اتفاق الدوحة ....تكريس لهزيمة السنة في لبنان

بواسطة حسن الرشيدي قراءة 670

اتفاق الدوحة ....تكريس لهزيمة السنة في لبنان

الاثنين21 من جمادى الأولى 1429هـ 26-5-2008م

 

حسن الرشيدي

istratigi@hotmail.com

 

يندهش البعض أو يفتعل الدهشة حين يرى التحليلات السياسية تقسم الصراع السياسي إلى شيعة وسنة...مسلمين ومسيحيين وغيرها من التقسيمات الدينية والمذهبية، ويصف هؤلاء هذه التحليلات التي تأخذ منحى عقديًا بالتحليلات الطائفية، ويطلب هؤلاء أن يظل أهل السنة والجماعة في رقدتهم حتى يفيقوا يومًا ليجدوا الصليبي والباطني في حجرات نومهم، بل أكثر من ذلك  يشاركون هم أنفسهم مع هذه الفئات في اقتحام غرف نومهم!!.

والمتابع لأحداث لبنان يقع في متاهة كبيرة إن لم يستخدم التحليل العقدي: فمن الطرف الذي استبيح في بيروت أليسوا هم السنة؟ ومن الطرف الذي لم يستطع الشيعة ملامستهم أليسوا هم مسيحيو  لبنان، وهل كانت ستسكت فرنسا حامية مسيحي الشرق؟

وحتى لما جاء العرب لا سيما القطريون وقاموا بدور الوساطة، فقد كانوا أقرب إلى الأداة التي تنفذ مطالب إقليمية إيرانية وسورية، وليسوا أصحاب مشروع حقيقي يتصدى للمشروع الصليبي والإيراني في المنطقة، لذلك تركوا سنة لبنان يخسرون أشياء كثيرة، مع العلم أن سنة لبنان وفق آخر انتخابات برلمانية عقدت عام 2005 كانوا هم أكثر الطوائف سكانًا في لبنان.

في الحرب الأهلية كانت الطائفة السنية هي الأكثر خسارة نتيجة كسر سلاحها المتمثل حينئذ في منظمة التحرير الفلسطينية، والذي حدث توافق إقليمي ودولي على نزع سلاحها تارة بأيدي الشيعة وتارة أخرى بأيدي السوريين وتارة ثالثة بأيدي إسرائيليين و نتيجة ذلك جرى اقتحام أهم معاقلها وتحييدها في الصرع في طرابلس وبيروت الغربية، وجاء الحريري بشخصه فاستطاع أن يعيد بعضًا من كرامة السنة و لكن النصيريين في سوريا وشيعة لبنان عارضوا ذلك الصعود فاغتيل الحريري.

وبعده دخل الشيعة بيروت ليذكروا السنة أنهم هم الأقوى وأن الذل والخزي سيلازم أهل السنة في لبنان وفي اتفاق الدوحة كان أهل السنة أكبر الخاسرين ومن خسارتها:

منح المعارضة التي يتقدمها حزب الله حق النقض في مجلس الوزراء، ما يعطي الحزب فضلاً عن امتلاكه القوة العسكرية الأكبر السيطرة الفعلية على لبنان.

 فللمعارضة الآن الثلث المعطل لقرارات الحكومة إذ إن لها 11 وزيرًا مقابل 16 وزيرًا للأكثرية وثلاثة وزراء لرئيس الجمهورية التوافقي العماد ميشيل سليمان الذي تم انتخابه بحضور عربي ودولي.

وسلاح  حزب الله ليس مطروحًا في إطار انتزاعه أو دمجه في الجيش اللبناني وإنما هو مطروح في صيغة إطلاق الحوار حول العلاقة بين الدولة والتنظيمات فالمعارضة، إذن كسبت أيضًا في ملف السلاح فهي تمكنت من تأجيل البحث في مصير سلاح المقاومة وأعادت وضع سلاحها في سياق ما يسمى بإستراتيجية دفاعية للبنان.

هذا وكان قد تمّ رصد توزيع بيانات أمام المساجد في بيروت أمس تدعو النائب سعد الحريري إلى تسليح أهل السنة ليحموا أنفسهم من سلاح حزب الله الإيراني، كما ورد في بعض هذه المناشير ولكن إلى الآن لم يتخذ الحريري هذا الاتجاه أو يعيد تسليح ميليشياته، فالحريري ربما يكون قد جرب خيار العمل المسلح الذي فشل وجعلت منه ميليشياته أضحوكة أمام العالم، خاصة إنه لم يبخل عليها بالمال، ولكنه لا يعرف أن الجندي بغير تدريب جيد وعقيدة قتالية لا يستطيع المنازلة في أي ميدان وغالبية جنود الجيش المصري في حرب الخامس من يونيو في حرب عام 1967 كانت خير شاهد على ذلك.

وربما يفضل الحريري العمل السياسي والنزول في الانتخابات مجددًا للحصول هو وحلفائه على أكبر الأصوات كما جرى في انتخابات 2005  و ربما يتطلع إلى مصالحة مع حزب الله ليتمكن من إعادة التحالف السابق، والذي مكنه من الحصول على نسبة عالية، ويبدو أن حزب الله يدفع في هذا الاتجاه عبر تسريب أخبار عن قرب اجتماع بين نصر الله والحريري وتصريحات لفرنجية أحد أقطاب المعارضة بأنها لا تمانع في التحالف مجددًا مع تيار المستقبل، ولكنها تستثني جنبلاط من هذا التحالف، ولكن المقربين من الحريري نفوا صحة هذه المعلومات الذي يبدو مترددًا مرة أخرى في قبول ذلك التحالف مع الميليشيا التي جرته من سلاحه واجتاحت مناطق نفوذه، ولكن قانون الانتخاب الذي وافق عليه في الدوحة مرغمًا وبعد جهد كبير وضغوط مورست عليه من جميع الأطراف  ينزع منه بعض مقاعده التي يسطر عليها ويعطيها للمعارضة، فقد جرى تقسيم بيروت لصالح ميشيل عون وميشيل المر وانتزعت من نفوذ الحريري تسعة مقاعد ويظن بعض المحللين خطأ أنها انتزعت من السنة، ولكن انتزعت من هيمنة السنة حيث عدد المقاعد ثابت لكل طائفة والخلاف يجري حول من ترشحه كل طائفة من الطوائف الأخرى.

وهناك وجه آخر للخسارة السنية ممتثلاً في اختيار سليمان رئيسًا فوفق اتفاق الدوحة سيتم انتخاب قائد الجيش ميشيل سليمان بعد مشاركته في حصار أهل السنة في بيروت وحياده السلبي الذي أدى إلى  انتصار قوات حزب الله و حركة أمل.

و قد لاحظت أوساط مقربة من العماد ميشيل سليمان أن صورته ارتفعت في كل المناطق اللبنانية على إثر اتفاق الدوحة باستثناء المناطق السنية عمومًا والعاصمة بيروت خصوصًا.

ونقلت هذه الأوساط عن سليمان قوله: إنه مدرك لهذه الحساسية ويعرف ظروفها ومعطياتها وهو لن يتلكأ عن معالجة أسبابها .

ويبقى على السنة إعادة النظر في كل ما جرى وتقويم الأداء والارتفاع إلى مستوى الأحداث والنظر إلى مستقل طائفتهم في وسط تسارع الأحداث وتغير التحالفات والصفقات الإقليمية والدولية.

 



مقالات ذات صلة