فتحي الشقاقي و الخميني .. حقائق لابد أن تعرف ( الجزء الأول )
( قراءة في كتاب " رحلة الدم الذي هزم السيف ج1 )
محمد الشاعر – مراسل لجنة الدفاع عن عقيدة أهل السنة في فلسطين .
إنَّ من المذهل حقاً والذي يَعجب المرء منه بل ربما يبقى حائراً عـندما يرى تلك الحشود التي تجمعت في ذكرى انطلاقة حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين و في نفس الوقت تحتفل أيضاً بذكرى استشهاد الدكتور فتحي الشقاقي ، هذه وغـيرها من البدع نتيجة غـياب الفهم الصحيح للجهاد في سبيل الله تعالى، فقد تُوفي رسول الله صلى الله عـليه وآله وسلم ولم نسمع بل ولم ينقل إلينا رواة الحديث أنَّ صحابياً واحداً احتفل بذكرى وفاة رسول الله صلى الله عـليه وآله وسلم ، التي ما برحت الشيعة إلا أن اعـتكفت عـلى أضرحة عـلمائهم مستصرخين ومستنجدين بهم لقضاء حوائجهم ، هذه البدع الشركية والكفرية في آنٍ واحد هي من أفعال اليهود والنصارى باتت الشيعة تـقـلدهم، والأدهى من ذلك أنَّ أناساً من أهل السنة باتوا يقلدون الشيعة في احتفالاتهم بذكرى شهدائهم وإذا خاطبتَ أحدهم قال لك أنَّ هذا الاحتفال هو من ضمن الجهاد في سبيل الله تعالى ، بل ربما اعـتبروه الجهاد بعــينه ، ناهـيك عـن احتشاد النساء لمثل هذه الاحتفالات ، وقد أُمِرَتِ النساء من قِـبَلِ ربِّ العالمين أن يَقَرْنَ في بيوتهن ولا يخرجن إلا لضرورة شرعـية، فهل كان خروج النساء إلى هذا الاحتفال كما يسمونه ضرورةً شرعـية؟ وهل خروجهن إلى الاحتفال كان من ضمن الجهاد في سبيل الله تعالى ؟
عـن أي انطلاقة يتحدثون؟ وعـن أي رجل يحُدِّثُون؟ إنهم يحتفلون بذكرى استشهاد رجل تبنى المذهب الشيعي إلى النخاع ، إنه فتحي الشقاقي ، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ما هو الدور الذي قام به فتحي الشقاقي في خدمة أمة الإسلام حتى يستحق كل هذا الاحتفال؟
هذا الكتاب الذي أصدره مركز يافا للدراسات والأبحاث بعـنوان رحلة الدم الذي هـزم السيف ، والذي يشرح الأعمال الكاملة للدكتور فـتحي الشقاقي وهو كتاب من جزأين كل واحد منهما يتجاوز الخمس مائة صفحة، ويخبرنا الدكتور رفعت سيد أحمد سبب تسمية هذا الكتاب بهذا الاسم حيث قال: [ .... كتب الشهيد المعلم _ يقصد بذلك الدكتور فتحي الشقاقي _ واصفاً حدث الثورة الإسلامية في إيران و في ذكرى مرور عامين لانتصارها بأنها ( رحلة الدم الذي هـزم السيف ) و نُشرت الدراسة في مجلة المختار الإسلامي بالعدد 21 السنة الثانية مارس 1981 ، و بعد أربعة عشر عاماً عـلى كتابته لهذا العـنوان المعـبر، لم أجد وأنا أُعِدُّ هذه الموسوعة عن حياة و فكر و جهاد الشهيد الدكتور فـتحي الشقاقي أبلغ من كلماته لتكون عـنوانًا لأعماله الكاملة، و لمسيرة حياته، و جهاده ، فكان اختيارنا لعـنوان الموسوعة هو ( رحلة الدم الذي هـزم السيف ) .... ](1) و يعـتبر هذا الكتاب خير دليل عـلى أنَّ الرجل إنما أراد بجهاده ضد اليهود تصدير التشيع إلى فلسطين من حيث كونه يعـلم أنَّ المعـتقد الشيعي فاسد باطل أو لا يعـلم ، تُرى ما هي الحقائق الذي يحتويها هذا الكتاب ؟ و ما هو سر وجود حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ؟ أهو الجهاد في سبيل الله ضد اليهود فقط كما يدَّعون ؟ أم أنَّ هناك عواقب وخيمة تنتظرها الأمة من أمثال هؤلاء ؟ و هل نعـتبر حركة الجهاد الإسلامي امتداداً لجزء من الهلال الشيعي التي تهدف إيران إلى صناعـته ؟ كل هذا وغـيره من الأسئلة سنجيب عـليها من خلال هذا الكتاب بإذن الله تعالى .
