«أنصار الله» في حضرة الشيطان.. تحالف حوثي أمريكي يؤيده الواقع وتغطيه الصرخة

بواسطة الخبر قراءة 1629
«أنصار الله» في حضرة الشيطان.. تحالف حوثي أمريكي يؤيده الواقع وتغطيه الصرخة
«أنصار الله» في حضرة الشيطان.. تحالف حوثي أمريكي يؤيده الواقع وتغطيه الصرخة

خالد مروان

قبل الدخول في الموضوع من المهم الإشارة إلى أن رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، القادم من خلفية عقائدية شيعية، طالب الولايات المتحدة الأمريكية مساندة قواته بطائرات من دون طيار، حين بدأ يتضح له أن سير المعارك في الفلوجة بمحافظة الأنبار العراقية ضد تنظيم الدولة ليس في صالح قواته.

كما إن نظام بشار الأسد، القادم من خلفية نُصيرية شيعية، رغم اعتراضه على تنفيذ غارات جوية أمريكية داخل الأراضي السورية، إلا أنه لا يمانع إن تم ذلك بالتنسيق معه، كما صرح بذلك وليد المعلم أكثر من مرة.

أما محمد فنيش، أحد قادة حزب الله فقد قال لـ «BBC» إن لقاءهم «مع أمريكا ضد الدولة الإسلامية” لقاء مصالح وليس لقاء أهداف»، وقبلهم قالت جمهورية إيران إنها لن تتدخل في العراق لكنها ستقدم المساعدة للولايات المتحدة الأمريكية إن هي تدخلت عسكريا في هذا البلد ضد الدولة الإسلامية.

وقد تدخلت أمريكا عسكريا في العراق ضد الدولة الإسلامية، ووفت إيران بوعدها في تقديم المساعدة، فاللواء الإيراني، قاسم سليماني متواجد في العراق منذ أن بدأ التحالف قصفه للدولة الإسلامية، كما إن لإيران أدوارا تلعبها في هذه الحرب، بحسب وزير الخارجية الأمريكي.

والأسبوع الماضي قال وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، إنهم «أقرب إلى الاتفاق مع إيران مما يجعل دول المنطقة أكثر أمنا»، ومن وجهة نظر الولايات المتحدة الأمريكية فلا شيء يهدد أمن المنطقة غير الإرهاب السني، والذي يقوده تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية.

بمعنى أن جمهورية إيران وأذرعها في العراق وسوريا ولبنان متحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب على الإرهاب، لكن ماذا عن ذراع إيران في اليمن، ونعني هنا جماعة الحوثي التي قدمت نفسها كبديل يعتمد عليه في هذه الحرب؟

قبل الإجابة على السؤال، وقبل تشريح تسريبات الاتفاق، من المهم الإشارة إلى أن لجماعة الحوثي خصوصية تتمثل في كون العداء لأمريكا شعارا رسميا لها، يُرفع في كل نقاطها العسكرية والأمنية، وتلهج به ألسن أتباعها بشكل شبه يومي. ومن شأن الإفصاح عن أي تحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب على الإرهاب أن يضع شعار الجماعة في مأزق حقيقي، وأن يدفع أتباع الجماعة إلى إعادة النظر في جديته، لهذا لن يكون هناك إفصاح عن تحالف تعبر عنه الأفعال بوضوح شديد.

كما إن التحالف في هذه الحرب يعني التنسيق، بشكل مباشر، مع الاستخبارات الأمريكية، بينما تقول جماعة الحوثي إنها تحارب تنظيم القاعدة لأنه صنيعة الاستخبارات الأمريكية، وأخيرا رددت هذا كثيرا، لأنها باتت أقرب إلى هذه التهمة ممن تتهمهم بها.

    تسريبات الاتفاق

نشر المفكر الكويتي، الدكتور عبدالله النفيسي، على صفحته الرسمية بـ «تويتر» ما قال إنها بنود اتفاق على محاربة الإرهاب بين الولايات المتحدة الأمريكية وجماعة الحوثي. وجاء نشر بنود الاتفاق هذه عقب تسليم العاصمة اليمنية صنعاء لجماعة الحوثي بتاريخ 21\سبتمبر\2014م. وبحسب ما نشره النفيسي فقد نصت بنود الاتفاق على التالي:

1-  تمكين الحوثي من اليمن مقابل قيامهم بضرب القاعدة بجزيرة العرب

2-  يقوم الطيران الأمريكي “الدرونز” بإسناد جوي للحوثيين.

