها كتاب منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيميه وترجم كتاب منهاج الاعتدال للذهبي الى الفارسية وألف كتبا منها:كسر الصنم، وتضاد مفاتيح الجنان مع القرآن، دراسة علمية في أحاديث المهدي، دراسة في نصوص الإمامة، الجامع المنقول في سنن الرسول، نقد على المراجعات، وتضاد مذهب الجعفري مع القرآن والإسلام.
العلامة إسماعيل آل إسحاق الخوئيني :
يعد من أبرز علماء الشّيعة. حمل لواء الإصلاح في إيران، ويعتبر التحول في عقيدة رجل كهذا ومخالفته العلنية للخرافات، أمراً غير مستساغ، وغير قابل للتحمل للمذهب والحزب السياسي الخميني . وعلى إثر ذلك سعت جلاوزة النظام إلى تنفيذ حكم الإعدام فيه , لكن وجدوا أن تنفيذه من غير ارتكاب جريمة ، لن يكون مبررا ، لذلك حاولت السلطات عن طريق التجسس في حياته الشخصية والعائلية والاجتماعية، أن يتّهموه بالارتباط بالدول الخارجية والأنظمة العالمية، فاضطر مسؤولو وزارة المخابرات والمباحث للضّغط عليه للحصول على أية حجة لتنفيذ حكم الإعدام، فأجبروه بعد سبعة أشهر من الضرب والشتم والتعذيب على الإقرار بذنب لم يرتكبه. لكن لم ينفذ الحكم بسبب اصابة الخميني بالمرض ومماته، فأخّر إعدام العلامة الخوئيني. وبرغم وضعه الصحّي المتدهور فقد كان ينقل من سجن إلى سجن، حتى قرّروا إخراجه بعد أن جرّدوه من كلّ وظائفه وتأكّدوا أنّ وضعه الصحيّ لن يمكّنه من تقديم الكثير، وهدّدوه أنه إذا اجترأ على ممارسة أي نشاط ثقافي أو سياسي، فإنّهم سوف يقدمون على اختلاق حادثة ما ويقضون عليه. ولكنه لم يتوقف عن النشاط إلى أن توفي عام 2007.
الطموحات وأهم الأحداث في حياة الخوئيني:
كما أن المذكور رشح نفسه لرئاسة الجمهورية، وذلك في الدورة الثانية، ولكن رجال الحكم خالفوا هذا الترشيح من دون ذكر أي دليل أو مستند، كما أنه بناءً على مسئوليته الشرعية رشح نفسه للاشتراك في (مجلس الخبراء لانتخاب القائد)، ولكن لم يعلن اسمه ضمن المرشحين من دون ذكر أي دليل!.
من أهم الأحداث في حياة الأستاذ آل إسحاق معرفته بالدكتور أحمد (ميرين) السياد البلوشي (دكتوراه في الحديث الشريف من الجامعة الإسلامية بالمدينة الطيبة) الذي اغتالته أيدي النظام الصفوية، الذي أثر في حياته تأثيراً عميقاً.
الكاتب والأديب الإيراني أحمد الكسروي:
عمل الكسروي أستاذاً في جامعة طهران، وتولى رئاسة بعض المحاكم في بعض المدن الإيرانية، حتى أصبح أحد كبار مفتشي وزارة العدل الأربعة في طهران، ثم تولى منصب المدعي العام في العاصمة الإيرانية، وكان يشتغل محرراً لجريدة ( برجم ) الإيرانية. و كان يجيد اللغة العربية ، والتركية ، و الإنجليزية ، والأرمنية ، والفارسية ، والفارسية القديمة ( البهلوية).
من أشهر كتبه التي انتقد فيها التراث الشّيعيّ: كتاب "التشيّع والشّيعة"، الذي تناول فيه نشأة المذهب الاثني عشري وأصوله وأهم كتبه وأئمته وآثاره، وعرض لذلك بشكل علمي وتحليل عقلي، ودعم كلامه بالبرهان التاريخي، وخلص من هذه الدراسة بنتيجة مفادها أنّ هذا المذهب قد جاء بمجازفات وأمور منكرة كثيرة، وأنّ الاثني عشرية قد انفصلوا عن جماعة المسلمين بعقائدهم وأحكامهم.