لقد قام كل من: د . رمضان عـبد الله شلح و د . أحمد صدقي الدجاني و د . محمد سعـيد رمضان البوطي صاحـب كتاب السيرة المعـروف و د . طيب تيزيني و د . محمد عمارة و الشيخ راشد الغـنوشي وفهمي هويدي والكاتبة صافي ناز كاظم و محمد حسين فضل الله بالتقديم لهذا الكتاب المشئوم ظانِّين أنَّ هذا يُرضي ربَّ العالمين . ولقد كان للدكتور رفعـت سيد أحمد حصة الأسد في ذلك والعجيب في هذا الأمر أنَّ بعض هؤلاء الذين قدَّمُوا لهذا الكتاب إن لم يكن جميعهم قد أَطْرَوْا عـلى الدكتور فـتحي الشقاقي مدحاً و تبجيلاً إلى درجة تُوهم بأنَّ الرجل قد نزل من السماء ، فإن كان الرجل كذلك فهذا لا يعـني أن نتجاوز عـن أمر تصديره التشيع إلى فـلسطين بسهولة ، خاصة إذا عـلمنا أن الدكتور قد قبل ذلك بمحض إرادته , و قد أخبرنا محمد حسين فضل الله أحد مراجع الشيعة في لبنان في مقدمته لهذا الكتاب عـن ارتباط الدكتور فـتحي الشقاقي بالثورة الخمينية الإيرانية و إليك قوله [ و كانت قمة وعـيه الإسلامي الحركي انفتاحه عـلى الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني رحمه الله الذي رأى فـيه الإنسان الذي عاش كل الإسلام في كل عـقله و روحه و حركته فانطلق منه و تفاعل مع خطه الثوري الذي كانت فلسطين عـنواناً له ](2) إذًا فالرجل قد باع نفسه للخميني منذ الوهـلة الأولى عـند التعـرف عـليه ، و الجدير بالذكر أنَّ الدكتور رفعـت سيد أحمد قد أخبرنا في هذا الكتاب "رحلة الدم الذي هزم السيف" عـن تأليف الدكتور فـتحي الشقاقي لكتاب الخميني الحل الإسلامي و البديل حيث قال:[ .... و يُذكر أيضا للشقاقي أنه أصدر في هذه الفترة و تحديداً يوم 16/ 2 / 1979 كتاب ( الخميني الحل الإسلامي و البديل ) والذي يُعَدُّ أول كتاب صدر باللغة العربية _ في العالم أجمع _ عـن انتصار الثورة الإسلامية بإيران ونفذت طبعـته الأولى عشرة آلاف نسخة .... ] (3) كما ويخبرنا الدكتور رفعت سيد أحمد أيضاً عـن فـتحي الشقاقي و علاقـته و تأثره بقادة الثورة الخمينية في موضع آخر بعـنوان محورية إيران في فكره ـ التجربة الإسلامية في إيران و آثارها في فلسطين ـ حيث قال:[ من الإنصاف العـلمي أن نقول أنَّ الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي تأثر إيجابياً بحدث الثورة الإسلامية في إيران 1979 .... و من الإنصاف القول أنَّ إيران الثورة قد تأثرت بالشقاقي أيضاً وأحبته، و لعـل في بيان نعي قائد الثورة السيد الخامينئي بعد عـلمه باستشهاد الدكتور فتحي الشقاقي يوم 26/ 10/
وقد تعجـب أخي القارئ بل ربما تقف مذهولاً و أنت تقرأ هذه الأسطر من كتاب "رحلة الدم الذي هزم السيف" عـندما تعلم أنَّ الدكتور فتحي الشقاقي قد التقى بالهالك الخميني و جلس معه و قد أحبه الخميني و بارك جهاده بل كان الشقاقي يترضَّى عـلى الخميني و الأدهى من ذلك أنه كتب بدمه الذي ينزف اسم الخميني والذي سماه بروح الله! حيث أخبرنا الدكتور رفعت سيد أحمد بذلك و إليك ما نصه [ .... لقد أحب الشقاقي الإمام الخميني قبل أن يلتقيه بأكثر من عشر سنوات ، وعندما التقاه عام 1988 جلس الإمام معه أكثر مما يجلس مع رؤساء الدول وأحبه الإمام و بارك جهاده ..... و لنترك للشهيد الدكتور فتحي الشقاقي يحدد بنفسه كيف تأثر بالثورة فكرياً وسياسياً .... يقول الشقاقي ( يجب