إيران وفصل جديد في مسرحية "آيات شيطانية"

بواسطة أسامة شحادة قراءة 2007
إيران وفصل جديد في مسرحية "آيات شيطانية"
إيران وفصل جديد في مسرحية "آيات شيطانية"

إيران وفصل جديد في مسرحية "آيات شيطانية"

 

بقلم: أسامة شحادة

 

زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً    أبشر بطول سلامة يا مربع !!

 

هذا هو حال سلمان رشدي وإيران ، فرغم أن فتوى الخميني بقتله صدرت في 14/2/1989 إلا أن سلمان رشدي لا يزال يتنفس الهواء لليوم ، وبقاء رشدي حياً ليس لبطولة فيه أو ضعف في إيران كلا ، بل سبب بقاء رشدي حياً هو أن هذه الفتوى ليست سوى مسرحية إعلامية لغايات جذب التأييد السياسي لإيران من المسلمين كافة ، وعلى هذا المنهج المسرحي الإعلامي جاءت تصريحات نجاد ضد المحرقة ووجود إسرائيل !!

التصرف الملكي البريطاني بمنح رشدي درجة فارس تصرف لا ينبع إلا من غباء مطلق أو عداء شديد ، وكان هذا التصرف سبباً لفصل جديد في هذه المسرحية بالتأكيد على الفتوى !!

لنفهم هذه المسرحية وأبعادها ودلالاتها سنقف عدة وقفات معها :

 

الوقفة الأولى : قدرة إيران: 

من المعلوم قدرة إيران على إلحاق الأذى بخصومها أفراداً كانوا أو حكومات ودول فتاريخ الجمهورية الإسلامية وأذرعها المختلفة داخلياً وخارجياً يحوى سجل يبدأ بالمحاكمات الثورية للشعب الإيراني ويصل للإرهاب والتفجير في أطهر بقعة وهي مكة وقت الحج لعدة مواسم ويمر بمحاولة اغتيال أمير الكويت السابق ويشمل أحداث شغب في البحرين ودعم للحوثيين الآن في اليمن ، سوى عمليات الاغتيال للمعارضين والمخالفين في داخل إيران أو خارجها وتبقي المرحلة اللبنانية في الثمانينات نموذج يعاد تكراره اليوم في العراق بصورة متقدمة بأشواط عبر فرق الموت والميلشيات الطائفية الشيعية.

وقد ظهرت مؤخراً جثث لطيارين عراقيين مقتولين كتب عليها " هذا جزاء من كل من يضرب جزيرة خرج " وجزيرة خرج جزيرة إيرانية قصفها الجيش العراقي إبان حرب الخليج الأولى 1980 -1988 ، وتشير الإحصاءات العسكرية الرسمية لوزارة الدفاع العراقية أن 182 طياراً سابقاً و416 ضابطاً عسكرياً برتبة كبيرة بالجيش العراقي السابق قد قتلوا في حتى شهر شباط 2006 ، فهذه نماذج من قدرات إيران على إلحاق الأذى بخصومها.

فلماذا مع قدرة إيران لم تنفذ فتوى الخميني ؟ ولماذا تعلن هذه الفتوى إذا كان القصد منها قتله؟ هل من يريد قتل معارض له يعلن عن ذلك في وسائل الإعلام ؟

وقد سبق أن غضت إيران الطرف عن الانتقام لموسى الصدر رغم البيانات والتهديدات وذلك لأن مشروع الصدر كان مغايراً لمشروع الخميني !!

 

الوقفة الثانية : ما هو المزعج في رواية رشدي لإيران والخميني ؟

جاء في الفتوى التي أصدرها الخميني " مؤلف الكتاب المعنون " الآيات الشيطانية " الذي ألف وطبع ونشر ضد الإسلام والنبي والقرآن " ، وذلك أن رشدي تطاول على كافة المقدسات وكما يقول فهمي هويدي عن الرواية كانت " فحشاً غير مألوف وغير مسبوق يتمثل في أن المؤلف لم يترك رمزاً من رموز الإسلام إلا وسبه وهتك حرمته بأبذأ الألفاظ من النبي إلى القرآن إلى الملائكة إلى زوجات الرسول وصحابته . وهو لم يترك لنا مجالاً للالتباس وإنما أشار إلى الجميع بأسمائهم الصريحة " .

وهنا نتفاجأ أن ما فعله رشدي وكفره عليه الخميني وأباح قتله هو شيء عادى في التراث الشيعي القديم والمعاصر من شتم وتحقير، بل ونفي الإسلام عن أمهات المؤمنين والصحابة !!

فهذه الفضائيات الشيعية لا تتستر بسب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين وهذه مجلات وكتب وسديات ومواقع الإنترنت الشيعية تنضح بما هو أشد من جريمة رشدي من قراءة آيات محرفة أو لعن العشرة المبشرين بالجنة علماً أن منهم علي بن أبى طالب كما هو صنيع حسن شحاتة المتشيع المصري .

كثير من الناس صدموا حين استمعوا لداعية شيعي كويتي يدعى ياسر الحبيب وهو يوضح حقيقة ترتيب أعداء الشيعة فجعلهم كالتالي: عمر بن الخطاب ، أبو بكر ، إبليس ، إسرائيل!!

وليس الغريب فقط هو ما يقوله وينشره ياسر الحبيب بل العجيب أنه لم يصدر أحد من الشيعة للآن فيه بيان براءة أو تنديد ، بل هو معظم ومقدر عنهم !!

