كيف نواجه المشروع الإيراني بـ 13 خطوة
-ورقة عمل لمواجهة المشروع الإيراني-
بقلم: علي حسين باكير
هذه محاولة فردية متواضعة لتأطير جهود كل من يرى في التصرفات و السياسات الإيرانية المتّبعة حاليا في المنطقة العربية خطرا يكتنف ساحتنا, و مشروعا للهيمنة علينا و تقسيمنا و تفتيتنا شانه في ذلك شأن المشاريع الأمريكية و الصهيونية, يتّفق معهم في جوهره و يكون مكمّلا لهم و لا يختلف عنهم إلاّ في حدود الأدوات و الوسائل المستخدمة.
و لكن و قبل الخوض في البنود الأساسية الموجهة بطبيعة الحال لكل من يرى انّه يستطيع الاستفادة منها (من إعلاميين و مواقع إعلامية, جمهور وجمعيات أهلية, و جماعات ضغط شعبية, كتّاب وغيرهم) في مواجهة المشروع الإيراني للمنطقة, يجب علينا التأكيد على عدد من النقاط الأساسية التي تكون محورا ثابتا راسخا في ذهنا خلال إتّباع الخطوط العامة للسياسة التي تحدّدها هذه الورقة في مواجهة المشروع الإيراني في الوطن العربي و الذي يطال الشعوب بالدرجة الأولى و منها:
1- الحفاظ على وحدة و تماسك النسيج الداخلي للدولة و الشعب في الوطن العربي و عدم السماح بتفتيت المجتمع أو اختراقه و العمل على جمع مكوناته و تثبيتها على قاعدة قابلية الاندماج في الدولة العربية و ليس على قاعدة التفريق و الولاءات المتعددة, وعدم الخضوع لمبدأ تصدير الفتن الذي تقوم به إيران و غيرها من الدول الغربية. فالاستقرار الداخلي و الاجتماعي ضمن الإطار الطاغي لهوية المنطقة العربية الإسلامية شرط أساسي في نجاح تطبيق سياسة مواجهة المشروع الإيراني التفتيتي, و لذلك يجب أن نشير هنا أيضا إلى أنّ تطبيق كل ما سيأتي من بنود في هذه الورقة يساعد في لجم المشروع الإيراني و لكنه لا يلغيه, فعملية الإلغاء سواء للمشروع الإيراني أو الإسرائيلي يستلزمها وجود مشروع عربي لديه الحد الأدنى من مقومات الصمود و هو ما يجب التحضير له جدّيا.
2-ضرورة مواجهة الدعاية التي تقوم إيران بترويجها حاليا من أنّ كل من يريد صدّ مشروعها فهو مع المشروع الأمريكي أو الصهيوني!! فهذا فخ تريد إيران أن توقعنا فيه من خلال الإيحاء بانّ كل من يناهض مشروعها يقف في مركب واحد. لكنّ الحقيقة هي أنّ المشروع الإيراني هو نفس المشروع الأمريكي و الإسرائيلي للمنطقة بل إنّ هذه المشاريع متكاملة فيما بينها و أي خلاف يظهر فيما بينها يكون على حجم الحصّة فقط.
3-يجب أن نعلم أنّ إيران ستعمد إلى تنفيس الاحتقان ضدّها كلما اضطرت إلى ذلك, لكن هذا لا يعني أنّها تراجعت عن مشروعها فهناك فرق كبير جدا بين تغيير الهدف و تغيير الأسلوب, وما تقوم به إيران دائما هو تغيير الأسلوب والتكتيك وبقاء الهدف والإستراتيجية. لذلك سنجد أنّها ستطلق شعارات عن أنّ من يريد مواجهة مشروعها يريد الفتنة و التقسيم و سنسمع من وقت لآخر عن دندنة حول الوحدة الإسلامية و الحوار والتعايش والتسامح ومصطلحات من هذا القبيل. يجب أن نوقن أنها مجرّد مناورة إيرانية كما أثبتت الوقائع, ذلك أنّ التشيع "الصفوي" الذي يطعن في كل السنّة -وفي الشيعة المخالفين له أيضاً- لا يمكنه أن يكون عامل توحيد أو تفاهم, ولا يمكن تقبّل التشيع "الصفوي" القائم على القومية الفارسية وعلى تحريف صحيح الدين وعلى الخرافات واحتقار العرب وسبّ وإهانة وطعن جيل كامل من الصحابة وتاريخ كامل للدولة الإسلامية. ولا يمكن أيضا تقبّل الحجّة المكروره من أنّ إسرائيل دائما وحصرياً -وليس إيران- هي من يقف وراء وخلف كل ذلك, -اللهم إلاّ إذا كانت إسرائيل تخترق الأجهزة الدينية والمؤسسات الإيرانية الرسمية وتقوم بنشر هذه الفتن وهذا التشيع الصفوي-. يجب أن نعلم أن هكذا مناورات إيرانية باتت قديمة ويجب التنبه لها دائماً, فهناك حقائق لا يمكن لإيران إنكارها في هذا المجال.