3-  تلتزم الولايات المتحدة الأمريكية بدفع تكاليف الحرب ودفع رواتب المقاتلين الحوثيين ورعاية اسر القتلى الحوثيين وعلاج جرحاهم وعلى الحوثيين حسم ضرب القاعدة في مدة لا تتجاوز السنتين.

4-  اشترط الحوثيون سرية الاتفاق.

وبرغم أن هذه البنود تبقى قيد الشك، لأنها لم تصدر عن أي من الطرفين، رغم قوة مصادر الدكتور النفيسي، إلا أن ما يجري على الأرض يرجح صحتها، بالإضافة إلى قرائن كثيرة أخرى.

فعقب تسلُّم جماعة الحوثي العاصمة صنعاء، أعلن زعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي أنه سيحارب تنظيم القاعدة، وقبل أن يقوم بأية ترتيبات لوضعه في المناطق التي سيطر عليها أو سُلمت له، حرك لجانه الشعبية إلى رداع بمحافظة البيضاء، وإلى العدين بمحافظة إب، وهما من أهم معاقل تنظيم القاعدة. ولأنه حريص على تحقيق نصر، على اعتبار أن مدة الاختبار الممنوحة قصيرة، والتي حددها الاتفاق بسنتين، ضحى بكثير من مقاتليه، كما حرَّك وسائل إعلامه، والمحسوبة عليه ارتزاقا، في هذا الاتجاه.

من ناحية أخرى، لم تمنح أمريكا الحوثي هذه المدة القصيرة، حتى لا تستمر أعواما ثم تكتشف في النهاية أنها لم تتقدم خطوة واحدة، كما هو الحال مع نظام هادي، حيث ازدهرت القاعدة في عهده رغم ما حظيت به أمريكا من تنازلات وما حظي به هادي من دعم في هذا الجانب.

أما مساندة الطيران الأمريكي لجماعة الحوثي، فهو ما تفعله أمريكا مع كل حليف لها في الحرب على الإرهاب، وهو ما حدث في رداع بمحافظة البيضاء، حيث تدخل الطيران الأمريكي أكثر من مرة لمساندة مسلحي الحوثي حين كانت المعارك في غير صالحهم. وبالنسبة لرعاية أسر قتلى هذه الحرب، وتكفل أمريكا بدفع رواتب مسلحي اللجان الشعبية، فهو ما كانت تفعله أمريكا مع وحدات مكافحة الإرهاب وغيرها من القوات المشاركة في هذه الحرب.

ومن المنطقي جدا أن تشترط جماعة الحوثي سرية هذا الاتفاق، لأنه يضرب شعارها في الصميم، ولا تجدي هنا أية أعذار.

    سفارة أمريكا

قبل أشهر، أي قبل أن تتجاوز جماعة الحوثي «حرف سفيان» بمحافظة عمران، قال قيادي حوثي بمحافظة حجة، إن القبائل هي التي تحول بينهم وبين السفارة الأمريكية في العاصمة صنعاء.. لكن بعد أن وصلت جماعته إلى العاصمة صنعاء، وقد فجرت في طريقها عددا كبيرا من المساجد والمدارس ودور تحفيظ القرآن الكريم، لم تفكر مجرد تفكير باقتحام السفارة الأمريكية، بل قامت بحمايتها.

وحين استهدف أنصار الشريعة السفارة الأمريكية بصاروخ «لو» بعد ثلاثة أيام من تسليم صنعاء لجماعة الحوثي، قام مسلحو الجماعة بحملة مداهمة وتفتيش للمنازل في منطقة السفارة. وفي لقائه مع قناة «الجزيرة»، بعد تسليم صنعاء بأقل من أسبوع، قال الناطق الرسمي باسم جماعة الحوثي، محمد عبدالسلام، إنهم لم يدخلوا صنعاء إلا بعد التنسيق مع بعض السفارات ومع جهات في الدولة، ومعلوم أن أمر كل جهات الدولة والبلد برمته بيد سفارة أمريكا لدى صنعاء.

    معلوماتية أمنية

من المعلوم أن الحرب على الإرهاب استخباراتية معلوماتية بحتة، ومن غير المصدق أن تدخل جماعة الحوثي هذه الحرب دون مساندة معلوماتية غير عادية، ومن غير المصدق أن لا تكون الولايات المتحدة الأمريكية مصدر تلك المعلومات، سواء قدمتها بشكل مباشر، وعبر تنسيق مع مسلحي الجماعة، أو عبر أجهزة الاستخبارات اليمنية التي تعمل لحسابها وتتلقى الدعم منها، كالأمن القومي والأمن السياسي.

