المجلس الشيعي الأعلى ! فتنة إيران الجديدة في فلسطين

بواسطة صباح الموسوي قراءة 1999

المجلس الشيعي الأعلى ! فتنة إيران الجديدة في فلسطين

 

بقلم: صباح الموسوي

تاريخ النشر : 9/3/ 2006

 

أعلن يوم الخميس الماضي وبصورة ملفتة للنظر عن تشكيل تنظيم جديد في فلسطين المحتلة يحمل اسم " المجلس الشيعي الأعلى في فلسطين ". وقال بيان المجلس الذي صدر في رام الله وحمل توقيع " محمد غوانمة " رئيس التنظيم الشيعي الجديد, إننا وباسم الإسلام العظيم ومن قلب فلسطين نعلن عن تأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في فلسطين،. وجاء في البيان , أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ركيزة المشروع الإسلامي العالمي علي طريق إقامة خلافة إسلامية راشدة وعاصمتها القدس الشريف , .

 ويظهر من مفردات البيان أن أصحابه قد التبس عليهم الأمر ولم ينتبهوا أن الشيعة لا يؤمنون بنظام الخلافة وإنما الإمامة هي الأصل في العقيدة الشيعية وكثير منهم لا يؤمنون أصلا بدولة أسلامية قبل قيام دولة المهدي الموعود . كما إن القدس الشريف لا تشكل تلك الأهمية لدى الشيعة للدرجة التي يمكن أن تتخذ مركزاً لدولة الإسلامية أو الإمامة الشيعية .

ومن الملفت للنظر أيضاً أن الإعلان عن هذا المجلس جاء بعد طلب تقدمت به إيران لبناء مسجد شيعي في العاصمة الأردنية عمان وما زال هذا الطلب بانتظار موافقة وزارة الأوقاف الأردنية .

و ما يزيد من غرابة الإعلان عن هذا المجلس هو عدم وجود طائفة شيعية معروفة في الأراضي الفلسطينية التي يسودها المسلمون السنة.

المعلومات التي تحدثت عنها مصادر فلسطينية تؤكد أن المجلس المذكور من صنع حركة الجهاد الإسلامي الموالية لإيران والتي كان أمينها العام الحالي الدكتور رمضان شلح قد تشيع قبل توليه منصب خلافة سلفه الشهيد ( الدكتور فتحي الشقاقي ) وأصبح من الدعاة لنظرية ولاية الفقيه التي قال بها الخميني وأصبحت نصاً دستورياً في نظام الجمهورية الإيرانية . وكانت حركة الجهاد قد اتهمت حركة " حماس " قبل أشهر بالوقوف وراء توزيع صوراً  لرمضان عبد الله شلح, وهو يقـّبل يد مرشد الثورة الإيراني " علي خامنئي " على طريقة حسن نصر الله أمين عام حزب الله اللبناني .

السيد محمد غوانمة رئيس المجلس المزعوم أكد في لقاء صحفي إنه تبن المذهب الشيعي عام 1979 مع انتصار الثورة الإيرانية وبقي متكتما على هذا الانتماء حتى عام 1995 وانه عمل لمدة أربعة سنوات مرافقا لامين عام حركة الجهاد السابق الشهيد فتحي الشقاقي الذي اغتاله الموساد الصهيوني عام 1996م والذي لم تقدم الحركة لحد الآن الرواية الرسمية لمقتله.

وحول الهدف من إعلان المجلس الشيعي في فلسطين قال غوانمة : إن المجلس الشيعي في فلسطين هو امتداد للمشروع الإسلامي !!.

المشروع الإسلامي هذا الذي تحدث عنه غوانمة هو ذات المشروع الإيراني الذي عرضه أمين عام حركة الجهاد رمضان شلح في منتدى عمر أبو زلام للدراسات الحضارية في دمشق عام1998م تحت عنوان " فلسطين في المشروع الإسلامي" والذي تبين من خلال عرضه انه "المشروع الإيراني في فلسطين ".

من هنا يتضح أن الأصابع الإيرانية ليس بعيدة عن هذا التشكل الفلسطيني الجديد خصوصاً إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن التوجه الإيراني نحو ما يسمى بتصدير الثورة قد عاد إلى الواجهة مع صعود تيار المتشددين إلى سدة الرئاسة مرة ثانية وذلك عبر التبشير بالفكر الشيعي (الصفوي) وهي طريقة حاولت إيران التركيز عليها في الكثير من المناطق العربية والإسلامية في ما مضى ولكنها لم تفلح لحد الآن إلا بشكل محدود.