أن يعـرف العالم أنَّ شعارات الإمام الخميني رضوان الله تعالى عـليه كان لها الصدى في فلسطين كما لم يكن لها في أي مكان آخر في العالم ، والسبب أنَّه كما أعـطى الإمام الخميني لحياة الإيرانيين معـنىً أعـطى لحياتنا في فلسطين أيضا معنىً .... و هـنا لابد لي من أن أَذْكُرَ علاقـتي الشخصية بالإمام الراحل الخميني العظيم ، فعندما أدخلني الصهاينة إلى الزنزانة الصهيونية وكنت أنزف يومها بدأت بكتابة اسم روح الله الخميني عـلى جدار الزنزانة بالدم النازف ، هذه هي علاقـتي بالإمام الخميني الراحل لقد تَعَمَّدَتْ بالدم و الجهاد و بالتضحية .... !!] (5)
هل يعلم فتحي الشقاقي الذي يَتَرَضَّى عـن الهالك الخميني عما فعـله الخميني و أتباعه بأمة الإسلام من حرب وتشويه وتدمير وما أحداث العـراق عـنا ببعـيد ؟ و هل يعـلم أنصار الشقاقي و محبيه ما فعـلته الأيادي الشيعـية المتغـطرسة بأهل السنة في إيران والأهواز وغـيرها ؟ وبعد هذا كله هل يستحق الشقاقي كل هذا الاحتفال وكل هذه الحشود و كل هذه التجمعات ؟ ثم هل هذا العدد الذي رأيناه في احتفال حركة الجهاد الإسلامي بذكرى انطلاقــتها في قطاع غـزة هم من حركة الجهاد الإسلامي ؟ أم أنَّ الدولار الفارسي لعب دوره في حشد مثل هذه الحشود والتجمعات لتَظْهَرَ إيران أمام العالم أنَّ أنصار الشيعة لهم ثقل في المنطقة وتحديداً قطاع غزة !! و لتَظْهَرَ أيضا أمام خصومها بأنها قوة إقليمية لا يستهان بها ، خاصة و هي تمتلك أوراقاً وظيفـية أقلها هذه الحشود والتجمعات التي رأيناها ؟ وهل يدرك أنصار الشقاقي والمحبين للهالك الخميني حقيقة الخميني؟ و إن عـلموا حقيقته فهل هم راضون عن عـقيدته؟ و هل أدرك هؤلاء من أنَّ الخميني يقذف أمنا عائشة رضي الله عـنها وأرضاها بالزنا؟ وإليك أخي القارئ بعضًا من كلمات الهالك الخميني والتي يفضل فيها أئمة الشيعة عـلى جميع الأنبياء و ذلك في كتابه الحكومة الإسلامية حيث قال [ إنَّ من ضـرورات مذهبنا أنَّ لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب و لا نبي مرسل .... و قد ورد عـنهم عـليهم السلام أنَّ لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب و لا نبي مرسل ] .
ويقول أيضاً عـن الغائب المنتظر [ لقد جاء الأنبياء جميعاً من أجل إرساء قواعد العدالة لكنهم لم ينجحوا حتى النبي محمد خاتم الأنبياء الذي جاء لإصلاح البشرية لم ينجح في ذلك ، و إنَّ الشخص الذي سينجح في ذلك هو المهدي المنتظر ] و كان كلامه هذا ضمن خطاب ألقاه الخميني الهالك بمناسبة ذكرى مولد المهدي في 15 شعبان 1400 هـ ، و يقول أيضاً في خطاب ألقاه في ذكرى مولد الرضا الإمام السابع عند الشيعة بتاريخ 9/ 8 / 1984م [ إني متأسف لأمرين : أحدهما أن نظام الحكم في الإسلام لم ينجح منذ فجر الإسلام إلى يومنا هذا و حتى في عهد الرسول صلى الله عـليه و سلم ، و لم يستقم نظام الحكم كما ينبغي ] .
بل و يتهم الخميني رسول الله صلى الله عـليه و آله و سلم بعـدم تبليغ الرسالة كما ينبغي و ذلك في كتابه كشف الأسرار ص 55 حيث يقول [ و واضح أنَّ النبي لو كان قد بلغ بأمر الإمامة طبقاً لما أمر الله به و بذل المساعي في هذا المجال لما نشبت في البلدان الإسلامية كل هذه الاختلافات و المشاحنات والمعارك و لما ظهرت خلافات في أصول الدين و فـروعه ](6) .
