الصفويون ومؤامراتهم عبر التاريخ

بواسطة عبد الله الحيفاوي قراءة 693

الصفويون ومؤامراتهم عبر التاريخ

 

إن معرفة التاريخ هو القالب الذي صيغت خلاله قوانين التطور والمعرفة الإنسانية وليس مجرد أرشيف مكتوب، فلنقرأ من التاريخ ما مضى الذي هو أساس لما يجري اليوم.

الصراع الذي بدأته إيران الفارسية ضد العراق قديم جدا، وأول اعتداء فارسي حصل سنة 2322 قبل الميلاد حين دمر العيلاميون عاصمة الأكديين في اليوسفية الحالية (تقع جهة الجنوب الغربي من بغداد)، واستولوا عليها وخربوها وأحرقوها. وفي سنة 2006 قبل الميلاد عادوا مرة ثانية ليدمروا مدينة أور عاصمة السومريين وأزالوها من الوجود.

تاريخيا، دمر الإيرانيين أي حضارة كانت تقوم في العراق، فدمرت آشور سنة 612 ق.م ، ودمرت بابل في وسط العراق سنة (539) ق.م

ثم الحضر سنة 240 ب. وقد استعمر الإيرانيون العراق مدة ألف عام حتى تحريره على يد سعد بن أبي وقاص سنة 636م في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. وبسبب فترة الاستعمار الطويلة جدا هذه اعتقد الإيرانيين أن العراق جزء من إيران!

لقد قتل سيدنا عمر رضي الله عنه على يد الفارسي "فيروز أبي لؤلؤة النهاوندي"، وكان عبداً عند المغيرة بن شعب، الذي يزور الإيرانيين قبره، ويتبركون به. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" وأبو لؤلؤة كافر باتفاق أهل الإسلام كان مجوسيا من عباد النيران،... فقتل عمر بغضا في الإسلام وأهله، وحبا للمجوس، وانتقاما للكفار لما فعل بهم عمر حين فتح بلادهم، وقتل رؤساءهم، وقسم أموالهم". - منهاج السنة النبوية لابن تيمية.

عن ابن عساكر في تاريخ دمشق، أن عمر قال بعد أن طعنه أبي لؤلؤة، الحمد لله الذي لم يقتلني رجل يحاجني بلا إله إلا الله يوم القيامة أما إني قد كنت نهيتكم أن تحملوا إلينا من العلوج فعصيتموني. والقصد أن عمر يحمد الله بأنه لم يظلم مسلما في حكمه.

لقد شاهدت على التلفزيون قبل فترة كيف أن احد الشيوخ كان محتدا معلنا عدم تقبله بأن يكون قبر هذا القاتل محجا في إيران، وطبعا هذا سيكون موقف كل مسلم بأن تثور عاطفته عندما يعرف أن قبر قاتل كافر، محجا للتبرك في دولة تنادي بتحرير القدس ومناصرتها لقضية فلسطين! وقد رممت إيران قبر هذا الكافر سنة 2003م. فهل يستوي الأمران. مع العلم أن هذا الكافر قتل في المدينة المنورة ولم يدفن في كاشان في إيران وقبره هذا قبر رمزي، وربما الهدف منه رمزي ليكون للتكريم على مر التاريخ، وان الفرس يتباهون بقتل. ويقال أن كثرة احتجاجات المسلمين أجبرت إيران في حزيران 2007م على منع الزيارات لهذا القبر الوهمي تمهيدا لهدمه. لكننا لغاية اليوم نجد بعض المواقع الشيعية على شبكة الانترنت تمجد هذا القاتل الكافر. 

نشأت الصفوية من مزيج من التصوف والتشيع الاثنى عشري. وينتسب الصفويون إلى شيخ من المتصوفين اسمه صفي الدين الاردبيلي المولود عام 1334م، وهو الجد الخامس للشاه إسماعيل. واصل الصفويين من بلاد الفرس وهم يزعمون بأنهم من الهاشميين، ويزعمون أن نسبهم يعود إلى الإمام موسى الكاظم من ابنه حمزة. 

الشيعة هم الذين شايعوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ونادوا بإمامته وخلافته وان الإمامة لا تخرج عن أولاده، بمعنى أن الإمامة جزء ملحق بالنبوة، وحسب الفكر الصفوي فإن سلالة علي بن أبي طالب هي الوريثة للإمامة وبالتالي الطاعة لهم وحدهم دون غيرهم من البشر باعتبارهم امتداد للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وهذا الفهم ينفي مبدأ الشورى في الإسلام، وحتى علي نفسه لم يفرض أحداً من ذريته خليفة على المسلمين من بعده بل ترك الأمر لشورى المسلمين. والشيعة خمس فرق‏:‏ كيسانية وزيدية وأمامية وغلاة وإسماعيلية‏.‏ ومعظمهم منغلق على نفسه وكثير منهم يتداولون أفكار وادعاءات وروايات أشبه بالأساطير وقلة منهم تميل إلى السنة.

