هل يريد "نصر الله" حقا مساعدة الفلسطينيين؟!

بواسطة علي صلاح قراءة 1630

هل يريد "نصر الله" حقا مساعدة الفلسطينيين؟!

 

علي صلاح

 

أثارت قضية الخلية التابعة لحزب الله التي تم ضبطها مؤخرا في مصر العديد من التساؤلات، حيث أصبحت مخططات طهران وأطماعها في المنطقة واستخدامها لأذرع مختلفة لتنفيذ سياستها والترويج للتشيع، موضوعات حاضرة بقوة على الساحة العربية منذ غزو العراق والقضاء على حكم الرئيس صدام حسين، وما تبع ذلك من تمكين للشيعة في السيطرة على حكم البلاد وترك مليشياتهم تعيث فسادا وتكون دولة داخل الدولة تحت سمع وبصر الاحتلال الذي يدعي عداوته لنظام طهران محاولا زيادة شعبيته في المنطقة التي تكره كل ما هو غربي.. يتزامن مع هذا تغلغل شيعي قوي في لبنان على أيدي حزب الله الذي استطاع أن يكون جيشا أقوى من الجيش النظامي بدعوى مقاومة الصهاينة؛ هذا وغيره جعل قضية المد الشيعي والنفوذ الإيراني أحد أسخن الموضوعات التي تشغل الرأي العام العربي في الفترة الأخيرة على الرغم من تهوين البعض لها سواء عن سذاجة وسطحية أو لمنافع وأغراض شخصية.

استغلال الأزمات المتلاحقة

تستغل إيران وأذرعها المختلفة في المنطقة الأوضاع الشائكة التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية لصرف النظر عن أطماعها وللرد على منتقديها؛ فكلما تحدث أحد عن مخططاتها واحتلالها لجزر الإمارات وتصريحات مسئوليها عن البحرين ودعم حرسها الثوري للمتمردين الحوثيين في اليمن ردت هي أو من ينوب عنها "بأن الاحتلال يرتع في العراق وأفغانستان وفلسطين وعلينا أن نتوحد لصدهم وأن علينا أن لا نشغل بال الأمة بمثل هذه الصغائر وأن العدو يتحين الفرصة للانقضاض على بقية الدول العربية والإسلامية" وإلى غير ذلك من الكلام المعسول في ظاهره المسموم في باطنه...إن هذا المنطق المغلوط يتجاهل عن عمد أن النظام الإيراني أحد هؤلاء الأعداء وأنه سهل مهمة الاحتلال في العراق وأفغانستان وأعلن استعداده للتعاون معه في البلدين من خلال لقاءات علنية، وما خفي كان أعظم....

الجيش الأمريكي يعيش وضعا صعبا في أفغانستان فيدعو إيران للمساعدة وتلبي طهران "الزعيمة الجديدة لجبهة الصمود والتصدي" النداء وتحضر إلى لاهاي لمناقشة كيفية انتشال الاحتلال من ورطته، وعندما يتعرض"الشيطان الأكبر" لمأزق في العراق يدعو "دولة المقاومة الرشيدة" لمحادثات أمنية لإنقاذه فيفعل ويتم تكوين لجنة أمنية للتنسيق بين الطرفين..فهل يمكن الآن الفصل بين العدو الغربي والعدو الفارسي؟!

مطية دعم المقاومة الفلسطينية

من أخطر ما عانت منه القضية الفلسطينية على مدار ستين عاما استخدامها  من قبل بعض الأنظمة كمطية للوصول لأهداف أخرى من زعامة أو شعبية أو مكانة أو كمهرب من التزامات تجاه الشعوب المستضعفة، وها هي طهران واذنابها يستغلون هذه القضية التي تعيش في وجدان كل مسلم وكل عربي أبشع استغلال.. لقد نفت طهران دوما ومن خلفها حزب الله القيام بأي نشاط مسلح داخل أي دولة من دول المنطقة وكانت تصف هذه الاتهامات بمحاولة "شق الصف الإسلامي" و"الركون للدعايات الغربية المريبة" ، حدث ذلك ردا على اتهامها بدعم الحوثيين في اليمن رغم توافر الأدلة والقرائن، كما حدث ذلك في العراق التي يتعرض فيها السنة لأبشع أنواع التعسف والاضطهاد على أيدي الحكومة العراقية التي يسيطر عليها الشيعة وعلى أيدي المليشيات الطائفية.

كذلك في لبنان كان النفي الصارم الحاسم بشأن استخدام سلاح "المقاومة" ضد المخالفين حتى اندلعت أحداث بيروت الأخيرة لنكتشف الأمور على حقيقتها، وعندما أعلنت السلطات المصرية الكشف عن خليه تابعة لحزب الله تقوم بأعمال استخبارية وتخطط لهجمات وتهريب أسلحة سقط في أيدي نصر الله ماذا يقول بعد أن ملأ الدنيا ضجيجا حول احترام سيادة وأمن دول الجوار؟ وهنا تفتقأ ذهنه عن الحل السحري ألا وهو "قضية فلسطين ودعم المقاومة" فمن يستطيع الاعتراض على دعم المقاومة في فلسطين؟ والحقيقة أن نصر الله لو أراد مساعدة الفلسطينيين لساعدهم من جنوب لبنان بكل سهولة خصوصا أثناء الحرب الأخيرة؛ ففتح جبهة أخرى كان سيخفف الضغط كثيرا على غزة وكان المبرر وقتها جاهزا ومقبولا. وأنا هنا لا أشكك في أن الخلية قامت بتهريب سلاح إلى غزة رغم نفي حماس وهو أمر طبيعي في مثل هذه الحالات ولكن ما أتحدث عنه هو أن هدف الخلية الأساسي لم يكن تهريب أسلحة لغزة وإن حدث ذلك فهو غطاء لأشياء أخرى أكثر خطورة وضحت في الاتهام الجديد الذي وجهته أجهزة التحقيق للخلية بـ "التخابر لصالح جهات أجنبية وتجنيد أشخاص ينتمون لأفكارها من داخل البلاد" ..

إن الكشف عن هذه الخلية بهذه الملابسات يعيد إلى الأذهان  التحذير الذي أطلقه الشيخ القرضاوي منذ أشهر وأعاده أكثر من مرة بشأن مخططات طهران لنشر التشيع داخل الدول السنية على نطاق واسع لضرب استقرارها والذي تعرض بعدها لحملة هوجاء من المرجعيات الشيعية التي اتهمته بأنه "صنيعة للغرب" ونفت هي وعدد من الكتاب البارزين المتأثرين بالمد الشيعي، وجود مثل هذه المخططات وادعت بعض الأقلام أن "الشيخ بلغ من العمر أرذله وأنه لا يدري ما يقول"، والبعض أشار إلى أن الشيخ يقول هذا "انتقاما من الشيعة لتمكنهم من تشييع أحد أبنائه" إلى غير ذلك من الترهات والآن وقد اعترف نصر الله على الملأ بتكوين خلية مسلحة بشكل سري في مصر ودعمها بالمال واستخدامها لوثائق مزورة لتنفيذ أهدافها هل يمكن لمن عرف الشيعة ومذهبهم ومخططاتهم أن يصدق انها ستكون قاصرة على تهريب أسلحة لحماس؟ وهل يمكن أن يستمر ذلك دون تشيع عناصرها والدعوة لتشييع المزيد ؟ وما الذي يمنع من تكوين خلايا في بلاد أخرى ودعمها لأغراض مشابهة؟ ومن الذي يضمن أهدافها وطريقة عملها؟ وإلى من ستوجه سلاحها عند اختلاف طهران السياسي مع حكومات هذه الدول؟ إن مسار الأحداث لا يستبعد ما ذكره مركز أبحاث صهيوني بأن الشبكة التنظيمية التابعة لـ"حزب الله" الموقوفة فى مصر، والتى كشفت عنها السلطات الأمنية المصرية مؤخراً، هى جزء صغير من شبكة عالمية تديرها إيران فى جميع أنحاء العالم تحت غطاء "تهديد القنبلة النووية"، وما يؤكد ذلك نشاط حزب الله المكثف في أماكن بعيدة مثل أمريكا اللاتينية ورصد عدد من أنشطته هناك.

 



مقالات ذات صلة