أمّا فيما يتعلّق بالبنود العملية فهي:
البند الأول: التركيز على أنّ مواجهة المشروع الإيراني لا تعني تناسي أو تجاهل مواجهة المشاريع الأخرى الموازية أو المكمّلة للمشروع الإيراني-الصفوي و أهمها المشروع الصهيوني. إذ سنجد أنّ الصهاينة قد يتدخلون في أجندة محاربة المشروع الإيراني- الصفوي, و ذلك لخلق صورة وهمية عن أنّ الجميع في خندق واحد ضدّ إيران, و بالتالي يستفيدون من جهودنا في مواجهة المشروع الإيراني, و هو نفس الأسلوب الذي اتّبعته إيران سابقا. إذ استطاعت أنّ تخلق صورة وهمية عن عدائها لإسرائيل و أمريكا للاستفادة من جهودنا, فبينما كنّا نحارب هذا المشروع الأمريكي و الإسرائيلي في أفغانستان و العراق و لبنان, كانت هي تقطف ثمار المواجهة و تترجمها مطالب من أمريكا و إسرائيل. لذلك فالوضع هنا يقتضي مقاربة ثنائية و حرب ثنائية على جبهتين, و لا مانع من تخصيص فئات معيّنة لمواجهة كل جهة, أو اعتماد أسلوب آخر يقوم على توضيح تعقيدات هذه النقطة للعامة لاسيما فيما بتعلق بأنّ مواجهة أحد هذه المشاريع على انفراد لا يعني إهمال المشروع الآخر أو مساندته أو التحالف معه, و هذا ما يتطلب جهداً إعلامياً و عملياً كبيراً.
البند الثاني: الحرص على عدم جمع الشيعة في سلّة واحدة. إذ ظهرت في الآونة الأخيرة حالة تململ من المشروع الإيراني في بعض أوساط الشيعة العرب الغير مواليين "للولي الفقيه" بالتحديد –هناك شيعة عرب موالين للولي الفقيه - و ذلك لأسباب عديدة مختلفة منها:
1- الاستعلاء القومي: إذ يرى بعض الشيعة العرب أنّ "ولاية الفقيه" تمثّل البعد القومي الفارسي الاستعلائي, و أنّ المشروع الإيراني في هذا الإطار سيجعل من المراجع الشيعية العربية الكبرى مجرّد "خدم" للمنظومة الدينية الإيرانية المتمثّلة بالتشيّع "الصفوي" –راجع في هذا المجال كتاب "علي شريعتي" التشيع العلوي و التشيع الصفوي-. و حتى إنّ إيران لم تكتف بالتشيع "الصفوي", فاخترقت المرجعية العربية من خلال تنصيب إيرانيين عليها يدّعون عدم موافقتهم على مبدأ الولي الفقيه لكنهم ينفذون أجندة إيران السياسية و الطائفية و المصلحية بامتياز, و آية الله الإيراني السيستاني مثال صريح و واضح على ذلك.
2- تضارب المصالح: إذ لا بدّ لنا أن نأخذ بعين الاعتبار وجود حد معين من تضارب المصالح فيما يتعلّق بمدرسة المرجعيّة, إذ أنّ إيران تسعى إلى نقل الثقل الأساسي من مدرسة النجف التاريخية إلى مدرسة "قم" ما يكرّس إيران كمرجع أساسي لشيعة العالم من الناحية الفقهيّة و المذهبيّة و السياسية, مع ما يترافق من تضارب في المصالح السياسية و الاقتصادية و المالية المتعلّقة في الخمس و غيره.
في هذا الإطار, يجب علينا أن لا نهمل كل هذه التناقضات بغض النظر عن أسبابها و طبيعتها و بغض النظر أيضا عن موقفنا من المخالفين و المنشقّين عن المشروع الإيراني. صحيح أننا كنّا نتكلم عن جميع الشيعة "المتدينين" في المرحلة السابقة على أنهم واحد لا اختلاف فيه, و قد كان ذلك صائبا في حينه , ذلك أنّهم لم يكونوا قد اختلفوا فيما بينهم, و لم يكن المشروع "الصفوي" واضحا بمثل هذه القوّة بالنسبة إليهم و ما كان الآخرون يروون فيه إلا تمثيلا و حماية للتشيّع, أمّا و قد حصلت انشقاقات الآن و بات البعض يرى فيه خطرا –عليهم قبل أي احد-, فقد بات من الأهمية بمكان عدم دفع هؤلاء للالتحاق قسرا بالمشروع الإيراني عبر النظر إليهم بعين واحدة أو إهمالهم, فهم يعلمون أنّ إيران لا تبالي بهم و إنما تريدهم مجرّد أداة لتنفيذ مآربها و لا تأبه لهم و لا لمقدساتهم و لنا عبرة في دك الأمريكيين للنجف و مقابرهم المقدسة دون أن يبدي الإيرانيون أي ردّة فعل على ذلك. و عليه ينبغي أن نحرص على هذه الفئة و أن نتيح لها قدرا من الدعم و التبني في مواجهة الآخرين على أن تتمحور علاقتهم معنا على ثلاث عناصر أساسية:
1- ضرورة أن يكونوا معارضين للمشروع الإيراني بشكل صريح و واضح لا لبس فيه.
2- ضرورة أن لا يكونوا مع المشروع الأمريكي كبديل.
3- ضرورة أن يكونوا ممن يؤمن بالاندماج بالعمق العربي كنواة للوحدة الإسلامية المنشودة.
و يتواجد عدد لا بأس به ممن تنطبق عليهم هذه العناصر على الساحة الآن و في خضم الأحداث خاصّة في كل من لبنان و العراق. و يتعرض هؤلاء لضغط كبير مادي و نفسي وإعلامي ومالي ولحملات تشويه وتأليب الرأي العام "الشيعي" عليهم و لفتاوى إهدار دم وتخوين وعمالة, وكل ذنبهم أنّهم لا يوافقون على المشروع الإيراني الاختراقي وأهمهم:
1- في لبنان:
أ. التيار الشيعي الحر الذي بدأ يتبلور في لبنان و هو عبارة عن تجمع للشيعة من مختلف الانتماءات, الدينية و الاقتصادية و الإعلامية و السياسية يهدف إلى رفض الوصاية الإيرانية من خلال مقاومة توجهات –حزب الله- السياسية و الدينية بالأساس و معارضة كل أدوات إيران في الداخل اللبناني من الذين يتلقون أوامرهم من طهران. و من أبرز أعضائه:
- "منسق التيار الشيعي الحر الشيخ محمد الحاج حسن", الذي سرّب حزب الله بشأنه فتاوى إهدار دم مؤخرا لمجاهرته برفض الوصاية الإيرانية و إتباعها, و هدّد عائلته بضرورة التبرؤ منه و تمّ تشويه سمعته باتّهامه بأنّه "لص", "تاجر حشيشة" و تمّ نشر وثائق عن هذا الموضوع تعود إلى فترة الوجود السوري في لبنان, و هذا بحد ذاته ذو مغزى.
ب. الشيخ صبحي الطفيلي, و على الرغم من انّه لم ينضم بعد إلى التيار, لكنه يبقى الأمين العام الأول لحزب الله و له مكانة خاصة عند أتباع منطقته, و قد تمّ فصله من الحزب لرفضه الأوامر الإيرانية و لأنه أراد الحزب لبنانيا خالصا بعيدا عن أوامر طهران, فتعرض لحملة عنيفة و استخدمت المخابرات السورية أجهزة الدولة اللبنانية و الجيش في ملاحقته و تدمير كل ما يمتلكه من وسائل اتصال بالجمهور من إذاعة و منشورات و تمّ اختلاق ملفّات أمنيّة بحقّه و جرت محاولة شهيرة لاغتياله بإيعاز من إيران أثناء تواجده في "الحسينية", و هو يعد من أبرز المنادين بخطورة المشروع الإيراني على العرب و على الشيعة أنفسهم, و قد حذّر دائما من مشاريع إيران و من الفتن التي تريدها بين السنة و الشيعة حيث يقول أن لا مصلحة للشيعة في معاداة السنّة, و على الشيعة أن يحرصوا على التوحّد مع "البحر الواسع" و أنّ مصلحتهم تكمن في هذا و ليس في الاقتتال أو التخاصم معهم, مؤكدا في مرات عديدة أنّ إيران عميلة للمشروع الأمريكي-الإسرائيلي و مشاركة معه في العراق و أفغانستان و سياسيا في لبنان.
2- في العراق:
أ. الشيخ حسين المؤيد, و من أجرأ ما أدلى به هو أنّ إيران اخطر من إسرائيل على العرب لانّ مشروع إسرائيل مكشوف و لا يمكن لأحد أن يكون معه, فالسياسة الإيرانية ليست إيجابية في أهدافها وليست إيجابية في أساليبها، ولا يوجد للنظام الإيراني مشروع إسلامي عام وليس له مشروع شيعي كامن وإنما له مشروع قومي يتخذ من الدين والمذهب وسائل لتحقيق أهداف ذلك المشروع القومي، والسياسة الإيرانية ترسم من زاوية المصلحة القومية الإيرانية "على حد قوله". كما يعد أول من طالب بهدم مزار "أبو لؤلؤة المجوسي" -قاتل الخليفة عمر رضي الله عنه- الموجود في إيران و الذي يحظى بقدسية كبيرة لدى "التشيع الصفوي".
البند الثالث: إظهار صورة العربي في المناهج الإيرانية و كيف ينظر الإيراني إلى العربي, و هي نظرة احتقار و استعلاء و ازدراء, كي يصبح الجميع على بيّنة و لا يتم أخذنا على حين غرّة. فالفكر الإيراني في هذا المجال يتشابه إلى حد بعيد مع الفكر الصهيوني الذي يتحدّث عن الآخرين عبر مصطلح "الأمميين" و "شعب الله المختار". المشكلة في هذا الباب أنّ العرب ليس لديهم أيّة فكرة عن تراث إيران في هذا المجال و ليس لديهم أية فكرة عن صورة العربي في الداخل الإيراني, لعل ذلك يعود إلى انشغالهم في الصراع مع أمريكا و إسرائيل, لكنّ ذلك لا يبرر الجهل التام الذي نحن فيه عن طبيعة مشروع إيران و مقوماته القوميّة و الفكرية و الشعوبية و المذهبيّة.
لا ننكر على أي شعب سعيه إلى بلوغ القمة و اعتزازه بعلمائه و عظمائه و مفكريه, بل الواجب التنافس في هذا المجال, لكن المنكر هو أن يقوم من يدّعي بأنّه "إسلامي" و أنّ "جمهوريته إسلامية" و انّه من "سلالة الرسول الأكرم" بتحقير العرب و دعم سياسات شعوبية و حقائد فارسية و صفوية متظاهرا بعكس ذلك.
الطامة الكبرى في هذا الإطار, أنّ السياسات السلبية لا تأتي من القوميين الفرس فقط و إنما من الحوزة الدينية الإيرانية. تلك الحوزة التي تدّعي الإسلام و تقوم بالسر و العلن على تخريبه, تلك الحوزة التي احتفلت بخسارة العرب في حرب 67 باعتراف الإمام جواد الخالصي نقلا عن السيد هاني فحص. كتاب "الشهنامة" مثال حيّ و واقعي على احتقار العرب, و مع ذلك تفتخر الحوزة الدينية الإيرانية بانّ من أكبر انجازاتها الحديثة, العمل على إعادة إحياء و دعم "الشهنامة" الذي يمثّل قمّة السياسة "الشعوبية" الفارسية.
و لمن لا يعرف, "فالشهنامة" ملحمة شعرية وضعها الشاعر الفارسي الشعوبي "أبو القاسم الفردوسي"(411-329هـ) بتكليف ملكي بقصد تحقير العرب و تمجيد الفرس و ملوكهم و رفع مكانة اللغة والتراث الفارسي و الحط من منزلة العرب والمسلمين الذين دحروا الإمبراطورية الفارسية وحرروا أبنائها من الجاهلية وعبادة النار و ادخلوا عليهم نور الإسلام, و تقع في حوالي 60 ألف بيت شعري, و قد اجتهد الفردوسي على جمعها طيلة فترة تتراوح بين 30 و 40 سنة على أن لا يرد فيها أي كلمة عربية. حيث صب جل غضبه على العرب واصفا إياهم بأبشع الأوصاف التي من اقلها " الحفاة الرعاة , أكلت الجراد , الغزاة " وغيرها من النعوت و الأوصاف الشائنة الأخرى .
ومن نماذج الأشعار العدائية ضد العرب التي دونها الفردوسي في ملحمته الأبيات التالية:
زشير شتر خور دن وسو سمار
عرب را بجايي ر سيده است كار
كه تاج كيانرا كند آرزو
تفو باد بر جرخ كردون تفو
وتعني ترجمتها :
من شرب لبن الإبل وأكل الضب بلغ الأمر بالعرب مبلغا
أن يطمحــــوا فـي تــاج الملك فتبا لك أيها الزمان وسحقا
كما جاء فيها المثل الشهير الذي يردده الإيرانيون:
"سكع اسفهان آبا يخ ميخرد, عرب در بي يابان ملخ مي خوراد"
و ترجمتها:
"الكلب الأصفهاني يشرب الماء البارد, و العربي يأكل الجراد في الصحراء"
و نتساءل كما تساءل صباح الموسوي, أي حوزة دينية إسلامية هذه التي تقوم بالترويج لهذا العمل و تفتخر به و تعتبر أنّ إعادة إحيائه من أعظم انجازاتها!! و ذلك عبر طبع كاتب الشاهنامه على قرص ليزري ( سي دي ) مدته ساعتين يتضمن ترجمة باللغات الإنجليزية والفرنسية والعربية للشاهنامه مع نبذت تاريخية عن حياة الفردوسي وصور عن قبره المشيد كما ذكرت مؤسسة نور التابعة لحوزة قم المقدّسة التي قامت بهذا الإنجاز الإعلامي الكبير!! هل ديوان الشاهنامه كتاب عقائدي أو فقهي مثلا , لكي تقوم الحوزة العلمية الدينية بصرف الملايين أو على إنتاجه وتوزيعه بالمجان من قبل المراكز الثقافية والسفارات الإيرانية المنتشرة في أكثر من مئة وعشرين بلدا؟!
البند الرابع: إظهار التعاون الحثيث و العلاقات السريّة الإيرانية-الإسرائيلية و الإيرانية- الأمريكية و هي حالات كثيرة و خطيرة و فضائحية لمن هو متابع للموضوع. البعض يقول في مثل هذا الموقف, هناك دول عربية كثيرة تقيم علاقات مع إسرائيل. نعم هذا الكلام صحيح, و هذه الدول تخفف علينا عبء تناولها, فكل شيء مكشوف و بالتالي لا تستطيع ادعّاء عكس ما هو ظاهر, أضف إلى هذا أنّ هذه الدول لم تدّع يوما أنها ضد أمريكا, فلذلك فالفضيحة تكون لمن يدّعي ذلك بالعلن و يقوم بالسر بعكسه.
العلاقة بين إسرائيل و إيران هي علاقة تفاعلية و تكاملية و ليست صدامية أو متناقضة, و نتحدى من يدّعي عكس ذلك أن يأت بدليل واحد على قوله, لن يجد سوى الكلام الفارغ و الشعارات.
و التركيز في هذا الجانب يجب أن يكون على عنصرين أساسيين هما:
- أولاً: التعاون السري الحثيث. و هو تعاون كبير و خطير جدا لا يقتصر على التعاون العسكري و التكنولوجي و الصناعي و لا ينحصر على بداية الثورة الإيرانية حيث باعت إسرائيل أطنانا من الأسلحة و المعدات لإيران ( هل يمكن أن تتصورا أن تبيع إسرائيل النظام المصري أسلحة!!, و لا نعرف من العميل هنا) بل يمتد على طول الفترة منذ ذلك الوقت و حتى اليوم.
- ثانياً: تماثل الأهداف. إذ يجب عرض الأهداف الإيرانية التي تريد تحقيقها في المنطقة و مقاربتها بشكل دائم بأهداف المشروع الصهيوني, كي يستطيع القارئ أو المتلقي الربط بشكل آلي و فوري, و سيكون هذا سهلا جدا عليه خاّصة أنّ أهداف المشروعين واحدة تقريبا, و بما أنّ الأحداث تتمحور حاليا حول العراق فلا بد من التركيز على تلاقي دور الصهاينة و الصفويين في تدمير العراق.
ولا بدّ أن نشير هنا و دائما إلى أنّ التهديدات و الأبواق و الطبول التي تقرع دائما و تروّج أنّ هناك حرب أمريكية على إيران هي أبواق موسمية, فعندما كانت إيران و أمريكا تنجحان في الإطاحة في أفغانستان و العراق لم نكن نسمع أي تهديدات, أمّا الآن فقد اختلفا على الحصّة و النسبة فإننا نسمع اليوم ما نسمع و الذي يبقى في إطار الكلام.
البند الخامس: التركيز على التناقضات الإيرانية في المواقف من مختلف الملفات الإقليمية و عرضها في إطار مشروعها. إيران ذات وجهين, فالمتابع لها ليعتقد أنّ هناك إيرانين وليس إيران واحدة, وذلك بطبيعة الحال لأنها تمتلك عدّة مستويات من الخطاب و لأنها تعتمد مشروعا سريا, لذلك فالمنافق لا بد و أن ترى تناقضا في خطاباته و أدائه بين الحين و الآخر. و لا يقتصر التناقض الذي كان موزعا بشكل متعمد بين ما يسمى إصلاحيين و بين المحافظين بل تعداه ليصبح تناقضا في داخل كل واحد منهم. نعطي مثالين على هذا:
1- اشتهر نجاد بتصريحه الشهير عن ضرورة إزالة إسرائيل عن الخارطة و تدميرها, ثمّ بعد ذلك أطلق تصريحه الشهير الآخر في 26-8-2006 بمناسبة افتتاح مصنع إنتاج الماء الثقيل في "آراك" قائلا بالحرف الواحد "إيران لا تشكّل خطرا على الغرب و لا حتى على إسرائيل".!! ثمّ أعاد الإيرانيون تطمين الغرب في 11 شباط 2007, فقال لاريجاني ما نصّه: "أن برنامج إيران النووي لا يمثل تهديدا لإسرائيل, وأن بلاده مستعدة لتسوية جميع الأمور العالقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال ثلاثة أسابيع.... و أن كل ما يرد بشأن رغبة إيران في تهديد إسرائيل هو كلام خاطىء".!!
2- يطالبون بانسحاب الولايات المتّحدة من العراق و في الوقت نفسه ساعدوها على احتلاله و احتلال أفغانستان!! و من المعروف أنّ إيران هي أول دولة في العالم اعترفت بمجلس الحكم المعين من قبل المحافظين الجدد, ثمّ كانت أول دولة في العالم تؤيد الانتخابات التي يديرها المحتل ثم أول دولة تعترف بالحكومة العراقية التي نشأت عن الانتخابات المزيّفة تحت ظل الاحتلال.
هذه التناقضات إن دلّت على شيء فهي تدل على أنّ تصريحات العداء لأمريكا و إسرائيل هي قنابل دخانية للمغفّلين من أبناء امتنا, و أنّ إيران تتبع المصالح و ليس المبادئ. إيران حرّة بطبيعة الحال في سياساتها و لكن ما نعترض عليه هو أن لا تتم المتاجرة بنا و نكون أوراقا في خدمة إيران.
البند السادس: تعريف و تبيان و كشف أدوات إيران و وسائل اختراقها للمنطقة من الناحية البشرية و المادية و المذهبية و الاجتماعية, و تحديد حلفاءها في البلدان العربية و تحديد طرق و أساليب التعامل معهم, من خلال إثارة نقاشات فكرية, علمية لنقل الصورة الحقيقية عن إيران و عن سلبية التبعية لها. فهناك تيارات و جماعات معينة في البلدان العربية تابعة دينيا للولي الفقيه الإيراني. و الخطر لا يكمن بمجرد أنهم تابعين للولي الفقيه الإيراني و لكن الخطر يكمن في أجندة الولي الفقيه و بالتالي فإن اصطدمت مصلحته بمصلحة البلدان العربية و الشعوب العربية فان الجماعات الموالية له مضطرة لتنفيذ أوامره بغض النظر عن النتائج. هذا و تقوم إيران بعمليات اختراق واسعة للشعوب العربية عبر وسائل منها إعلامية و منها دعائية و منها اقتصادية و منها مذهبية عبر التبشير المذهبي و الذي يؤدي إلى تغيير في الموازين و إثارة الحساسيات الطائفية و الاقتتال الداخلي في الدول العربية و هذا واضح جلي, في كل من لبنان, سوريا, الأردن, فلسطين, السودان, ...و غيرهم.
البند السابع: استخدام الوسائل و الأساليب و الأدوات المناسبة في مخاطبة الجمهور من العامة و الخاصة فيما يتعلق بالخطر الإيراني. فلكل فئة مستهدفة طريقة خاصة بالتفكير أو الاستجابة للخطاب الموجّه إليهم. فمنهم من يستجيب للمحاجّات العقلية و المنطقية, و منهم من يستجيب للمحاجّات الشرعية الدينية, و منهم للمحاجّات التاريخية, و منهم للوقائع و الأحداث و الصور البصرية, و عليه فلا يجوز استخدام أسلوب واحد جامد و خشبي في مخاطبة كل هؤلاء و كل هذه الفئات و كأنّها واحد موّحد.
فمن الأخطاء المتّبعة في هذا المجال على سبيل المثال, الحديث بشكل آلي عن الخطر الإيراني بأسلوب ديني و تاريخي, فترى البعض يمهّد للحديث عن الخطر الإيراني بمقدّمة تاريخية شرعيّة طويلة جدا, غير ذات فائدة كبيرة تدفع العديد من المتلقّين إلى النفور أو الملل أو عدم استيعاب الأحداث و ربطها.
البند الثامن: توظيف الأوضاع و التطورات و التعامل معها بشكل "ذكي" لكشف المشروع الإيراني و محاصرته و الضغط عليه. هناك نقص كبير في اعتماد هذا الإطار في مخاطبة الجمهور و مسألة "إعدام صدام" نموذج لهذا النقص. فبدلا من أن يتم الاستفادة من هذه الواقعة -التي حصّلت بالطريقة الطائفية الصفوية التي شاهدها العالم بأسره- بطريقة تؤدي إلى إلحاق أكبر ضرر ممكن بالمتعاطفين و المؤيدين للمشروع الإيراني-الصفوي من خلال التركيز على طريقة الإعدام و يوم الإعدام و الدول التي احتفلت بالإعدام و أولها إيران-إسرائيل و أمريكا, انشغل البعض في مناقشة ما إذا كان صدّام شهيدا أم لا, ظالما أم لا!! و بدلا من أن يتم توجيه زخم الواقعة المصوّرة باتّجاه موقف توحيدي من المشروع الإيراني و عملائه و المبايعين له, تحوّلت الواقعة في بعض الزوايا إلى عامل جدلي تفتيتي. ماذا يهمنا إذا كان شهيدا أم لا في هذه اللحظة الآنية بالذات!! ما يهمنا هو ضرب المشروع الإيراني. لذلك لا بدّ من "قبر" السذاجة التي يتّسم البعض بها في تناولهم و معالجتهم للأمور و خاصة و بصراحة كاملة "بعض الإسلاميين", و العمل على الاستفادة من الأحداث بأكبر قدر ممكن, لاسيما أنّ جزءا كبيرا من الفضائح و الضغوط التي يتعرّض لها المشروع الإيراني حاليا ليس مردّه محاججات هؤلاء الدينية أو الشرعية بقدر ما هي أخطاء المشروع الإيراني و تطورات الأحداث, و هذا ما يؤكد وجهة نظرنا في ضرورة استغلال مثل هذه الأحداث بدلا من تحويلها إلى جدل أفلاطوني غير ذي جدوى.
البند التاسع: اعتماد مبدأ المعاملة بالمثل و عدم الاكتفاء بموقف الدفاع. إذ أنّ السكوت عن التصرفات و السياسات الإيرانية يعطي انطباعا بالضعف المفرط, و لذلك فانّ خطوات مماثلة لتلك التي تتّخذها إيران تجاه العرب يساعد على إعطاء رسالة واضحة و سريعة. فعلى سبيل المثال منعت إيران مرّتين في العام 2005 و 2006 دخول بضائع عربية إليها و أعادتها و ذلك لأنها تحمل ختم " الخليج العربي", و من المعلوم كيف قامت الدنيا و لم تقعد في إيران حينما نشرت مجلة "ناشيونال جيوغرافيك" أطلسًا أخيرًا يرد فيه ذكر «الخليج العربي»، ما دفع طهران إلى حظر المطبوعة في إيران و مصادرة جميع النسخ التابعة لها، ومنع صحافييها وكوادرها من دخول إيران و تبني حملة إعلامية مكثّفة ضدّ المجلة لحملها على التراجع ترافق مع حملة أخرى لتأكيد فارسية الخليج معلنة أنّ تسميته بـ"الخليج العربي" إنما جاء بناءا على مؤامرة صهيونية!!. مثل هذه التدابير المضادة يمكن اتّخاذها من قبل الجماهير أو المؤسسات المدنية و الإعلامية حتى إذا لم توافق السلطات في البلدان العربية بذلك.
أمّا فيما يتعلّق بعدم الاكتفاء باتّخاذ موقف دفاعي, فيمكننا في هذه الحال تبني مطالب أهلنا في عربستان قوميا و دعم السنّة في إيران دينيا, و ذلك لإفهام إيران أنّها ليست محصّنة و أنّ ألاعيبها في اختراق شعوبنا و بلداننا ليست مسألة مجانية.
