عقيدة الجفر في المعتقد الشيعي

بواسطة مركز التأصيل لدراسات والبحوث قراءة 2076
عقيدة الجفر في المعتقد الشيعي
عقيدة الجفر في المعتقد الشيعي

15-4-2014

ما هو الجفر:

الجفر في اللغة: للجفر في اللغة معاني مختلفة، فالجَفْرُ من أولاد المعز: ما بلغ أربعةَ أشهر، وجَفَرَ جَنْباهُ وفَصل عن أمه، والأنثى جَفْرَةٌ. والجَفْرُ: البئر الواسعة لم تُطوَ. والجُفْرَةُ: بالضم: سَعَة في الأرض مستديرة، والجمع جِفارٌ(1)، ومن معاني الجفر جلد الضأن، هذا من ناحية اللغة.

الجفر في الاصطلاح: أما من ناحية الاصطلاح الشرعي، فللكلمة دلالة بدعية خطيرة لدي الشيعة، فالجفر لدي الشيعة يمثل أحد ركائز المعتقدات الباطنية، إذ يطلق عندهم على علم من العلوم الغيبية المبنية على أسرار الحروف، ومنها يستدل على الحوادث المستقبلية حتى قيام الساعة ويدعي المشتغلون به كذباً وبهتاناً أنه علم أسره النبي صلى الله عليه وسلم، إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأمره بتدوينه، فكتبه الإمام حروفاً متفرقة، وأخذه جعفر الصادق عنه(2).

تعريف الشيعة للجفر:

ويعرفه الشيعي "صالح الكرباسي" بقوله: "هو كتابٌ أملاه رسول الله محمد (صلَّى الله عليه وآله) في أواخر حياته المباركة، على وصيِّه وخليفته علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)، وفيه علم الأولين والآخرين ويشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا وعلم ما كان ويكون إلى يوم القيامة وقد جُمعت هذه العلوم في جلد شاة"(3)، وهو كلام باطل مردود عليه.

سبب التسمية بالجفر:

الجفر في إحدى معانية اللغوية يعني جلد الضأن كما سبق، و إنما سمي كذلك لأنه زعماً أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قام بكتابته على جلد (ماعز أو غنم)، لذا اخذ الكتاب المزعوم اسمه من المادة التي كتب عليها..

من روايات الشيعة حول الجفر:

- من هذه الروايات قول أبي الحسن عليه السلام: (علي ابني أكبر ولدي وأسمعهم لقولي وأطوعهم لأمري ينظر معي في كتاب الجفر والجامعة وليس ينظر فيه إلا نبي أو وصي نبي)(4).

- والرواية الثانية يقول فيها الصادق عليه السلام: (ويلكم نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم، وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا، وعلم ما كان، وما يكون إلى يوم القيامة، الذي خص الله به محمداً والأئمة من بعده عليهم السلام، وتأملت منه مولد غائبنا وغيبته وإبطاءه وطول عمره، وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان، وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته وارتداد أكثرهم عن دينهم...)(5).

وهي روايات باطلة من صنع الشيعة لإضفاء القداسة على كتابهم المتهرئ.

حقيقة كتاب الجفر:

يدعي الشيعة كما سبق أن بكتاب الجفر علم أسرَّهُ النبي صلى الله عليه وسلم، إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأمره بتدوينه، فكتبه حروفاً متفرقة، وعنه أخذه جعفر الصادق، لكن الحق أن واضع هذا الكتاب هو هارون بن سعيد العجلي رأس الزيدية في عصره الذي ادعى روايته عن جعفر الصادق.

وقد تبرأ علي ابن أبي طالب رضي الله عنه أن يكون اختص هو أو أحد من ذريته بأي علم خاص، ويروي البخاري (أنه قيل لعلي رضي الله عنه هل عندكم شيء من الوحي، إلا ما في كتاب الله؟ قال: لا، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أعلمه، إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن. وما في هذه الصحيفة، قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل (الدية)، وفكاك الأسير، وإلا يقتل مسلم بكافر)(6).

إنه ليس جفراً واحداً:

لم يقتصر مسمى الجفر على جفر الاثنى عشرية فقط، فهناك كتب أخرى لا تقل في كذبها عن الجفر الشيعي تحمل نفس الاسم:

- هناك جفر لمؤلفين من الصوفية ومن مؤلفاتهم فيه كتاب (الجفر الكبير الجامع ومصباح النور اللامع في حل رموز كلام الشيخ الأكبر والكبريت الأحمر محي الدين بن عربي وفي كلام البسطامي وابن سبعين) لمحمد بن كمال المعروف بالخلال، وهو قصص وشعوذات وتكهنات.

- وهناك كتاب آخر حمل اسم (الجفر الجامع والنور اللامع لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب) لمؤلف مجهول لا يستبان من كلامه حول اعتقاده، فهو يحوي متناقضات توحي لك مرة أنه سني وأخرى شيعي وبعض العبارات توحي بأنه نصيري ومع ذلك لا يحوي الكتاب أي كلام لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بل قواعد في تعاطي علم الجفر.