 إن مسألة الإعلان عن ولادة تنظيم شيعي في فلسطين في هذا التوقيت, الذي دخلت فيه القضية الفلسطينية مرحلة جديدة وحرجة بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية وإعلان الرئيس أبو مازن عن ظهور تنظيم " القاعدة " في الأراضي المحتلة , واستمرار الخلاف بين حركة الجهاد والسلطة الفلسطينية بسبب رفض الجهاد الالتزام باتفاق القاهرة المبرم بين الفصائل الفلسطينية والسلطة . بالإضافة إلى توتر العلاقات بين حماس وجهاد الذي نشب عقب قرار حماس المشاركة في الانتخابات التشريعية وإعلانها الهدنة المؤقتة للعمليات العسكرية ضد قوات الاحتلال , فان إعلان المجلس الشيعي ربما سوف يعمق من هذه الخلافات ويزيد من توتر العلاقات بين الأطراف الفلسطينية وهذا ما يضعف الصف الفلسطيني ويقوي من فرصة سلطات الاحتلال للعب على أنغام هذه الخلافات . خصوصاً وأن ردة فعل حماس على إنشاء المجلس الشيعي كانت غاضبة حسب ما بينته المنشور المنسوبة لها والذي وزع يوم الأحد الماضي في رام الله حيث هددت حماس بإحباط محاولة المجموعة الشيعية تأسيس نفوذ لها في الضفة الغربية وقطاع غزة .

وقال البيان المنسوب للحركة : لدينا الكثير من المجموعات والميليشيات الشعبية في فلسطين، وليس هناك مكان لواحدة أخرى, خاصة وإن كانت مجلسًا شيعيًا.

وما يزاد من مخاوف حماس وبقية التنظيمات الوطنية الفلسطينية مهاجمة " أحمد غوانمة " في أول تصريح له , تنظيم القاعدة واتهامه لها " بهدم المساجد وقتل المدنيين في العراق " . وعزم مجلسه تحسين العلاقات مع الشيعة العراقيين الذين اتهم منظمة التحرير الفلسطينية بتخريب العلاقة معهم بوقوفها إلى جانب العراق في حربه مع إيران . وعلاقاته مع حزب الله في لبنان الذي قال عنه إنه يتعرض لمؤامرة .

جميع هذه النقاط تشكل تخوف من حقيقية الأهداف التي تقف وراء إنشاء هذا التنظيم الطائفي الذي يعد ظاهرة جديدة حيث لم يسبق للساحة الفلسطينية , التي بقي أهلها نصارى ومسلمين متماسكون تجمعهم قضية واحدة عمل المسلم فيها تحت قيادة المسيحي والمسيحي تحت قيادة المسلم في إطار تنظيم وطني نضالي , لم سبق لها أن شهدت ظهور تنظيم يحمل في داخله بذور الفتنة الطائفية التي هي من أخطار أنواع الفتنة التي إذا ما أثيرت في مجتمع ما فإنها تأكل الأخضر و اليابس مثل ما هو حاصل الآن في العراق والتي يظهر الدور الإيراني جلي في إذكاء نارها. .

إيران التي طالب رئيسها الجنرال احمدي نجاد قبل نحو شهرين تقريبا شعار " محو إسرائيل " ثم جاء وزير خارجيتها منوشهر متكي في العشرين من الشهر الماضي ونفى أن تكون بلاده تريد " محو إسرائيل من الخريطة " وأعلن اعترافه بالهلكوست التي سبق لرئيسه وصف بأنها " أسطورة " يبدو إنها تريد أن تقدم خدمة لإسرائيل بخلقها فتنة في فلسطين من خلال نشر بذور الطائفية مقابل عدم تعرض إسرائيل لمنشأتها النووية.

مفارقة جميلة ربما يستوجب ذكرها وهي أن الإعلان عن انشاء المجلس الشيعي الأعلى في فلسطين يوم الخميس الماضي قد جاء متزامناً مع قيام وفد من حاخامات الاتحاد العام للمنظمات اليهودية في العالم بزيارة طهران وقيامه بجولة على عدد من المؤسسات الإعلامية والدينية .


صباح الموسوي

الكاتب : رئيس المكتب السياسي لحزب النهضة العربي الأحوازي



مقالات ذات صلة