أغسطس 14, 2012
الشيخ عبد الله السالم
الحمدُ للهِ المبدئِ المعيدِ ، الفعالِ لما يريدُ ، ذي العرشِ المجيدِ ، والبطشِ الشديدِ ، وأشهد أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ، وأشهدُ أن سيدَنا محمداً عبدُهُ ورسولُهُ ، صلى اللهُ وسلم عليه ،وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الوعيدِ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَائلونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ).أما بعدُ: أيهُا الأخوةُ في الله : فَإنَّ القلبَ ليتقَطَّعُ ألماً وحسرةً ، مِمّا يجري لإخوننا المسلمينَ في الشام ، من جرائِمَ قتلٍ وتعذيبٍ ، تَهتَزُّ له النفوسُ المُسلمةِ المؤمنه ، يتأثرُ المسلمُ ويتقطعُ قلبهُ ألماً وكمداً وحسرةً ، عندما يَسمَعُ ويرى قَتَلَ أخيهِ المُسلم ، على أيدٍ آثمةٍ ، وأنفُسٍ شريرةٍ مُجرمةٍ ، قومٌ يجرّون الضغائن ، ويحملون مسمومَ الدفائن ، ملأُ الشامَ عُدواناً ، وأشعلوها نيراناً ، جرائمٌ بَشِعةٌ ما سمع به التاريخ ، لقد بلغ السيلُ زُباه ، والكيدُ مداه ، والظلم منتهاه ، إفكٌ وافتراء ،وأراقتُ دماء ،واللهُ عزَّ وجل يقول (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًاعَظِيمًا [النساء:93]، ويقولُ سبحانه: ( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًابِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا [المائدة:32]، نَظَرَ e إلى الكعبةِ المشرفةِ ، وقالَ {ما أعظمَكِ! وما أشدَّ حُرمَتِكِ! والذي نفسي بيدِهِ، لَلمؤمنُ أشدُّ حرمةً عند اللهِ تعالى منكِ } وهو القائلُ عليه الصلاةُ والسلامُ: { لَزوالُ الدنيا أهونُ على اللهِ من قتلِ امرئٍ مسلمٍ }وهؤلاءِ الظلمةِ القتلةُ بالشام، قتلوا الصغار والكبار ،ومارسوا أنواع الدمار ، وما زالوا إلى اليوم يسُومُونَهُم سؤ العذاب ، يُقَتِّلُونَ الرجالَ والنساء وَيَزُجُّونَ بِبعضِهم في السُّجُونِ ، ويغتصبون النّساء ، وينهبون الأموال علانية ، ويُدَّمِرون المنازل والممتلكات ، وما يُبثُ في وسائل الأعلام ، يُعتبرُ أقل القليل ، من بطشِ هؤلاءِ الظلمةِ المجرمين ، بإخوانِنَا وأهلِنَا في الشام ، تلك البلادُ المباركة ، والذي قال الله فيها على لسان موسى عليه السلام (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ) (المائدة:21) وقال تعالى عن إبراهيمَ ولوطٍ عليهما السلام (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) (الانبياء:71) وقال سبحانه (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ) (الانبياء:81) وقال تعالى ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ)(الاسراء: من الآية1) وعن زيد بن ثابتٍ الأنصاري -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله e يقول”يا طوبَى للشام، يا طوبَى للشام، يا طوبَى للشام, قالوا: يا رسول الله! وَِلمَ ذلك؟ قال: تلكَ ملائكةُ الله باسِطوا أجنحتها على الشام”. رواه الترمذي وصححه الألباني .وعن عبد الله بن حَوالة قال: قال رسول الله e:”ستجندون أجنادًا، جُنْدًا بالشام، وجُنْدًا بالعراق، وجندًا باليَمَنِ”, قال عبد الله: قلت: خِرْ لي يا رسول الله! فقال: “عليكم بالشام، فمن أبى فليلحق بيمنه، ولِيَسْتق من غُدْرِه، فإن الله -عز وجل- قد تكفَّل لي بالشَّامِ وأهلِهِ”. رواهُ أبو داوود وأحمد وصححه الألباني . قلت ومَنْ تَكفَّلَ اللهُ به فلن يُضيعَه. فلكُم اللهُ يا أهلَ الشَّام ، لقد بلغ السيل زُباه، والكيدُ مداه، والظلم منتهاه، والظلم لا يدوم ولا يطول، وسيَضمحلّ ويزول ، ((وَسَيَعْلَمُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ)) أين الذين التحفوا بالأمن والدَّعَة، واستمتعوا بالثَّروةِ والسَّعة، من الأمم الظالمة الغابرة الظاهرة القاهرة؟! لقد نزلت بهم الفواجع، وحلّت بهم الصواعق والقوارع، فهل ( تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) ؟!فمهما بلغت قوّةُ الظَّلُوم ، وضَعفُ المظلُوم ، فإنَّ الظالم مقهور مخذول، مُصفّد مغلول، وأقربُ الأشياء صَرْعَةُ الظلوم، وأنفذ السهام دعوةُ المظلوم، {تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ وَتُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَوَاتِ وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ وَعِزَّتِى لأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ}،اللهم انصر إخواننا في بلاد الشام ،أقول ما تسمعون هذا واستغفر الله العظيم العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين والمؤمنين من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم