خيانتهم " للمستضعفين " ليست الأولى ولا الأخيرة !!
أسامة شحادة
19-8-2011
صدم الكثيرين من المواقف المتواصلة والمتصاعدة في دعم القمع والظلم والقتل للناس في ليبيا وسوريا من قبل إيران وحزب الله، والذين لم يكتفوا بعدم إدانة ما يجرى بل قاموا بتقديم الدعم السياسي والإعلامي واصدار الفتاوى بأن مساندة النظام السوري واجب ديني !! فضلاً عن إرسال السلاح السوري للقذافي والسلاح الإيراني لبشار وجنود من الحرس الثوري وحزب الله للمشاركة في قتل المتظاهرين !!
وقد عبر الناس عن رفضهم للخيانة للمستضعفين بحرق صور زعماء وأعلام إيران وحزب الله في سوريا وغيرها، وقام البعض بنشر مقاطع مرئية على اليوتيوب تكشف ميكافيلية حزب الله مثل المقطع المشهور بعنوان " عنزة ولو طارت".
وكانت سوريا وإيران وحزب الله تستقطب تاييد الناس بسبب رفعهم لشعارات العدالة للجماهير ومقاومة الإمبريالية في " الحركة التصحيحية " التي قام بها حافظ الأسد، وشعارات نصرة المستضعفين والمقاومة التي أعلنها الخميني وسار عليها حزب الله، ولكن ما يجرى اليوم كشف الغطاء عن القلوب والعيون، فدماء الألاف من الضحايا الليبيين والسوريين كانت كفيلة بإظهار حقيقة الشعارات.
خيانة المستضعفين منهج دائم وسياسة واضحة وليست زلة عابرة أو حسابات خاطئة، لكن الماكنة الإعلامية التابعة لهم كانت من القدرة والكفاءة بأن استطاعت عبر الكذب والخداع من التعمية على خياناتهم عبر هذه السنين الطويلة، وأبرز مثال على قدرتهم الفائقة على الكذب والخداع متابعة مداخلات المحللين والمعلقين السوريين الرسميين على القنوات الإخبارية، لترى قلب الحقائق وإنكار البدهيات والكذب الفاحش ويوازيهم في الخداع اداء قناتي العالم والمنار في الدفاع عن النظام السوري مما يذكرنا بقول الشاعر أحمد مطرفي قصيدته ورثة ابليس:
وجوهكم أقنعة بالغة المرونة
طلاؤها حصافة، وقعرها رعونه
صفق ابليس لها مندهشا، وباعكم فنونه
وقال: اني راحلٌ، ما عاد لي دور هنا، دوري أنا أنتم ستلعبونه !!
وسرد الخيانات للمستضعفين يصعب حصره ولكن هذه أهم محطات في هذه المسيرة الخيانية:
ألم يقوم الجيش السوري بنصرة المستضعفين في تل الزعتر سنة 1976 بدك المخيم فوق رؤوسهم، فقتل الالاف منهم، وذلك بعد أن مُنع عنهم الماء والكهرباء – كما يحصل اليوم في سوريا – فأكلوا القطط والكلاب !!
ألم يصطف الخميني مع النظام السوري في مجزرة حماة وتدمر بحق السوريين في الثمانينات، فقام آية الله صادق خلخالي رئيس المحاكم الثورية بمهاجمة المستضعفين ووصفهم بأنهم (إخوان الشياطين)!! وعلى نفس المنوال قامت صحيفة كيهان الإيرانية بتخوين الضحايا ووصفهم بأنهم عملاء ومنافقين، وذلك في مقال حمل توقيع: "وحدة الحركات التحررية في الحرس الثوري"، وحسمت إيران موقفها حين أعلن علي أكبر ولايتي - وزير الخارجية السابق - أن إيران تقف إلى صف الرئيس حافظ الأسد.
ألم تغزو إسرائيل لبنان سنة 1982 فقتلت ودمرت والجيش السوري يتفرج حتى وصل لبيروت وهجر المستضعفين للمنافى من جديد !!
ألم يباد المستضعفين في مخيمات صبرا وشاتيلا سنة 1982 في مجزرة بشعة، وتكررت هذه المجزرة لمخيمات المستضعفين سنة 1985 على يد حركة أمل حليفة سوريا وإيران ولم يتحركوا !! لقد سجل الأستاذ فهمي هويدي شهادته عن موقف الخميني من نصرة المستضعفين في كتابه إيران من الداخل فقال: " في يونيو 85 وقتال " أمل " للفلسطينيين في بيروت كان قد بلغ ذروته وبينما تكلم مختلف رموز النظام منتظرى ورفسنجانى وخامنئى، فإن الإمام التزم الصمت. وقيل وقتئذ أنه معتكف في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان. ولما أنتهى الصيام خرج الإمام من اعتكافه وألقى خطاباً في " حسينية جمران" بعد صلاة العيد . وفيما توقع الكثيرون أن يعلن موقفاً تجاه ما يجرى في لبنان، فإن الإمام لم يشر إلى الموضوع من قريب أو بعيد، وكان جل تركيزه في الخطاب على دلالة المظاهرات المؤيدة للحرب مع العراق ، التي خرجت يوم القدس (آخر جمعة من رمضان). كنت أحد الذين استمعوا إلى خطبة الإمام في صبيحة ذلك اليوم (20يونيو) ولم أستطع أن أخفى دهشتي من تجاهله لما يجرى في لبنان، ليس فقط لأن الفلسطينيين هم ضحيته ولكن لأن الجاني منسوب إلى الشيعة ".
ألم تخذل إيران المستضعفين في أفغانستان حين ابتلعها الدب الشيوعي فوقفت تتفرج عليهم وهم يطحنون بين انياب الدب الشيوعي، لقد فضح هذا الموقف الشيخ عبدالله عزام فقال في احدى مقابلته الصحفية: "موقف إيران سيء جداً، لم يعطوهم قطعة سلاح واحدة، لم يسمحوا لكثير من المجاهدين أن يمروا من حدودهم إيران ليوصلوا الطعام إلى هرات...لأنهم يكرهون أن تقوم دولة سنية بجانبهم فتوقف المد الشيعي في المنطقة، إيران تحلم بأن تكون إمبراطورية شيعية تمتد من إيران عبر باكستان ثم العراق ثم سوريا ثم لبنان ثم جنوب تركيا".
ألم يخونوا المستضعفين من فلسطينيو العراق حين قامت الميلشيات الشيعية العراقية الموالية لإيران سنة 2003 بمجازر مروعة بحق الفلسطينيين في مجمع البلديات في نسخة جديدة من مجازر حركة أمل بالمخيمات الفلسطينية بلبنان، دون أن تتدخل إيران لوقف هذه المجازر بل كانت بسلاح إيراني ورضي منها وسكوت لحزب الله عن الإدانة، وأعلن خالد مشعل أن حماس لم تستطع مساعدة فلسطينيي العراق لدى أصدقائها. هذه المجزرة التي لم يكشف حقيقتها إلا من خلال كتاب توثيقي يتيم بعنوان " فلسطينيو العراق بين الشتات والموت".
ألم يتفرج حزب الله على تدمير مخيم نهر البارد وتشريد المستضعفين من أهله.
ألم يخذلوا المستضعفين في الشيشان رغم ما يتعرضون له من إبادة من 20 سنة على يد القوات الروسية، فلم نسمع يوماً مطالبة بحقهم أو خطوة لنصرتهم، بل الإستراتيجية الإيرانية أن قضية الشيشان قضية روسية داخلية، وهذا يفسر جزء من الدفاع المستميت لروسيا عن بشار والقذافي وإيران.
ألم يخونوا العراق وأفغانستان حين تحالفوا مع أمريكا الشيطان الأكبر من أجل حربهم واحتلالهم !!
من كانت هذه مواقفه وسياساته فلن يكون غريباً أن يصطف مع الجلاد في سوريا اليوم ويدير ظهره للمستضعفين، لأن نصرة المستضعفين شعار وليست مبدأ !!