- وعند الشيعة يوجد أيضا الجفر كأحد المقتنيات التي توارثها الأئمة عن بعضهم، وقد سبق الحديث عنه وبيان حاله.

حقيقة علم الجفر:

يزعم أصحاب هذا العلم أنه إن علم الجفر علم بقوانين حرفيه يصل بها إلى استنباط المجهولات من الحوادث الكونية، اعتماداً على الحروف المتجمعة في صحائف الجفر الجامع والنور اللامع لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه(7).

وعليه فبناءً على النقل السابق، وما ذكرناه من روايات شيعية، يمكننا القول أن علم الجفر هو: علم الحروف الأبجدية التي بناء عليها يستنبط الحوادث الحادثة حتى نهاية العالم وكيفية حدوثها، علم ما كان وما سيكون حتى قيام القيامة، بمعنى آخر هو علم الغيب.

وعلم الجفر يعتمد على حساب الجمل، وهو أن لكل حرف أبجدي قيمة عددية يتم احتسابها وفق جداول معدة سلفاً(8).

والواقع أن عقيدة الجفر التي تقوم على حساب الحروف قد تسربت إلى الشيعة عن طريق اليهود وطريقتهم في حساب الجمل، وإن كان أصلها يرجع إلى الفلسفة الفيثاغورسية في الأعداد، وأول من قال بها الشيعة الخطابية كما يقرر ذلك الشيخ محمد أبو زهره متابعاًللمقريزي في دلك(9).

مصادر علم الجفر:

إلى جانب كتاب الجفر العمدة لدى أصحاب هذا العلم هناك مصادر أخرى اعتمدوا عليها، و يمكن إيجازها في الآتي: الإسرائيليات، وأحداث آخر الزمن التي وردت في السنة والقران، والفكر الباطني الشيعي، وعلم الفلك والتنجيم، والتصوف الفلسفي، وعلم الشيفرة أو الترميز الرقمي الذي وضعه الكندي، فمن هذا الخليط خرج الجفر..(10).

كلام الشيخ الألباني حول علم الجفر:

يقول السائل بعض من يتسمون بالمشايخ يتعاملون بما يسمى الجفر ومفاتيح الرموز والأعداد وغير ذلك ويعدون هذه الأمور من الدين فالمرجو توضيح الأمر في ذلك؟

الجواب: يقول بعض الظرفاء أو الأدباء من أصعب الأمور، التحدث عن البدهيات والتدليل عليها، فمثل هذا السؤال في اعتقادي عرفنا جوابه آنفاً ونحن نجيب عن مسألة غيرها، نحن نقول هذا العلم لا هو في الكتاب ولا هو في السنة ولا هو مدروس ومعلوم عند السلف الصالح، بل نقول ولا أحد من علماء المسلمين، علماء المسلمين، لا المجتهدين ولا المتبعين ولا المقلدين يقولون بهذا العلم، إنما يقول بهويدعيه من يريد أن يأكل أموال الناس بالباطل..

ثم هذا الجفر باطلٌ شرعاً، ذلك لأن الله عز وجل يقول منبهاً عباده، معرفاً لهم به تعالى ببعض صفاته: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً)(11)، (إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ)(12)، فالجفر يزعمون أنهم، الذين يتدارسونه ويتعاطونه ويعتمدون عليه، يزعمون أنهم به يتحدثون عن أمور غيبية، لا سبيل لأحد أبداً بأي طريقٍ من الطرق التي ليست طرقاً ميسرةً إما كوناً أي بقوله تعالى كن فيكون أو شرعاً أي بما جائنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم- من التحدث عن الأمور الغيبية، لا نستطيع أن نقول سيكون كذا إلا إذا كان هناك نص في كتاب الله أو في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم- الصحيح، الجفر ليس فيه شيء من هذا وذاك، ولذلك فهم يتنبئون ويضلون أنفسهم ويضلون غيرهم؛ لأنه لا أحد يستطيع أن يطلع على الغيب كما قال عز وجل: (قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ)(13)(14).

المصدر : مركز التأصيل للدراسات والبحوث

ـــــــــــــ

الهوامش:

(1) مختار الصحاح للجوهري، مادة "جفر".

(2) الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: (2/1037).

(3) ما هو الجَفْر؟ للشيخ الشيعي صالح الكرابيسي، مركز الإشعاع الإسلامي (موقع شيعي).

(4) بحار الأنوار للمجلسي: (49/20).

(5) كمال الدين وتمام المنه للشيخ الصدوق: (ص:354).

(6) صحيح البخاري: (4/84/3047).

(7) الجفر الجامع والنور اللامع: (ص:2).

(8) مقال: نبوءات الجفر ودورها في النصيرية.

(9) الموسوعة الميسرة: (2/1037).

(10) مقال: الأصول الأولى للجفر في التاريخ الإسلامي.

(11) سورة الجن: (26).

(12) سورة الجن: (27).

(13) سورة النمل: (65).

(14) سلسلة الهدى والنور، شريط: (٣١٣/٣٩: ٢٨:٠٠).



مقالات ذات صلة