و في هذا الإطار, لا افهم لماذا لا يتم إثارة مسألة عربستان على الأقل في الإعلام العربي؟ إذا اعتبرت الأنظمة أنّ هذه المسألة تمثّل إحراجا لها مثلا, إلاّ أنّ هذا لا يجب أن يمنع الشعوب من إبقاء المسألة حيّة من خلال فتح قنوات اتصال مع الأحوازيين و نقل معاناتهم و مآسيهم و التعريف بقضيتهم و لو من باب إعلامي شانها شأن أي مسألة أو قضية في العالم. و في سياق متّصل يجب تبني إستراتيجية إعلامية تذكّر بانّ جزرنا في الإمارات مازالت تحت الاحتلال الإيراني, لا نقول تصعيد الوضع ليصل إلى حرب بسبب الجزر, و لكن نقول إبقاء هذه المسألة في ذهن الناس من خلال التركيز إعلاميا عليها كلما كان ذلك مناسبا مع نقل حقيقة ما يتم فيها من سياسة "تفريس" و تغيير معالم و فرض لسياسة الأمر الواقع.
البند العاشر: التركيز دائما على المسؤولين المتفرسيين الموجودين عندنا و خاصة في العراق, و الكشف عن أصولهم و أسمائهم الحقيقية التي يعمدون دائما إلى إخفائها و استبدالها بأسماء عربية أصيلة و شهيرة كي يستطيعوا تحقيق أكبر اختراق ممكن, والحرص على إحصاء عدد الزوّار الإيرانيين إلى البلدان العربية لنستطيع عبر ذلك معرفة نسبة الاستيطان التي تحصل تحت شعار زيارة المراقد و السياحة الدينية و الأماكن المقدّسة. إذ استطاع القوم عبر هذه الحجّة إدخال عدد كبير من المستوطنين الذين استقروا مع الوقت وعملوا على إنشاء بيئة شيعية مماثلة لتلك الموجودة في إيران في الدول العربية و اكبر مثال على ذلك موجود في سوريا, و الأردن و العراق.
البند الحادي عشر: إنشاء مركز أبحاث جامع هدفه دراسة و رصد السياسات السلبية الإيرانية تجاه المنطقة و تقديم الاقتراحات بشان سبل معالجتها أو مواجهتها, و الاهتمام برعاية باحثين و إعلاميين عرب و دفعهم لإتقان اللغة الفارسية و ذلك لما في هذه النقطة من أهمية لجهة تناول و نقل و تحليل و نقد و كشف الأخبار و الوثائق الإيرانية التي تكون باللغة الفارسية و التي يستعصي على عدد كبير من العرب فهمها أو ترجمتها.
و يكون لهذا المركز لجان دينية و أخرى سياسية, تقوم الأولى بدراسة كل ما يرد من إيران من كتب و مطبوعات تعود "للتشيع الصفوي" و مراجعتها و التدقيق بها للتأكد من خلوها مما يطعن بالدين الإسلامي و الصحابة تحت أي مسمى من المسميات و تسجيل لوائح بأسماء تلك المنشورات و الموجودة بكثرة في البلدان العربية و التي تدخل تحت عنوان "معرض للكتاب" , أو من خلال الحملات التبشيرية و المراكز الثقافية و السفارات الإيرانية في البلدان العربية, بالإضافة إلى رصد تحركات إيران في مجال التبشير المذهبي. فيما تقوم اللجان السياسية بمتابعة التطورات السياسية السلبية الإيرانية و رصد التدخلات في الشؤون الداخلية من الناحية السياسية و الاجتماعية و فيما يتعلق بأدوات الاختراق و أساليبه و تقديم تقرير شامل بشأنها برسم الرأي العام العربي و للمهتمين.
البند الثاني عشر: إنشاء لجان شعبية مشتركة من جميع الدول العربية للعمل بشكل جماعي, و إرسال رسائل إلى السفارات الإيرانية و المفوضيات الثقافية بشان ضرورة عدم التدخل في الشؤون الداخلية سواء الدينية أو السياسية و ذلك لكي لا يكون الأمر و كأنه رد فعل طائفي أو مصلحي معيّن, و لإظهار الثقل الجماعي في مواجهة المبادرات الفردية التي لا تؤدي الغرض المطلوب منها.
البند الثالث عشر: إنشاء لجان مهمتها متابعة هذه السياسة بشكل دائم و تقديم تقارير بشأنها و العمل على تطويرها تعديلها أو تغييرها متى ما اقتضت الحاجة إلى ذلك, أو إذا حصلت تغييرات أو تطورات على صعيد السياسة الإيرانية و أدواتها.