الميليشيات الصفوية وتغيير تكتيك استهداف السنة والفلسطينيين في العراق

بواسطة عبد العزيز المحمود قراءة 2022
الميليشيات الصفوية وتغيير تكتيك استهداف السنة والفلسطينيين في العراق
الميليشيات الصفوية وتغيير تكتيك استهداف السنة والفلسطينيين في العراق

المتتبع والمراقب للمشهد العراقي بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003، يستنتج أن هنالك مشروع صفوي فارسي مجوسي ظهر بشكل كبير وواضح من دخول أول جندي أمريكي للعراق، وظهرت أجندة بعضها وكُشفت في وقت مبكر والبعض الآخر تستر بعدة أشكال وهيئات.

ساعدت الفوضى العارمة بادئ الأمر بإراقة المزيد من دماء أهل السنة والأقليات العربية، حتى اضطرت معظم الجنسيات العربية كالسورين والأردنيين والمصريين والسودانيين وغيرهم مغادرة البلاد بعد تيقنهم بأنهم مستهدفون من قبل عناصر صفوية ميليشياوية ذات ولاء وأجندة إيرانية وتأتمر بأوامرهم، وبقيت حلقتين ضعيفتين لاسيما في أماكن الغالبية الشيعية هما أهل السنة والجالية الفلسطينية!!

باعتبار أن غالبية من قاوم المحتل هم سنة العراق، أدى ذلك لتعاون وتواطؤ وتنسيق أمريكي صفوي، بمعنى اتحاد أصحاب المظلومية مع الشيطان الأكبر، بسبب اتفاق المصالح، وبقيت الحلقة الأضعف وهم السنة مع انقطاع الدعم العربي لهم فضلاً عن الدولي، إلا جهود إسلامية فردية محدودة لا تذكر.

بدأت حالات الاستهداف لكل سني من أصل شيعي لأنه يعتبر مرتد، حيث تم تصفية العديد منهم وبعضهم تم اغتيالهم من قبل أقاربهم وعشيرتهم! وفي الغالب لعبت قوات بدر التابعة لما يسمى المجلس الإسلامي الأعلى دوراً كبيراً إذ قاموا باغتيالات واسعة نوعية وبشكل منظم ومرتب، أما ما يسمى بميليشيا جيش المهدي فقد كانوا أكثر فوضوية في سفك الدماء وعشوائية لأنهم كانوا مستعجلين في مشروع تشييع بغداد وما توقعوا تأخر في الوقت كما حصل للفلسطينيين في أماكن الرصافة من بغداد إذ الغالبية نالهم نصيب كبير من تلك الاغتيالات وأعمال الخطف والتعذيب وقصف المجمعات والتهديدات والاستيلاء على المساكن بل وحرق بعضها، حتى افتضح الأمر وظهر المستور، ونشرت العديد من التقارير سواء من قبل منظمات دولية كالعفو الدولية وهيومان رايتس ووتش، أو من خلال بعض القنوات الفضائية، حتى اقترن قتل الفلسطيني في العراق وتهجيرهم بتلك الميليشيات المدعومة من إيران التي تحتفل بيوم القدس في آخر جمعة من رمضان! وأصبح هذا العار ملاصق للشيعة وسطر التاريخ تلك الحقبة المظلمة في تاريخهم الدموي، وهذا يعيدنا إلى عقد الثمانيات من القرن المنصرم وما فعلته شيعة أمل بالمخيمات الفلسطينية في لبنان.

بعد أحداث المساجد في شهر شباط من عام 2006 وسفك دماء أهل السنة بالجملة، وبمرأى ومسمع من المحتل الأمريكي والعالم بأسره، ناهيك عن هدم مساجد أهل السنة لاسيما في المناطق ذات النفوذ الكبير لميليشيا جيش المهدي، حتى انكشف خطر الشيعة ومشروعهم التمددي التوسعي بدماء أهل السنة والفلسطينيين في العراق، وبعد عام ونصف تقريباً من تلك الجرائم التي يشيب لها الولدان وتتفطر لها القلوب؛ ونتيجة لعرقلة وإرباك المشروع الأمريكي في العراق والفوضى التي تسببت بها الميليشيات الشيعية، كان لابد من وجود تكتيك وترتيب جديد في المرحلة القادمة.