فمنهم من يدعي أن لفاطمة الزهراء مصحف حجمه ثلاث أضعاف القرآن الكريم مدون بخط سيدنا علي بن أبي طالب، فإذا كانت نسخة القرآن الكريم التي عندي مكونة من 604 صفحات، فان ما يدعون انه مصحف فاطمة يتكون من 1812 صفحة وقد نزل على فاطمة في 75 يوم، بينما القرآن الكريم اخذ فترة طويلة لنزوله! فأي عبث هذا بالعقول. وهذا المصحف مدون فيه الكلمات التي كان جبريل عليه السلام يواسي بها فاطمة بعد وفاة والدها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وما سيحل بذريتها من بعدها، وليس فيه شيء من القرآن الكريم، ومذكور فيه أسماء الملوك والحكام إلى يوم القيامة!. أن الأساس الذي اعتمد عليه هذا المصحف هو الغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله، وكذلك أن الله أرسل جبريل لأنبيائه، ولم ينزل جبريل لأحد بعد الرسول الكريم، ولم نعرف من قبل أن جبريل أرسله الله إلى عامة الناس، وعندما أرسله إلى مريم العذراء كان لسبب وهو لبيان معجزاته، بولادتها سيدنا عيسى عليه السلام وهي عذراء، ويوجد في القرآن آيات واضحة وصريحة تشير لذلك.

"بسم الله الرحمن الرحيم : فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً{17} قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً{18} قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً{19}".

والمفارقة المضحكة، أن الشيعة عندما يريدون البرهان بأن جبريل نزل إلى فاطمة يستشهدون بالآيات القرآنية أعلاه من سورة مريم!

واستكمالا للافتراء يدعي بعض الشيعة أن القرآن الكريم الذي جمعه الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه قد تعرض للتحريف بالزيادة والنقص من قبل أعداء آل بيت وأعداء الرسول وشيعته، ويقصدون بهم من يسمونهم بالنواصب من الصحابة وأتباعهم أي السنة.

وقد ألف أحد كبار علماء الشيعة، وهو الحاج ميرزا حسين تقي النوري الطبرسي المتوفى عام 1320 هـ 1900م، كتابًا أسماه (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب)، جمع فيه مئات النصوص من علماء الشيعة ومجتهديهم في مختلف العصور بأن القرآن قد زيد فيه ونقص منه، وقد طبع كتابه هذا في إيران عام 1289 هـ. وبعض الشيعة يقولون أن القرآن الكريم اسقط ثلثه من قبل المنافقين ويقصدون صحابة الرسول.

ألا يحتاج الأمر إلى وقفة للتفكير، فهم من جهة يدعون أن لفاطمة مصحف كامل خاص بها وان القرآن الكريم مشكوك في نصوصه واسقط ثلثه، فهل يريدون استبدال القرآن الكريم بمصحف فاطمة؟ وصلنا من العراق خبر، يفيد انه في منتصف سنة 2006م، قامت الحكومة الإيرانية بإرسال آلاف النسخ لشيعة العراق مما يسمى مصحف فاطمة، ولغاية الآن لم نتأكد من صحة هذا الخبر ونأمل من الله أن يكون هذا الخبر غير صحيح لان توزيع هذا الكتاب سيزيد الفرقة في العراق، ولأنه لا توجد نشخ متداولة من ما يزعمون انه مصحف فاطمة فمن المحتمل أن يكتب الصفويين ما يشاءون لخدمة مصالحهم.

والشيعة يميزون بعض الأشخاص، فيقولون فلان انه "سيد" أي ينتمي إلى سلالة آل البيت، والسيد هذا له مكانة رفيعة بين الشيعة وهو اختراع وحيلة ليحل محل الشيخ، فالشيخ عادة ما يستند في أفعاله وأقواله إلى القرآن والسنة النبوية الشريفة في حين أن السيد يمكن أن يستند إلى أي رواية أو أي حادثة سمع بها دون التحقق منها وربما يكون هو نفسه ألفها وزورها لتخدم الدعوة للتشيع.

في بداية القرن السادس عشر الميلادي تولى قيادة الحركة الصفوية فتى يبلغ من العمر 13 سنة، اسمه الشاه إسماعيل، ولد سنة 1487م من أب أصوله تركمانية وأم ارمنية، ومات في سنة 1524م.

واستطاع أن يؤسس دولة قوية في إيران ضم إليها العراق وجزء كبير من قفقاسيا، وكان أهل إيران في تلك الفترة من السنة، ماعدا أربع مدن شيعية وهي آوه، قاشان، سبزوان، قم، وقد فرض التشيع الاثنا عشري على أهل إيران بالقوة وبحد السف، وجعله المذهب الرسمي للحكومة، ونقش اسم علي بن أبي طالب رضي الله عنه على النقود، وكان ينادي بسب الخلفاء الثلاثة، أبو بكر وعثمان وعمر، ومن يخالفه في رأيه هذا كان يقتل حتى قيل أن عدد قتلاه بلغ مليون شخص، وفي يوم واحد فقط قتل 140 ألف مسلم من السنة. وأمر بنشر دعاة المذهب الشيعي في الدول المجاورة إلى إيران.