وكما هو منتظر فقد تعرّض الكسروي للتّضييق والتّهديد من قبل علماء وعامّة الشّيعة، حيث قام مجموعة من الغوغاء بإطلاق الرصاص عليه بعد نشره لهذا الكتاب، فأدخل المستشفى، وأجريت له عملية جراحية، و تم شفاؤه. ولأنهم أرادوا إسكات كل صوت معارض لموروثهم فقد اتّهموه بمخالفة الإسلام، ورفعوا ضده شكوى إلى وزارة العدل. دعي للتحقيق معه، و في آخر جلسة من جلسات التحقيق، في نهاية سنة 1324هـ، أطلق عليه الرّصاص مرّة أخرى، و طعن بخنجر، فمات على إثر ذلك وبفتوى من الخميني. وقيل إن من أطلق عليه الرصاص هو "نواب صفوي" الذي يعتبره بعض إسلاميين أحد الرموز الإسلامية مع أنه متعصب أعمى للمذهب الشيعي.
العلامة الشيخ محمد باقر درجه اي :
الأديب الفذ العلامة درجه أي نشاء وترعرع على منهج الشيعة ,لكن كان منفتحا وطالبا للتصحيح ونبذ الخرافة والبدع، وكان ينتقد الشفاعة وكرامات الائمة الشيعة وما جاء به الائمة عن آل البيت ,وكان ينتقد خرافات المذهب الشيعي، منها تشييد القبور وسب الخلفاء والطم والطبر والبكاء
كما يعتبر العلامة الحركة الوهابية على حق ويقول: "لديهم أفكار محددة ويمكن تلخيص أفكارهم في جملة واحدة. وهو اعتقادهم بالقران الكريم وسنة الرسول، هو المنهج الوحيد للإسلام ورفض أي شيء سوى ذلك من البدع. ویعنی ذلك العودة إلى سنن الرسول وإلى عهد خلافة الراشدين التي تم الإجماع عليهما وتختصر مطالبة هذه الطائفة أن تنفذ هذه الأصول". ويضيف قائلا "يطالب الوهابيون بإزالة جميع وجهات النظر والآراء التي دخلت الإسلام في وقت لاحق بسبب اختلافات الثقافية للدول الإسلامية. لأن ذلك يعتبر بدعة". ويذكر "أن لیس للوهابیین کراهية أو عداوة مع اهل بيت الرسول و إذا كانت قد دمرت مزارات الشيعية ، ليس بسبب اختلافهم مع صاحب البقاع، لكن بسبب الأضرحة أو المعالم الكبيرة التی بنیت على القبور فيعتبرونه شركاً ".
كان قد أخذه العلامة المنهج الإصلاح الديني ثم الإصلاح السياسي ولاقاه من ابتلاءات ونال من الأذى الكثير. و قد سبق العلامة درجه اي أقرانه في التصحيح وهو من الاوائل من طالب بإصلاح التشيع و كتب العشرات من الكتب القيمة. لكن لم يسمح بنشرها حتى يومنا هذا. وألصقت به التهمة الجاهزة "تهمة الوهابية" من ثم قتل سنة 1924م على إثر هذه الأفكار التصحيحية ومخالفته للنظام الحاكم. و يبدو أنه لم يختلف عن الطرح المهتدين في نقد المذهب الشيعي في الدين أمثال العلامة الموسوي والبرقعي إلا في الحذر الذي لم يسمِّ الأشياء بأسمائها. فهاجم التوسل والشفاعة وتنكر لها ونقضها، وطعن في المعجزة ونال من الكرامة ومن مقامات الأولياء دون أن يسمّها بالكفر.
المصدر : موقع المثقف الجديد