جمال سلطان
6-5-2013
أمس تذكر حزب الحرية والعدالة التابع للإخوان المسلمين أن هناك بلدًا عربيًا يذبح كل يوم ويستباح كل يوم، اسمه سوريا، فأصدر الحزب بيانًا يستنكر فيه بشدة العدوان الإسرائيلى على سوريا بعد الغارة التى دمروا فيها مستودعات صواريخ فى طريقها لحزب الله، ودعا الحزب للحل السريع للأزمة السورية، وبطبيعة الحال جميعنا نستنكر تلك الغارات وندينها، ولكننا نستنكر بالقدر نفسه غارات حزب الله اللبنانى على الشعب السورى والاعتراف العلنى الفج لحسن نصر الله بأن جنوده يقاتلون الشعب السورى فى الداخل السورى وعصاباته تحاصر مدينة القصير السورية الآن، حيث ترتكب مذابح طائفية فى ريفها، ولا أفهم لماذا نسى حزب الإخوان المسلمين فى مصر هذا العدوان، أم أن صمته عليه هو نوع من التبرير والتضامن، أيضًا قبل العدوان الإسرائيلى بليلة واحدة، كان العالم يفيق على صدمة مروعة عندما ارتكبت عصابات بشار الأسد الطائفية مذبحة مروعة، حيث ذبحوا ـ كما الشياه ـ أكثر من مائتى طفل وشاب وامرأة فى "بانياس" قرب الساحل السورى، ولم يصدر عن رئاسة الجمهورية كلمة واحدة تندد بهذه المذابح، أيضًا هناك التدخل العلنى والعدوان الصريح من قبل النظام الإيرانى على الشعب السورى والاعتراف بوجود خبراء وعسكريين إيرانيين يساعدون بشار على قمع الشعب الثورى وذبحه وتركيعه ومحاولة تدمير ثورته، لم نسمع عن الرئيس مرسى كلمة واحدة يندد بهذا العدوان والتدخل السافر فى سوريا، بل وجدنا مرسى يؤكد من جديد أن الرؤى متطابقة بينه وبين النظام الإيرانى فى المسألة السورية، وأن مرسى يضع ثقته الكاملة فى القيادة الإيرانية فى طهران من أجل حل الأزمة السورية، رغم أنه يرى كما يرى العالم كله أن إيران هى شريك فى العدوان والقتل ودعم آلة القتل فى سوريا بالمال والسلاح والخبراء والمقاتلين والنفط، ورغم أن الإيرانيين فى كل مرة يذهب إليهم مرسى أو يرسل مبعوثه يخرجون بتصريح فى اليوم التالى يؤكدون فيه أنهم لن يسمحوا بسقوط بشار أو انتصار الثورة السورية، فعلى أى شيء يتفاوض معهم الرئيس مرسى ونظامه؟ هكذا يتساءل العرب كلهم الآن، البعض منهم طرح تساؤلاته وألمه علنًا، والبعض الآخر فى الجلسات المغلقة يتحسر على الآمال التى علقوها على رئيس مصرى أتت به الثورة، فإذا به يبيع الشعب السورى لجلاديه، مرة فى إيران، ومرة لحزب الله، ومرة للنظام الطائفى فى العراق، ومرة للروس، الذى لم يجد أى حرج فى أن يقول إن رؤيته للمشكلة السورية متطابقة معهم، رغم أن العالم كله يرى ويعلم أن روسيا هى الشريك الأول للنظام الطائفى فى سوريا، وهى الداعم الأكبر للجزار المجرم فى ذبح شعبه، بعض العرب لم يصدقوا موقف مرسى المتحالف مع الإيرانيين، بعضهم أطلق حكاية أن الإيرانيين "ماسكين ذلة" على مرسى، من فرط استغرابهم لتذلله لهم والإصرار على الشراكة السياسية معهم، والبعض ضرب كفًا بكف عندما قرر مرسى أن يعيد السفير المصرى إلى دمشق عقب زيارة مبعوثه إلى طهران مباشرة، رغم تزايد المذابح والجرائم المروعة لبشار ضد الشعب السورى، الناس فى حالة ذهول حقيقى من تراجعات مرسى وتحوله الخطير.
دعونا نتحدث بصراحة، ونخرج بأحاديث الغرف المغلقة إلى العلن، الدكتور مرسى لا يتفاوض مع إيران على إسقاط بشار وهزيمة نظامه ودعم الثورة السورية، نسخر من عقول البشر جميعًا إذا طرحنا هذه الفرضية، وإنما مجال التفاوض تحديدًا هو دور الإخوان المسلمين فى مرحلة ما بعد بشار، وكيف يحمون المصالح الإيرانية فى سوريا مقابل دعم وراثتهم للسلطة السياسية فى سوريا، ولا يعنى الرئيس المصرى بتقديم أى دعم للثورة السورية وللشعب السورى، فبعد تصريح أو اثنين عندما تسلم السلطة قبل عشرة أشهر، لم يحدث أن اتخذ أى خطوة لدعم ثورة الشعب السورى، بل كل جهوده هى فى التنسيق "الغامض" مع المعسكر المعادى للثورة والمتآمر عليها، معسكر طهران / موسكو / بغداد، وحتى قيادات الائتلاف الوطنى السورى الذى يقود المعارضة، يعطيه الدكتور مرسى ظهره الآن، وتقريبًا لم يجتمع معه اجتماعًا رسميًا منذ تشكيله، لأن الإخوان ليسوا مهيمنين عليه حتى الآن، رغم أن قادة العالم يحرصون على الاجتماع مع تلك القيادات وممثليهم، وحتى المواقف الإيجابية التى اتخذتها جامعة الدول العربية، كانت المبادرة فيها لقطر والسعودية بالأساس، وتصدق عليها مصر حياءً، بعد أن كانت المبادرات العربية دائمًا من مصر.. طالما ظلت بوصلة الهموم والأفكار والسياسات فى رئاسة الجمهورية مصوبة إلى الجماعة ومصالح التنظيم العالمى، فى داخل مصر وخارجها، ستظل مسيرة التيه والتخبط فى إدارة شؤون الدولة ومصالحها فى الداخل والخارج وتظل مصر رهينة للمجهول ولحسابات لا صلة لها بالأمن القومى المصرى.