و من المدهش أيضاً أن يربط فتحي الشقاقي بين القائد عز الدين القسام و بين الحسين رضي الله عنه بل و يعتبر القسام رائداً حسينياً وذلك في قسم الدراسات: الدراسة الرابعة القضية الفلسطينية تحت عنوان القسام الرائد الأول لطلائع الحركة الإسلامية في فلسطين و إليك قوله: [ في ضحى أحد أيام التاريخ المشهود ، وقف سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي في ساحة كربلاء ليقدم لنا مشهداً سيبقى في ذاكرة التاريخ للأبد رمزاً إنسانياً فذاً للشهادة في سبيل الحق و العدل و الواجب ، و بعد ثلاثة عشر قرناً من الزمان .... يجيء رائد حسيني آخر يدعى عز الدين القسام .... و يسقط القسام شهيداً حسينيا فوق جبال فلسطين و تشرب الأرض دمه الطاهر و يمتص الشجر روحه المشتعلة .... ما أعجب هذا اللقاء بين القسام و الحسين .... و كما كان الحسين في فجر الحركة الأولى كان القسام في العشرينيات و الثلاثينيات من هذا القرن رمزاً للإيمان و الوعي و الثورة و الإصرار على عدم المساومة و رفض رشوة المستقبل المؤمن ] (7)
إننا نعلم علم اليقين من أنَّ الشيعة تعظم الحسين وتعظم كربلاء بل و يسافرون إليها لأجل التبرك بأرضها ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا ما علاقة عز الدين القسام بالحسين ؟ و لماذا كان رائد حسينياً و لم يكن رائداً ربانياً ؟ و كيف كان شهيداً حسينياً ؟ ولماذا كل شيء يربطه الشقاقي بالحسين ؟ ثم أنَّ رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم قد أخبرنا: أنَّ أرواح الشهداء في حواصل طير خضر فكيف امتصت الشجرة روح عز الدين القسام المشتعلة ؟ وهل كان الحسين في فجر الحركة الأولى و حده وأين رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من هذا الفجر أم أنَّه غائب عن القلوب و الأذهان ؟ و أين بقية الصحابة ؟ و أين أبو بكر و عمر رضي الله عـنهما و التي لا تهدأ الشيعة إلا بلعـنهما ؟ و أين عثمان وعلي بن أبي طالب و أين الصحابيات رضي الله عنهم جميعا و التي من بينهن عائشة رضي الله عنها زوج النبي الكريم صلى الله عليه و آله و سلم التي لم تسلم من قذف الشيعة لها رغم أنَّ الله قد برَّأَها من فوق سبع سماوات و ما حادثة الخبيث ياسر الخبيث عـنا ببعيد ؟
إنَّ هذا لَيُدَلِّلُ بالدرجة الأولى على أنَّ فتحي الشقاقي قد تَشَرَّب وارتوى من الفكر الشيعي العقيم وأصبح يعطي كؤوسا منه للآخرين مما جرَّ ويلات على فلسطين و تحديداً قطاع غزة، لازلنا حتى الآن نعاني من كدرها ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم , ولكن و بفضل الله تعالى وقـف رجال العـقيدة الصحيحة في وجه هؤلاء والذين نعـتبرهم بمثابة الامتداد للهلال الشيعي في فلسطين وخصوصاً في قطاع غـزة و التي فشلت إيران في صناعـته إلى حد كبير ولله الفضل و المنة .
وثمة أسئلة هنا لابد من طرحها و أولها ما هي مكانة إيران الثورة والدولة في قلب وعـقل الشقاقي؟ وبأي عـبارة نستطيع أن نفسر بها أفعال الشقاقي الشنيعة ؟ و على أي رؤية اعـتمد عـليها ؟ أهو الجهاد في سبيل الله تعالى ؟ أم أنَّه الجهل المركب المحض بعقيدة أهل السنة والجماعة ؟ و التي أسفرت عـن تصدير التشيع إلى بلاد المسلمين , مثل هذه الأسئلة و غـيرها سنجيب عـليها بإذن الله تعالى في العدد الثاني من هذا المقال الذي بعـنوان "رحلة الدم الذي هزم السيف" و الله المستعـان .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر إلى كتاب رحلة الدم الذي هزم السيف الأعمال الكاملة للدكتور فتحي الشقاقي ج1 ص 46
(2) المصدر السابق ج1 ص 41
(3) المصدر السابق ج1 ص 52 ــــ 53
(4) المصدر السابق ج1 ص 99
(5) المصدر السابق ج1 ص 100
(6) انظر كتاب تعـريف عام بالشيعة الإثنى عـشرية للدكتور صالح الرقب ص107- 108
(7) المصدر السابق ج1 ص 181