أصبح المالكي بعد انكشاف طائفيته خلفاً للجعفري؛ بموقف حرج عندما تم تخييره بين المشروع الأمريكي والإيراني في العراق، الولاء لإيران طبعاً .. وصاحب الفضل عليه أمريكا، فلا يخفى على الجميع الدور الإيراني السلبي في العراق، لكن تبقى زمام الأمور بيد المحتل صاحب القرار والقوة، فكان خيار المالكي المشروع الأمريكي لإعادة هيبة المحتل والشعارات التي جاءوا بها من حقوق الإنسان والحرية وغيرها.

بدأت مرحلة جديدة لضرب ميليشيا جيش المهدي بعد انتهاء دورها التخريبي الفوضوي الإجرامي، لكن طبعا لا كما تقصف الأحياء السنية أو يراد القضاء عليهم، فهرب من هرب منهم إلى إيران وسوريا ولبنان، وتم إعدادهم على التكتيك الجديد، بحيث بعد استقرار الأمور وعند اقتراب الانتخابات الجديدة سيكون لهم دور سياسي في الظاهر، ويتم انخراطهم ضمن وزارتي الدفاع والداخلية.

ونرى بعد عودة هؤلاء وتدريبهم بشكل جيد على عمليات الاغتيال الهادئة من خلال كواتم الصوت والعبوات اللاصقة التي ظهرت مؤخراً بشكل كبير، والذي يعرف مناطق الثورة والفضيلية والشعلة والكمالية يجد أن الكواتم والعبوات اللاصقة تباع وتشترى بشكل واسع.

لذلك أصبح قتل وتهجير أهل السنة والفلسطينيين في العراق على نار هادئة إذ لكل مرحلة تكتيك، فيأتي رجل الأمن أو التابع للداخلية بزي عسكري وينفذ عمليات الاغتيال، أو بلباس مدني لكن يتم اختيار شخصيات بارزة لها دورها، وهكذا .. وما حصل مؤخراً من محاولة اغتيال الحاج توفيق مشينش أبو طارق لدليل على ذلك، فهو يعتبر من وجهاء ومشاهير الجالية الفلسطينية في العراق، وأيضاً حملة المداهمات الواسعة وتفتيش مجمع البلديات مؤخراً هي تتمة لهذا المسلسل، وكذلك الاغتيالات العديدة التي طالت أئمة وخطباء في عدة مناطق لدليل على هذا التكتيك الجديد.

وعليه لا يزال مشروع تشييع بغداد وجعل ولاءها التام لإيران الصفوية قائم لكن التكتيك يتغير والأدوات والوسائل، فلا يقال الوضع الأمني مستقر !! لكن نسبة لعام 2006 وما شهده من مجازر نعم، لكن في حينها كان للإعلام دور في إظهار تلك الحقائق وكشفها، والآن هنالك تكتيم وطمس لما يجري.

وبالمقابل – للأسف - الموقف السني أو حتى العربي في العراق ضعيف ولا يكاد يوازن التحديات التي تواجهه ناهيك عن ضعف في الدعم الإسلامي والعربي، أما الشيعة فلهم دول تؤيد مشروعهم بل وتدعمهم بكل ما أوتيت من قوة، فإيران تخصص نسبة من ميزانيتها لتصدير الثورة ونشر التشيع بأي ثمن حتى لو كان على حساب الفقر المدقع الذي يمر به الشعب الإيراني.

 

عبد العزيز المحمود

كاتب فلسطيني – بغداد

14-1-2010



مقالات ذات صلة