وفي عام 1508 ميلادي تمكن الشاه إسماعيل من احتلال بغداد وفعل بأهلها ما فعله بالإيرانيين فقتل الكثيرين منهم، ونبش قبر أبي حنيفة. وقد أساء هذا الشاه إلى فكرة التشيع بأفعاله الإجرامية هذه وجعل من السنة اعداءا له رغما عنهم كردة فعل طبيعية للمذابح التي ارتكبت بحق أهل السنة.

إضافة إلى القتل والبطش لجأ إلى الدعاية للمذهب الشيعي، فأمر بتنظيم الاحتفال بذكرى مقتل الحسين على النحو المتبع إلى يومنا هذا، وأضاف إليه مجالس العزاء وما يرافقه من بكاء ولطم وحزن ودق الطبول، وأمر كذلك بإدخال الشهادة الثالثة في الأذان وهي "أشهد أن عليا ولي الله"، في حين أن الشيعة المعتدلين يرفضون هذه الشهادة، وهي نقطة خلافية إلى يومنا هذا بين الشيعة.

وفي عهد الملك طهماسب تم إحضار علماء الشيعة من منطقة جبل عامل "ما بعد صيدا إلى حدود فلسطين المحتلة" في لبنان لينتقلوا إلى إيران وليساهموا في ترسيخ دعائم التشيع بين الناس، وكان يتم إغداق الأموال والهدايا على هؤلاء العلماء مع منحهم السلطة، في حين كانوا يعيشون حياة متواضعة شاقة في منطقة الجنوب اللبناني معروفة تاريخيا بالفقر الذي يلفها من القديم إلى يومنا هذا، وحتى في التاريخ الحديث وما قبل احتلال فلسطين، وتأكيدا على ذلك، مثلا أن جميع رجال قرية عربصاليم كانوا يعملون لكسب عيشهم في فلسطين وكانت تمر ليالي وهؤلاء الرجال جميعا يبيتون لياليهم في فلسطين وقريتهم خالية من أي رجل، وقرى أخرى كثيرة كان رجالها يعملون في فلسطين. ولغاية اليوم الكثير منهم يهاجرون إلى أفريقيا وأميركا اللاتينية بسبب الفقر الذي يلف مناطقهم.

إن فقر الحال والغنى والجاه والسلطة كان سببا مغريا لعلماء الشيعة للتوجه إلى إيران والعيش فيها حتى أن 63 عالما منهم غادروا إلى إيران ولم يعد منهم للجنوب اللبناني سوى سبعة علماء. 

بعد احتلال بغداد من قبل إسماعيل لبغداد بأربع سنوات، تولى عرش السلطنة العثمانية في اسطنبول السلطان سليم الذي أعلن نفسه حاميا وزعيما للسنة وتأثر لمذابح الشاه إسماعيل التي طالت السنة في بغداد، واستحصل على فتوى دينية سنة 1514م تجيز له قتل الشيعة باعتبارهم مارقين عن الإسلام، واستنادا لهذه الفتوى توجه الجيش العثماني إلى إيران وقاتل جيش إسماعيل الصفوي انتهت بهزيمته وفراره إلى أذربيجان، وفي نفس السنة (1514) دخل سليم الأول تبريز عاصمة الصفويين وأرسل أموال إسماعيل إلى اسطنبول، ثم عاد إلى تركيا، ولم يلاحق إسماعيل. لكن الخيبة والهزيمة لاحقت إسماعيل الذي مال إلى العزلة واليأس وأدمن على الخمر "من رافع لواء الإسلام والتشيع إلى مدمن خمر" إلى أن توفى بمرض السل سنة 1524م، ودفن في اربيل. ومعروف عن إسماعيل انه كان شاعرا يقرض الشعر باسم مستعار هو "خطائي" ومازالت أشعاره ذات شعبية واسعة بين الإيرانيين إلى يومنا هذا. 

وقد وضع السلطان سليم خطة ملخصها، انه أرسل رجال الشرطة السرية إلى مختلف أرجاء أراضي الدولة العثمانية الأسيوية والأوروبية وتم إحصاء أفراد الشيعة فيها، وتبين له أن عددهم سبعين ألف ما بين رجل وامرأة وطفل وحدد أماكن تواجدهم فأرسل لهم السلطان جنوده فألقوا القبض على الشيعة في وقت واحد فقتل منهم أربعين ألفاً وحكم بالسجن المؤبد على ثلاثين ألفاً.  

29/3/2009

عبد الله الحيفاوي

 



مقالات ذات صلة