وفي الآونة الأخيرة صدر قرار جمهوري بتعيين محسوب على الحوثيين مديرا لشرطة العاصمة صنعاء، كما تم تعيين الشامي، وهو محسوب على الحوثيين أيضا، وكيلا للجهاز المركزي للأمن السياسي، بالإضافة إلى تعيين حوثي أركان حرب قوات الأمن الخاص، ووزير الداخلية مقرب من الحوثيين ومتزوج ابنة المرجع الشيعي علي العماد وهو ما سيتكرر خلال الأيام القادمة في المناصب التي يرتكز عليها ملف الحرب على الإرهاب.

    الحوثي في حضرة الشيطان الأكبر

كان هذا أحد عناوين وسائل الإعلام التي علقت على زيارة عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي، علي العماد، للعاصمة الأمريكية واشنطن، للمشاركة في مؤتمر لبحث إشراك القطاع الخاص اليمني في تحقيق النمو الاقتصادي.

وبما أن هناك ما ترعاه أمريكا في الجانب الاقتصادي، فهناك ما ترعاه في الجانب الأمني والعسكري والاستخباراتي، لكن على كل ما يتعلق بهذه الجوانب أن يكون سريا، كما نص على ذلك الاتفاق بين الطرفين.

وبرغم أن جماعة الحوثي علقت مشاركتها في مؤتمر الحوار الوطني قبل أشهر، اعتراضا على حضور السفير الأمريكي السابق بعض جلساته، إلا أن عضو المكتب السياسي للجماعة هو من قادته قدماه ومصالح الجماعة إلى السفارة الأمريكية لأخذ التأشيرة، قبل أن يغادر اليمن إلى واشنطن، عاصمة دولة الشيطان الأكبر.

مع العلم أن علي الديلمي لم يذهب ليمثل نفسه، بل ليمثل جماعته، وإلا لوضحت الجماعة ذلك، لأن هذا يمس ما تعتبره، في الظاهر، من أهم ثوابتها، إن لم يكن أهمها.

    البديل استوى على سوقه

في عام 2009م رعت دولة قطر اتفاقا بين جماعة الحوثي وبين نظام صالح، توقفت بموجبه الحرب السادسة في محافظة صعدة وفي حرف سفيان بمحافظة عمران القريبة. وتضمن الاتفاق عددا من البنود، منها ما هو مكتوب، ومنها ما هو غير مكتوب، للأسباب ذاتها: الشعار وما يتضمنه من عداء يتضمن الاتفاق نقيضه..

لكن الأمين العام لحزب الحق، حسن محمد زيد، وهو معروف بفلتات اللسان في التصريحات، بقصد وبغير قصد، قال في تصريح لقناة العربية الفضائية، إن اتفاق الدوحة أعطى جماعة الحوثي صلاحيات أمنية لمحاربة القاعدة في المناطق الشرقية، أي مناطق الجوف ومأرب وما إليها.

حسن زيد نفسه، عاد في 2014م، حين كانت جماعة الحوثي مخيمة في مداخل صنعاء، أي قبل أن تستلمها، عاد وكتب منشورا مطولا شرح فيه كيف أن تسليم اليمن لجماعة الحوثي، أو سيطرة الجماعة عليها، رغبة خارجية.. غير أن “زيد” عاد بعد لحظات وحذف المنشور، قبل أن يدعي أن هناك من اخترق حسابه وكتبه، ربما لأنه تعرض لنقد لاذع من قبل من يحرصون على أن يكون كل ما يتعلق بهذا الأمر “سري للغاية”.

والشاهد أن مثل هذه التفاهمات، بين جماعة الحوثي والولايات المتحدة الأمريكية، ليست وليدة العام 2014م، بل كانت موجودة في أيام نظام الرئيس السابق صالح، لكن الجماعة لم تكن حينها خيار اللحظة، بل خيار المستقبل المحتمل. والأمريكان الذين نسقوا مع نظام صالح، ثم مع نظام هادي، في ملف الحرب على الإرهاب، هم الذين ينسقون اليوم مع سلطة جماعة الحوثي في ظل نظام هادي الشكلي.

المصدر: صحيفة الخبر



مقالات ذات صلة