كيف نستطيع أن نجمع بين فتوى الخميني بتكفير رشدي وعدم تكفير غيره ممن يقول مثله وأشد ؟ أليس هذا تناقض ومسرحية يراد بها الضحك على عقول المسلمين .

هناك تحليلات تقول أن سبب هذا التكفير لرشدي من قبل الخميني ليس بسبب الطعن في الصحابة وأمهات المؤمنين والقرآن ولكن لأن رشدي طعن في التشيع فقد طعن في سلمان الفارسي بشدة وأن رشدي سخر من التراث الشيعي .

فلذلك صدرت الفتوى بتكفيره ولم تنفذ لعدم الحاجة لذلك مع حصول الثمرة من زيادة تأييد وتقدير الجماهير المسلمة لإيران سياسياً .

 

الوقفة الثالثة : بين رشدي وأبو لؤلؤة المجوسي:      

في الوقت الذي صدرت فيه فتوى الخميني بقتل رشدي وبعد ذلك تأسست كتيبة لتنفيذ ذلك دون تنفيذ ! وبعد ذلك تخلت الدولة الإيرانية عن تطبيق الفتوى وتركتها للجماهير والحركات الإسلامية وأخيراً قبل أيام إعادة التأكيد من وزارة الخارجية الإيرانية على أن الفتوى لا تزال قائمة ، طوال هذا الوقت الطويل من 1989 – 2007 يوجد في إيران مزار وضريح لقاتل عمر بن الخطاب أبو لؤلؤة المجوسي ويقام عند مزاره - باعتباره ولياً مباركاًَ بسبب قتله لعمر بن الخطاب - الاحتفالات والمهرجانات !!

ومن تابع في الشهور الماضية موضوع مزار المجوسي رأى نموذج التقية الشيعية حيث أن الشيخ التسخيري الأمين العام لمجمع التقريب ! قد حاول إنكار وجود هذا المزار والتهوين من شأن تعظيمه في إيران وذلك في مقابلته مع موقع العربية بتاريخ 24/1/2007 ، ومؤخراً أرسل التسخيري رسالة للدكتور محمد العوا فيها : (أود إعلامكم بأن جهودنا أثمرت والحمد لله بإغلاق باب من أبواب الفتنة فقد رؤي أن قبراً لأحد الدراويش القدامى حوله بعض العوام إلى قبر للمجوسي أبي لؤلؤة وراحوا يحيطونه بشيء من العناية ولكن المسؤولين هنا أغلقوا الطريق عليهم ومنعوا من تحقق مآربهم وأرجو أن يمحى تماماً من الوجود) .

ولاحظ هنا اللغة الدبلوماسية الشيطانية وليست الإسلامية حيث لا تستطيع أن تأخذ من هذه الرسالة معلومة واضحة ، فليس فيها اعتذار عن تقصير في حق المسلمين بالاحتفال والتعظيم لقاتل الفاروق ، وليس فيها تنديد بهؤلاء الناس وبيان أن هذا كفر بالله وذلك أن الفاروق شهد له القرآن والرسول بالإيمان والجنة والفرح بقتله تكذيب للقرآن والرسول !!

وليس في الرسالة إغلاق أو هدم للمزار بعكس ما أشيع كما كان ينبغي أن يكون الحال ، ولولا أن القضية أثيرت إعلامياً لما كانت هذه الرسالة من التسخيري ، فهل من يفرحون بقاتل ابن الخطاب يقصدون قتل من سب الفاروق وأصحابه في رواية ؟؟

الغريب أن بيان اتحاد علماء المسلمين ضخم هذه الخطوة الإيرانية أكثر من اللازم .

 

الوقفة الرابعة : انظر الموقف الحقيقي للشيعة وإيران من انتقاد السيستاني:

قبل شهر تقريباً شن الشيعة وإيران حملة على قناة الجزيرة والإعلامي أحمد منصور مقدم برنامج بلا حدود بسبب تناوله مواقف السيستاني السياسية بالنقد والتي فضحها بريمر في كتابه عن العراق .

وشملت قائمة المحتجين البرلمان الإيراني و100 شخصية شيعية سعودية وحكومة العراق وبيانات من غالبية التجمعات الشيعية في المنطقة العربية . وذلك لإيجاد حصانة غير حقيقية ولا شرعية لمراجع الشيعة في الوقت الذي تستباح فيه أعراض ودماء مراجع أهل السنة عبر بث الأفكار الطائفية في القنوات الفضائية الشيعية ضد أصحاب رسول الله أو الاحتفال بقاتل أحد المبشرين بالجنة، لماذا مراجع السنة مثل شيخ الأزهر أو إمام الحرم وهيئة كبار العلماء يجوز نقدها وتناولها في وسائل الإعلام وهم على حق غالباً في حين أن التعليق على مواقف مراجع الشيعة محرم وخط أحمر وهم على غير الصواب !!

 

الخلاصة: أن فتوى قتل رشدي مسرحية لجذب التأييد السياسي لإيران ، لكن الموقف الحقيقي الحاسم والجازم هو ما تجلى في موضوع نقد مراجع الشيعة مما أثمر عن بيان اعتزاز واحترام من قناة الجزيرة للمراجع الشيعية ومنها السيستاني !!   

 



مقالات ذات صلة